أحكام فقهية وأجوبة شرعية عن مسائل الديون بالليرة التركية – المسألة الأولى: وهي الأصل الذي يبنى عليه ما بعده من المسائل.

أحكام فقهية وأجوبة شرعية عن مسائل الديون بالليرة التركية

المسألة الأولى: وهي الأصل الذي يبنى عليه ما بعده من المسائل.

رجل أقرض آخر ١٠ آلاف ليرة تركية منذ ستة أشهر حتى نهاية العام، فكم يتقاضى إذا حل الأجل؟ وما الحل والقرض صار بنصف القيمة أو أقل؟

الجواب وبالله التوفيق ..

الأصل أن القرض يؤدى بمثله دون أي زيادة أو نقصان، وهذا إنما يتحقق إذا كان القرض ذاتي القيمة، كالذهب والقمح ونحوهما.
أما إذا كان القرض من الأوراق النقدية التي تتغير قيمتها من وقت لآخر كونها غير ذاتية القيمة، وكان التغير في قيمة العملة التي تم بها القرض تغيراً فاحشاً يلحق ضرراً كبيراً بالدائن المقرض، فإنه يُنظر في هذه الحال إلى قيمة القرض لتحقيق المماثلة في قيمة القرض لا صورته فقط.
وفي هذه الحال يلزم مراعاة فرق قيمة العملة بين وقت القرض ووقت الأداء، باللجوء إلى الصلح على الأوسط بين الطرفين (الدائن والمَدين) وذلك لأن من مقاصد الشريعة في المعاملات تحقيق العدل ومنع الظلم ورفع الضرر.
إلا أن هذا الفارق بين قيمة العملة من وقت الاقتراض إلى وقت الأداء لا يتحمله أحد أطراف العقد دون غيره، فهذه الخسارة تحققت بسبب قدري لا يد لأحد من الطرفين فيه، ولم يكن متوقعاً عند العقد، فرد القرض بمثله دون مراعاة لنقص القيمة، فيه ضرر كبير للمقرض، وخسارة لماله، وقطع لإحسانه.
وبالمقابل تحميل المَدين المقترض كامل فرق القيمة فيه إضرار وجور وعبء قد لا يقدر على تحمله.
وعلى هذا فالراجح من أقوال أهل العلم اللجوء للصلح على الأوسط عند انخفاض قيمة الدين، وكان النقصان أكثر من الثلث، فيحكم بتوزيع الفارق بين القيمتين (قيمة القرض عند الاقتراض وقيمته عند الأداء) بين الطرفين المُقرِض والمُقتَرض، وعليه الفتوى والعمل القضائي في المحرر.

فمثلاً: من أقرض ١٠ آلاف ليرة وكانت تساوي عند الاقتراض ١٢٠٠$ تقريباً، وعند الأداء صارت تساوي ٦٠٠ $ تقريباً، فيكون الفارق بين القيمتين ٦٠٠$ فعليه أداء ٩٠٠$ أو ١٠ آلاف ليرة و ٣٠٠$ .
وإن تم التصالح برضا الطرفين على أقل من هذا المبلغ أو أكثر فلا بأس والصلح خير.
فإن تعذر الصلح بين الطرفين يترافعان إلى القضاء للفصل بينهما، ويُحكم لصاحب الحق منهما.
ولا يعد المبلغ الذي يأخذه الدائن المقرض زيادة ربوية لأنه تعويض عن جزء من خسارته لماله نتيجة تغير القرض بانخفاض قيمة العملة.
وما قيل هنا في حكم القرض يقال في سائر الديون الآجلة، سواء أكان الدين قرضاً نقديًّا أو ديناً تجاريًّا.
والله تعالى أعلم.

الدكتور إبراهيم شاشو

 

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى