حكم المـسـابـقـات التـجـاريـة

حكم المـسـابـقـات التـجـاريـة

معاملة مالية شائعة (١٥)
(المـسـابـقـات التـجـاريـة)

شاع في محلات التسوق والمولات والعديد من الشركات التجارية معاملة تقوم على أسلوب المسابقات والحوافز لترويج البضائع وتشجيع الشراء من هذه المحلات، حيث يحصل كل زبون يشتري بمبلغ محدد قسيمة (كوبون) تخوّله الدخول في السحب على جائزة (سيارة، دراجة، موبايل، قطعة ذهب) ثم يجرى السحب وتخرج الجائزة ويحصل عليها أحد المشترين.

هذه المعاملة (الدخول في السحب على الجائزة) يفرق في جوازها بين حالتين:
إن كانت قيمة السلعة لا تزيد عن قيمتها في السوق بسبب الجائزة كأن كان المحل التجاري يبيع السلع والمواد بسعر المثل لها في السوق، فالمعاملة جائزة ولا حرج بأخذ الجائزة لمن خرجت له في السحب مهما بلغت قيمة الجائزة، فالمشتري عندما دخل السحب إما غانم وإما سالم، وبهذا ينتفي القمار والميسر في هذه المعاملة.
فالمشتري لم يقامر بأي مبلغ للحصول على الجائزة، وما دفعه للبائع هو الثمن الحقيقي للسلع التي اشتراها، فصارت الجائزة محض هدية منحها البائع صاحب المحل تشجيعاً للزبائن على الشراء من عنده وترويجاً لبضائعه.

وأما إن كان سعر السلعة في هذا المحل صاحب الجائزة يزيد عن ثمن المثل في السوق فإن هذه الزيادة تدخل المعاملة في الميسر والقمار المحرم في الشريعة.
فالمشتري الداخل في السحب يكون إما غانماً أو غارماً، وهو متردد بين الربح والخسارة، إذ يغرم تلك الزيادة التي دفعها فوق قيمة السلعة وقامر بها ولم يحصل على شيء مقابلها أو حصل على ما هو أكبر منها بكثير.
وتكون المعاملة في هذه الحالة (زيادة السعر) صورة من صور اليـانصيب المعروف، والمشتري هنا قد قامر بالمبلغ الزائد على ثمن السلعة الحقيقي، وهو وإن كان قليلاً إلا أنه يعد قماراً، إذ بمجموع هذا المبلغ القليل يحصل عند البائع مبلغ كبير هو أكبر من قيمة الجائزة التي خرجت لواحد فقط وخسر الباقون.

وعليه؛ تصح هذه المسابقات التجارية وتجوز في الحالة التي يكون فيها البيع بالسعر الطبيعي (سعر المثل).
أما إذا كان البيع بسعر أعلى من السعر الطبيعي ولو قليلاً فالمعاملة مقامرة وهي حرام.

وقد يحصل أن يشتري المشتري السلعة للدخول في السحب على الجائزة دون أن يكون له رغبة في الحصول على السلعة، وفي هذه الحالة تكون المعاملة محرمة في حقه لا في حق البائع الذي باع السلعة بسعر المثل، فالمشتري هنا هو من قصد بشرائه المقامرة ودفع المال لشراء سلعة لا يحتاج إليها، فتكون المعاملة بحقه محرمة لقصده غير المشروع، أما البائع فهو غير مسؤول عن نية المشتري وقصده من الشراء طالما أنه يبيع الناس جميعاً بالسعر الطبيعي، فالبيع من هذه الناحية بيع صحيح. والله تعالى أعلم

الدكتور إبراهيم شاشو

@imshasho

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى