يا جنود الحق في الشام

أبو يحيى الشامي/ محمد الإبراهيم

بسم الله الرحمن الرحيم

{وَإِذْ أَخَذَ اللَّهُ مِيثَاقَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ لَتُبَيِّنُنَّهُ لِلنَّاسِ وَلَا تَكْتُمُونَهُ فَنَبَذُوهُ وَرَاءَ ظُهُورِهِمْ وَاشْتَرَوْا بِهِ ثَمَنًا قَلِيلًا ۖ فَبِئْسَ مَا يَشْتَرُونَ} [آل عمران : 187]

إنه ليدمي القلب انشغال أهل العلم وطلبته أبناء الثورة السورية – إلا القليل منهم- عن واجب الساعة، وصمتهم عن قول كلمة الحق في وقتها، وتأخرهم عن تحريض المجاهدين للقيام بواجب الدفاع عن الدين والحرمات، ونصرة المستضعفين، وإغاثة أهلهم القريب منهم والبعيد.

هذا ونحن في وقتٍ يعمل فيه العدو النصيري المجرم ومن يؤازره من محتلين على القضاء على آخر ما تبقى للثورة من أرضٍ ورجالٍ وأملٍ.

ونظراً لحضور الهمِّ وعلو الهمَّة عند أسود الجهاد على كافة جبهات المحرر في إدلب وشمال حلب، أدعو كل مجاهدٍ يحدث نفسه بضرب العدو قصفاً أو قنصاً أو انغماساً وفتكاً إلى المبادرة وتحقيق الربح، فإن السوق مفتوحٌ والبضاعة رائجةٌ والثمن غالٍ ونفيسٌ، ولا يصده عن ذلك أمر المخلوق ولا سياسته، فلقد ظهر عَوارها وبَوارها.

إن نُصرة درعا وجبل الزاوية، ورد وردع العدو المجرم وتحرير الأرض المباركة المغصوبة، لا يكون إلا بالحديد والنار، ولا تغني الأقوال شيئاً في مكان وزمان وجوب الأفعال، وإن الركون إلى الدنيا ووهم الاستقرار والاستكثار من الحرس والعسس وملاهي الترفيه والسفور والانشغال بها عن مكابدة العدو والتنكيل به ضلال ونتيجة للوهن وسبب للهوان، فلا نامت أعين الجبناء.

لقد قام بعض المجاهدين بعملياتٍ انغماسيةٍ أثلجت صدور المؤمنين، رغم التكتم الإعلامي عليها، أو محاولة نسبها إلى غير من قرَّر وهبَّ بعزيمةٍ ونفذ بحريةٍ واستقلالٍ، فلو كان هؤلاء الأسود – تقبلهم الله- سجلوا خطاباً أو وصية وضعوها عند ثقةٍ لينشرها بعد عملهم، يبينون فيها سبب إقدامهم وغايتهم من اقتحامهم، وأنه حرٌ من القيود وليس بأمر المخلوق، ويحرضون فيها غيرهم على التحرر من قيود الوهن وعلى ترك مراتع الهوان، لكان في ذلك خيرٌ مضافٌ على خير عملهم الفدائي.

يا جنود الحق في الشام، إن الأمة ما زالت تؤمِّل في ثورتكم خيراً، وتنتظر استعادتكم زمام المبادرة، وتتلهف لسماع بشارات التحرير، ولن يكون هذا إن احتواكم عدوكم بمرابط من بني جلدتكم يتكلمون بألسنتكم، يجتالونكم يُسرةً وسُفلى بالتبرير والتسويف وزخرف القول، أو بالتهديد بالملاحقة والنكال، يقبلون على الدنيا ويتخذون الدين والجهاد حلية وزينة.

فانفضوا عنكم وعن أسلحتكم غباراً ما استقر إلا بسبب دعوى وادعاء الزور “نريد أن نخفف عن شعبنا”، فما تزيد موادعة العدو وترك قتاله على كل الجبهات فاعلها إلا ذلاً وخساراً، وما يزيد التخفف من الدنيا والنهوض للتضحية والفداء إلا عزاً وانتصاراً.

إن انتصار أهل درعا لأنفسهم وتحرير بعض أرضهم والاستيلاء على بعض حواجز وأسلحة العدو بشارة خيرٍ وفألٌ حسن، مآله تشديد العدو الحصار والقصف عليهم، أو الالتفاف على انتصارهم وإعادة حالة الاستقرار المؤقتة ريثما يعيد التجهيز لهم، فلا تتركوا هذه الفرصة في إشعال الجبهات وإجبار تلك القيادات على السفور بوجه الفجور أو التوبة وإعلان النفير، وإلا فلا تلقوا بايديكم معهم إلى التهلكة.

روى أبو داود و الترمذي وغيرهما، من طريق أسلم أبي عمران ، قال: غزونا من المدينة نريد القسطنطينية، وعلى الجماعة عبد الرحمن بن خالد بن الوليد والروم ملصقو ظهورهم بحائط المدينة، فحمل رجل على العدو، فقال الناس: مه مه !! لا إله إلا الله، يلقي بيديه إلى التهلكة، فقال أبو أيوب : إنما نزلت هذه الآية فينا معشر الأنصار؛ لما نصر الله نبيه، وأظهر الإسلام، قلنا: هلم نقيم في أموالنا ونصلحها، فأنزل الله تعالى: { وأنفقوا في سبيل الله ولا تلقوا بأيديكم إلى التهلكة } فالإلقاء بالأيدي إلى التهلكة أن نقيم في أموالنا ونصلحها وندع الجهاد. قال أبو عمران فلم يزل أبو أيوب رضي الله عنه يجاهد في سبيل الله حتى دفن بالقسطنطينية؛ فكانت التهلكة في الإقامة في الأهل والمال وترك الجهاد.

وروى الإمام أحمد في “مسنده” عن البراء بن عازب وقد سئل عن: الرجل يحمل على المشركين أهو ممن ألقى بيده إلى التهلكة ؟ قال: لا؛ لأن الله عز وجل بعث رسوله صلى الله عليه وسلم: فقال: {فقاتل في سبيل الله لا تكلف إلا نفسك} (النساء:84) إنما ذاك في النفقة.

والحمد لله رب العالمين.

اليوم الخميس 19 ذي الحجة 1442 الموافق 29 تموز/يوليو 2021.

أبو يحيى الشامي/ محمد الإبراهيم

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى