‌‎كناكر وغيرها، ومنظومة التهديد والتعطيل

‌‎كناكر وغيرها، ومنظومة التهديد والتعطيل.

 

خرج عدد من أهل الثورة السورية من المناطق الجنوبية والوسطى والشرقية باتجاه الشمال الغربي المحرر المقيد.

 

وبقي العدد الأكبر من أهل الثورة في المناطق المصالحة في حضن النظام المجرم أو محاطاً بقواته المنتشرة حول هذه المناطق بدعم روسي إيراني!.‏

 

من بقي في هذه المناطق مهدد بشكل دائم بالخطف والقتل والابتزاز، والبلدات مهددة بالاقتحام والإخضاع، هناك اعتراضات ومظاهرات ومفاوضات، لكنها لا تخرج عن سياق التعطيل والإلهاء والإنهاء.

 

كان هناك خيار صعب أمام أهل هذه المناطق، إما البقاء للحفاظ على الذات والمتاع، أو الهجرة في سبيل الله.‏

 

تذرع من أفتى بالبقاء بمنع التغيير الديمغرافي، حيث سيسكن المنطقة المفرغة رافضة كما زعم أو كما ظن، وهذا فيه مبالغة كبيرة وتهويل، يحافظ المنساق خلفه على منطقته نوعاً ما حتى حين، ليخسر بالتدريج كل شيء وأهم شيء عقيدته وانتماءه وكرامته، ربما ليس هو لكن من يلي من عيال وجوار ومحيط.‏

 

أمر الله في هذه المسألة واضح لا يحتاج إلى تفسير ولا جدل، وسنة وسيرة النبي صلى الله عليه وسلم، الهجرة في سبيل الله، هرباً بالدين من التغيير وبالنفس من الفتنة والتعطيل.

 

وإن الناظر إلى المناطق الكثيرة والواسعة التي صالحت النظام يرى أن هذا الصلح يهدر كل ما أملوا في الحفاظ عليه.‏

 

الذي قرأ سيرة النبي صلى الله عليه وسلم يعلم أنه لولا الهجرة إلى المدينة لإقامة الكيان المسلم الحر واستقطاب المسلمين الأحرار، لما كان فتح مكة بعدها.

 

ففي المعركة بين الحق والباطل، أولى الأولويات الحفاظ على النفس المؤمنة وما تحمل من إيمان، فهي تحصل وتحمي ما دونها من الأرض وما عليها‏.

 

وإن الهجرة لا تكون من الأرض التي فيها ما نهى الله عنه من فتنة وتعطيل فقط، بل من الواقع الذي فيه ما نهى الله عنه من فتنة وتعطيل.

 

فلا يلام من بقي في مناطق النظام لينشغل بنفسه التي عرضها للفتنة والتعطيل، إلا ويلام من هو في الشمال أو هاجر إليه ثم رضي بالفتنة والتعطيل.‏

 

وليس يحقق من لم يهاجر تغييراً وهو يفكر في البقاء فقط، كما لا يحقق من هاجر إلى الشمال تغييراً وهو يفكر في البقاء، ولا يعمل على الهجرة من واقع التعطيل ويكسر القيود التي تمنعه من نصرة نفسه ونصرة غيره.

 

لا بد من الهجرة من الأرض ومن الواقع إلى أرض وواقع يمكِّن من الفعل والعودة من جديد.‏

 

هناك ثورة يجب أن تستعاد، وجهاد يجب أن يجدد، وطاقات عظيمة لا بد أن تفعل وتنظم من جديد وفي وقت واحد ينهي حالة رتابة الانحدار وقيود التعطيل… وإلا سينتهي من ينحدر إلى القاع والعياذ بالله.

أبو يحيى الشامي

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى