الذئب المنفرد الأسد الهصور البطل المقدام ” عمر أبو ليلى رحمه الله “

الذئب المنفرد
الأسد الهصور
البطل المقدام
عمر أبو ليلى رحمه الله

شاب فلسطيني في مقتبل حياته، لم يتخرج في جامعات شرعية ولا كليات عسكرية، ولكنه علم أن الجهاد في سبيل الله تعالى من أفضل الأعمال عند الله جل وعلا، لم يكن يملك من أسباب القوة العسكرية شيئا البتة، ولكنه يملك قلبا محبا للقاء الله جل وعلا؛ فهجم بسكين صغير لا يكاد يشق الفاكهة عادة على صهيوني، فطعنه وغنم سلاحه المتطور وأرداه به قتيلا، ثم غنم سيارة عسكرية وتجول في الأراضي المحتلة بفلسطين يقتل ويصيب من اليهود، حتى وافته منيته مقبلا غير مدبر، نور الله ثراه..

لا أدري أهي الفطرة النقية هدته لتلك البطولة أم كان يحفظ معها قوله تعالى: “فَقَاتِلْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ لَا تُكَلَّفُ إِلَّا نَفْسَكَ وَحَرِّضِ الْمُؤْمِنِينَ عَسَى اللَّهُ أَنْ يَكُفَّ بَأْسَ الَّذِينَ كَفَرُوا وَاللَّهُ أَشَدُّ بَأْسًا وَأَشَدُّ تَنْكِيلًا“؟.

ولا أدري هل كان يعلم تفسير قوله تعالى: “وَقَاتِلُوا الْمُشْرِكِينَ كَافَّةً كَمَا يُقَاتِلُونَكُمْ كَافَّةً وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ مَعَ الْمُتَّقِينَ“؟.

ولا أدري هل سعى للاستجابة لقوله سبحانه: “انْفِرُوا خِفَافًا وَثِقَالًا وَجَاهِدُوا بِأَمْوَالِكُمْ وَأَنْفُسِكُمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ“؟.

ولا أدري هل شعر أنه بفعله ذلك يطبق قوله تعالى: “وَاقْتُلُوهُمْ حَيْثُ ثَقِفْتُمُوهُمْ وَأَخْرِجُوهُمْ مِنْ حَيْثُ أَخْرَجُوكُمْ وَالْفِتْنَةُ أَشَدُّ مِنَ الْقَتْلِ“؟.

ولا أدري هل نوى الأجر المذكور في قوله جل وعلا: “وَلَا يَطَئُونَ مَوْطِئًا يَغِيظُ الْكُفَّارَ وَلَا يَنَالُونَ مِنْ عَدُوٍّ نَيْلًا إِلَّا كُتِبَ لَهُمْ بِهِ عَمَلٌ صَالِحٌ إِنَّ اللَّهَ لَا يُضِيعُ أَجْرَ الْمُحْسِنِينَ“؟.

ولا أدري هل سمع من قبل قوله صلى الله عليه وسلم: “من خير معاش الناس لهم، رجل ممسك عنان فرسه في سبيل الله، يطير على متنه، كلما سمع هيعة أو فزعة طار عليه يبتغي القتل والموت مظانه”؟.

ولا أدري هل خطر بباله أن “الميسور لا يسقط بالمعسور، والمقدور عليه لا يسقط بسقوط المعجوز عنه، وما لا يدرك كله لا يترك كله“؟.

لا أدري، ولكني أعلم أنه أحد رجال الأمة الأبطال الذين فهموا الدين بيسره وشموله فقاتلوا اليهود والصليبيين والمجوس والملاحدة كل حسب طاقته وزمانه ومكانه، ولم يلتفتوا لأراجيف المرجفين وسوفسطائيات المتفلسفين ونظريات البطالين.

إن من أعظم الخطأ تحويل قضايا العلم الشرعي، والدعوة إلى الله عز وجل، والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، وجهاد الكفار والمنافقين، إلى قضايا فلسفية معقدة، يقوم البعض -بزعم حفظها من الخطأ والخلل- بتنفير الناس عن القيام بها، ويحاولون إحاطتها بسياج من التفصيلات والتفريعات لا يبلغ لها إلا أقل القليل من الخواص.

إن الأصل هو دفع الكافرين الصائلين ومدافعتهم، وهذا الأصل لا يجوز الانصراف عنه لشبهة ما، ولا يلتفت فيه لفتوى ظنية تضادها فتوى؛ فاليقين لا يزول بالشك، والتكليف لا يسقط بمظنة العجز، بل تضارب الفتاوى من المنتسبين للعلم يجعل العمل بالأصل هو المتعين؛ وشتان بين العلوم التي يقدم المتبحر فيها في مواطن الجهاد الخاصة والعلوم التي يقدم المتبحر فيها في مواطن الفتيا العامة؛ فليس كل من زعم عدم إدراكه لوجه المصلحة يكون قوله مسموعا؛ فالمصلحة والمفسدة من الفعل إما قطعية لا خلاف حولها، فهنا يجب العمل بمقتضاها، أو ظنية -وهي الأعم الغالب في واقعنا المعاصر- وهنا لا إنكار فيها، بل ولا يصح الإرجاف بين المجاهدين بسببها.

ولو أن مجرد الخوف من المفاسد كان سببا للتوقف عن عمل الخير لما قام في عالم اليوم جهاد في فلسطين ولا سوريا ولا أفغانستان ولا الشيشان، لا جهاد نخبة ولا أمة، ولا جهاد محلي ولا عالمي، بل ولا قام أمر بمعروف ولا دعوة ولا وعظ ولا تعليم ولا تربية، وما أسعد الكفار يومها بالجهلة بميزان المصالح الذين كلما ضغط عليهم الكفار انضغطوا وكلما آذوهم خضعوا وانقادوا، وحاولوا تعميم واقعهم على واقع الكرة الأرضية كلها..، وقد عاينا هؤلاء الجهلة الذين يقفون ضد كل عمل إسلامي لا يخرج من عباءتهم بزعم الموازنة بين المصالح والمفاسد فوجدناهم مقلوبي الموازين مضطربي النظر منساقين لأوهامهم الشخصية.

وبالعموم فإن ظاهرة الذئاب المجاهدة المفردة في عالم اليوم هي بشرى خير لأمة الإسلام، وخطوة في طريق بناء صرح المجد التليد، وليحرص الذئب المنفرد على التزود من العلوم الشرعية والثقافة المعاصرة وتوجيهات من يحسن الظن بهم ممن هم أهل لإحسان الظن، وقد “أحسن من انتهى إلى ما سمع”، والحمد لله رب العالمين.

 

الشيخ أبو شعيب طلحة المسير

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى