معاملة مالية شائعة (٥) – بيع الزيتون بالزيت

الدكتور إبراهيم شاشو

شاع عند أصحاب الزيتون أنه إذا أخذ الزيتون إلى معصرة الزيتون ليعصره وكان الزيتون قليلاً وأحياناً يكون كثيراً، يعرض عليه صاحب المعصرة أن يعطيه بدل الزيتون زيتاً من عنده فيقوم صاحب المعصرة بوزن الزيتون وتقدير المقدار الذي يخرج منه من الزيت ويعطي صاحب الزيتون زيتاً بالمقدار الذي يتفقان عليه، فيكون صاحب الزيتون قد أعطى الزيتون وأخذ عوضاً عنه زيتاً.

هذه المعاملة معاملة ربوية غير جائزة، فالزيتون مما يجري فيه الربا عند أهل العلم، ويشترط عند مبادلة الزيتون بجنسه التماثل والتقابض، وكذلك عند مبادلة زيت الزيتون بأصله وهو الزيتون يشترط في ذلك التماثل والتقابض أيضاً، وعند مبادلة الزيتون بالزيت في هذه الصورة لم يتحقق التماثل أو التساوي بين الزيت الذي أعطاه صاحب المعصرة والزيت الموجود في ثمار الزيتون، فالقدر الموجود في الزيتون من الزيت مجهول، وإذا جُهِلت المماثلة أو لم تتحقق دخل في البيع ربا الفضل وهو ربا محرم غير جائز.
قال الإمام مالك في المدونة: (لا يحل بيع الزيتون بالزيت، لأن المقدار الذي يخرج منه مجهول، وهو مما يعتبر فيه التساوي لتحريم الربا فيه).
وقال ابن قدامة في المغني: (لا يجوز بيع الشيء من مال الربا بأصله الذي فيه منه، والزيتون بالزيت).

وعليه فلا تحل هذه المعاملة بهذه الصورة وهي مبادلة كمية من الزيتون بكمية من زيت الزيتون.
ويمكن إجراء هذه المعاملة بصورة صحيحة بأن يبيع صاحب الزيتون زيتونه من صاحب المعصرة بسعر معين، ويشتري منه زيتاً بسعر آخر فيجري صاحب الزيتون صفقتين بدل صفقة واحدة، وهذه الطريقة أرشد إليها النبي صلى الله عليه وسلم عندما جاءَهُ عَامِلُهُ على خيبر بتمر جَنيب – أي جيد – فَقالَ له رَسولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وَسَلَّمَ: أَكُلُّ تَمْرِ خَيْبَرَ هَكَذَا؟ فَقالَ: لا وَاللَّهِ يا رَسولَ اللهِ، إنَّا لَنَأْخُذُ الصَّاعَ مِن هذا بالصَّاعَيْنِ، وَالصَّاعَيْنِ بالثَّلَاثَةِ، فَقالَ رَسولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وَسَلَّمَ: فلا تَفْعَلْ، بعِ الجَمْعَ بالدَّرَاهِمِ، ثُمَّ ابْتَعْ بالدَّرَاهِمِ جَنِيبًا.
والله تعالى أعلم

الدكتور إبراهيم شاشو

@imshasho

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى