مسألة التنسيق مع الطيران التركي ضد الخوارج || من كتاب مائة مقالة في الحركة والجهاد للشيخ أبو شعيب طلحة المسير

مسألة التنسيق مع الطيران التركي ضد الخوارج[1]

1- المسألة التي نتكلم فيها هي مسألة التنسيق مع الجيش التركي ليقاتل الجيش التركي معنا الخوارج.

– فيخرج عن البحث التنسيق مع الجيش التركي ليقاتل الجيش التركي معنا ملاحدة ال ب ك ك والنصيرية.

– ويخرج عن بحثنا استقبال الدعم المادي والعسكري وفتح الحدود لنقاتل نحن الخوارج، فهي لا تدخل في الاستعانة التي تكلم فيها الفقهاء بل تدخل في أبواب المعاملات كالبيع والشراء والهبة…

– تركيا دولة علمانية ينص دستورها على أن “المشاعر الدينية المقدسة لا تضمن في شؤون الدولة وسياستها كما يشترط مبدأ العلمانية..، الجمهورية التركية جمهورية ديمقراطية علمانية..، لا يجوز تعديل أحكام المادة.. ولا يجوز التقدم بمقترح لذلك”.

– وتركيا عضو في حلف الناتو والتحالف الدولي، وشاركت في أفغانستان والعراق وسوريا، وتلتزم الاتفاقيات الدولية في هذه الشؤون.

– وصول أردوغان للحكم في تركيا، ووجود تأويل أو جهل لديه قد يمنع تكفيره، لا يعني أسلمة الدولة أو الجيش في تركيا، فقد كان النجاشي مسلما والحبشة دار كفر.

– وأقل ما يمكن به وصف السياسة التركية الداخلية والخارجية أنها سياسة علمانية كفرية تختار عندما يكون لها بحبوحة في الاختيار ما لا يتصادم مع العلمانية والإسلام.

– وقد أكدت الأحداث أنه لا يمكن الفصل بين التنسيق مع تركيا والتنسيق مع بقية التحالف الدولي.

– وقد كانت فتوى جواز التنسيق هي الضوء الأخضر الذي أفسح المجال لفصائل العمالة بالتواجد في الشمال بأريحية.

– والفقيه يتأمل الواقع قبل إنزال الحكم عليه، فجدلا لو كانت الفتوى صحيحة قد يمنع الإفتاء بها لفساد في الواقع؛ وقد أدت فتوى جواز التنسيق إلى اطمئنان كثير من الخوارج المترددين إلى صحة موقفهم، وشتت شمل كثير من الفصائل الصادقة، وانتشرت العداوة بين المجاهدين، وأصيب المخلصون بحيرة.

– وبعيدا عن أراجيف الإعلام فليس للخوارج في الشمال تلك القوة التي يزعمونها، بل ظلت الجبهة والأحرار تقاتل الخوارج في الشمال قرابة عامين ولا يستطيع الخوارج التقدم، وما انهارت جبهات الشمال إلا بعد فتوى التنسيق.

– والملاحظ أن الأعداء يريدون محرقة للفصائل خاصة الصادقة في الشمال؛ حيث يهولون من واقع المعركة لتبقى المناطق هناك في كر وفر يستنزف المجاهدين والخوارج.

– والمتأمل في تاريخ الريف الشرقي لحلب قديما وحديثا يعلم أن جل قرى هذا الريف لا قيمة لها عسكريا، وأنها تابعة لمدنها الرئيسية كالباب ومنبج وجرابلس، فإن سقطت الباب سقط ريفها وهكذا..، ولذلك تحرر الريف الشرقي بسهولة من بشار، واستولى عليه الخوارج بسهولة كذلك، فتحويل المعارك لتلك المنطقة قرية قرية جهل عسكري تاريخي.

– ويوجد فرق شاسع بين الاستعانة التي يتكلم عنها الفقهاء والتنسيق مع الجيش التركي والأمريكي ليقاتلوا الخوارج؛ فمن يبيح تلك الاستعانة يضع شروطا منها الظهور على من يستعان بهم، قال السرخسي: “وَلَا بَأْسَ بِأَنْ يَسْتَعِينَ أَهْلُ الْعَدْلِ بِقَوْمٍ مِنْ أَهْلِ الْبَغْيِ وَأَهْلِ الذِّمَّةِ عَلَى الْخَوَارِجِ إذَا كَانَ حُكْمُ أَهْلِ الْعَدْلِ ظَاهِرًا؛ لِأَنَّهُمْ يُقَاتِلُونَ لِإِعْزَازِ الدِّينِ، وَالِاسْتِعَانَةُ عَلَيْهِمْ بِقَوْمٍ مِنْهُمْ أَوْ مِنْ أَهْلِ الذِّمَّةِ كَالِاسْتِعَانَةِ عَلَيْهِمْ بِالْكِلَابِ”، وذكر ابن حزم أنهم “إِنْ أَشْرَفُوا عَلَى الْهَلَكَةِ وَاضْطُرُّوا وَلَمْ تَكُنْ لَهُمْ حِيلَةٌ، فَلَا بَأْسَ بِأَنْ يَلْجَئُوا إلَى أَهْلِ الْحَرْبِ، وَأَنْ يَمْتَنِعُوا بِأَهْلِ الذِّمَّةِ، مَا أَيَقَنُوا أَنَّهُمْ فِي اسْتِنْصَارِهِمْ لَا يُؤْذُونَ مُسْلِمًا وَلَا ذِمِّيًّا فِي دَمٍ أَوْ مَالٍ أَوْ حُرْمَةٍ مِمَّا لَا يَحِلُّ”.

– والتحالف الدولي ومنه التركي يحدد مكان المعركة وزمانها وعلاقتها بالهجوم على الدواعش في العراق، وهدفها والفصائل المشاركة وأعداد المشاركين ومحاور الهجوم بل ويقود غرفة العمليات، فأي ظهور للفصائل هذا!!.

– والمعلوم من الواقع أن الأتراك غير جادين في قتال الخوارج، وأن لهم مصالح في بقاء الخوارج، وساعدوهم في مواطن عديدة، وأن قتالهم هو صوري لتحقيق مآرب أخرى.

– وقد ظهرت توابع للتنسيق مع الأتراك منها تقديم حكومة الائتلاف، وإنزال قوات برية تركية وأمريكية، بل وصرح الكثيرون أن المناطق المحررة ستكون شبه منزوعة السلاح!!.

– الدواعش خوارج مسلمون من أهل البدع وتكفير الدواعش كطائفة مخالف لأصول أهل السنة، ولا يحتج له بأن بعض العلماء خالف الإجماع المنقول في عدم كفر الخوارج فحكم بكفرهم؛ لأن المناطات التي كفروهم بها لا تنطبق على الدواعش كتكفير الخوارج الأول لصحابة معلوم فضلهم من الدين بالضرورة أو إنكارهم للأحاديث..، وقد ظهرت طوائف من المكفرين لمسلمي عصرهم عبر التاريخ ولم يحكم عليهم العلماء بالكفر من أشهرهم ابن تومرت…

– وعلى فرض إمكانية استساغة القول بتكفير الدواعش فهذا كذلك لا يجيز التنسيق مع الأتراك أو الأمريكان؛ لأننا مأمورون شرعا بالموازنة بين دركات المفاسد؛ لذا أفتى العلماء بالقتال مع جيش صدام ضد الغزو الأمريكي؛ لأن دركات الكفر الأمريكي أشد من دركات الكفر البعثي، وكذلك دركات الغزو التركي والأمريكي أشد من دركات الحكم الخارجي، خاصة وأن المجتمع تحت حكم الخوارج يكون أقرب للإسلام، وتحت حكم الأتراك وأذنابهم في الائتلاف يكون أقرب للبعد عن الإسلام، وكذلك لأن تحرير الأرض من الخوارج أيسر من تحريرها من الأتراك والأمريكان.

– وبالعموم فإن المصالح والمفاسد المترتبة على القتال المحلي ضد تنظيم الدولة تظل أفضل بكثير من تدويل معركتنا، وجعلها ألعوبة بيد صناع القرار الدوليين.

– والواقع في قتالنا لبشار يؤكد أن المعارك عامة وضد تنظيم الدولة خاصة لا يحسمها طيران، بقدر ما يحسمها صدق وتقوى المجاهدين، ووحدة صفهم، ووضوح قضيتهم، واستقلالية قرارهم، وثبات جنودهم.

– والكلام عن التنسيق مع الطيران التركي في ضربه لمواقع تنظيم البغدادي، يختلف عن الكلام عن الاستفادة بتلك الضربات إن وقعت رغم رفضنا لها وعدم التنسيق أو التواطؤ معها، ويختلف كذلك عن الكلام عن الاستفادة من صفقات السلاح.

– وتحريم وتجريم التنسيق مع القوات التركية لتقاتل القوات التركية الخوارج لا يعني ترك المنطقة للملاحدة ال ب ك ك ولا ترك قتال الخوارج، بل نقاتل ونفشل المؤامرات وفق الضوابط الشرعية، والواقع يؤكد أن الأتراك إن رأوا صاحب مبدأ ثابت يضع الشروط الشرعية سيضطرون لاحترام قوله والتعاطي مع رؤيته.

([1]) كتبت سنة 1437هـ.

كتبها

أبو شعيب طلحة محمد المسير

لتحميل نسخة كاملة من كتاب مائة مقالة في الحركة والجهاد  bdf اضغط هنا 

للقرأة من الموقع تابع

مائة مقالة في الحركة والجهاد الشيخ أبو شعيب طلحة المسير

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى