عقائد النصيرية كما وردت في كتبهم 7- مسخ الأرواح

الشيح: محمد سمير

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وآله وصحبه ومن والاه.. وبعد؛

فإن المجرمين أصناف متعددة ويتربع على عرشهم السفاح هتلر الذي تفنن في الجرائم، غير أن أسوأ جرائمه قتل المعاقين ذهنيا أو بدنيا باعتبارهم عالة على المجتمع ولا يفعلون شيئا سوى استنزاف ألمانيا اقتصاديا.

وقد استنكر كل من في قلبه مثقال ذرة من رحمة هذه الجرائم، فهؤلاء المعاقون لا ذنب لهم في إعاقتهم، فالله خلقهم هكذا.

غير أن النصيرية -وقد أخذت من كل باطل أرداه- يرون أن هؤلاء المعاقين أناس مجرمون ولا يستحقون شفقة أو رحمة؛ فهم إنما خلقوا معاقين لذنوب ارتكبوها في حياة سابقة لهم، يقول علي بن جعفر في كتابه حجة العارف ص 266 [الكتاب مطبوع ضمن سلسلة التراث العلوي]: “ونحن نبين وجه العدل على مذهبنا فنقول بتوفيق الله: إن الأعمى والأزمن والمفلوج وصاحب هذه الأعراض إنما يلحقه ذلك مجازاة له على فعل سلف منه في غير ذلك الجسم، وإن الإنسان ينتقل من جسم إلى جسم قد تقدم له في قميص قبل ذلك القميص الذي عمي فيه ذنب استحق فيه العمى أو ذنب استحق به الفقر فيفتقر، وكذلك الذين أعطاهم الله الدنيا فقد عملوا ما استحقوا به الغنى فاستغنوا على قدر فعلهم، سواء خيرا بخير وشرا بشر” فبناء على هذا الفكر النير الرحيم من الحراني عليك أن تحتقر المعاقين والفقراء، وإياك أن تمد لهم يد المساعدة، فهم لم يخلقوا هكذا إلا لذنوب فعلوها!!.

وكذلك إياك أن ترحم حيوانا؛ لأنه إنسان في الأصل ولكنه مسخ لكفره لمذهب النصيرية، ففي ص 279- 280 من كتاب حجة العارف: “الباب الثاني عشر في نهاية المؤمن والكافر وإلام يصيران: اعلم ألهمك الله الخير أن المؤمن ينسخ نسخا، والكافر يمسخ مسخا، فالنسخ هو من صورة إنسان إلى إنسان مثلها لا يخرج عن صورة الإنسانية حتى يصفو ويرتقي إلى عالم العقل الذي ذكره أفلاطون، والكافر يركب في المركوسات والمذبوحات والمعكوسات وسائر أصناف السلسلية التي ذكرها الله في كتابه فقال: (فِي سِلْسِلَةٍ ذَرْعُهَا سَبْعُونَ ذِرَاعًا فَاسْلُكُوهُ)”.

وإذا رأيت بغلا يُحمل عليه أكثر من بغل آخر فاعلم أن ذلك لشدة كفره عندما كان إنسانا، ففي ص 280: “فإذا اعترض علينا معترض، وقال: أي عذاب عليهم في هذا وهم يجدون الحياة كما يجدها الإنسان في أكله وشربه ونكاحه، وقد سقط عنهم الغم الذي هو عذاب الإنسان؟

الجواب: إن جميع هذه المسوخيات تكرَّ في كل جنس بحسب استحقاقها؛ فمنها ما يجب عليه التكرير في المذبوحات أكثر مما يجب على المتوالد من السباع والذئاب والقرود وأصناف ذلك، وجميع ما في هذا العالم من حيوان يجري عليه ثواب وعقاب، فنقول بالقياس: إن الأثقال التي تحمل على البغال والجمال وتقطع السباسب والفلوات أليس تحس بألم ذلك، والإبل والبقر والغنم والماعز الذي يجري عليه الذبح أليست تحس أيضا بألم ذلك”.

ولنترك عقيدة النصيرية في الحيوانات وننتقل إلى عقيدة أخرى غريبة وهي تعظيم النصيرية لعبد الرحمن بن ملجم قاتل علي رضي الله عنه، ففي كتاب اختلاف العالمين لمحمد بن شعبة الحراني ص 289 [طبع ضمن سلسلة التراث العلوي]: “وقد قال تعالى فيهم (المقربين): (وَالسَّابِقُونَ السَّابِقُونَ أُولَئِكَ الْمُقَرَّبُونَ) فأعلى هذه المرتبة درجة المختبرين، ويجلها ثلاث أشخاص وهم الزبير بن العوام وعبد الرحمن بن ملجم وأبو النواس الحسن بن هانئ، وقد ذكر أن المختبرين اثنان أعلاهما وسيدهما عبد الرحمن بن ملجم المرادي؛ لأن مولانا أمير المؤمنين منة الرحمة لما أراد الغيبة -عز من لا يغيب عن أعين البشر- قال على منبره وأهل ملكه بأسرهم بين يديه: من منكم يتحمل فيَّ اللعن إلى يوم القيامة؟ فلم يتكلم أحد وذلك لسبق إرادة المولى فيهم، وألهم [في المطبوعة: وأولهم، وهو خطأ] عبد الرحمن بن ملجم النطق فقال: أنا يا مولاي أتحمل فيك اللعن إلى يوم القيامة، فجعل رأس درجة المختبرين وأول مراتب العالم الصغير”.

وعودة إلى فكرة إسقاط التكاليف عن العباد وتركهم سدى لا يلتزمون بأمر ولا نهي، ففي كتاب الأسس، وهو كتاب مقدس عند النصيرية وقد أكثر علماؤهم من النقل عنه كأبناء شعبه الحرانيين، وفيه تأثر شديد بالنصرانية وينسبونه إلى حكماء جمعوه بطلب من سليمان بن داود عليهما السلام وهو بطريقة السؤال والجواب، ففي ص 116: “قال السائل: أخبرني كيف يجوز أن يكون المؤمن بلا عمل ولا فرض ولا يطالب بشيء أو يكون يستمر بمنزلة الأحرار فلا يحرم عليه شيء؟ قال العالم: إذا كمل المؤمن وبلغ المعرفة وعرف ربه وحجبه ومقاماته وأيتامه ونقباءه ونجباءه ومختصيه ومخلصيه ومستجنيه والمؤمنين فقد خرج من حد العبودية وصار إلى منزلة الأحرار وأبيح له كل ما كان محظورا عليه؛ لأن قليل العلم خير من كثير العمل، وإن موسى كان بيتا من بيوت الله.. وأمره بالطهارة من البول وترك أكل لحم الجري.. فلما جاء الابن وإنما هو أب في صورة الابنية فحل في المريمية غير سنة موسى، فقال: كلوا ما شئتم..، ورفع عنهم الغسل من الجنابة والوضوء”.

وهذا العلم الدقيق خاص بالرجال أما النساء فالعلم محرم عليهم، ففي كتاب الطاعة متى تقوم الساعة ص 397 وينسبونه إلى سلمان الفارسي، وهو عبارة عن حديث بين سلمان وعلي حول يوم القيامة: “فمن ذلك اليوم حرمت على النساء المعرفة”.

ونظرا لكثرة الكفر المستشنع عند النصيرية كون التقية من صلب دينهم وهم أقلية يعيشون بين المسلمين فإنهم لا يعلمون تلاميذهم دينهم إلا بعد أخذ العهود والمواثيق عليهم ألا يبوحوا به ولا يظهروه مهما حصل، ففي كتاب المشيخة وهو كتاب يتحدث عن بعض الصلوات والأدعية وكيف يتلقى التلميذ العلم من شيخه ولا يعرف مؤلفه في ص 217: “ويحضر التلميذ.. فيقول له الإمام: ما مرادك؟ أحسن الله معادك. فيقول التلميذ تلقينا: مرادي السر الذي أنتم به يا مؤمنون. فيقول الإمام: يا بني، سرنا سر مقنع بالجوهر والدر لا يحمله إلا ملك مقرب أو نبي مرسل أو مؤمن امتحن الله قلبه للإيمان، فهل تستطيع حمله؟ فإن قال: نعم إن شاء الله أحمل ذلك، يقول له: إن كنت واثقا على هذا فائتني بشهود وكفلاء يشهدون”.

وفي ص 218: “يعلم النقيب التلميذ بأن يقول: تفضل يا سيدي حلفني على كتاب الله بأن السر الذي يلقيه علي سيدي لا أبوح به وأنت بريء من خطيئتي وخطيئتي تلزم عنقي.

يسأله الإمام قبل القسم عما علمه سيده وبعد ذلك يقول له: قل أول يمين بالله، ثاني يمين بالله، ثالث يمين بالله.. ثمانون يمين بالله؛ أربعون من قيام وأربعون من جلوس، ويجلس الإمام مع التلميذ والجماعة بأن هذا السر الذي يلقيه علي سيدي وشيخي ومنقذي فلان هو الدين لا أذيعه ولا أبيعه ولا أنقشه على حجر ولا على مدر ولا أعطيه إلى أنثى ولا إلى ذكر إلا لأخ من إخواني أعرفه ويباديني وأباديه، والله على ما أقول شهيد”.

ولنكتف بما قد تم عرضه من عقائد النصيريين من كتبهم المعتمدة ومن كلام كبرائهم وعلمائهم.

وسيكون مقالنا القادم إن شاء الله عن بعض الكتب التي تحدثت عنهم.

والحمد لله رب العالمين.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى