تقول الأستاذة زينب الغزالي رحمها الله في كتابها “أيام من حياتي” عن شمس بدران لعنه الله الذي مات قبل أيام واشتهر بتعذيب الإسلاميين في زمن جمال عبد الناصر :
تقول الأستاذة زينب الغزالي رحمها الله في كتابها “أيام من حياتي” عن شمس بدران لعنه الله الذي مات قبل أيام واشتهر بتعذيب الإسلاميين في زمن جمال عبد الناصر :
(ما كاد السفاح الجاهلي شمس يراني حتى نادى على صفوت الروبي، وفي حركة، كأنه أمام آلات التصوير- فقد ازداد احتقان وجهه وارتسمت عليه غضبة عارمة، وتحجرت عيناه في مقلتيه حتى صار وجهه مثل وجه البومة – واستدار إلي صفوت، وذراعه ممدودة إلى آخر مداها، وإصبعه تشير إلي: علقها يا صفوت واجلدها خمسمائة جلدة!!. . وحشية ما بعدها وحشية؟ وقسوة غريبة لا يعرفها إلا شمس بدران!!.
وعلقوني وجهزوني للجلاد..!! وشمر صفوت الروبي عن ساعده، ورفع سوطه وأخذ في تنفيذ أمر مولاه شمس!! خمسمائة جلدة..
وأنا أستغيث ضارعة: “يا الله، يا الله”.
وشمس بدران يقول: “أين هو الله؟!” الذي تنادينه، فلينفعك إن كان موجوداً!.. لو استغثت بعبد الناصر لأغاثك في الحال!.. ثم أخذ بلسانه يتطاول على جلال الله سبحانه، مما تأبى ألسنة المؤمنين أن تتفوه والتلفظ به؟ ولو كان إعادة لما قاله الفاجر الكافر.
وتم الجلد. وأنزلوني من التعليقة وأوقفوني والدم ينزف من قدمي.. وأمرني بدران أن أؤدي حركة “محلك سر” مدعيا أن هذا علاج لقدمي!!. وبعد فترة أسندت ظهري إلى الحائط، ثم جلست من شدة العناء، فجذبني صفوت بغلظة، ولم أستطع الوقوف فهويت على الأرض..
وهنا جاء حمزة البسيوني وحش السجن الحربي، وقال: إنها تمثل يا باشا!!….
قال حمزة البسيوني وحسن خليل: سنعيدها للكلاب أحسن يا باشا، فقال شمس بدران في عصبية: أحضر الكلاب هنا يا صفوت!!
أسرع صفوت وعاد ومساعده نجم بكلبين كالوحشين من مجموعة الكلاب المدربة التي كانت لي معها سابقة في اليوم الأول من أيام “باستيل مصر”.. السجن الحربي.. وقال شمس بدران: أطلق عليها الكلاب يا صفوت!!
وهجم علي الوحشان، فأغمضت عيني. وأنا أقول: حسبي الله ونعم الوكيل، اللهم اكفني السوء بما شئت وكيف شئت. وظل الكلبان ينهشان جسمي كله بأنيابهما ويشعلان فيه نارا موقدة.. وشمس بدران لا يكف عن سبابه يا بنت الـ.. اكتبي أنكم اتفقتم على قتل جمال عبد الناصر.. كيف كنتم ستقتلونه؟ اكتبي.. اكتبي يا بنت الـ..!!.. وصار عدد الكلاب ثلاثة.. اثنان ينهشاني وشمس بدران يسلقني بلسانه القذر السليط!!
ويبدو أن شمس بدران قد شعر بأن لا جدوى من الكلاب فصرخ في صفوت، وجسمه كله يهتز من الثورة: اصرف الكلاب يا صفوت، وجهز بنت الـ.. للجلد!
واستدعوا الطبيب، فحضر ثم فحصني وقال لشمس بدران: إذا سمح الباشا يؤجل جلدها اليوم فحالتها “لا تتحمل”.
وقال شمس بدران لحمزة البسيوني: “خذها إلى 24 أريد يا حمزة أن تحمل إلي جثتها.
وحملوني إلى رقم 24.. بناء لم أدخله من قبل، ثم أوقفوني فاقشعر بدني وتسمرت في مكاني!!..
رقم 24 هذا زنزانة في وسطها نار موقدة، وعند كل ركن من الأركان الأربعة يقف جندي بيده سوط كلسان الأفعى.. وتناولني الجندي بسوطه وهو يأمرني بأن أدخل في دائرة النار، فإذا اقتربت منعني الجندي القريب منها، فيتلقاني الثالث.. وهكذا النار المشتعلة قريبة مني، يلفحني لهيبها.. ظللت ما يقرب من ساعتين وأنا بين لهيبين، لهيب النار المشتعلة التي أخشى الوقوع فيها، ولهيب سياط الزبانية وكلا اللهيبين مر.
ويدخل حمزة البسيوني، ونظرة بلهاء بلا معنى في عينيه ويقول وأنا في وسط هذا السعير: اكتبي أنكم ستقتلون جمال عبد الناصر وإلا قذفناك في النار!!.
ونظرت إليه نظرة، وصرخت في وجهه صرخة بدون صوت، وبكيت بدون دموع.. لقد كان العذاب فوق ما أحتمل، وأغمى علي ولم أفق إلا وأنا في المستشفى).
الشيخ أبو شعيب طلحة المسير