العضاريط

⭕️ العضاريط

العضاريط جمع كلمة عُضروط، لست أول من ذكر بهذه الكلمة كمصطلحٍ لكنني أرجو ان تنتشر لتستخدم في وصف شريحةٍ بغيضةٍ من الناس، يمقتها الله وكل من عنده مروءةٌ وكرامةٌ، أو ما تبقى منهما في آخر الزمان.

أهل التطبيل أو الترقيع أو النفاق أو من يطلق عليهم وصف الذباب واقعياً كان أم إلكترونياً، الذين يوظفهم أهل الفساد والطغيان لِلَفتِ الناس عن الحق إلى الباطل، ولمهاجمة أهل الصلاح والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، ولتحويل النقاشات الموضوعية إلى مناكفات شخصية تهدف إلى اللغو والتشويش، وهذه سنة أهل الباطل ودأبهم المستمر، {وَقَالَ الَّذِينَ كَفَرُوا لَا تَسْمَعُوا لِهَٰذَا الْقُرْآنِ وَالْغَوْا فِيهِ لَعَلَّكُمْ تَغْلِبُونَ} [فصلت : 26].

وليس التطبيل والترقيع والنفاق لصيقاً بالكفر، فلربما كان ممن ينتسب إلى الإسلام أو يفخر ببعض صالح الأعمال كالجهاد مثلاً، وما يُغني عنه إن كان يطيع أسياده مقابل لعاعة من الدنيا في معصية الله عز وجل ومحاربة واتهام أوليائه؟!، إنهم المستأجرون بمقابلٍ ماديٍّ من قبل الأنظمة أو التنظيمات، الدول أو العصابات، الجماعات أو الأفراد، ليقوموا بهذه المهمة الرذيلة، التي أحسن من شبهها بوظيفة الذباب، يسارع إلى ما يُستقذَر ليقع فيه، ثم يقع على الناس وطعامهم بغير دعوة ولا استئذان لكي يؤذيهم، ولا ينتهي إلا بما تعلمون.

وإن من أعظم المفارقات أن المأجورين المنتسبين لأنظمة أو تنظيمات، أو المرتبطين بها، أو على الأقل المنتفعين منها، المنافقين لها، يبغون مكاسب يصيبونها أو يخشون خسارتها، يتهمون المصلحين المستقلين في الغالب، المضيق عليهم الملاحقين، المتبرئين من الباطل وأهله، الذين يكابدون في سبيل الحق الذي يؤمنون به ويدعون إليه، يصفونهم بالمأجورين!، فالسفيه يتهم غيره بما كان فيه.

إنهم العَضاريطُ ومفردهم عُضروطٌ أو عُضرُطٌ، وفي اللغة هو من يعمل بطعامه، ولا يبالي بأي عمل عمل، المهم عنده أن يملأ بطنه ويحقق مكاسبه.

قال أبو الطيب المتنبي في القصيدة الشهيرة التي هجا فيها كافوراً الإخشيدي:

ما كُنتُ أحْسَبُني أحْيَا إلى زَمَنٍ
يُسِيءُ بي فيهِ عَبْدٌ وَهْوَ مَحْمُودُ
ولا تَوَهّمْتُ أنّ النّاسَ قَدْ فُقِدوا
وَأنّ مِثْلَ أبي البَيْضاءِ مَوْجودُ
وَأنّ ذا الأسْوَدَ المَثْقُوبَ مَشْفَرُهُ
تُطيعُهُ ذي العَضَاريطُ الرّعاديدُ.

نعم إنهم عضاريطٌ رعاديدٌ، يخشون الصدق في أسيادهم، شياطين خرس عن الحق ناطقون بالباطل، يهاجمون من يقول كلمة الحق لا يخشى في الله لومة لائم.

والأبلغ من ذلك أنك إذا نظرت في واقع أمتنا اليوم لرأيت أكثر من تملَّك زمام الأمور في الدول والدويلات عبيد آبقين، هذا من حجر على والده، وذاك من انقلب على سيده، وذاك من غدر بأصحابه، وكلهم قدموا الولاء والطاعة لأعداء الأمة سراً وعلانيةً، ووظفوا من يمهد لهم ويطبل من العضاريط التافهين، قال المتنبي في القصيدة ذاتها:
أَكُلَّمَا اغْتَالَ عَبْدُ السَّوْءِ سَيِّدَهُ
أَوْ خَانَهُ فَلَهُ فِي مِصْرَ تَمْهِيدُ

ليس في مصر أيها المتنبي، بل في كل مكان، كلما اغتال عبد السوء سيده أو خانه جمع حوله جوقةً من العضاريط عبيد المال والجاه، ليؤيدوه ويكونوا ضداً لمن يدعو الناس إلى التحرر من قيد العبيد الآبقين، المنقلبين على المبادئ المتهمين لأهلها.

إنها كلمة دقيقة في وصف هذا الكائن الذين تجتمع فيه صفاتٌ كثيرةٌ لا تجمعها أي كلمةٍ، إنه العُضروطُ التافه الرذيل الذي يعمل أتفه الأعمال وأرذلها، بمقابل تافه رذيل، يبيع دينه بعرض من الدنيا قليل، فلكي تلقمه ما يستحق ربما يكفي أن تقول له يا عُضروط، وعليه هو أن يبحث عن معناها وشرحها.

🖌 أبو يحيى الشامي

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى