Jannah Theme License is not validated, Go to the theme options page to validate the license, You need a single license for each domain name.

هذا يوم عظيم أنجى الله فيه موسى وقومه || من كتاب مائة مقالة في الحركة والجهاد للشيخ أبو شعيب طلحة المسير

هذا يوم عظيم أنجى الله فيه موسى وقومه[1]

عن ابن عباس رضي الله عنهما: «أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قدم المدينة فوجد اليهود صياما يوم عاشوراء، فقال لهم رسول الله صلى الله عليه وسلم: ما هذا اليوم الذي تصومونه، فقالوا: هذا يوم عظيم أنجى الله فيه موسى وقومه وغرق فرعون وقومه، فصامه موسى شكرا فنحن نصومه. فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: فنحن أحق وأولى بموسى منكم. فصامه رسول الله صلى الله عليه وسلم وأمر بصيامه».

كان صيام يوم عاشوراء عاما في العرب قبل الإسلام مع اختلاف دياناتهم، وقد كانت قريش رغم عبادتها للأصنام تصوم يوم عاشوراء، فعن عائشة رضي الله عنها: «أن قريشا كانت تصوم يوم عاشوراء في الجاهلية، ثم أمر رسول الله صلى الله عليه وسلم بصيامه حتى فرض رمضان»

ولعل هذا التوافق على صيام يوم عاشوراء بين العرب قبل الإسلام وثنيهم ويهوديهم هو من البقايا الصحيحة التي ورثوها عن أجدادهم الذين كانوا على الدين الصحيح.

وأما يوم إنجاء الله تعالى موسى عليه السلام وقومه وإغراق فرعون وقومه فهو يوم عظيم جليل جعله الله عبرة للناس إلى يوم الدين، وقد تكرر ذكره في القرآن الكريم في مواضع عديدة منها:

– قال تعالى: ﴿وَإِذْ نَجَّيْنَاكُمْ مِنْ آلِ فِرْعَوْنَ يَسُومُونَكُمْ سُوءَ الْعَذَابِ يُذَبِّحُونَ أَبْنَاءَكُمْ وَيَسْتَحْيُونَ نِسَاءَكُمْ وَفِي ذَلِكُمْ بَلَاءٌ مِنْ رَبِّكُمْ عَظِيمٌ (49) وَإِذْ فَرَقْنَا بِكُمُ الْبَحْرَ فَأَنْجَيْنَاكُمْ وَأَغْرَقْنَا آلَ فِرْعَوْنَ وَأَنْتُمْ تَنْظُرُونَ﴾.

– وقال سبحانه: ﴿فَانْتَقَمْنَا مِنْهُمْ فَأَغْرَقْنَاهُمْ فِي الْيَمِّ بِأَنَّهُمْ كَذَّبُوا بِآيَاتِنَا وَكَانُوا عَنْهَا غَافِلِينَ (136) وَأَوْرَثْنَا الْقَوْمَ الَّذِينَ كَانُوا يُسْتَضْعَفُونَ مَشَارِقَ الْأَرْضِ وَمَغَارِبَهَا الَّتِي بَارَكْنَا فِيهَا وَتَمَّتْ كَلِمَتُ رَبِّكَ الْحُسْنَى عَلَى بَنِي إِسْرَائِيلَ بِمَا صَبَرُوا وَدَمَّرْنَا مَا كَانَ يَصْنَعُ فِرْعَوْنُ وَقَوْمُهُ وَمَا كَانُوا يَعْرِشُونَ (137) وَجَاوَزْنَا بِبَنِي إِسْرَائِيلَ الْبَحْرَ﴾.

– وقال جل وعلا: ﴿وَإِذْ أَنْجَيْنَاكُمْ مِنْ آلِ فِرْعَوْنَ يَسُومُونَكُمْ سُوءَ الْعَذَابِ يُقَتِّلُونَ أَبْنَاءَكُمْ وَيَسْتَحْيُونَ نِسَاءَكُمْ وَفِي ذَلِكُمْ بَلَاءٌ مِنْ رَبِّكُمْ عَظِيمٌ﴾.

– وقال تعالى: ﴿كَدَأْبِ آلِ فِرْعَوْنَ وَالَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ كَذَّبُوا بِآيَاتِ رَبِّهِمْ فَأَهْلَكْنَاهُمْ بِذُنُوبِهِمْ وَأَغْرَقْنَا آلَ فِرْعَوْنَ وَكُلٌّ كَانُوا ظَالِمِينَ﴾.

– وقال سبحانه: ﴿وَجَاوَزْنَا بِبَنِي إِسْرَائِيلَ الْبَحْرَ فَأَتْبَعَهُمْ فِرْعَوْنُ وَجُنُودُهُ بَغْيًا وَعَدْوًا حَتَّى إِذَا أَدْرَكَهُ الْغَرَقُ قَالَ آمَنْتُ أَنَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا الَّذِي آمَنَتْ بِهِ بَنُو إِسْرَائِيلَ وَأَنَا مِنَ الْمُسْلِمِينَ (90) آلْآنَ وَقَدْ عَصَيْتَ قَبْلُ وَكُنْتَ مِنَ الْمُفْسِدِينَ (91) فَالْيَوْمَ نُنَجِّيكَ بِبَدَنِكَ لِتَكُونَ لِمَنْ خَلْفَكَ آيَةً وَإِنَّ كَثِيرًا مِنَ النَّاسِ عَنْ آيَاتِنَا لَغَافِلُونَ﴾.

– وقال جل وعلا: ﴿وَإِذْ قَالَ مُوسَى لِقَوْمِهِ اذْكُرُوا نِعْمَةَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ إِذْ أَنْجَاكُمْ مِنْ آلِ فِرْعَوْنَ يَسُومُونَكُمْ سُوءَ الْعَذَابِ وَيُذَبِّحُونَ أَبْنَاءَكُمْ وَيَسْتَحْيُونَ نِسَاءَكُمْ وَفِي ذَلِكُمْ بَلَاءٌ مِنْ رَبِّكُمْ عَظِيمٌ﴾.

– وقال تعالى: ﴿فَأَرَادَ أَنْ يَسْتَفِزَّهُمْ مِنَ الْأَرْضِ فَأَغْرَقْنَاهُ وَمَنْ مَعَهُ جَمِيعًا (103) وَقُلْنَا مِنْ بَعْدِهِ لِبَنِي إِسْرَائِيلَ اسْكُنُوا الْأَرْضَ فَإِذَا جَاءَ وَعْدُ الْآخِرَةِ جِئْنَا بِكُمْ لَفِيفًا﴾.

– وقال سبحانه: ﴿وَلَقَدْ أَوْحَيْنَا إِلَى مُوسَى أَنْ أَسْرِ بِعِبَادِي فَاضْرِبْ لَهُمْ طَرِيقًا فِي الْبَحْرِ يَبَسًا لَا تَخَافُ دَرَكًا وَلَا تَخْشَى (77) فَأَتْبَعَهُمْ فِرْعَوْنُ بِجُنُودِهِ فَغَشِيَهُمْ مِنَ الْيَمِّ مَا غَشِيَهُمْ (78) وَأَضَلَّ فِرْعَوْنُ قَوْمَهُ وَمَا هَدَى (79) يَا بَنِي إِسْرَائِيلَ قَدْ أَنْجَيْنَاكُمْ مِنْ عَدُوِّكُمْ وَوَاعَدْنَاكُمْ جَانِبَ الطُّورِ الْأَيْمَنَ وَنَزَّلْنَا عَلَيْكُمُ الْمَنَّ وَالسَّلْوَى﴾.

– وقال جل وعلا: ﴿فَلَمَّا تَرَاءَى الْجَمْعَانِ قَالَ أَصْحَابُ مُوسَى إِنَّا لَمُدْرَكُونَ (61) قَالَ كَلَّا إِنَّ مَعِيَ رَبِّي سَيَهْدِينِ (62) فَأَوْحَيْنَا إِلَى مُوسَى أَنِ اضْرِبْ بِعَصَاكَ الْبَحْرَ فَانْفَلَقَ فَكَانَ كُلُّ فِرْقٍ كَالطَّوْدِ الْعَظِيمِ (63) وَأَزْلَفْنَا ثَمَّ الْآخَرِينَ (64) وَأَنْجَيْنَا مُوسَى وَمَنْ مَعَهُ أَجْمَعِينَ (65) ثُمَّ أَغْرَقْنَا الْآخَرِينَ (66) إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَةً وَمَا كَانَ أَكْثَرُهُمْ مُؤْمِنِينَ (67) وَإِنَّ رَبَّكَ لَهُوَ الْعَزِيزُ الرَّحِيمُ﴾.

– وقال تعالى: ﴿وَاسْتَكْبَرَ هُوَ وَجُنُودُهُ فِي الْأَرْضِ بِغَيْرِ الْحَقِّ وَظَنُّوا أَنَّهُمْ إِلَيْنَا لَا يُرْجَعُونَ (39) فَأَخَذْنَاهُ وَجُنُودَهُ فَنَبَذْنَاهُمْ فِي الْيَمِّ فَانْظُرْ كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الظَّالِمِينَ﴾.

– وقال سبحانه: ﴿فَلَمَّا آسَفُونَا انْتَقَمْنَا مِنْهُمْ فَأَغْرَقْنَاهُمْ أَجْمَعِينَ (55) فَجَعَلْنَاهُمْ سَلَفًا وَمَثَلًا لِلْآخِرِينَ﴾.

– وقال جل وعلا: ﴿وَلَقَدْ نَجَّيْنَا بَنِي إِسْرَائِيلَ مِنَ الْعَذَابِ الْمُهِينِ (30) مِنْ فِرْعَوْنَ إِنَّهُ كَانَ عَالِيًا مِنَ الْمُسْرِفِينَ﴾.

– وقال تعالى: ﴿فَأَخَذْنَاهُ وَجُنُودَهُ فَنَبَذْنَاهُمْ فِي الْيَمِّ وَهُوَ مُلِيمٌ﴾.

– وقال سبحانه: ﴿وَلَقَدْ جَاءَ آلَ فِرْعَوْنَ النُّذُرُ (41) كَذَّبُوا بِآيَاتِنَا كُلِّهَا فَأَخَذْنَاهُمْ أَخْذَ عَزِيزٍ مُقْتَدِرٍ﴾.

– وقال جل وعلا: ﴿فَعَصَى فِرْعَوْنُ الرَّسُولَ فَأَخَذْنَاهُ أَخْذًا وَبِيلًا﴾.

– إن يوم نجاة موسى عليه السلام وقومه وإهلاك فرعون وقومه ليس مجرد يوم تاريخي، بل هو إعلان عن نهاية كل قوى الكفر والكبر والجبروت والإجرام البشري في كل عصر ومصر، وهو ميلاد لقوى الخير والإيمان والصلاح والفلاح.

– إن يوم النجاة هو يوم وفاة أمة ظالمة مستبدة، وميلاد أمة أخرى تأخذ حظها من العمل والاختبار فتسير على طريق الهدى أو الضلالة.

– إن يوم النجاة هو يوم بلوغ الشدة والكرب مداه، ثم بلوغ الفرج والفرح أقصاه فينقلب حزن المؤمن في طرفة عين لبشر وسرور، وينقلب حال الكافر من فرح لشدة ما أقساها وانتقام ما أشده فيأخذه الله جل وعلا ﴿أَخْذًا وَبِيلًا﴾ يأخذه ﴿أَخْذَ عَزِيزٍ مُقْتَدِرٍ﴾ سبحانه..

– إن يوم النجاة هو يوم انقطاع الرجاء بالأسباب الأرضية بعد اتخاذها وتعلق الأمل بالله وحده لا شريك، فيسبب سبحانه أسبابا لا تخطر على بال إنس ولا جان فينفلق البحر فلقتين.

– إن يوم النجاة هو يوم تمادي الكبر والطغيان لأقصى حد له، فيمضي الطاغية للبحر الذي فلقه الله للمؤمنين الذين يوقن فرعون في قرارة قلبه أنهم على الحق، ولكنه يمضي لمصرعه إرضاء لغروره وكبريائه، فيحيط به الماء من كل جانب.

– إن يوم النجاة هو يوم تنساق الجنود الحمقى لحتفها وتسير لهلاكها لا لشيء إلا لأنها خنعت للطاغية وخافت على شهواتها الحيوانية أن تنقص إن تخلفت عن طريق الردى الذي تسير فيه، فتهلك تلك الجموع كلها في بحر شهواتها الذي يغرقها في اليم وهم ينظرون.

– إن يوم النجاة هو يوم يلخص مسيرة البشرية وعمر الحضارات ومآلات الشعوب، فلكل طاغية في التاريخ بحر يغرقه ويهلكه ويجعله آية، ولكل مؤمن مستضعف طريق ينفلق أمامه كالطود العظيم فينجو من خلاله.

– إن يوم النجاة هو اليوم الحقيقي الذي يجب أن يكون محل نظر الناس وترقبهم في كل زمان ومكان؛ لأنه عاجل حساب الدنيا قبل حساب الآخرة.

* إن قصة موسى عليه السلام مع فرعون هي أطول قصة ذكرها القرآن الكريم من قصص الأنبياء السابقين، وهي بطولها توضح البون الشاسع بين قوة وجبروت الظالم وضعف وانكسار المظلوم، ولكنها قوة وهمية لا حقيقة لها وهو ضعف ظاهري محدود لا يعبر عن حقيقة القوة في الدنيا فضلا عن الآخرة.

– إن بشار والسيسي وحفتر وأمثالهم اليوم ما هم إلا فراعنة استعبدوا الشعوب وعاشوا وَهْم القوة واغتروا بالجنود وغفلوا عن مصيرهم القريب والقريب جدا، فما أيام الدنيا وشهورها وسنينها إلا كلمح البصر أو هي أقرب، ثم يأتي يوم كعاشوراء الميمون فيُهلك الله جل وعلا الطاغية المتفرعن وينجي الله المؤمنين، ويستخلفهم في الأرض فينظر كيف يعملون، ﴿وَيَسْتَنْبِئُونَكَ أَحَقٌّ هُوَ قُلْ إِي وَرَبِّي إِنَّهُ لَحَقٌّ وَمَا أَنْتُمْ بِمُعْجِزِينَ﴾.

([1]) كتبت سنة 1440هـ.

كتبها

أبو شعيب طلحة محمد المسير

لتحميل نسخة كاملة من كتاب مائة مقالة في الحركة والجهاد  bdf اضغط هنا 

للقرأة من الموقع تابع

مائة مقالة في الحركة والجهاد الشيخ أبو شعيب طلحة المسير

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى