ما يستطيع المسلمون عمله للتخفيف عن أهل غزة – كتابات فكرية – مقالات مجلة بلاغ العدد ٥٥ – جمادى الأولى ١٤٤٥هـ

الأستاذ: حسين أبو عمر

أمام ما يحصل في غزة من مجازر ضد المستضعفين من الأطفال والنساء والعزَّل، ومن تدمير للمشافي والمدارس التي تحولت إلى مراكز إيواء للذين فقدوا بيوتهم، على رؤوس من فيها.. مجازر دفعت عشرات الآلاف، بل مئات الآلاف من الغربيين للنزول إلى الشوارع للتعبير عن تنديدهم بهذه الحرب.. إلا أن ردة فعل المسلمين -للأسف- كانت ضعيفة! بل وضعيفة جدا!! والتبرير لهذا الخذلان هو أن الحكومات العميلة في دول الطوق تحول بيننا وبين الوصول إلى غزة، أو إلى حدود الكيان الصهيوني لنشارك أهل غزة في حربهم.. وضعنا الوصول إليهم شرطا لمناصرة أهل غزة، ثم استعملناه لتبرير قعودنا عن نصرتهم!!

الطرق المقدور عليها لنصرة أهل غزة والتخفيف عنهم كثيرة؛ فمن لم يستطع فعل أبي بصير وأبي جندل ومن لحق بهم -رضي الله عن الجميع- فيستطيع فعل نعيم بن مسعود -رضي الله عنه- وغيره..

روى أصحاب السير أن نعيم بن مسعود -رضي الله عنه- حين أسلم أثناء حرب الأحزاب، ولم يكن أحد يعلم بإسلامه، جاء إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقال: “يا رسول الله إني أسلمت فمرني بما شئت”، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «إنما أنت رجل واحد، فخذل عنا ما استطعت، فإن الحرب خدعة».

وهذا القول من النبي -صلى الله عليه وسلم- هو قاعدة عظيمة؛ فلربما لا ينفع أحدنا أهل غزة كثيرا لو كان معهم، ولربما تكون فائدته أكبر إذا ناصرهم من بعيد؛ فالواجب على المسلم أن يقدم المستطاع الأنفع، لا أن يضع الشروط ليقوم بواجبه.

ومما بات معلوما لكل ذي عقل، بل حتى لأعمى البصر والبصيرة، أن الأمريكيين هم من يقود الحرب على أهل غزة؛ حيث جاءت أمريكا بعدها وعتادها، بأساطيلها وطائراتها، بل جاء كبيرهم -جو بايدن- ليشارك الصهاينة مجلس حربهم، وليعلن من فلسطين المحتلة: “أن إسرائيل يجب أن تعود مكانا آمنا لليهود، وإنه لو لم تكن هناك إسرائيل لعملنا على إقامتها”

بينما وصف سياسي أمريكي آخر، وهو روبرت كينيدي جونيور، ابن شقيق الرئيس الأمريكي الأسبق جون كينيدي، دولة الاحتلال بأنها: “رأس حربتهم في الشرق الأوسط”.

وأنها “حصن لهم.. الأمر أشبه بوجود حاملة طائرات في الشرق الأوسط”

فهذه هي حقيقة أمريكا، وهذه هي حقيقة دولة الاحتلال التي لولا الدعم الأمريكي اللامحدود لن تصمد إلا وقتا قليلا..

والأمريكي هو من أعطى الكيان الضوء الأخضر للقيام بكل بهذه المجازر التي ارتكبت في غزة، كما جاء في بيان حماس، وكما وصفته ذا هيل الأمريكية.. والغاية من ارتكاب هذه المجازر هي الانتقام من المسلمين، واستعادة الردع وهيبة جيش الصهاينة، التي داس عليها مجاهدو غزة بأقدامهم الحافية، وسلاحهم الخفيف..

أما بخصوص ما يستطيع المسلمون تقديمه للتخفيف عن أهل غزة اليوم؛ فأقل القليل هو الخروج إلى أماكن تواجد الأمريكيين في المنطقة: إلى أماكن البعثات الدبلوماسية، والقواعد العسكرية، وغيرها من أشكال التواجد.. وإظهار أعلى درجات الغضب، وليزيدوا إظهار الغضب بشكل متدرج، حتى إيقاف الحرب..

 

ولعل قائلا يقول: إن المسلمين جربوا ذلك إبان حربي أفغانستان والعراق، ولم يُجد ذلك نفعا. والقياس هنا ليس صحيحاً؛ لأن الظروف الدولية، وقوة الأمريكيين، ليستا كما كانت عليه في ذلك الوقت؛ إذ الولايات المتحدة الأمريكية اليوم في حالة تنافس شديد مع الصين، وفي حالة صراع مع الروس في أوكرانيا، ولا تريد حالة غضب إسلامية تضر بمصالحها، كما يمكن أن تستغلها كل من موسكو وبكين لصالحهما.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى