شمس الدين النابلسي وتيمور لنك

✍️حوادث المشايخ مع تيمور لنك عديدة، تبين بعض مزالق الهوى والانحراف وبعض وسائل الثبات، وأن المرء لا يغتر بالهالكين ولو عظم شأنهم عند الناس، وفيها العبرة والعظة، كنت نقلت منها سابقا حوادث لابن مفلح وابن خلدون والمناوي، واليوم أنقل بعض ما ذكره المؤرخون عن شمس الدين محمد بن أحمد النابلسي..

🔷قال المؤرخون كابن حجر وابن حجي وابن بدران وغيرهم:

“جد في طلب العلم واشتهر أمره وعلا صيته وكان له معرفة تامة وكتابة حسنة.. وكان له حلقة لإقراء العربية يحضرها الفضلاء ودرس بدار الحديث الأشرفية والحنبلية وله حرمة عظيمة وأبهة زائدة”

“وجاء العدو فدخل معهم وكان أحب من غيره”

“ولما جاء تيمور لنك دخل مع أعوانه في أمور منكرة ونسب إليه أشياء قبيحة من السعي في أذى الناس وأخذ أموالهم”

“دخل مع التمرية في أذى الناس، ونسبت إليه أمور منكرة، حكم بفسقه من أجلها”

“وقدر أخذهم له أسيرا معهم، إلى أن نجا منهم من بغداد، ورجع إلى دمشق سنة أربع وثمانمائة، فلم يبال بالحكم، بل سعى في العود للقضاء، فأجيب بعد صرف تقي الدين أحمد بن المنجا، فلم يلبث إلا أياما يسيرة حتى مات في المحرم، سنة خمس وثمان مئة”

“مات بعد ابن منجا بتسعة عشر يومًا”

“ولم يكن مرضيا في الشهادة، ولا في القضاء، وهو أول من أفسد أوقاف دمشق، وباع أكثرها بالطرق الواهية”

“قيل: إنه ما أبيع في الإسلام من الأوقاف ما أبيع في أيامه، وقل ما وقع منها شيء صحيح في الباطن..، فتح على الناس بابا لا يسد أبدا”

“وبالجملة فهو من قضاة السوء”.

💥* وله قصة في الرد على تيمور لنك ترك أكثر المؤرخين نقلها وأظن ذلك لفسقه وقربه من تيمور وأنها لو صدرت من شيخ عدل لذكروها في مناقبه، وقد نقلها ابن عربشاه في عجائب المقدور في أخبار تيمور، وفيه: “سألهم كناية، سؤال إضرار ونكاية، فقال: ما أعلى الرتب، درجة العلم أو درجة النسب؟ فأدركوا قصده وفهموا، ولكن عن رد الجواب وجموا، وعلم كل منهم أنه قد ابتلي، فابتدر الجواب القاضي شمس الدين النابلسي الحنبلي، وقال: درجة العلم أعلى من درجة النسب، ومرتبتها عند الخالق والمخلوق أسنى الرتب، والهجين الفاضل يقدم على الهجان الجاهل، والمقرف المنيف أولى للإقامة من النسيب الشريف، والدليل في هذا جلي، وهو إجماع الصحابة في تقديم أبي بكر على علي، وقد أجمعوا أن أبا بكر أعلمهم وأثبتهم قدماً في الإسلام وأقدمهم، وإثبات هذه الدلالة من قول صاحب الرسالة: لا تجتمع أمتي على ضلالة. ثم أخذ في نزع ثيابه، مصيخاً لتيمور وما يصدر من جوابه، ففكك أزراره، وقال لنفسه: إنما أنت عاره، وكأس الموت لا بد من شربها، فسواء ما بين بعدها وقربها، والموت على الشهادة من أفضل العبادة، وأحسن أحوالها لمن اعتقد أنه إلى الله صائر كلمة حق عند سلطان جائر. فسأل ما يفعل هذا المهمل، فقال: يا مولانا الجليل، إن فرق عساكرك كأمم بني إسرائيل، وفيهم من ابتدعوا بدعا وتقطعوا في مذاهبهم قطعا، وفرقوا دينهم وكانوا شيعا، ولا شك أن مجالس حضرتك تنقل، وعقائل مباحثها تحل الصدور فتعقل، وإذا ثبت هذا الكلام عني، ووعاه أحد غير سني، خصوصاً من ادعى موالاة علي، وتسمى في رفضه أبا بكر بالرافضي، وتحقق مني يقيني، وأنه لا ناصر لي يقيني، فإنه يقتلني جهارا، ويريق دمي نهارا، وإذا كان كذلك فأنا أستعد لهذه السعادة، وأختم أحكام القضاء بالشهادة، فقال: لله هذا! ما أفصحه! وأجرأه في الكلام وأوقحه، ثم نظر إلى القوم، وقال لا تدخلن هذا علي بعد اليوم”.

✍️- وقد أخطأ السفاريني في غذاء الألباب فقال: “قد سنح في خلدي أن أذكر هنا قصة” وذكر القصة ولكنه نسبها لابن مفلح، ولعل سبب الخطأ أنه نقلها من ذاكرته وأن النابلسي وابن مفلح يطلق عليهما شمس الدين وهما حنبليان وعاصرا دخول تيمور لدمشق وجرت لهما معه أحداث، ولم يكن موقفهما محمودا.

الشيخ أبو شعيب طلحة المسير

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى