سلوى لفرسان المنابر
سلوى لفرسان المنابر
الشيخ أبو اليقظان المصري
راسلني بعضُ الخطباء المُفوَّهين بكلامٍ يشتعل حرقةً لمنعهم من الخطابة مع عدم توفر البديل الكُفء، وذلك بلا سببٍ واضح إلا أنهم سخروا منابرهم نصرةً لدين الله وليس لحزب أو أشخاص ولم يفصلوا المنبر عن واقع الأمة وآلامها.
فكتبت لهم بعض النماذج أُسَليهم بها؛ ولكن لما عمّ الخَطبُ وكثرُ العددُ آثرت نشر ذلك على العام لتعم الفائدة؛ {لِكَيْلَا تَحْزَنُوا عَلَى مَا فَاتَكُمْ وَلَا مَا أَصَابَكُمْ}، {لِكَيْلَا تَأْسَوْا عَلَى مَا فَاتَكُمْ}.
1- مُنع من الخطابة الشيخ عبد الحميد #كشك رحمه الله 16 عامًا لأنه جعل المنبر منارًا للإشعاع يعالج قضايا الأمة.
مُنع الشيخ كشك من الخطابة لكنه ظل فارسَ المنبر في العالم الإسلامي بلا منازع، وانتشر له أكثر من ألفي شريط بلغت الآفاق، وظل مسجد “عين الحياة” بشارع مصر والسودان يحمل اسمه فلا يعرفه الناس إلا بجامع الشيخ كشك.
مُنع فارس المنبر من الخطابة 16 عامًا فكان كل يوم جمعة يُعِد خطبته ويصلي ركعتين في بيته قبيل خروجه للمسجد يدعو على مَن منعه مِن الخطابة؛ ليلقى ربه وهو ساجد قبيل صلاة الجمعة يوم 6-12-1996 وهو في الثالثة والستين من عمره رحمه الله رحمة واسعة.
2- بعد خطبته الشهيرة (يا أمة محمد)، مُنع الشيخ خالد #الراشد -فك الله أسره- من الخطابة وصادقت هيئة التميز في المملكة العربية السعودية على الحكم بسجن الشيخ خمس سنوات، ثم تضاعف الحكم ليصل إلى 15 سنة، لاعتراض الشيخ خالد على قرار المحكمة فانتصر القاضي صالح العجيري لنفسه؛ وكانت لديه التهم المُلفقة جاهزة؛ “جمع تبرعات للمقاتلين في العراق أثناء الاجتياح الأمريكي، والخروج إلى النيجر مع منظمة كويتية وغيرهما من التهم المعلبة”.
سُجن الشيخ الراشد ليسمع به العالم كله ولتُنشر خطبُه في جميع الأصقاع.
3- في عام 1996 أصدرت وزارة الأوقاف المصرية قرارًا بمنع أشهر خطيب في الإسكندرية؛ الشيخ أحمد #المحلاوى -حفظه الله- من الخطابة.
ظل أسد منابر الإسكندرية محرومًا من الخطابة 15 عامًا حتى يوم 4 فبراير 2011 حين دُعي الشيخ ليخطب في عشرات الآلاف في مسجده العامر “القائد إبراهيم” في جمعة الرحيل في ثورة 25 يناير وقد بلغ من العمر 86 عامًا فكانت أشهر خطبة في الثورة المصرية.
4- ولأن العادة مُحكمة والشِنشة عريقة فقد مُنع شيخُ صناعة الوعظ، ودرةُ المجالس، وجامعُ الفنون؛ الإمام ابنُ #الجوزي -رحمه الله- مِن الخطابة والتدريس خمس سنوات.
واعظ الدنيا العلامة ابن الجوزي الذي كان يحضر مجالسه عشرات الآلاف من الكبار والصغار، والرجال والنساء، فضلًا عن الخليفة العباسي نفسه، والسلطان السلجوقي، والوزراء والأمراء والكبراء..
منعه الخليفة الناصر لدين الله العباسي الذي تشيع؛ بل ونفاه إلى واسط حبيسًا وحيدًا ممنوعًا من مخالطة الناس يخدم نفسه في بيت ضيق يعاني السجن والإهمال والإهانة خمس سنوات كاملة وهو في الثمانين من العمر.
قال النبي صلى الله عليه وسلم:
((من ولي من أمر المسلمين شيئا، فولى رجلا وهو يجد من هو أصلح للمسلمين منه فقد خان الله ورسوله)).
وقال عمر بن الخطاب رضي الله عنه:
“من ولي من أمر المسلمين شيئا، فولى رجلا لمودة أو قرابة بينهما، فقد خان الله ورسوله والمسلمين”.
وقال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله:
” .. يجب على ولي الأمر أن يولي على كل عمل من أعمال المسلمين أصلح من يجده لذلك العمل ..”.