زاد المجاهد – الركن الدعوي – مجلة بلاغ العدد ٤٨ – شوال ١٤٤٤هـ⁩⁩⁩⁩

الشيخ: أبو حمزة الكردي

بسم الله الرحمن الرحيم

الحمد لله رب العالمين، وأفضل الصلاة وأتم التسليم على نبينا محمد، وعلى آله وأصحابه أجمعين، أما بعد:

أهمية الزاد:

معلوم أن من أراد أن يجتاز مهمة من مهام حياته عليه أن يعد لها ما يستطيع مما يعينه على إنجاز مهمته على الوجه الأكمل والصورة الأحسن، لا سيما وأن العمر قصير سريع المضي لا يناسبه الخطأ أو التأخير، فعَنِ ابْنِ عُمَرَ رضي الله عنه: أَنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «إِنَّمَا أَجَلُكُمْ فِيمَا خَلَا مِنَ الْأُمَمِ كَمَا بَيْنَ صَلَاةِ الْعَصْرِ إِلَى مَغْرِبِ الشَّمْس«، وأننا في اختبار دار الممر “الدنيا” إلى دار المستقر “الآخرة”، فعلينا بالتزود بالنافع لا الضار لنفلح وننجح، فعَنْ جَرِيرٍ رضي الله عنه، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: »مَنْ يَتَزَوَّدْ مِنَ الدُّنْيَا يَنْفَعْهُ فِي الْآخِرَةِ«، رَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ، وحديثنا اليوم عن زاد المجاهد في سبيل الله.

– تزود المجاهد بالطعام والشراب عند الغزو وما يقيم صلبه ويعينه على متابعة الطريق من أهم أسباب التوكل على الله في إعداد العدة والأخذ بالأسباب، فعَنِ ابْنِ عُمَرَ رضي الله عنه، قَالَ: “كَانُوا إِذَا أَحْرَمُوا وَمَعَهُمْ أَزْوِدَةٌ رَمَوْا بِهَا وَاسْتَأْنَفُوا زَادًا آخَرَ، فَأَنْزَلَ اللهُ: (وَتَزَوَّدُوا فَإِنَّ خَيْرَ الزَّادِ التَّقْوَى) [البقرة: 197]، فَنُهُوا عَنْ ذَلِكَ وَأُمِرُوا أَنْ يَتَزَوَّدُوا الْكَعْكَ، وَالدَّقِيقَ، وَالسَّوِيقَ”، وهذا في التزود لعبادة الحج التي يعود نفعها وخيرها على العبد في خاصة نفسه فقط، فمن باب أولى التجهز بالزاد لمن خرج مجاهدًا في سبيل الله في عبادة يعود نفعها على نفسه وأهله وأمته والمسلمين أجمعين.

 

– وتجهز المجاهد بالزاد باب من أبواب الجهاد في سبيل الله، كالإنفاق والرمي وركوب الخيل والتحريض وإغاظة الأعداء وتخويفهم، فعَنْ زَيْدِ بْنِ خَالِدٍ الْجُهَنِيِّ رضي الله عنه قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: «مَنْ جَهَّزَ غَازِيًا فِي سَبِيلِ اللهِ فَقَدْ غَزَا، وَمَنْ خَلَفَ غَازِيًا فِي أَهْلِهِ بِخَيْرٍ فَقَدْ غَزَا» رواه مسلم، وهو أساس من أساسيات الغزو والمعارك يقوى الجهاد بقوته والاهتمام فيه، ويضعف بضعفه والتهاون فيه، ومعلوم أن ما لا يتم الواجب إلا به فهو واجب.

 

– وإعداد الزاد للمجاهد اقتداء بالنبي صلى الله عليه وسلم، فقد كان صلى الله عليه وسلم لا يخرج في غزوة أو يبعث سرية إلا بعد أن يجهزها ويعبئها، وكان من تعبئته تجهيزها بالزاد والسلاح والعدة والعتاد وما يُحتاج إليه في الغزو.

– وتجهيز المجاهد بالزاد سبب لدخول الجنة، فقد ورد عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: «ومن جهز جيش العسرة فله الجنة»، ومن التجهيز إمداد المجاهد بالزاد.

– وهو سبب من أسباب التقوّي على طاعة الله وأفضلها الجهاد، وكلما كانت المهمة أصعب والمشقة أكثر كان الاهتمام بالزاد أكثر ليتحمل مشقة وصعوبة ووعورة طريق الجهاد، فعَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللهِ رضي الله عنه أَنَّهُ قَالَ: «بَعَثَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بَعْثًا قِبَلَ السَّاحِلِ فَأَمَّرَ عَلَيْهِمْ أَبَا عُبَيْدَةَ بْنَ الْجَرَّاحِ وَهُمْ ثَلاثُمِائَةٍ وَأَنَا فِيهِمْ، فَخَرَجْنَا حَتَّى إِذَا كُنَّا بِبَعْضِ الطَّرِيقِ فَنِيَ الزَّادُ فَأَمَرَ أَبُو عُبَيْدَةَ بِأَزْوَادِ ذَلِكَ الْجَيْشِ فَجُمِعَ ذَلِكَ كُلُّهُ، فَكَانَ مِزْوَدَيْ تَمْرٍ فَكَانَ يُقَوِّتُنَا كُلَّ يَوْمٍ قَلِيلاً قَلِيلاً حَتَّى فَنِيَ فَلَمْ يَكُنْ يُصِيبُنَا إِلا تَمْرَةٌ تَمْرَةٌ، فَقُلْتُ: وَمَا تُغْنِي تَمْرَةٌ؟ فَقَالَ: لَقَدْ وَجَدْنَا فَقْدَهَا حِينَ فَنِيَتْ».

– وزاد المجاهد فيه الخير والبركة كيفما كان، وهو رزق مبارك من الله عز وجل: «ففي سرية بعثها رسول الله صلى الله عليه وسلم من أصحابه قِبل الساحل وجدوا حوتًا كبيرًا قد جزر عنه البحر، فأكلوا منه بضعة وعشرين يوما ثم قدموا إلى المدينة، فأخبروا الرسول عليه السلام، فقال: كلوا رزقا أخرجه الله لكم، أطعمونا إن كان معكم، فأتاه بعضهم بشيء فأكله».

– مشروعية أخذ الزاد:

تجهيز المجاهد بما يحتاج من طعام وشراب يدخل في إعداد العدة التي أمر الله تعالى عباده بأخذ أسبابها وتجهيزها، قال تعالى: (وَأَعِدُّوا لَهُم مَّا اسْتَطَعْتُم مِّن قُوَّةٍ)، لذا كان لفاعلها والدال عليها الأجر والثواب بقدر حجم التجهيز والإعداد؛ حيث قال تعالى في ختام آية التجهيز والإعداد: (وَمَا تُنفِقُوا مِن شَيْءٍ فِي سَبِيلِ اللهِ يُوَفَّ إِلَيْكُمْ وَأَنتُمْ لَا تُظْلَمُونَ).

– طرق العناية بالزاد:

– لزوم أمر الله وهدي رسوله ففيهما الخير والنجاة والعطاء:

قال الله تعالى: (وَلَوْ أَنَّهُمْ فَعَلُوا مَا يُوعَظُونَ بِهِ لَكَانَ خَيْرًا لَهُمْ وَأَشَدَّ تَثْبِيتًا * وَإِذًا لَآتَيْنَاهُمْ مِنْ لَدُنَّا أَجْرًا عَظِيمًا).

 

– الوقوف على حدود الله خوف حرمان النعم والزاد:

حرم الله على اليهود شحوم الغنم والبقر لأنهم بغوا وظلموا وتعدوا حدود الله، قال تعالى: (وَعَلَى الَّذِينَ هَادُوا حَرَّمْنَا كُلَّ ذِي ظُفُرٍ وَمِنَ الْبَقَرِ وَالْغَنَمِ حَرَّمْنَا عَلَيْهِمْ شُحُومَهُمَا إِلَّا مَا حَمَلَتْ ظُهُورُهُمَا أَوِ الْحَوَايَا أَوْ مَا اخْتَلَطَ بِعَظْمٍ ذَلِكَ جَزَيْنَاهُمْ بِبَغْيِهِمْ)، وطرد آخرين لم يمتثلوا أوامره، قال تعالى: (فَلَمَّا فَصَلَ طَالُوتُ بِالْجُنُودِ قَالَ إِنَّ اللهَ مُبْتَلِيكُم بِنَهَرٍ فَمَن شَرِبَ مِنْهُ فَلَيْسَ مِنِّي وَمَن لَّمْ يَطْعَمْهُ فَإِنَّهُ مِنِّي إِلَّا مَنِ اغْتَرَفَ غُرْفَةً بِيَدِهِ فَشَرِبُوا مِنْهُ إِلَّا قَلِيلًا مِّنْهُمْ فَلَمَّا جَاوَزَهُ هُوَ وَالَّذِينَ آمَنُوا مَعَهُ قَالُوا لَا طَاقَةَ لَنَا الْيَوْمَ بِجَالُوتَ وَجُنُودِهِ).

 

– الاقتصاد وعدم الإسراف أو التبذير:

قال تعالى: (وَلاَ تُسْرِفُواْ إِنَّهُ لاَ يُحِبُّ الْمُسْرِفِينَ)، وقال تعالى: (وَلاَ تُبَذِّرْ تَبْذِيرًا* إِنَّ الْمُبَذِّرِينَ كَانُواْ إِخْوَانَ الشَّيَاطِينِ)، والإسراف هو مجاوزة الحد في استهلاك المباحات. فعَنْ الْمِقْدَامَ بْنَ مَعْدِ يكَرِبَ رضي الله عنه قَالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: «مَا مَلَأَ آدَمِيٌّ وِعَاءً شَرًّا مِنْ بَطْنٍ، بِحَسْبِ ابْنِ آدَمَ أُكُلَاتٌ يُقِمْنَ صُلْبَهُ، فَإِنْ كَانَ لَا مَحَالَةَ فَثُلُثٌ لِطَعَامِهِ وَثُلُثٌ لِشَرَابِهِ وَثُلُثٌ لِنَفَسِهِ».

 

– معرفة طرق حمل الزاد وحفظه والاهتمام به عند نقله والسفر به:

فقد ورد حفظ الزاد بربطه عَنْ أَسْمَاءَ رَضِيَ اللهُ عَنْهَا قَالَتْ: «صَنَعْتُ سُفْرَةَ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي بَيْتِ أَبِي بَكْرٍ حِينَ أَرَادَ أَنْ يُهَاجِرَ إِلَى الْمَدِينَةِ، قَالَتْ: فَلَمْ نَجِدْ لِسُفْرَتِهِ وَلا لِسِقَائِهِ مَا نَرْبِطُهُمَا بِهِ، فَقُلْتُ لأَبِي بَكْرٍ: وَاللهِ مَا أَجِدُ شَيْئًا أَرْبِطُ بِهِ إِلا نِطَاقِي، قَالَ: فَشُقِّيهِ بِاثْنَيْنِ فَارْبِطِيهِ بِوَاحِدٍ السِّقَاءَ وَبِالآخَرِ السُّفْرَةَ، فَفَعَلْتُ، فَلِذَلِكَ سُمِّيَتْ ذَاتَ النِّطَاقَيْنِ».

ولعنايتهم بالزاد كانوا يحملونه عند الحاجة على الرقاب، فعن جابرِ بنِ عبدِ اللهِ رضي الله عنه، قال: «بعَثنا رسولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم ونحنُ ثَلاَثَمِائَةِ نَحْمِلُ زَادَنَا عَلَى رِقَابِنَا..».

– أخذ مال وإن قل ليسهل حمله ونقله والانتفاع به:

فالمال لا يفسد ولا مشقة في حمله والتنقل به، وبالمال يشتري المجاهد ما قد يحتاجه من زاد، فعَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِي بَكْرٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا، قَالَ: «كُنَّا مَعَ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ثَلاَثِينَ وَمِائَةً، فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: هَلْ مَعَ أَحَدٍ مِنْكُمْ طَعَامٌ؟ فَإِذَا مَعَ رَجُلٍ صَاعٌ مِنْ طَعَامٍ أَوْ نَحْوهُ، فَعُجِنَ، ثُمَّ جَاءَ رَجُلٌ مُشْرِكٌ، مُشْعَانٌّ طَوِيلٌ، بِغَنَمٍ يَسُوقُهَا، فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: بَيْعًا أَمْ عَطِيَّةً، أَوْ قَالَ: أَمْ هِبَةً؟، قَالَ: لاَ بَلْ بَيْعٌ، فَاشْتَرَى مِنْهُ شَاةً، فَصُنِعَتْ».

 

– احتساب نية مشقة تحصيل الزاد أو عدم تنوعه أو قلته:

قال تعالى: (مَا كَانَ لِأَهْلِ الْمَدِينَةِ وَمَنْ حَوْلَهُمْ مِنَ الْأَعْرَابِ أَنْ يَتَخَلَّفُوا عَنْ رَسُولِ اللهِ وَلَا يَرْغَبُوا بِأَنْفُسِهِمْ عَنْ نَفْسِهِ ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ لَا يُصِيبُهُمْ ظَمَأٌ وَلَا نَصَبٌ وَلَا مَخْمَصَةٌ فِي سَبِيلِ اللهِ وَلَا يَطَئُونَ مَوْطِئًا يَغِيظُ الْكُفَّارَ وَلَا يَنَالُونَ مِنْ عَدُوٍّ نَيْلًا إِلَّا كُتِبَ لَهُمْ بِهِ عَمَلٌ صَالِحٌ إِنَّ اللهَ لَا يُضِيعُ أَجْرَ الْمُحْسِنِينَ * وَلَا يُنْفِقُونَ نَفَقَةً صَغِيرَةً وَلَا كَبِيرَةً وَلَا يَقْطَعُونَ وَادِيًا إِلَّا كُتِبَ لَهُمْ لِيَجْزِيَهُمُ اللهُ أَحْسَنَ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ).

وقال صلى الله عليه وسلم: «مَا يُصِيبُ المُسْلِمَ مِنْ نَصَبٍ وَلاَ وَصَبٍ، وَلاَ هَمٍّ وَلاَ حُزْنٍ، وَلاَ أَذًى وَلاَ غَمٍّ، حَتَّى الشَّوْكَةِ يُشَاكُهَا، إِلَّا كَفَّرَ اللهُ بِهَا مِنْ خَطَايَاهُ».

 

– الصبر والثبات عند نفاد الطعام أو عدم توفره:

قال تعالى: (وَلَنَبْلُوَنَّكُمْ بِشَيْءٍ مِنَ الْخَوْفِ وَالْجُوعِ وَنَقْصٍ مِنَ الْأَمْوَالِ وَالْأَنْفُسِ وَالثَّمَرَاتِ وَبَشِّرِ الصَّابِرِينَ * الَّذِينَ إِذَا أَصَابَتْهُمْ مُصِيبَةٌ قَالُوا إِنَّا لِلهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعُونَ * أُولَئِكَ عَلَيْهِمْ صَلَوَاتٌ مِنْ رَبِّهِمْ وَرَحْمَةٌ وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُهْتَدُونَ).

– البركة في جمع الناس على مائدة واحدة:

عن أَبِي مُوسى الأشعري رضي الله عنه، قَالَ: قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «إِنَّ الأَشْعَرِيِّينَ إِذَا أَرْمَلُوا (أي: فرغ زادُهم، أو قارب الفراغ) فِي الْغَزْوِ، أَوْ قَلَّ طَعَامُ عِيَالِهِمْ بِالْمَدِينَةِ، جَمَعُوا مَا كَانَ عِنْدَهُمْ فِي ثَوْبٍ وَاحِدٍ، ثُمَّ اقْتَسَمُوهُ بَيْنَهُمْ فِي إِنَاءٍ وَاحِدٍ بِالسَّوِيَّةِ، فَهُمْ مِنِّي وَأَنَا مِنْهُمْ». ويوم الخندق حين دعا جابر بن عبد الله النبي صلى الله عليه وسلم سرًا ليأتي ببعض أصحابه إلى وليمة قوامها شاة صغيرة وصاع شعير لا يُشبع عشرة أشخاص، فنادى صلى الله عليه وسلم في أهل الخندق وهم قرابة الألف ليحضروا، يقول جابر رضي الله عنه متحدثًا عن بركة جمع الناس على مائدة واحد: «وهم ألف، فأقسم بالله لقد أكلوا حتى تركوه وانحرفوا (شبعوا وانصرفوا)، وإن برمتنا لتغط (تغلي وتفور من الامتلاء) كما هي، وإن عجيننا ليخبز كما هو» رواه البخاري.

– تحصيل الزاد أثناء الجهاد:

من طرق تحصيل الطعام في الجهاد:

– طعام الكفار في الحرب، عن عبد الله بن مغفل رضي الله عنه قال: «أصبت جراباً من شحم يوم خيبر، قال: فالتزمته، فقلت: لا أعطي اليوم أحداً من هذا شيئاً، فقال: فالتفت فإذا رسول الله صلى الله عليه وسلم مبتسما»، قال الإمام النووي في شرح هذا الحديث: “وفي هذا إباحة أكل طعام الغنيمة في دار الحرب، قال القاضي: أجمع العلماء على جواز أكل طعام الحربيين ما دام المسلمون في دار الحرب فيأكلون منه قدر حاجتهم، ويجوز بإذن الإمام وبغير إذنه، ولم يشترط أحد من العلماء استئذانه إلا الزهري، وجمهورهم على أنه لا يجوز أن يخرج معه منه شيئاً إلى عمارة دار الإسلام فإن أخرجه لزمه رده إلى المغنم”.

– الأكل مما أنبتته الأرض من بقل وأعشاب ونبات..

– ذبح الأنعام التي تكون مع الجيش مما لا يحتاج إليها أو لا يحصل في ذبحها ضرر للجيش المسلم، والضرر قد يكون في ذبح الإبل التي يركبونها أو الخيل التي يجاهدون عليها أو الماشية التي يشربون منها اللبن، فعن سَلَمَةَ رضيَ الله عنه قالَ: «خَفَّتْ أَزْوَادُ القَوْمِ وَأَمْلَقُوا، فَأَتَوُا النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي نَحْرِ إِبِلِهِمْ، فَأَذِنَ لَهُمْ، فَلَقِيَهُمْ عُمَرُ، فَأَخْبَرُوهُ، فَقَالَ: مَا بَقَاؤُكُمْ بَعْدَ إِبِلِكُمْ، فَدَخَلَ عَلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، مَا بَقَاؤُهُمْ بَعْدَ إِبِلِهِمْ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: نَادِ فِي النَّاسِ، فَيَأْتُونَ بِفَضْلِ أَزْوَادِهِمْ، فَبُسِطَ لِذَلِكَ نِطَعٌ، وَجَعَلُوهُ عَلَى النِّطَعِ، فَقَامَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَدَعَا وَبَرَّكَ عَلَيْهِ، ثُمَّ دَعَاهُمْ بِأَوْعِيَتِهِمْ، فَاحْتَثَى النَّاسُ حَتَّى فَرَغُوا».

– الصيد البري مما أحله الله من الأنعام والطيور، قال تعالى: (وَإِذَا حَلَلْتُمْ فَاصْطَادُوا).

– الصيد البحري وإن كان ميتًا، قال تعالى: (أُحِلَّ لَكُمْ صَيْدُ الْبَحْرِ وَطَعَامُهُ مَتَاعًا لَكُمْ وَلِلسَّيَّارَةِ).

* ولنعلم أن حاجة المجاهد للتزود من العلم الشرعي والعمل الصالح والعبادات والخيرات والطاعات والبر في جهاده لهو أشد حاجة له من تزوده بالطعام والشراب وما يُقيم البدن، فالعبادة تسمو بالروح وتحيي القلب وتنشط الجسد فيجتهد ويرتقي بالطاعة، قال تعالى: (وَتَزَوَّدُوا فَإِنَّ خَيْرَ الزَّادِ التَّقْوَى).

 

* اللهم أدم علينا نعمة الجهاد في سبيلك، وارزقنا شرف خدمة المجاهدين ورعايتهم وإطعامهم، وارزقنا الزاد الوافر من العلم النافع والعمل الرافع، وارزقنا من لدنك رزقًا حلالًا طيبًا مباركًا فيه وأنت خير الرازقين، إنك ولي ذلك والقدر عليه، والحمد لله رب العالمين. 

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى