الجهاديون.. لله دَرُّهم!|| من كتاب مائة مقالة في الحركة والجهاد للشيخ أبو شعيب طلحة المسير

الجهاديون.. لله دَرُّهم! [1]

 

الجهاديون جمع لكلمة الجهادي، والجهادي مكون من اسم الجهاد لحقته ياء النسب التي تنسب الشخص إلى أمر محدد كقبيلة أو بلد أو صنعة، كما يقال: طائي ومكي ونحوي..

وانتساب المرء للجهاد حتى يصبح جهاديا يحتاج إلى ملازمة الجهاد ودوام الالتصاق به، قال ابن الوراق في علل النحو: “النسب معناه إضافة شيء إلى شيء، وإنما تشدد ياؤه لأن النسبة تصير لازمة للمنسوب، فصارت هذه الإضافة أشد مبالغة من سائر الإضافات فشددوا ياءها ليدلوا على هذا المعنى”، وقال القلقشندي في صبح الأعشى في صناعة الإنشا: “وبالجملة فقد اصطلحوا على أن يكون ما لحقت به ياء النسب أرفع رتبة مما تجرّد عنها.. أما كون ما لحقت به ياء النسب أرفع رتبة من المجرّد عنها فظاهر؛ لأن المبالغة تقتضي الرفعة ضرورة”.

– وقد انتشر استخدام مصطلح “الجهاديين” في العقود الأخيرة سواء داخل الحركات الإسلامية أو في الدراسات الدولية، ويُعنى به غالبا صنف من المجاهدين وهم الذين اتخذوا الجهاد سبيلا دائما ونذروا حياتهم في خدمة الجهاد وقضاياه.

والجهاد في الإسلام من أجل العبادات وملازمته في الزمن الأول زمن الانتصارات والفتوحات وجهاد الطلب صفة الصفوة من عباد الله تعالى، قال صلى الله عليه وسلم: «والذي نفس محمد بيده، لولا أن يُشق على المسلمين ما قعدت خلاف سرية تغزو في سبيل الله أبدا، ولكن لا أجد سعة فأحملهم، ولا يجدون سعة، ويشق عليهم أن يتخلفوا عني، والذي نفس محمد بيده، لوددت أني أغزو في سبيل الله فأُقتل، ثم أغزو فأقتل، ثم أغزو فأقتل» متفق عليه.

وقال صلى الله عليه وسلم: «من خير معاش الناس لهم رجل ممسك عنان فرسه في سبيل الله، يطير على متنه، كلما سمع هيعة أو فزعة طار عليه، يبتغي القتل والموت مظانه» رواه مسلم.

 

وفي غزوة الخندق جدد المهاجرون والأنصار عهد الجهاد الأبدي منشدين:

نحن الذين بايعوا محمدا … على الجهاد ما بقينا أبدا

– فإذا كان هذا هو الحال في زمن عز الإسلام وانتصار المسلمين فكيف يكون الحال في زمن الجهاد العيني لضعف المسلمين وتكالب الأعداء وانتهاك المقدسات؟!

* لذا فإن ظاهرة “الجهاديين” الذين تخصصوا في الجهاد ووهبوا حياتهم لنصرة الإسلام وقتال أعدائه لهي من مفاخر أمة الإسلام في هذا العصر، ولكم رأينا أناسا شابت لحاهم في الثغور فهم منذ عشرات السنين يجوبون المشرق والمغرب، كلما جدت قضية وثارت مأساة طاروا إلى الجبهات يبتغون القتل والموت مظانه، فالجهاد قضيتهم الكبرى، وأما وسائلهم فكثيرة؛ فهم يجاهدون يوما في ثغر محلي وفي يوم آخر في ثغر عالمي، ويكونون مرة في صفوف طليعة من نخب الأمة وفي مرة أخرى يلتحمون بجموع الشعوب الثائرة المجاهدة، وينتظمون حينا في جماعات وفي حين آخر يكون أحدهم جيشا وحده يقارع الكافرين..، كل ذلك وغيره حسب الأحوال والظروف والمستجدات والمصالح التي تخدم قضية الجهاد في سبيل الله تعالى.

– وإننا اليوم في الشام المباركة لا بد أن نزيد ترسيخ الانتماء الجهادي للأفراد؛ بحيث يمتزج حب الجهاد والعمل الجهادي بشخصية المسلم المجاهد، فأعمال الجهادي في الثغور أو التدريب أو الدعوة أو التعليم أو التطبيب أو الإعلام أو الإغاثة.. هي أعمال يختار منها ما يخدم قضيته الجهادية على المستوى القريب والبعيد.

– وليعلم العبد الصالح المجاهد أن من أعظم مؤامرات الأعداء التي يراد منها إضعاف ثورة الجهاد الشامي تحويلَ المجاهدين عن وصفهم الجهادي الملازم لهم إلى مقاتلين ضرورة؛ أي أنهم قاتلوا بسبب ظرف محلي وعدوان نصيري ويمكنهم ترك القتال عند ضعف مرحلي، أو ضغط إقليمي، أو توفر فرص عمل، أو إيجاد منطقة للمقاتلين آمنة، أو انشغال بتنمية..، فالحذر الحذر من كيد وتآمر المجرمين.

سدد الله خطا عباده الجهاديين، ويسر طريقهم، وقصم شوكة عدوه وعدوهم، والحمد لله رب العالمين.

([1]) كتبت سنة 1442هـ.

كتبها

أبو شعيب طلحة محمد المسير

لتحميل نسخة كاملة من كتاب مائة مقالة في الحركة والجهاد  bdf اضغط هنا 

للقرأة من الموقع تابع

مائة مقالة في الحركة والجهاد الشيخ أبو شعيب طلحة المسير

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى