الأسير (2) – مجلة بلاغ العدد ٤٦ – شعبان ١٤٤٤هـ
الأستاذ: غياث الحلبي
أمضت ميساء ما تبقى من شهور حملها في حزن عميق فكانت عينها لا تنفك باكية، وأهملت الاهتمام بصحتها حتى خُشي على الجنين أن يهلك في بطنها، فهي لا تأكل إلا قليلا ولا تنام إلا كإغفاءة الطير لترى هاني في منامها مقبلا نحوها باسم الثغر فتركض نحوه؛ وإذ بها تستيقظ وليس في يديها منه شيء فتنشج باكية كما نامت باكية.
كانت ميساء لا تنفك تقبل ثياب زوجها، تضمها، تشمها، تتبع آثاره، تجلس بالقرب من مجلسه، تعانق الوسادة التي كان ينام عليها، تضم مفكرته إلى صدرها وتبكي، تناجي جنينها، تحدثه عن أبيه وتبكي، تصلي وتدعو ربها وتبكي، تتذكر الأيام الجميلة التي قضتها مع هاني فتتذكر الخطوبة ثم حفل عقد قرانها يوم زفافها، الشهور القليلة التي كانت مترعة بالسعادة وتبكي، يعود إلى خيالها ذلك اليوم التعيس الذي اختطفوا هاني فيه وتبكي، تبكي حتى يخيل إليها أن كبدها سينفلق، ولم تكن تخشى ذلك بل تود لو أنها ماتت فاستراحت.
وبعد ثلاثة أشهر على غياب هاني شعرت ميساء بآلام المخاض، وعلى شدتها لم تنسها هاني بل زادت من حزنها، وحين نقلت إلى المشفى كانت وهي على سرير الولادة لا تفتأ تردد اسمه وتهتف به، حتى رحمها كل من في المستشفى ورقت لها قلوبهم حين علموا قصتها، وصرت ترى الدموع تُسكب من الطاقم الطبي الذي يقوم عليها.
وأخيرا وضعت ميساء حملها، وكان ولدا جميلا يشبه أباه كثيرا حتى كأنه نسخة مصغرة عنه، ودون طول تفكير سمته هاني.
ملك هاني الصغير على أمه قلبها فأحبته حبا عظيما بلغ الشغاف؛ لأنه ابنها ولأنه يذكرها بحبيبها هاني، وكما كانت تحدثه وهو جنين في بطنها صارت اليوم تحدثه عن أبيه وهي تحمله بين ذراعيها وترضعه.
قفز إلى ذهن ميساء قصيدة سمعتها مرة وهي صغيرة تحكي عن أم تناجي طفلها الذي فقد أباه، كان ذلك قبل عشرة أعوام عندما خطر لها يوما أن تعبث في درج أبيها الخاص فعثرت على شريط مسجل مكتوب عليه أبو مازن، لم تعرف ماذا يحتوي، فأدخلته في المسجلة وأخذت تستمع بخوف ووجل خشية أن يشعر بها أحد.
راقها جدا صوت المنشد حينها وأحبت الأنشودة غير أنها لم تكملها، وأعادت الشريط إلى مكانه على أن تستمع له لاحقا، غير أنها لم تعثر عليه بعد ذلك أبدا.
تذكرت بعض كلمات الأنشودة اليوم وطفلها في حجرها فأحست برغبة شديدة في سماعها.
هي لا تعرف من هو أبو مازن هذا، ولا تعرف من الذي كتب كلماتها، غير أن ذلك كله لا يهم في عصر الإنترنت، يكفي أن تكتب جزءا منها في محرك البحث لتصل إلى ما أحبت، وهذا ما فعلته ميساء لتجد بغيتها.
نقرت على زر التشغيل وأخذت تستمع والدموع تنحدر من عينيها بغزارة:
“نم يا صغيري إن هذا المهد يحرسه الرجاء
من مقلة سهرت لآلام تثور مع المساء
فأصوغها لحنا مقاطعه تأجج في الدماء
أشدو بأغنيتي الحزينة ثم يغلبني البكاء
وأمدُّ كفي للسماء لأستحث خطى السماء”
وعلا صوت بكاء ميساء وزاد نحيبها وهي تسمع هذه الكلمات التي تتحدث عن معاناة تشبه معاناتها، كان صوت المنشد الشجي يضرب على أوتار قلبها فيزيد ينابيع الدمع في عينها انفجارا، ويربي في لواعج حزنها:
“نم لا تشاركني المرارة والمحن
فلسوف أرضعك الجراح مع اللبن
حتى أنال على يديك مُنى وهبت لها الحياة
يا من رأى الدنيا، ولكن لن يرى فيها أباه”
عند سماعها الكلمات الأخيرة سرت رجفة في جسد ميساء، أيكون ذلك حقا؟ لن يرى أباه؟ لن يعود إليهما مجددا ليمسح بيديه الحانية آثار الجراح، ليملأ حياتهما سعادة وفرحا، كما ملئت تعاسة وترحا.
وازداد هلعها وهي تسمع:
“ستمر أعوام طوال في الأنين وفي العذاب
وأراك يا ولدي قوي الخَطْو موفور الشباب
تأوي إلى أم محطمة مغضنة الإهاب
وهناك تسألني كثيرا عن أبيك وكيف غاب
هذا سؤال يا صغيري قد أُعِد له الجواب
فلئن حييتُ فسوف أسرده عليك
أو مت فانظر من يُسِر به إليك
فإذا عرفت جريمة الجاني وما اقترفت يداه
فانثر على قبري وقبر أبيك شيئاً من دماه”
هي لا تريد أن يكبر ولدها لتخبره عن أبيه، بل تود لو يعود أبوه ليربى في أحضانه وتحت جناحه.
كان مجرد التفكير بأنه يمكن أن تمر أعوام طويلة في الأنين وفي العذاب تجعلها تجن، آه كم تتمنى أن تنثر دم الجناة المجرمين بنفسها اليوم وليس بعد الأعوام الطويلة، لقد غصبوا سعادتها وأفسدوا حياتها وأحالوها جحيما لا يطاق، ما أحوجها إلى أن تغرس أرهف النصال في تلك الصدور اللئيمة التي تشتمل على قلوب الذئاب والضباع، ليتها تمزقهم إربا إربا ثم ترمي بجثثهم إلى الكلاب.
“أما حكايتنا فمن لون الحكايات القديمة
تلك التي يمضي بها التاريخ داميةً أليمة
الحاكم الجبَّار والبطش المسَلَّحُ والجريمة
وشريعة لم تعترف بالرأي أو شرف الخصومة
ما عاد في تنُّورها لحضارة الإنسان قيمة”
ما أصدق هذه الكلمات، أتراني وزوجي كنا نحيا في دولة تحترم نفسها وتعطي الإنسان قيمته، أم نعيش كخراف في مزرعة للتدجين؟
أين القانون المزعوم؟
أما من وسيلة للتفاهم سوى الحديد والنار؟
أم من سبيل سوى البطش والقتل والاعتقال؟
ومع ذلك فهاني بريء لم يشترك في شيء.
وقف شعرها وهي تسمع:
“الحرُّ يعرف ما تريد المحكمة
وقضاته سلفا قد ارتشفوا دمه
لا يرتجي دفعاً لبهتان رماه به الطغاة
المجرمون الجالسون على كراسي القضاة”
أيحصل ذلك لهاني؟ يُرفع على أعواد المشانق وهو لا ذنب له، استعاذت بالله ودعت الله أن يصرف عنه الظالمين وأن يرجع إليها سالما.
أوقفت الأنشودة واستمرت في بكائها وهواجسها، تتردد نفسها بين الخوف من استمرار غياب هاني والرجاء في عودته قريبا، وانتبهت من خواطرها على صوت وليدها ترك الرضاع وأخذ يصرخ بعد أن ضايقته كثرة الدموع التي تساقطت على وجهه، وربما كانت عيناها أجود بالدموع من صدرها باللبن.
أخذت تهدئ طفلها حتى سكت وأقبل على الرضاع مجددا، فنظرت إليه وادعا جميلا يحكي وجهه وجه أبيه تماما.
متى سيعود أبوك يا بني؟ طال شوقنا إليه، متى أراه يحملك بين ذراعيه يلاعبك فيقذفك عاليا في الهواء ثم تعود كفاه لتتلقاك مجددا، ألم تشتق إلى أبيك يا هاني؟
ترى أين هو الآن؟ وماذا يفعل؟ ماذا يأكل؟ كيف يعيش؟ أهو بخير؟ هذا ما أرجوه.
رباه رده إلينا يا الله، لا تفجع به قلب زوجة كسيرة ضعيفة ولا قلب طفل بريء طاهر، واستمرت بالبكاء.
* أخذ هاني يجول بعينيه في الزنزانة الضيقة ويتصفح وجوه نزلائها لعله يجد أحدا يشكو إليه همَّه ويبثه شكواه ويفضي إليه بمكنون قلبه الذي تفريه الآلام والأحزان، كان يبحث عن شخص يساعده، وأنى له أن يجده في هذا المكان، فهل هؤلاء إلا سجناء مثله سلبوا كل شيء وتحولوا أرقاما لا يعبأ أحد بها ولا يقيم لها وزنا.
كانت وجوه السجناء شاحبة يكسوها الهم ويتغشاها الكرب وليس منها وجه لم يتلون بلون من ألوان الطيف السبعة جراء التعذيب، وأما الأجساد فهي هزيلة متعبة لا يخلو واحد منها من الجروح المتقيحة أو الكسور.
كان كل سجين ساهما بفكره يفكر في عالم غير الذي هو فيه، وكان ضيق المكان أورث الخيال سعة لا متناهية فساحت الأفكار في ملكوت السموات والأرض حين عجزت الأجساد عن الحركة في هذا القبر القذر.
كانت الزنزانة صغيرة جدا فطولها أربعة أمتار وعرضها ثلاثة، وقد حُشر فيها ثلاثون سجينا إضافة إلى وجود بيت الخلاء فيها، وهي مظلمة كقلب الكافر لا يبدد شيئا من ظلامها سوى مصباح صغير يبعث ضوءا أصفر باهتا، وبابها أسود قاتم مصنوع من الحديد، وفي أسفله نافذة صغيرة تستخدم لوضع الأشياء الصغيرة أو تسلية السجانين بتعذيب السجناء، وأرض الزنزانة أرض قذرة حتى إنه يستحيل أن يعرف شكل البلاط أو لونه فالأوساخ والدماء المتجمدة والسوائل الفاسدة التي تنبعث من الجروح تشكل طبقة عازلة للبلاط، ولا تقل الجدران عن الأرض قذارة غير أنها تحتوي على كتابات خطها سجناء سابقون فيها أسماؤهم أو تاريخ اعتقالهم أو آيات قرآنية أو أحاديث نبوية أو حكم أو أبيات شعرية أو ذكرى حبيبة أو مؤلمة، وهذه الكتابات جميعا قبل بدء الثورة كما يظهر من بعض التواريخ على الجدر، وأقدمها يعود إلى عام 2003، وأحدثها 2011، إذ يبدو أن أدوات الكتابة البدائية كانت متوفرة بشكل ما، أما الآن فليس ثَمَّ إلا الدم، والكتابة الآن في هذا الظرف تعتبر بطرا وترفا لا حاجة له، وليس في جدران الزنزانة الأربعة أي نافذة بل مصمتة مطبقة بشدة، وكأن صفات حرف الطاء التي يذكرها علماء التجويد قد احتشدت فيها باستثناء القلقلة التي حل عوضا عنها صفة الإقلاق فهي جدران تبعث على القلق والغم، ويعلو الجدران سقف طالما حملقت فيه عيون المحتضرين قبل أن تفارق أرواحهم أجسادا ذاقت ألوان العذاب.
إن الصمت يسود الزنزانة لا يقصمه سوى همسات تنبعث بين الفينة والأخرى من فم أحدهم يشكو فيها حاله إلى الله، أو يتحسر على نفسه وما نزل به، أو يلقي في أذن لصيقه بضع كلمات.
وهنا في الزنزانة لا وجود لكلمة جوار التي تحمل معنى الفراغ بين الشيئين إذ الأجساد هنا متراصة متلاصقة ولا وجود لأي فراغ، حتى إن السجناء يتناوبون النوم في المساء فيقف بعضهم وينام آخرون هزيعا من الليل، ثم يقوم النائمون وينام القائمون حتى ينجلي الليل الذي هو أسوأ من ليل امرئ القيس ويطلع صبحا كأن الليل على سوءه أمثل منه؛ إذ إن النوم يوفر للسجين وقتا يغيب فيه عن واقعه الأليم، وقد يتحفه بأحلام تزرع في نفسه شيئا من الأمل أو تريه أحبة طال شوقه إليهم.
التفت أحد السجناء إلى هاني وسأله:
– من أين أنت؟
– من ريف حماة.
– متى اعتقلت؟
– صباح اليوم.
– لماذا؟
– لست أدري، داهموا قريتنا واعتقلونا.
– كم واحدا أنتم؟
– جميع رجال القرية نصفهم قتل ونصفهم اعتقل.
– لماذا فعلوا ذلك؟
– لا أحد يعلم، هل تعلم أين نحن الآن؟
– أنت في فرع الأمن العسكري في مدينة حماة.
– ولماذا اعتقلوك أنت؟
– لأني شاركت في بعض المظاهرات.
– منذ متى أنت هنا؟
– من عشرة أيام.
– كيف اعتقلوك؟
– أحد المخبرين كتب فيَّ تقريرا ورفعه إلى الأمن، آه اللعنة على أولئك الأوغاد الذين يبيعون ضمائرهم وذممهم بالمال، لو أن ذلك الحقير جاء إليَّ وأخبرني لأعطيته عشرة أضعاف ما يأخذ من النظام.
– أتعرف من هو؟
– للأسف لا، ولو عرفته فسأقتله وليحصل بعدها ما يحصل.
– من أين أنت؟
– من حماة.
– وما هي مهنتك؟
– صيدلي.
– وأنا مدرس، كنت أظن أن السجون للحرامية والقتلة وتجار المخدرات، فإذا بها للمثقفين وحملة الشهادات.
– هذه ضريبة التمرد على الذل وحياة الأنعام، معنا هنا في الزنزانة خمسة من طلاب الجامعات وطبيب ومهندسان وثلاثة ممرضين وشيخ مسجد، وليست زنزانتنا ببدع من بقية الزنازين.
– شيء مؤسف حقا، لقد كنت أحمقا عندما كنت أُعلم الطلاب: افتح مدرسة تغلق سجنا، يبدو أن الصحيح افتح مدرسة تفتح سجنا.
– لا بد لنا أن نصبر، فليس بعد الشدة إلا الفرج.
– يا رب، أترى سيطول مقامنا هنا؟
– لا يعلم ذلك إلا الله فلنلجأ إليه، نحن في بلد تحكمه عصابة من المجرمين والقانون يُحوَّر على أهوائهم، ولذلك يصعب التكهن بالمدة التي سنقضيها.
أليس من المضحك المبكي أن تسوء أحوال المعتقلات عشرات المرات بعد إلغاء قانون الطوارئ عما كانت عليه قبل ذلك.
اعلم يا صاحبي أنك لو كنت قاتلا أو سارقا أو قاطع طريق لكانت لك بعض الحقوق، سيكون مكان اعتقالك معلوما، وسيسمح لك بتوكيل محام ويسمح لأهلك بزيارتك وجلب المال والطعام والثياب لك، وستكون الزنزانة التي أنت فيها واسعة تدخلها الشمس، ويسمح لك بممارسة الرياضة، وميزات أخرى كثيرة، وأما وأنك سجين سياسي فليس لك شيء من ذلك، لست سوى رقم لا قيمة له، سرعان ما يشطب عندما تموت تحت التعذيب ويبقى ذكرى تافهة في السجلات.
– هذا مرعب حقا، أما من سبيل للنجاة من هذه الداهية، يجب أن أخرج بأي ثمن.
– إياك أن تفكر بهذه الطريقة وإلا ستتورط أكثر ولن تخرج من هذا أبدا.
– ماذا تقول؟
– هذا بلاء قد نزل بنا قد يطول وقد يقصر، وحذار أن تفكر بالتخلص منه بأي ثمن لأن الثمن حينها سيكون دينك وحياتك معا.
– أنت تخيفني أكثر، ولا أفهم ما تقول.
– سأشرح لك أكثر، اسمع، عندما تخرج ليحقق معك سيحاول المحقق أن يغريك بالعفو وإطلاق السراح مقابل الاعتراف، وما إن تعترف حتى يطلب منك أسماء من كنت تتعامل معهم وإلا فلن ترى الشمس ثانية، وعندما تعطيه بعض الأسماء -صدقا أو كذبا- فسيطلب منك المزيد وإلا فلن ينفذ الوعد، فتعطيه المزيد -صدقا أو كذبا- وتشن حملة اعتقالات على هؤلاء ويؤتى بهم إلى هنا وتبدأ جولات التحقيق معهم، وبالترغيب والترهيب يعترفون عليك بأشياء لم تذكرها -صدقا أو كذبا-، وحينها يعاد التحقيق معك وتدخل في دوامة لها أول وليس لها آخر، ويزداد حقد المحقق عليك ويشتد تعذيبه، فلا تخرج من بين يديه إلا جثة هامدة، أفهمت الآن؟
اصفر وجه هاني وسرى الرعب في أوصاله وازداد قلبه خفقانا فابتلع ريقه بصعوبة شديدة، وقال:
– ما الحل إذا؟
– يجب ألا تعترف بشيء إن استطعت.
– أعترف بماذا؟! أنا لا علاقة لي بشيء، لم أشارك بمظاهرة ولم أهتف بشعارات مناهضة للنظام، وكنت أنأى بنفسي عن أي شيء يجلب لي المتاعب.
– إن استطعت أن تثبت على أقوالك هذه في التحقيق فأنت بطل فعلا!
– يا إلهي، ماذا تعني؟
– أعني، أن المحققين هنا لا يهمهم الوصول إلى الحقيقة بتاتا، إنما يريدون توريط المتهم ولو كذبا ليتباهى بذلك أمام رؤسائه، ولذلك فإنه لن يتورع عن استخدام جميع الأساليب القذرة للوصول إلى غرضه، لا أريد إخافتك أكثر ولكن التعذيب الوحشي هنا يفوق الوصف، وكلما رأوا أن التحقيق يجلب اعترافا جديدا ازدادوا وحشية لينتزعوا اعترافا جديدا.
– ماذا أفعل؟
– هناك أمران إذا فهمتهما وعملت بهما فإن الأمور ستكون أفضل بشكل كبير، ولا أعني الخروج طبعا، فأنا لا أملك ذلك لنفسي، ولكن أعني أنك ستحافظ على دينك وستحافظ على حياتك قدر الإمكان حتى يأتي الله بالفرج.
– ما هما، أخبرني بسرعة.
– الأول: إياك أن تحاول تقصير مدة السجن بتوريط نفسك باعتراف تقدر على عدم الإقرار به، لا تعترف لتتخلص من السجن فإن ذلك وهم محض.
– والثاني: لا تذكر اسم أي أحد في الاعتراف -سواء أكان بريئا أم متورطا من وجهة نظرهم- لأن هذا سيفتح سلسلة لا تنتهي من الاعتقال والاعتراف، وكلما زاد عدد المعتقلين بسبب اعترافك ارتفعت نسبة هلاكك.
– يبدو أن أياما عصيبة تنتظرني.
– هذا ما ينتظرنا جميعا، وعلينا اللجوء إلى الله والاعتصام به، فكل شيء بيده وتحت سيطرته، ولن يتخلى عن أوليائه وأحبابه وسينتقم من الظالمين المجرمين.
– آه، متى سيكون ذلك.
– يجب ألا نستعجل فالتأخير له حكمة، وكل شيء عنده بأجل، وسنة الله لا تتخلف بنصر الحق ودحض الباطل.
– أرجو أن يكون ذلك قريبا.
– كلنا يرجو ذلك، ولكن من المهم ألا يُحولنا البلاء من عدوة أهل الحق إلى عدوة أهل الباطل، ليس مشكلة أبدا أن نموت هنا طالما أننا لم نبدل ولم نغير، فلنلجأ إلى الله قائلين: “يا مصرف القلوب ثبت قلوبنا على دينك”.
– آمين، آمين، آمين.
يتبع في العدد القادم إن شاء الله.