تعليقات على رسالة الأربعون في فضل الشهادة، وطلب الحسنى وزيادة للشيخ أبي يحيى الليبي تقبله الله من الحديث الأول إلى الحديث السابع عشر

الأربعون في فضل الشهادة، وطلب الحسنى وزيادة

للشيخ أبي يحيى الليبي تقبله الله 

رسالة مهمة وتعليقات نافعة ومواعظ جليلة..

نبدأ سلسلة من نشر الأحاديث وبعض أهم تعليقات الشيخ عليها.

نسأل الله أن ينفعنا وإياكم، ويرزقنا الشهادة في سبيله.. 

تحت وسم أربعون الشهادة

الحديث الأول: عن أمير المؤمنين عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ قاَلَ: سَمِعْت رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: «إنَّمَا الأعمَالُ بالنِّيَّاتِ وإِنَّما لِكُلِّ امرئٍ ما نَوَى فَمَنْ كَانَتْ هِجْرَتُهُ إلى اللهِ ورَسُولِهِ فهِجْرَتُهُ إلى اللهِ ورَسُوْلِهِ ومَنْ كَانَتْ هِجْرَتُهُ لِدُنْيَا يُصِيْبُها أو امرأةٍ يَنْكِحُهَا فهِجْرَتُهُ إلى ما هَاجَرَ إليهِ»
رواه البخاري ومسلم.

الفوائد:
☘️ قدر الثواب على الأعمال يكون بحسب نية العاملِ وقصده قوةً وضعفاً وجوداً وعدماً.
🍀 العمل الشرعي الذي ينتفع به صاحبه هو ما جمع بين صلاح الباطن بخلوص النية واستقامة الظاهر بسداد الأعمال.
🍀 تضاعف أجر العمل الواحد بتعدد نيات عامله، فالمقاتل في سبيل الله تعالى يمكن أن يجمع نياتٍ كثيرةً عند جهاده، كالانقياد لأمر الله، وإعلاء كلمته، ونصرة المستضعفين، وفكاك المأسورين، وحفظ حوزة المسلمين، وإغاظة الكافرين إلى غير ذلك من المقاصد التي تندرج تحت هذه العبادة فاستحضار النية لكل ذلك يزيد في الثواب.

الحديث الثاني: عَنْ أَبِي مُوسَى رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ: جَاءَ رَجُلٌ إِلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ: الرَّجُلُ يُقَاتِلُ لِلْمَغْنَمِ، وَالرَّجُلُ يُقَاتِلُ لِلذِّكْرِ، وَالرَّجُلُ يُقَاتِلُ لِيُرَى مَكَانُهُ، فَمَنْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ؟ قَالَ: «مَنْ قَاتَلَ لِتَكُونَ كَلِمَةُ اللَّهِ هِيَ الْعُلْيَا فَهُوَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ»
متفق عليه.

الفوائد:
☘️ سؤال أهل العلم فيما يُشكل من مسائل الدين.
🍀 خطرُ الانقياد للنفسِ، والحذرُ من الاستجابةِ لداعيها إذ ربما جرَّت صاحبَها إلى الهلكة طلباً لذكر الناس وثنائهم، فيكون حظُّه من عمله: «فقد قيل».
🍀 لزوم تجرُّد المجاهد من حظِّ نفسه فلا يكون له مقصدٌ إلا علوَّ الحقِّ ونصرته.
🍀 تطابق صور العمل الظاهرة لا تستلزم توافق النوايا الباطنة، وهذا المعنى يدل عليه أيضاً الحديث السابق إذ صورة الهجرة والقتال واحدة ظاهراً، ومتباينة قصداً.
🍀 الحذر الشديد من قصد الدنيا بعمل الآخرة.
🍀 ميل النفس إلى تحصيل مكاسبها المعنوية _كالشهرة وطلب المدح_ لا يقل عن حرصها على مكاسبها المادية، وكلٌّ موبقٌ لها.

الحديث الثالث: عَنْ أبِي هُريرةَ رضيَ الله عَنْهُ إنَّ النبيَّ صلىَ اللهُ عليهِ وسلَّمَ قال:
«مَنْ قَاتَلَ تَحْتَ رَايَةٍ عِمِّيَّةٍ: يَغْضَبُ لِعَصَبَةٍ، أَوْ يَدْعُو إِلَى عَصَبَةٍ، أَوْ يَنْصُرُ عَصَبَةً فَقُتِلَ فَقِتْلَةٌ جَاهِلِيَّةٌ».
رواه مسلم، وأحمد، والنسائي، وغيرهم.

الفوائد:
☘️ وجوب أن يكون قتال المرء على بصيرةٍ وعلمٍ لا على عمىً وهوىً.
🍀 الفرق بين القتال المشروع الذي لا ينصر إلا الحق، وبين غيره مما تُنصَر به الأهواء.
🍀 أصل العبرة في الراية فيما عُقدتْ له لا مجرد الهيئات والأشكال والنقوش.
🍀 حرمة الإقدام على قتالٍ لا يراد به نصرةُ الحقِّ.
🍀 الحذر من التعصُّب المطلق لغير الحقِّ سواء كان قبيلةً أو شعباً أو أميراً أو عالماً أو جماعةً أو اسماً أو مذهباً أو رأياً أو وطناً أو غير ذلك.
🍀 التمسك بالأمور الواضحات البيِّنات، وتجنُّب الملتبسات والمتشابهات والاستبراء للدين والعرض.

الحديث الرابع: عَنْ سَعِيدِ بْنِ زَيْدٍ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:
«مَنْ قُتِلَ دُونَ مَالِهِ فَهُوَ شَهِيدٌ، وَمَنْ قُتِلَ دُونَ أَهْلِهِ فَهُوَ شَهِيدٌ، وَمَنْ قُتِلَ دُونَ دِينِهِ فَهُوَ شَهِيدٌ، وَمَنْ قُتِلَ دُونَ دَمِهِ فَهُوَ شَهِيدٌ».
رواه أحمد، وأبو داود، والترمذي وقال: حَدِيثٌ حَسَنٌ صَحِيحٌ، والنسائي، وأوّلهُ مرويٌّ في الصحيحين.

ومعنى الحديث واضحٌ وتفاصيل أحكامه تراجع فيها الشروح.

الحديث الخامس: عَنْ أَبِي بَكْرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ قَيْسٍ عَنْ أَبِيهِ قَالَ: سَمِعْتُ أَبِي وَهُوَ بِحَضْرَةِ الْعَدُوِّ يَقُولُ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «إِنَّ أَبْوَابَ الْجَنَّةِ تَحْتَ ظِلَالِ السُّيُوفِ»، فَقَامَ رَجُلٌ رَثُّ الْهَيْئَةِ فَقَالَ: يَا أَبَا مُوسَى أنْتَ سَمِعْتَ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ هَذَا؟ قَالَ: نَعَمْ، قَالَ فَرَجَعَ إِلَى أَصْحَابِهِ فَقَالَ: أَقْرَأُ عَلَيْكُمْ السَّلَامَ، ثُمَّ كَسَرَ جَفْنَ سَيْفِهِ فَأَلْقَاهُ ثُمَّ مَشَى بِسَيْفِهِ إِلَى الْعَدُوِّ فَضَرَبَ بِهِ حَتَّى قُتِلَ.
رواه أحمد، ومسلم، والترمذي، وابن حبان.

الفوائد:
🍀 حضّ المؤمن على أن يكون صاحبَ همةٍ مجاهداً لا قاعداً مع الخالفين خائراً.
🍀 كلما اقترب المجاهد من عدوِّه ولاصقه عند منازلته كان أقربَ للجنة ففيه فضيلة الانغماس وطلب الشهادة بذلك.
🍀 الاقتداء بالنبي صلى الله عليه وسلم في التحريض على الجهاد.
🍀 نشر العلم حتى عند مصافّة العدو، وتبليغ الناس بما يناسب حالهم فيه.
🍀 حضور العلماء للقتال ومشاركتهم فيه بأنفسهم وتحريضهم عليه بألسنتهم.
🍀 ضرورة صبر العالِم وعدم تضجُّره وإن روجع للاستيثاق والتأكد والتيقُّن مما قال.

الحديث السادس: عَنْ نُعَيْمِ بْنِ هَمَّارٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ أَنَّ رَجُلا جَاءَ إِلَى النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم، فَقَالَ: أَيُّ الشُّهَدَاءِ أَفْضَلُ؟ قَالَ:
«الَّذِينَ يَلْقُونَ الْقَوْمَ فِي الصَّفِّ فَلاَ يَلْفِتُونَ وُجُوهَهُمْ حَتَّى يُقَتَلُوا، أُولَئِكَ يَتَلَبَّطُونَ فِي الْغُرَفِ الْعُلا مِنَ الْجَنَّةِ، يَضْحَكُ إِلَيْهِمْ رَبُّكَ، وَإِذَا ضَحِكَ رَبُّكَ إِلَى عَبْدٍ فِي مَوْطِنٍ فَلاَ حِسَابَ عَلَيْهِ».
رواه أحمد، وأبو يعلى، والطبراني في الأوسط ومسند الشاميين، وابن أبي عاصم، وصححه الشيخ الألباني.

الفوائد:
☘️ إثبات صفة الضحك لله عز وجل على ما يليق بجلاله.
🍀 تفاضل الشهداء فيما بينهم وأنهم ليسوا على مرتبةٍ واحدة.
🍀 فضل الثبات في نحر العدوِّ ومقاربتهم عند النزال ففيه فضيلة الانغماس أيضاً.
🍀 تضاعف الثواب بصحة القصد وصدقِ عزيمة القلب.

الحديث السابع: عَنِ عبد الله بنِ مَسْعُودٍ رضي الله عنه عَنِ النبي -صلى الله عليه وسلم- قَالَ:
«عَجِبَ رَبُّنَا عَزَّ وَجَلَّ مِنْ رَجُلٍ غَزَا فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَانْهَزَمَ -يَعْنِي أَصْحَابَهُ- فَعَلِمَ مَا عَلَيْهِ فَرَجَعَ حَتَّى أُهَرِيقَ دَمُهُ، فَيَقُولُ اللَّهُ تَعَالَى لِمَلَائِكَتِهِ انْظُرُوا إِلَى عَبْدِي رَجَعَ رَغْبَةً فِيمَا عِنْدِي وَشَفَقَةً مِمَّا عِنْدِي حَتَّى أُهَرِيقَ دَمُهُ».
رواه أحمد، وأبو داود –واللفظ له-، وابن حبان، والحاكم وقال: صحيح الإسناد ولم يخرجاه، والبيهقي، وغيرهم وحسنه الشيخ الألباني.

الفوائد:
🍀 إثبات صفة العَجَب لله عز وجل على ما يليق بجلاله.
🍀 ذكرُ الله لعبده وثناؤه عليه في الملأ الأعلى.
🍀 فضيلة الجمع بين الرغبة والرهبة في الأعمال.
🍀 أن العلمَ النافع هو الذي يورث عملاً بمقتضاه، لقوله : “فعلم ما عليه …إلخ”
🍀 قوة اليقين بالآخرة تورث قوةَ العملِ في الدنيا والصبر على مشاقِّه، والعكس بالعكس.
🍀 فضل القيام بالحق عند تفريط الناس فيه وتضييعهم له.
🍀 اجتماع الناس وتواطؤهم على المعصيةِ لا يُسوِّغُ مشاركتهم فيها، بل الثناء على مُخالِفهم المتميِّز عنهم.
🍀 فيه مشروعية الصمود للعدو استقتالاً وطلباً للشهادة في مثل هذه الصورة.
🍀 قد يكون الحقُّ في غير جانب الكثرة الكاثرة فيصيبه المرء الواحد ويخطئه الجمُّ الغفير.

الحديث الثامن: عن عَبْدِ اللَّهِ بْنِ حُبْشِيٍّ الْخَثْعَمِيِّ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ سُئِلَ: أَيُّ الْقَتْلِ أَشْرَفُ؟ قَالَ:
«مَنْ أُهَرِيقَ دَمُهُ وَعُقِرَ جَوَادُهُ».
رواه أحمد، وأبو داود، والنسائي، والدارمي، والبيهقي، وصححه الشيخ الألباني، ورواه بعضهم بلفظ: أي الجهاد أفضل؟ فأجاب عليه الصلاة والسلام:
«أن يعقر جوادك ويهراق دمك».

الفوائد:
☘️ شرف القتل في سبيل الله وتفاوت الناس فيه.
🍀 قد يكون الثواب على قدر المشقة أو المصاب، وهذا منه.
🍀 التحريض على طلب الشهادة والحرص على مراتبها العالية.
🍀 فضل الثبات عند اللقاء.

الحديث التاسع: عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضيَ الله عنهُ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ:
«مَا يَجِدُ الشَّهِيدُ مِنْ مَسِّ الْقَتْلِ إِلَّا كَمَا يَجِدُ أَحَدُكُمْ مَسَّ الْقَرْصَةِ».
رواه أحمد، والترمذي، والنسائي، وابن ماجه، والدرامي، والبيهقي، وابن حبان، وبعضهم يرويه بلفظ «ألم القتل.. ألم القرصة».

الفوائد:
☘️ فضل الشهادة في سبيل الله تعالى.
🍀 التحريض على طلب القتل في سبيل الله خوفاً من سكرات الموت.
🍀 لو لم يكن في فضل الشهادة إلا هذا لكفى.

الحديث العاشر: عن أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ _رضي الله عنه_ قال: لَمَّا طُعِنَ حَرَامُ بْنُ مِلْحَانَ -وَكَانَ خَالَهُ- يَوْمَ بِئْرِ مَعُونَةَ قَالَ بِالدَّمِ هَكَذَا، فَنَضَحَهُ عَلَى وَجْهِهِ وَرَأْسِهِ، ثُمَّ قَالَ: فُزْتُ وَرَبِّ الْكَعْبَةِ.
رواه البخاري.

الفوائد:
☘️ حصول الشهادة للمسلم وإن قُتِلَ غدراً بغير مواجهةٍ.
🍀 أن نيل الشهادة في سبيل الله أعظمُ فوزٍ للمسلم، فليحرص عليها الصّادقون.
🍀 تحقير الجراح في سبيل الله وآلامِها بالنظر للفرح بتحصيل الشهادة وفوزها.
🍀 تهيؤ الصحابة واستعدادهم لوداع الدنيا في كلِّ لحظةٍ فما أن طُعِنَ حتى نطق بقوله: فزتُ وربِّ الكعبة. فكن مثلهم.

الحديث الحادي عشر: عَنْ رَاشِدِ بْنِ سَعْدٍ عَنْ رَجُلٍ مِنْ أَصْحَابِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، أَنَّ رَجُلًا قَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ مَا بَالُ الْمُؤْمِنِينَ يُفْتَنُونَ فِي قُبُورِهِمْ إِلَّا الشَّهِيدَ؟ قَالَ:
«كَفَى بِبَارِقَةِ السُّيُوفِ عَلَى رَأْسِهِ فِتْنَةً».
رواه النسائي، وأبو نعيم في معرفة الصحابة، وابن أبي عاصم في الجهاد، والديلمي، وصححه الشيخ الألباني.

الفوائد:
☘️ حرص الصحابة رضي الله عنهم على التفقُّه في الدين ومعرفة ما ينفعهم.
🍀 إثبات سؤال القبر وفتنته.
🍀 أن الشهداء لا يفتنون في قبورهم.
🍀 أن ملازمة الجهاد والصبرَ على شدائده علامةُ براءةٍ من النفاق، قال السندي –رحمه الله- : ((أي ثباتهم عند السيوف وبذلهم أرواحهم لله تعالى دليل إيمانهم فلا حاجة إلى السؤال)) اهـ.
🍀 حاجة المجاهد إلى الصبرِ ويقينِ القلبِ وقوة الإيمان.
🍀 أن الجهاد ابتلاء يُمحِّص الصادق من المنافق ويميِّز الخبيث من الطيب.

الحديث الثاني عشر: عَنِ الْمِقْدَامِ بْنِ مَعْدِ يكَرِبَ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم:
«لِلشَّهِيدِ عِنْدَ اللَّهِ سِتُّ خِصَالٍ، يُغْفَرُ لَهُ في أَوَّلِ دَفْعَةٍ، وَيُرَى مَقْعَدَهُ مِنَ الْجَنَّةِ وَيُجَارُ مِنْ عَذَابِ الْقَبْر،ِ وَيَأْمَنُ مِنَ الْفَزَعِ الأَكْبَرِ، وَيُوضَعُ عَلَى رَأْسِهِ تَاجُ الْوَقَارِ، الْيَاقُوتَةُ مِنْهَا خَيْرٌ مِنَ الدُّنْيَا وَمَا فِيهَا، وَيُزَوَّجُ اثْنَتَيْنِ وَسَبْعِينَ زَوْجَةً مِنَ الْحُورِ الْعِينِ، وَيُشَفَّعُ فِى سَبْعِينَ مِنْ أَقَارِبِهِ».
رواه أحمد، والترمذي –واللفظ له-، وابن ماجه، وصححه الشيخ الألباني.

الفوائد:
☘️ فيه ما اختص الله به الشهيد من الفضائل العظيمة من أول مقتله حتى منتهى مستقرِّه.
🍀 إكرام الله للشهيد بتعدِّي فضله حتى شفَّعه في سبعين من أهل بيته.
🍀 مغفرة كل ذنوب الشهيد ومحوُها عند أول صبَّةٍ من دمه إلا ما استثني منها وسيأتي.
🍀 لما سعى الشهيد في بذل روحه لإعزاز الدِّين ورفعته وتعظيمه كافأه الله بإلباسه تاج الوقار الذي هو سبب العزة والعظمة والشرف، ففيه معنى الجزاء من جنس العمل.

الحديث الثالث عشر: عن أبي الدَّرْدَاءِ رضي الله عنه قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم:
«يُشَفَّعُ الشَّهِيدُ فِى سَبْعِينَ مِنْ أَهْلِ بَيْتِهِ».
رواه البزار، و أبو داود، والآجري في الشريعة، وابن حبان، والبيهقي، وصححه الألباني.

الفوائد:
☘️ إكرام الله للشهيد بتعدِّي فضله حتى شفَّعه في سبعين من أهل بيته.

الحديث الرابع عشر: عن جابر بن عبد الله رضي الله عنه قال: قال لي رسول الله صلى الله عليه وسلم:
«أفلَا أُبَشِّرُكَ بِمَا لَقِيَ اللَّهُ بِهِ أَبَاكَ؟» قَالَ: قُلْتُ بَلَى يَا رَسُولَ اللَّهِ، قَالَ: «مَا كَلَّمَ اللَّهُ أَحَدًا قَطُّ إِلَّا مِنْ وَرَاءِ حِجَابٍ، وَأَحْيَا أَبَاكَ فَكَلَّمَهُ كِفَاحًا، فَقَالَ يَا عَبْدِي تَمَنَّ عَلَيَّ أُعْطِكَ، قَالَ: يَا رَبِّ تُحْيِينِي فَأُقْتَلَ فِيكَ ثَانِيَةً، قَالَ الرَّبُّ عَزَّ وَجَلَّ: إِنَّهُ قَدْ سَبَقَ مِنِّي أَنَّهُمْ إِلَيْهَا لَا يُرْجَعُونَ»، قَالَ: وَأُنْزِلَتْ هَذِهِ الْآيَةُ ﴿وَلَا تَحْسَبَنَّ الَّذِينَ قُتِلُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ أَمْوَاتًا﴾.
رواه الترمذي – واللفظ له- وقال : حسن غريب، وابن ماجه، وابن حبان، وابن خزيمة، وغيرهم، ورواه أحمد، والحميدي، وأبو يعلى مختصراً، وحسنه الألباني والأرناؤوط.

الفوائد:
☘️ فضلُ تبشير المؤمن بالخيرِ وتفريج الغمِّ عنه.
🍀 إثبات صفة الكلام لله عز وجل، وأنه يتكلم بما شاء متى شاء وكيف شاء سبحانه.
🍀 سعة فضل الله عز وجل وأنه يخصُّ به من يشاء من عباده.
🍀 عظم منزلة من يقتل في سبيل الله تعالى حيث لم يتمنَّ عبد الله بن حرامٍ شيئاً –مع أن من يكلِّمه رب العزة خالق كلِّ شيءٍ ومالكه– إلا أن يُعاد إلى الدنيا ليقتل مرةً أخرى، فلله كم في الشهادة من سرٍّ لا يُدَرك كنهه إلا بعد معاينته!.
🍀 أن حياةَ البرزخ تختلف عن الحياة الدنيا، فلا تقاس عليها في شيء، ولهذا قال عبد الله (تحييني) أي تردّني حياً إلى الدنيا، وإلا فهو حيٌّ في البرزخ حياة الشهداء يكلِّم الله سبحانه ويسأله.

الحديث الخامس عشر: عَنْ أَنَسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ: أَنَّ رَجُلا أَسْوَدَ أَتَى النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم، فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، إِنِّي رَجُلٌ أَسْوَدُ، مُنْتِنُ الرِّيحِ، قَبِيحُ الْوَجْهِ، لاَ مَالَ لِي، فَإِنْ أَنَا قَاتَلْتُ هَؤُلاءِ حَتَّى أُقْتَلَ، فَأَيْنَ أَنَا؟ قَالَ: «فِي الْجَنَّةِ»، فَقَاتَلَ حَتَّى قُتِلَ، فَأَتَاهُ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم فَقَالَ: «قَدْ بَيَّضَ اللَّهُ وَجْهَكَ، وَطَيَّبَ رِيحَكَ، وَأَكْثَرَ مَالَكَ»، وَقَالَ لِهَذَا أَوْ لِغَيْرِهِ: «لَقَدْ رَأَيْتُ زَوْجَتَهُ مِنَ الْحُورِ الْعِينِ، نَازَعَتْهُ جُبَّةً لَهُ مِنْ صُوفٍ، تَدْخُلُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ جُبَّتِهِ».
رواه الحاكم وقال: هذا حديث صحيح على شرط مسلم ولم يخرجاه، وقال الذهبي: على شرط مسلم، وصححه أيضاً في (تاريخ الإسلام : 2/419)، ورواه البيهقي في (دلائل النبوة 4/303)، وصححه الشيخ الألباني في صحيح الترغيب والترهيب.

الفوائد:
☘️ استيثاق الصحابة من أن طريق القتال الذي يسلكونه خاتمته الجنة، لقوله: “فَإِنْ أَنَا قَاتَلْتُ هَؤُلاءِ حَتَّى أُقْتَلَ، فَأَيْنَ أَنَا؟”، ففيه ضرورة أن يكون المجاهد على بينةٍ من أمر قتاله.
🍀 ما ذكره الرجل من صفاته، ثم ما نال من الفوز والكرامة فيه معنى قول النبي صلى الله عليه وسلم: «إن الله لا ينظر إلى صوركم ولا أموالكم ولكن ينظر إلى قلوبكم وأعمالكم» رواه مسلم.
🍀 قوله “حتى أقتل” يحتمل أن تكون (حتى) هنا تعليلية يعني لأجل أن أقتلَ، ويحتمل أن تكون غائية، أي أثبتُ وأستمرُّ في قتالهم إلى أن أقتلَ، فعلى الأول تدل على جواز القتال طلباً للشهادةِ وقصداً لها، وعلى الثاني تدل على هذا وعلى فضل الثبات والمصابرة والاستمرار في الجهاد.
🍀 تغليب إحسان الظن بالمسلمين، وذلك أن النبي صلى الله عليه وسلم لم يحمل ما ذكره الرجل من أوصافه –ومنها “لا مال لي”– على طلبه القتل تضجُّراً من حاله ولا جزعاً من ضائقته، بل أجراه على السلامة في القصد والصدق في الطلب.
🍀 مبادرة نزول الحور العين لزوجها الشهيد قبل حمله من مصرعه.

الحديث السادس عشر: عَنْ مَسْرُوقٍ قَالَ: سَأَلْنَا عَبْدَ اللَّهِ _يقصد ابن مسعود_ عَنْ هَذِهِ الْآيَةِ ﴿وَلَا تَحْسَبَنَّ الَّذِينَ قُتِلُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ أَمْوَاتًا بَلْ أَحْيَاءٌ عِنْدَ رَبِّهِمْ يُرْزَقُونَ﴾ قَالَ: أَمَا إِنَّا قَدْ سَأَلْنَا عَنْ ذَلِكَ فَقَالَ: «أَرْوَاحُهُمْ فِي جَوْفِ طَيْرٍ خُضْرٍ لَهَا قَنَادِيلُ مُعَلَّقَةٌ بِالْعَرْشِ تَسْرَحُ مِنْ الْجَنَّةِ حَيْثُ شَاءَتْ ثُمَّ تَأْوِي إِلَى تِلْكَ الْقَنَادِيلِ، فَاطَّلَعَ إِلَيْهِمْ رَبُّهُمْ اطِّلَاعَةً فَقَالَ: هَلْ تَشْتَهُونَ شَيْئًا؟ قَالُوا: أَيَّ شَيْءٍ نَشْتَهِي وَنَحْنُ نَسْرَحُ مِنْ الْجَنَّةِ حَيْثُ شِئْنَا!، فَفَعَلَ ذَلِكَ بِهِمْ ثَلَاثَ مَرَّاتٍ، فَلَمَّا رَأَوْا أَنَّهُمْ لَنْ يُتْرَكُوا مِنْ أَنْ يُسْأَلُوا قَالُوا: يَا رَبِّ نُرِيدُ أَنْ تَرُدَّ أَرْوَاحَنَا فِي أَجْسَادِنَا حَتَّى نُقْتَلَ فِي سَبِيلِكَ مَرَّةً أُخْرَى فَلَمَّا رَأَى أَنْ لَيْسَ لَهُمْ حَاجَةٌ تُرِكُوا».
رواه مسلم، والترمذي وقال: حسن صحيح، وابن ماجه، والطبراني، وغيرهم.

الفوائد:
☘️ ثبوت الحياة للشهداءِ بعد مقتلهم، وأنها حياةٌ حقيقية فيها رزقٌ وفرحٌ وسرحٌ وكلامٌ.
🍀 أن هذا الفضل إنما هو للمخلصين الذين كان قتالهم ومقتلهم في سبيل الله أي لإعلاء كلمة الله، فالآية دالةٌ على عِظم الإخلاص وأهميته.
🍀 علوُّ منزلة بعضِ الشهداء في البرزخ حيث يكون مأوى أرواحهم قناديل معلَّقة بالعرش نسأل الله من فضله.
🍀 إكرام الله للشهداء ومخاطبته لهم وترغيبه عز وجل إياهم في سؤاله وتكراره ذلك عليهم.
🍀 أن الشهداء في غاية التنعُّم والهناءِ حيث قالوا : “وأي شيء نشتهي …إلخ”
🍀 أن للشهادة في سبيل الله تعالى لذةً وكرامةً يتمنى معها الشهيد تكرار القتل مرات ومرات.

الحديث السابع عشر: عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ رضي الله عنهما قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:
«لَمَّا أُصِيبَ إِخْوَانُكُمْ بِأُحُدٍ جَعَلَ اللَّهُ أَرْوَاحَهُمْ فِي جَوْفِ طَيْرٍ خُضْرٍ تَرِدُ أَنْهَارَ الْجَنَّةِ تَأْكُلُ مِنْ ثِمَارِهَا، وَتَأْوِي إِلَى قَنَادِيلَ مِنْ ذَهَبٍ مُعَلَّقَةٍ فِي ظِلِّ الْعَرْشِ، فَلَمَّا وَجَدُوا طِيبَ مَأْكَلِهِمْ وَمَشْرَبِهِمْ وَمَقِيلِهِمْ قَالُوا: مَنْ يُبَلِّغُ إِخْوَانَنَا عَنَّا أَنَّا أَحْيَاءٌ فِي الْجَنَّةِ نُرْزَقُ؛ لِئَلَّا يَزْهَدُوا فِي الْجِهَادِ، وَلَا يَنْكُلُوا عِنْدَ الْحَرْبِ، فَقَالَ اللَّهُ سُبْحَانَهُ أَنَا أُبَلِّغُهُمْ عَنْكُمْ، قَالَ فَأَنْزَلَ اللَّهُ: ﴿وَلَا تَحْسَبَنَّ الَّذِينَ قُتِلُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ أَمْوَاتًا بَلْ أَحْيَاءٌ﴾ إِلَى آخِرِ الْآيَةِ».
رواه أحمد، وأبو داود، والحاكم وقال: صحيح على شرط مسلم ولم يخرجاه، ووافقه الذهبي، ورواه البيهقي، والضياء المقدسي بألفاظ متقاربة.

الفوائد:
☘️ ثبوت حياة الشهداء وأنهم يأكلون ويشربون ويكلِّمون ويكلَّمون.
🍀 أن القناديل المعلَّقة في ظل العرش من الذهب.
🍀 استمتاعهم بأنهار الجنة وثمارها وظلالها، قال الملا القاري: ((ترد أنهار الجنة من الماء واللبن والعسل والشراب الطهور))اهـ.
🍀 عظم عبادة الجهاد وفوز سالك طريقه وغُبن الزاهد فيه الناكل عنه المضيِّع له.
🍀 حرص شهداء الصحابة على إيصال الخير لإخوانهم حتى أخبر الله عنهم وبلَّغ رسالتهم.
🍀 استيقان المرء بعاقبة الشهادة تقويه على عبادة الجهاد وتخفف عنه شدائده لقولهم : “ليت إخواننا يعلمون بما صنع الله…إلخ”.
🍀 فضل شهداء أحد وعلو منزلتهم.

بقية

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى