قَالَتْ نَمْلَةٌ |الركن الدعوي | مجلة بلاغ العدد 20 جمادى الآخرة 1442

قَالَتْ نَمْلَةٌ.. - بَقِيَّة..

بَقِيَّة..

{قَالَتْ نَمْلَةٌ يَاأَيُّهَا النَّمْلُ ادْخُلُوا مَسَاكِنَكُمْ لَا يَحْطِمَنَّكُمْ سُلَيْمَانُ وَجُنُودُهُ وَهُمْ لَا يَشْعُرُونَ}.

في منتصف عام 2000 انسحب الجيش الصهيوني من جنوب لبنان في مشاهد حرص حزب الله اللبناني حينها على تصويرها أنها الانتصار الأعظم للثورة والاتجاه الإسلامي الشيعي، في توجيه وتأثير على أهل السنة عموماً ربما شابه تأثير ثورة الخميني حينها على أهل السنة، وحيث إني كنت حينها في منطقة تعرف الشيعة وتبغضهم وتبغض دينهم ولا تكاد تخالطهم، إلا أن تأثير النصر المزعوم في الجنوب اللبناني كان له تأثير كبير!! وانتشرت الصور للمجرم مسؤول الحزب وارتفعت الأصوات المدافعة عن الشيعة وتأسلموا من قبل المتفيهقين..

ولا زلت أذكر حدة بعض المناقشات مع الناس دفاعاً عنهم وأقلها إعذاراً لهم!! وتطور الأمر بحالة طبيعية ليشمل الدفاع عن كل الشيعة وليس الحزب فقط على اعتبار أن الإثنا عشرية هم أقرب الرافضة لأهل السنة (ولا أعلم مصدر اعتبارهم!!).

استغل الرافضة الحدث استغلالاً عظيماً، وكانت السفارة الإيرانية تتدخل علناً وبشكل صريح، والمال (الشيعي) يُرمى رمياً (كما يقال)، والمحاضرات والندوات وترميم وخدمة المساجد ووو..

لم يطل الأمر لتندلع حرب أفغانستان ثمَّ حرب العراق، والتي ظهر للجميع حينها عمالة الرافضة وخيانتهم لأوطانهم وغدرهم، وكيف كانوا سلاح الاحتلال الفتاك.. ولا زلت أذكر حينما أوقفني سائق مركبة كان قد وضع عليها صورة المجرم مسؤول الحزب -وكان يعرفني ويظنُّ بي خيراً- فسألني متألماً خائفاً من تبعات الأمر الأمنية: دلَّني على طريقة أخلع بها هذه الصورة النتنة.

ثمَّ جاءت حرب “تموز”.. وكعادته استغلَّ الحزب الحربَ استغلالاً مبهراً لتعود أسهمه عند أهل السنة لتناطح السُحب!!

لكن.. سبحان الله.. يُقدِمُ المجرمون في العراق على إعدام “صدام حسين” في صباح يوم عيد الأضحى وبثِّ ذلك على الإعلام في رسالة صريحة وواضحة لأهل السنة، والذين فهموها بفضل الله فانقلبت الموازين وعاد الحقُّ ظاهراً جلياً.

وإني لأذكر كيف كنتُ أُخوَّنُ لما أهاجمُ الحزب ودَجلهُ في فترة ما بعد حرب “تموز”.. وكيف صرت أسمع الشتائم والدعاء عليهم بعد إعدام “صدام حسين”.

ثمَّ نسي الناس.. لتأتي حروب “غزة” لتعيد للقلوب وتبين للعقول كذب الحزب ونفاقه وخذلانه.. وتعود الذكرى..

ثمَّ كانت الفاضحة!! ثورة الشام.. والتي صار فيها من لا يعادي الرافضة متَّهماً في دينه.

ومثالٌ آخر على قياس الاعتبار فقط.. فقد بلغت حركة حماس من المجد والسؤدد في قلوب المسلمين أيَّ مبلغ!! وكانت لها في الشام منزلة القلادة من العِقد، وحتى بين “الإسلاميين” كانت مادة فوق الدستور..

كنتَ تحتاج إلى مقدمات كثيرة حتى لا يُساء فهم نصيحة معينة عن حماس وأتباعها!! ولا زلتُ أذكر غضبَ أصحابي “الحمساويين” عند كل انتقاد أو اعتراض مع علمهم بحبي لحركة حماس ودفاعي عنها كثيراً علناً في عدة مواقف!!

ودارت الأيام.. فأين نرى مكانة “حماس” اليوم في قلوب مسلمي الشام!!

وبينما أكتب هذه الكلمات أطلَّ حزب “العدالة والتنمية” المغربي بخيانة تجويز “التطبيع” مع الصهاينة في فلسطين!!.

ضربتُ مثالي “الحزب” و”حماس” كمثالين اجتاحا قلوب المسلمين وعقولهم محبة وإعجاباً ثم كيف هم اليوم!! وكذلك المثال المشهور “جماعة الدولة” كيف اجتاحت أراضي المسلمين وأموالهم بطشاً وإجراماً ثم كيف هم اليوم!!

ثمَّ في الضفة الأخرى من المثال، كيف تعامل النبيُّ القائد مع نعمة “التأييد”.. كان نبيِّاً ملِكاً حُشِرَت له جُنُودُهُ مِنَ الْجِنِّ وَالْإِنسِ وَالطَّيْرِ فَهُمْ يُوزَعُونَ!! وسُخِّرت له الدنيا وما فيها، ثمَّ مع ذلك يستمعُ لـ “نملة”!! وليس استماع المستكبر المستغني، بل استماع الْمُعتَبِر الْمُتَّعظ، ولذلك كان ردُّه عليه الصلاة والسلام {رَبِّ أَوْزِعْنِي أَنْ أَشْكُرَ نِعْمَتَكَ الَّتِي أَنْعَمْتَ عَلَيَّ وَعَلَى وَالِدَيَّ وَأَنْ أَعْمَلَ صَالِحًا تَرْضَاهُ وَأَدْخِلْنِي بِرَحْمَتِكَ فِي عِبَادِكَ الصَّالِحِينَ}. لقد قرأ رسائل الأقدار من كلمات “نملة” واستشعر التأييد من إعذارها له ولجنوده {وَهُمْ لَا يَشْعُرُونَ}، رغم ما كان فيه عليه السلام من حالة الحرب والاستنفار والضجيج!!

إنَّ الموفَّقَ هو الذي يستطيع أن يستغلَّ ما فتح الله عليه من النِّعم فيما يريده الله من هذه النِّعم، ويقرأ رسائل الله في خَلْقِه وأقداره فيفهم مراد ربه منه فيزداد استبصاراً ويقيناً ويزداد شكراً وإخباتاً..

لم تكن مجرد كلمات “نملة”..

{لَقَدْ كَانَ فِي قَصَصِهِمْ عِبْرَةٌ لِأُولِي الْأَلْبَابِ مَا كَانَ حَدِيثًا يُفْتَرَى وَلَكِنْ تَصْدِيقَ الَّذِي بَيْنَ يَدَيْهِ وَتَفْصِيلَ كُلِّ شَيْءٍ وَهُدًى وَرَحْمَةً لِقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ}.

قَالَتْ نَمْلَةٌ |الركن الدعوي | مجلة بلاغ العدد 20 جمادى الآخرة 1442 بَقِيَّة
قَالَتْ نَمْلَةٌ |الركن الدعوي | مجلة بلاغ العدد 20 جمادى الآخرة 1442
بَقِيَّة

لمتابعة بيقة مقالات مجلة بلاغ العدد 20 جمادى الآخرة 1442

تابع هنا  

وتتساقط الأصنامكلمة التحرير

الركن الدعوي

خيانة أسرة الأسد

– الشيخ محمد سمير

قَالَتْ نَمْلَةٌ..

– بَقِيَّة..

أدب التخفي من الظالم

– الشيخ أبو شعيب طلحة المسير

إغاظة الكفار في الجهاد

– الشيخ أبو حمزة الكردي

 

صدى إدلب

إدلب في شهر جمادى الأولى 1442هـ

– أبو جلال الحموي

لقطة شاشة

– أبو محمد الجنوبي

مواقيت الصلاة في إدلب لشهر جمادى الآخرة 1442هـ

كتابات فكرية

طغيان العقلية البراغماتية

– د. أبو عبد الله الشامي

مفوضية نصر الحريري وعدالة بيدرسون التصالحية.. لحظة النضج؟

– الأستاذ حسين أبو عمر

ديمقراطية الدجال

– الأستاذ أبو يحيى الشامي

 

حماس وإيران؛ وجدلية العلاقة هل هي تقاطع مصالح أم تحالف أم تبعية!

– الأستاذ الزبير أبو معاذ الفلسطيني

ظاهرة التعازي السياسية

– الأستاذ خالد شاكر

الواحة الأدبية

ذكريات ومواقف

1 – الأستاذ غياث الحلبي

 

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى