حافظ الأسد بائع الجولان ||الركن الدعوي |||| مجلة بلاغ العدد الثاني والعشرون شعبان ١٤٤٢ هجرية

عقائد النصيرية 15- حافظ الأسد بائع الجولان

الشيخ: محمد سمير

الحمد لله، والصلاة السلام على رسول الله، وآله وصحبه ومن والاه.. وبعد؛

في أول رمضان مرَّ على الثورة -وكانت لا تزال سلمية- خرجت في مظاهرة انطلقت من جامع الغفران في مدينة حلب، وكان أحد هتافاتها: “ابن الحرام باع الجولان”، ويقصدون بذلك حافظ الأسد لعنه الله، وسيكون مقالنا هذا شرحا وتفصيلا لخيانة حافظ الأسد وحزب البعث في بيعهم الجولان، وسأعتمد في ذلك على كتاب: “سقوط الجولان” لضابط استخبارات الجولان السابق خليل مصطفى الذي دفع حريته ثمنا لصدعه بكلمة الحق وفضحه جريمة البعثيين والطائفيين؛ فقد خُطف من لبنان وأودع زنازين البعث حتى وافته المنية رحمه الله. وننبه إلى أن لخليل مصطفى كتاب آخر يتحدث عن الجولان بعنوان: “من ملفات الجولان” لكني لم أتمكن من العثور عليه.

ولننتقل الآن إلى تفاصيل الجريمة:

إن سقوط الجولان لم يكن نتيجة تفوق العدو وكثرة عدده وضخامة عتاده، كما أنه لم يكن نتيجة قلة في أعداد الجيش السوري أو عوز في تسليحه، بل هو في الحقيقة “مؤامرة متقنة وجريمة متقنة أعدت قبل سنوات طوال” (ص 9).

وقد بدأ الإعداد لتنفيذ هذه المؤامرة منذ أن تسلم حزب البعث السلطة عام 1963 وكانت الخطوة الأولى تسريح الضباط الأكفاء وأصحاب العقيدة والديانة “حتى بلغ مجموع الضباط الذين أخرجوا من الجيش حتى أيار 1967 لا يقل عن ألفي ضابط مع عدد لا يقل عن ضعفه من ضباط الصف القدامى والجنود المتطوعين الذين يشكلون الملاك الحقيقي الفعال لمختلف الاختصاصات في الجيش” (ص30).

وبذلك يكون العمود الفقري للجيش قد قصم وحركته قد شلت، ولملء الفراغ الذي خلفه هذا التسريح الآثم “استبدل بالذين أخرجوا من الجيش (وخاصة الضباط) أعدادا كبيرة جدا من ضباط الاحتياط (الذين سبق لهم أن أدوا خدمة العلم) وجميعهم تقريبا من البعثيين وأكثرهم من أبناء طائفة معينة (العلويين) وبذلك أصبح الجيش مؤسسة بوليسية لقمع الحريات والتنكيل بالشعب، لا جيشا قادرا على صون الحدود والدفاع عن أرض الوطن” (ص30).

ولم تقتصر جريمة البعث على تسريح الضباط المهرة أصحاب الخبرة بل قتلت عددا منهم “وكان أبرز العسكريين الذين قتلوا ظلما النقيب التغلبي والنقيب ممدوح رشيد والملازم نصوح الجاني والعقيد أ.ح كمال مقصوصة… وغصت السجون بالمئات من الضباط والآلاف من باقي العسكريين” (ص31).

وبعد خلو الجيش من القيادات المخلصة الشجاعة تسنم ذروته ضباط لا دين لهم ولا أخلاق ولا مروءة ولا شجاعة، فأضاعوا جهد سنين طويلة وأموالا طائلة بذلت في تحصين الجولان وإعداده للمعركة المرتقبة “ولو أن الجيش (البطل) صمد في وجه العدو ساعة عن كل مليون من الليرات التي أنفقها في تحصين الجبهة وتقويتها لكان أدى الأمانة التي تصدى لحملها عشرين عاما قبل النكبة الأخيرة، ولكان قد أسهم في تحطيم أسطورة التفوق العسكري للعدو” (ص60).

“الجبهة محصنة تحصينا فريدا من نوعه، كل شبر من أرضها مضروب بالنيران، وكل ثغرة بين موقعين دفاعيين محمية بالألغام، والألغام مضروبة بالنيران على كل محور يمكن أن يتقدم منه العدو، حضرت الرمايات الهائلة من مختلف الأسلحة، وزرعت الأجساد والأسلحة بكثافة تدعو للدهشة، كل ذلك من أجل ساعة خطر كالتي وقعت في حزيران العار، ولكن جيش (معلمي المدارس) هرب ولم يقاتل” (ص60).

لقد اتخذ في تحصين الجولان أسوأ الاحتمالات في الحسبان “ففي النقاط التي تشكل ممرات إجبارية على الطرق وضعت الملاغم بحيث لو نسفت سدت الطريق أمام الآليات، وتضع العدو ساعات طوالا تحت رحمة نيراننا في انتظار مرير مشحون بالخسائر والضحايا، ريثما يقوم بإصلاح المخرب لمعاودة التقدم” (ص68).

ولا بد من بعض التصريحات العنترية الجوفاء من أجل تخدير الشعب وضمان أنه لن يأخذ أهبته ويدافع عن أرضه، فالجيش الباسل على أتم الاستعداد لتحطيم إسرائيل وإزالتها من الخارطة، حتى لو تدخل الأسطول الأمريكي؛ ففي تصريح رسمي لوزير الدفاع حافظ الأسد قال: “إن الوقت قد حان لخوض معركة تحرير فلسطين، وإن القوات السورية المسلحة أصبحت جاهزة ومستعدة ليس فقط لرد العدوان الإسرائيلي وإنما للمبادرة لعملية التحرير بالذات ونسف الوجود الصهيوني من الوطن العربي..، إننا أخذنا بعين الاعتبار تدخل الأسطول الأمريكي السادس” (ص95).

وعند بدء المعركة “أخذت القوات السورية وضع الترقب دونما تحريك لساكن على الجبهة، بل اكتفت بالبلاغات (كاذبها وصادقها الله يعلم)، ودامت الحال هكذا طيلة يوم 5 حزيران 1967” (ص96).

وفي 6 حزيران حُركت بعض القوات بشكل غبي جدا “فاختلط الحابل بالنابل وعجت الطرق بالآليات والقوات والأسلحة المقطورة، فكان ذلك كله هدفا (لقطة) للطيران الإسرائيلي، فأخذ يتسلى بضرب هذه القوات بالرشاشات والقنابل وصواريخ النابالم، وكانت كارثة حطمت الهجوم وأفرغت المواقع الدفاعية من حماتها وتركت الأرض عراء أمام العدو” (ص99).

أما الطيران السوري فكان أشد حياء من الفتاة المدللة في بيت أبويها، ولشدة حيائه فإنه “لم يظهر في سماء المعركة أبدا، وكل ما قام به هو طلعات متفرقة نفذتها مجموعات تتألف كل منها من أربع إلى ست طائرات اتجهت نحو فلسطين المحتلة يوم 5 حزيران، وأذاعت إذاعة دمشق أنها قامت بضرب أهداف في داخل الأراضي المحتلة، وبعد هذا وطيلة أيام الحرب المسرحية اختفى اسم الطيران ولم يظهر إلا بعد انتهاء الحرب” (ص99).

وفي “8 حزيران بدأت الشائعات تسري سريان النار في الهشيم عن أوامر صدرت بالانسحاب، وبدلا من أن يملك القادة أمرهم ويضبطوا أعصابهم ويبقوا في أماكنهم ينفذون واجبهم.. بدأ قسم من الضباط وحتى القادة الانسحاب، ولكي تشيع الجريمة ساهموا بنشر تلك الشائعات عن أوامر صدرت من القيادة العامة تنص على الانسحاب كيفيا، ويا لهول ذلك الذي حدث، فقائد الجيش اللواء أحمد سويداني انهزم عن طريق نوى إلى دمشق تاركا وحدات الجبهة ووحدات احتياط الجيش دون قيادة، واقعة في حيرة من أمرها، وقائد الجبهة أحمد المير غادر الجبهة فارا على ظهر حمار؛ لأنه لم يجرؤ على الفرار بواسطة آلية عسكرية، فالطيران المعادي كان يقضي على كل آلية يراها مهما صغر شأنها” (ص100 – 101).

“اتصل عدد من الضباط بقائد الجبهة قبل فراره، فرفض التصرف وقال لهم بالحرف الواحد: أنا لست قائد الجبهة، اتصلوا بوزير الدفاع، فأقيم الاتصال مع وزير الدفاع بواسطة الأجهزة اللاسلكية فأجاب وزير الدفاع: أنه قد أخذ علما بالوضع وأنه قد اتخذ الإجراءات اللازمة!!” (ص101).

و “عند فقدان كل الاتصالات وانفراط عقد السيطرة القيادية الذي كان ينظم الوحدات كلها أخذ كل من القادة الصغار يتصرف حسب هواه أو حسب بداهته، فالكثيرون هربوا، نعم هربوا وأعطوا الأوامر لجنودهم بالهروب، والقلائل جدا -وهم من غير البعثيين- صمدوا وقاتلوا” (ص102).

“المهم أن الهرب من القتال وتولية الدبر للعدو قد بدأ منذ مساء الخميس 8 حزيران، وبدأ يستشري ويتسع ويمتد حتى بلغ ذروة تفاقمه يوم السبت 10 حزيران بعد إذاعة البيان الفاجر الذي أعلن سقوط القنيطرة، ولم يك جند العدو قد رأوها بأعينهم بعد بَلْه أن تكون أقدامهم وطئت أرضها” (ص102).

ولنذكر هنا أثر البلاغ الفاجر الذي صدر “من إذاعة حزب البعث في دمشق يعلن سقوط القنيطرة بيد قوات العدو، ويحمل توقيع وزير الدفاع اللواء حافظ الأسد، ويحمل الرقم 66، وكان هذا البيان هو طلقة الخلاص سددتها يد مجرم إلى رأس كل مقاومة استمرت في وجه العدو رغم تلك المخازي، فانهارت واستسلمت المقاومات الفردية المعزولة أو استشهد رجالنا، وعلم الجميع أن لا أمل في متابعة القتال؛ لأن القيادة البعثية قد أنهت كل شيء وسلمت للعدو الإسرائيلي مفاتيح أحصن وأمنع قطعة من أرض العرب” (ص106).

وليت حافظ الأسد وحزبه شعروا بالحياء والخجل بعد هذا الذل والعار، أو على الأقل لاذت أبواقهم الإعلامية بالصمت، ولكنهم -ويا للوقاحة- اعتبروا ما جرى بطولات تفوق كل بطولة! فقد نشرت جريدة الثورة: “إن القتال الذي دار في القنيطرة بين القوات السورية المعززة بقوات الجيش الشعبي وبين القوات الإسرائيلية يفوق قتال ستالينجراد وبورسعيد، ووصفت ذلك القتال جريدتا البعث والثورة بأنه أشرف قتال عرفه التاريخ الحديث” (ص161).

بل إن وزير الخارجية إبراهيم ماخوس صرح وبصفاقة شديدة قائلا: “ليس مهما أن يحتل العدو دمشق أو حتى حمص وإدلب، فهذه جميعا أراض يمكن تعويضها وأبنية يمكن إعادتها، أما إذا قضى على حزب البعث فكيف يمكن تعويضه وهو أمل الأمة العربية” (ص190).

فهذا موجز مختصر لجريمة حافظ الأسد وحزبه الآثم، ومن أراد التوسع فليرجع الى كتاب “سقوط الجولان”.

والحمد لله رب العالمين.

 حافظ الأسد بائع الجولان ||الركن الدعوي |||| مجلة بلاغ العدد الثاني والعشرون شعبان ١٤٤٢ هجرية الشيخ محمد سمير

حافظ الأسد بائع الجولان ||الركن الدعوي |||| مجلة بلاغ العدد الثاني والعشرون شعبان ١٤٤٢ هجرية
الشيخ محمد سمير
 حافظ الأسد بائع الجولان ||الركن الدعوي |||| مجلة بلاغ العدد الثاني والعشرون شعبان ١٤٤٢ هجرية الشيخ محمد سمير
حافظ الأسد بائع الجولان ||الركن الدعوي |||| مجلة بلاغ العدد الثاني والعشرون شعبان ١٤٤٢ هجرية الشيخ محمد سمير

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى