حالة الاستقطاب بين أهل السنة بشأن ضرب الصهاينة للحزب
في البداية، جزى الله خيرا الدكتور إياد قنيبي والأستاذ أحمد السيد على ما تكلما به حول موضوع “الموقف من أحداث لبنان”، فقد تكلما بكلام متوازن موفَق -تقبل الله منهما- كما تكلم غيرهما بكلام طيب أيضا؛ إلا أن الحالة العامة تحولت إلى حالة استقطاب حاد وتنازع وتراشق تهم بين أهل السنة؛ للأسف!
فكان لا بد من إيضاح نقاط:
الأولى: القول بأن إيران وميليشياتها دخلوا الحرب كجبهة إسناد لغزة..
والحقيقة، في هذا الكلام تضليل للرأي العام، والحقيقة أن إيران وميليشياتها لم يشاركوا في الحرب كجبهة إسناد لغزة، وإنما شاركوا فيها لسببين:
الأول: لأن مشروعهم التوسعي قائم على المتاجرة بقضية فلسطين وبالمقاومة، وبقاؤهم متفرجين يضعهم في حرج كبير وتشكيك أمام الأتباع.
الثاني: أنهم رأوا ابتداءً في الحرب فرصة لتحقيق بعض المكاسب الخاصة: الحزب في قضية ترسيم الحدود مع الكيان، والإيرانيون في إحياء الاتفاق النووي، ورفع العقوبات؛ والطرف الآخر لعب عليهم في ذلك، فكان يعطيهم أملا زائفا..
ولذلك، بقوا أثناء الحرب ضمن قواعد إشتباك صارمة، لا يتخطونها، ولم يسمحوا حتى لغيرهم بتخطيها -حتى انتقدهم أكثر من واحد من قيادات حماس على مشاركتهم الخجولة- بقوا على هذه الحال بالرغم من تخطي الكيان لكل هذه القواعد، بل وتخطيه حتى للأعراف الدبلوماسية، عندما قصف قنصلية إيران في دمشق!!.
النقطة الثانية: أن الصهاينة سيتوقفون عن استهداف الحزب بمجرد تخلي الحزب عن غزة، وتوقفه عن القصف، وأن الحزب هو من يرفض!
وهذا الكلام غير صحيح، وفيه تضليل أيضا..
في بداية الحرب كان عند الأمريكيين واليهود تخوف حقيقي من توسع الحرب؛ ولذلك مارسوا استراتيجيتين لابقائهم عند مستوى معين من الاشتباك:
الأولى: حشد واستعراض القوة والتلويح باستعمالها لأبعد حد في حال تدخلهم بشكل حقيقي.
الثانية: أعطوهم أملا زائفا، فكان المبعوث الأمريكي هوكشتاين أكثر الوقت في لبنان، ويتحدث عن أن: “الكل متفق على تجنيب لبنان الحرب”، بل وغالبا كان يمنيهم بمكاسب لو التزموا بقواعد الاشتباك؛ فأبقوهم خارج المعركة حتى دمر الصهاينة غزة، ثم استداروا عليهم، ولن يتوقفوا حتى لو أوقف الحزب القصف، وضبط الحدود..
والعجيب❗️أن الأمريكيين طرحوا مبادرة هدنة لـ 21 يوما قبل اغتيال حسن نصر الله بيومين فقط!! وقرار تصفيته تم اتخاذه قبل ذلك بأيام، كما خرج في التسريبات.. مارسوا عليهم التضليل والتخدير إلى هذا الحد!!
📌وحاليا، يتعرض الحزب لعملية إزالة وجود، وتتعرض حاضنته لمجازر، ومن البديهي أن يكون قد جهز سلاحا غير تقليدي لمثل هذه اللحظة لردع “الأعداء”؛ فلِم لا يمطر الحزبُ تل أبيب وغيرها من مدن الكيان بأسلحة غير تقليدية، أو حتى فقط يهدد بما يُفهم منه النية باستعمالها⁉️ أم أن الكيماوي مخصص فقط للاستعمال ضد أطفالنا ونسائنا وشيوخنا الضعفاء⁉️
النقطة الثالثة: رفضنا للترويج لهم لا يعني أننا لم نتمنى تورطهم في الحرب، بل على العكس؛ كنا نتمنى تورطهم منذ البداية في الحرب، وأن يَستنزفوا الصهاينة، ويخففوا عن أهلنا في غزة؛ لكن الأماني شيء والواقع شيء آخر..
📌النقطة الأخيرة: يجب ألا نغفل عن ضرر انتصار الصهاينة في هذه الحرب على أهلنا في غزة -نصرهم الله على عدوهم-، وعلى أهلنا في باقي المناطق الفلسطينية، بل وعلى المنطقة برمتها، وحتى مناطقنا المحررة لن تسلم منه في المدى المتوسط وليس حتى البعيد؛ ولو رأى البعض في الواقع فائدة آنية، إلا أن المآل لن يكون إلى خير؛ إذا لم يجهز أهل السنة أنفسهم.. صهاينة البيت الأسود وصهاينة اليهود لم يرضوا بالغنوشي، ولا وحتى بطارق الهاشمي، ولا بالجبهة الجنوبية، ولا، ولا… فكيف سيرضون بالمناطق المحررة؟!
ما يحتاجه أهل السنة الآن هو التوقف عن تراشق التهم، والتكاتف وإعداد العدة لأيام صعبة قادمة؛ فنحن مقبلون على واقع أمني وسياسي وديني وثقافي خطير جدا، والله أعلم.
نسأل الله أن يهلك أعداءه أجمعين، وأن يهيئ لأهل السنة أمر رشد.