الإعلان الدستوري وأحكام الإسلام مجلة بلاغ العدد ٧٢ – ذو القعدة ١٤٤٦ هـ

الأستاذ: حسين أبو عمر

تنص المادة 10 من الإعلان الدستوري:

“المواطنون متساوون أمام القانون في الحقوق والواجبات، من دون تمييز بينهم في العرق أو الدين أو الجنس أو النسب”.

بينما أحكام الإسلام لا تساوي بين المسلم والكافر بهذا الإطلاق، لا في الحقوق ولا في الواجبات..

قال تعالى: {قَاتِلُوا الَّذِينَ لَا يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَلَا بِالْيَوْمِ الْآخِرِ وَلَا يُحَرِّمُونَ مَا حَرَّمَ اللَّهُ وَرَسُولُهُ وَلَا يَدِينُونَ دِينَ الْحَقِّ مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ حَتَّىٰ يُعْطُوا الْجِزْيَةَ عَن يَدٍ وَهُمْ صَاغِرُونَ} [التوبة:29]

وقال النبي صلى الله عليه وسلم: «لا يُقتل مسلم بكافر» صحيح البخاري.

المادة 12 من الإعلان الدستوري:

“2 – تعد جميع الحقوق والحريات المنصوص عليها في المعاهدات والمواثيق والاتفاقيات الدولية لحقوق الإنسان التي صادقت عليها الجمهورية العربية السورية جزءًا لا يتجزأ من هذا الإعلان الدستوري”.

وضع مثل هذه المادة في الإعلان الدستوري أمر خطير جدا، فالجمهورية العربية السورية مصادقة مثلًا على ((العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية))

والذي تنص المادة 18 منه على:

“لكل إنسان حق في حرية الفكر والوجدان والدين. ويشمل ذلك حريته في أن يدين بدين ما، وحريته في اعتناق أي دين أو معتقد يختاره، وحريته في إظهار دينه أو معتقده بالتعبد وإقامة الشعائر والممارسة والتعليم، بمفرده أو مع جماعة، وأمام الملأ أو على حدة”.

فللإنسان، وفق هذه المادة، حرية اعتناق أي دين أو معتقد يختاره: فله حرية أن يعبد البقر، أو الفرج، أو حتى أن يعبد الشيطان!! ويحق له وفق هذه المادة ممارسة ذلك أمام الملأ!!

وتنص المادة 19 منه على:

“1. لكل إنسان حق في اعتناق آراء دون مضايقة”.

“2. لكل إنسان حق في حرية التعبير. ويشمل هذا الحق حريته في التماس مختلف ضروب المعلومات والأفكار وتلقيها ونقلها إلى آخرين دونما اعتبار للحدود”.

له أن يتبنى ماشاء من الأفكار، فله مثلا أن يتبنى «الشيوعية» أو «الداروينية» أو ما شاء من الأفكار، وليس فقط ذاك! وإنما له الحق في نقلها للآخرين أيضا!!

وحتى لا يتحدث أحد عن تقييدات أو ضوابط… تنص المادة 5 من «العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية» على:

“1. ليس في هذا العهد أي حكم يجوز تأويله على نحو يفيد انطواءه على حق لأي دولة أو جماعة أو شخص بمباشرة أي نشاط أو القيام بأي عمل يهدف إلى إهدار أي من الحقوق أو الحريات المعترف بها في هذا العهد أو إلى فرض قيود عليها أوسع من تلك المنصوص عليها فيه”.

فتضمين مثل هذه الاتفاقيات في الإعلان الدستوري هو أمرٌ خطيرٌ جدًا، ولا توجد ضرورة تقتضي وضع مثل هذه المادة في الإعلان الدستوري.

المادة 51 من الإعلان الدستوري:

“يستمر العمل بالقوانين النافذة ما لم يتم تعديلها أو إلغاؤها”

أي قوانين نظام بشار المصادمة للقرآن ولأحكام الإسلام!!

إعلانٌ لا تعلو فيه أحكام الإسلام، وليست كلمة الله هي العليا فيه، إنما العلو فيه لأهواء البشر، بالإضافة لتضمنه موادا مناقضة لأحكام الإسلام بشكل صريح؛ ذكرنا بعضها على سبيل المثال لا الحصر؛ بينما الإسلام يأبى كل الإباء أن تكون أهواء البشر فوق أحكام الإسلام، بل إن الله -عز وجل- لا يرضى أن تكون الأديان الأخرى عالية على دين الإسلام، فكيف بأهواء البشر!!

قال تعالى: {هُوَ الَّذِي أَرْسَلَ رَسُولَهُ بِالْهُدَىٰ وَدِينِ الْحَقِّ لِيُظْهِرَهُ عَلَى الدِّينِ كُلِّهِ وَلَوْ كَرِهَ الْمُشْرِكُونَ} [الصف:9].

والخير كل الخير، والمصلحة كل المصلحة في إقامة حكم الله، والانقياد له في أمره ونهيه، قال تعالى: {وَلَوْ أَنَّا كَتَبْنَا عَلَيْهِمْ أَنِ اقْتُلُوا أَنفُسَكُمْ أَوِ اخْرُجُوا مِن دِيَارِكُم مَّا فَعَلُوهُ إِلَّا قَلِيلٌ مِّنْهُمْ ۖ وَلَوْ أَنَّهُمْ فَعَلُوا مَا يُوعَظُونَ بِهِ لَكَانَ خَيْرًا لَّهُمْ وَأَشَدَّ تَثْبِيتًا * وَإِذًا لَّآتَيْنَاهُم مِّن لَّدُنَّا أَجْرًا عَظِيمًا * وَلَهَدَيْنَاهُمْ صِرَاطًا مُّسْتَقِيمًا * وَمَن يُطِعِ اللَّهَ وَالرَّسُولَ فَأُولَٰئِكَ مَعَ الَّذِينَ أَنْعَمَ اللَّهُ عَلَيْهِم مِّنَ النَّبِيِّينَ وَالصِّدِّيقِينَ وَالشُّهَدَاءِ وَالصَّالِحِينَ ۚ وَحَسُنَ أُولَٰئِكَ رَفِيقًا * ذَٰلِكَ الْفَضْلُ مِنَ اللَّهِ ۚ وَكَفَىٰ بِاللَّهِ عَلِيمًا} [النساء: 70-66].

والعجيب! أن باقي الطوائف تشترط اليوم موادًا فوق دستورية تؤثر على شكل الحكم، وتضمن لها مكتسبات، بينما لا تشترط الأكثرية المسلمة، التي تحملت لوحدها كل التضحيات خلال سنوات الثورة أن تكون شريعة ربها مادة فوق دستورية!! نحن ما قاتلنا وقدمنا ما قدمنا من التضحيات إلا لتكون كلمة الله هي العليا في كل شيء: في الهوية، وفي القضاء، وفي السياسة، وفي الاقتصاد، وفي التعليم، وفي الإعلام، وفي كل مناحي الحياة..

قال تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا ادْخُلُوا فِي السِّلْمِ كَافَّةً وَلَا تَتَّبِعُوا خُطُوَاتِ الشَّيْطَانِ ۚ إِنَّهُ لَكُمْ عَدُوٌّ مُّبِينٌ} [البقرة:208] وهاهنا لطيفة، في أن الآية التي تأمرنا بالدخول في كافة شرائع الإسلام، تنهانا عن اتباع خطوات الشيطان؛ لأن الشيطان لا يأتي للإنسان يطلب منه ترك كل شيء مباشرة، وإنما يسلك معه سبيل التنازل خطوة خطوة، بالتدرج؛ وكم ممن ادعى التدرج في تطبيق أحكام الشريعة، كان يتدرج في حقيقته يتدرج في الانسلاخ منها!

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى