اصطفاءٌ يجلّي الحقائق، وأبلغ وأوعظ من كلّ الرقائق، كأنّها سرٌ من أسرار الله في الجهاد،
رجعنا قبل قليل من دفن رجل من رجال بلاد الحرمين، وشهمٍ من شهامها، نفر قبل بضع سنوات نصرةً لأهل الشام، ولم يزل منذ قدومه ثابتاً على هذا الأصل العظيم والهدف النبيل، فمذ وطأت قدمه أرض الجهاد لم يترك ثغر العسكرة، ولم يحد عن الالتزام بما يتعلّق بها..
استمرّ منتظماً ملتزماً بأعماله، مؤدياً مهامّه ومصابراً ومرابطاً عليها، حتى اصطفاه الله للشهاده -نحسبه- مقبلاً غير مدبر..
اجتمع النُزّاع من القبائل، وتوافد الأحباب والصحاب، فما إن وصل جثمانه الطاهر حتى كان في قبره وإخوانه من حوله لهم خنين يغالبونه ودمع يناكفونه، وذهول من كون أخينا هو أوّل شهيد في معركة #ردع_العدوان من بلاد الحرمين في ثاني أيام المعارك.
ما أحقر الدنيا والله!
تتلاشى صغيرةً حقيرةً عند دفن أخ وتوديعه، وتقزم كأشدّ ما تكون عندما تحثو التراب على من تحب وتصاحب، وتكون على حقيقتها عندما يتفرق الجمع بعد الدفن وينصرف كلّ واحد لشغله ومكانه.
كان خبر أبوسعد صفعةً في خدّ الغفلة، وصيحةً مدويّة تذكّرنا جميعاً (ومالحياة الدنيا إلا لعب ولهو)..
وتنبيه شديد اللهجة: قد تكون أنت الشهيد القادم-إن صدقت-، فماذا قدّمت؟
وإن جاد الكرامُ بأرواحهم فبمَ جدت؟
عجيبة تلك الشهادة!
اصطفاءٌ يجلّي الحقائق، وأبلغ وأوعظ من كلّ الرقائق، كأنّها سرٌ من أسرار الله في الجهاد، ونفحةٌ من القناديل المعلّقة، وصوتٌ شجيّ أخّاذ من حناجر الطيور الخضر.
ألا في سبيل الله ذاك الدم الغالي
وللمجد ما أبقى من المثل العالِي
وبعض المنايا همـــة من ورائــها
حيــــاة لأقــوام ودنـــيا لأجــيالِ
#أبوسعد
#ردع_العدوان