مزاعم الجهاد في أوكرانيا! – كتابات فكرية -مجلة بلاغ العدد الرابع والثلاثون شعبان ١٤٤٣ هـ
مجلة بلاغ العدد ٣٤ - شعبان - ١٤٤٣
الأستاذ: خالد شاكر
اندلعت الحرب في أوكرانيا بين المعسكر الشرقي وطلائع المعسكر الغربي بعد سنين من الحروب الباردة وغير المباشرة، وزجت روسيا بفلذات أكبادها في أتون تلك الحرب التي يُتوقع لها أن تكون شرارة لحروب جديدة في العالم.
ومع اندلاع تلك الحرب ظهر على سطح الأحداث حديث عن مشاركة منتسبين للإسلام في المعركة؛ فريق مع الروس ضد الأوكرانيين، وفريق مع الأوكرانيين ضد الروس، بل وبدأ إعلام كل واحد من الفريقين المتصارعين يحاول إظهار التزام من معه من المنتسبين للإسلام ببعض شعائر الإسلام كالأذان والصلاة؛ لذا كانت هذه التوضيحات:
– الحرب الروسية الأوكرانية حرب صليبية صليبية بين المعسكر الشرقي والمعسكر الغربي، أو حرب صليبية إلحادية باعتبار أن أوكرانيا ومِن ورائها الغرب يظهر اليوم فيهم الإلحاد بشكل أوسع من ظهوره في روسيا التي كانت شيوعية بالأمس.
– استخرج كل فريق فتاوى مزعومة تحرض المسلمين في دياره على المشاركة في تلك الحرب ضد عدوه، ولا غرابة في ذلك، فقد اعتاد الأعداء على توظيف الفتاوى المنحرفة في خدمة مشاريعهم، وأصبح لكل طاغية تأثير على مؤسسة للفتوى أو تيار أو أفراد يستخرج منهم ما يريد إما لعمالتهم وتبعيتهم له أو لعلمه بالمؤثرات المزخرفة التي تؤثر في فتاويهم وخاصة “صنم المصلحة”..، فيوهمهم الطاغية أن في المشاركة مصالح كإثبات الولاء للوطن!، أو قطع الطريق على المشككين في مشروعهم!، أو أنها فرصة لبروزهم كقوة سياسية في البلاد!، أو أنها في مصلحة 25 مليون مسلم في روسيا أو في مصلحة نصف مليون مسلم في أوكرانيا، إلى ما شابه ذلك من دعاوى يرددها الطواغيت وأذنابهم، ويتلقفها مشايخ وجماعات وفصائل السوء الوظيفيون فيدبجون الفتاوى المضلة بناء على ما وعدهم به الشيطان ومناهم.
– ولئن كانت هذه الحرب فرصة لاستنزاف بعض المحاربين للإسلام فإن هذا لا يستلزم أن يستنزفهم المسلمون ضمن مخطط ومشروع معسكر كافر آخر، بل الاستنزاف ممكن في الجبهات المفتوحة أصلا ضد هؤلاء المجرمين في البلاد التي يحتلها هؤلاء الأعداء من ديار المسلمين، أو في عمق ديارهم التي ينطلقون منها، أو حتى في جبهاتهم المشتعلة ولكن بما يخدم مباشرة قضايا الأمة الإسلامية عبر إسلامية الراية والقرار والتحرك، والمصلحة الظاهرة الجلية للإسلام في ذلك لا المصلحة الموهومة، مع التوظيف الواضح والصريح لهذه العمليات لخدمة قضايا المسلمين كأسر مقاتلي الأعداء لفك أسرى المسلمين القابعين في سجون هؤلاء الأعداء.
– المقارنات التي تحاول إظهار الغرب أنه أخف شرا على الإسلام من الشرق ليست صحيحة لا واقعيا ولا تاريخيا؛ فهما كفرسي رهان في الشر والإجرام والطغيان، بل هما في كثير من الأماكن حليفان يتبادلان الأدوار وينسقانها في حرب الأمة الإسلامية.
* إن للمسلمين معاركهم ومآسيهم في طول الأرض وعرضها، فهم مشغولون بقضاياهم الكثيرة، خاصة ضد اعتداءات المعسكرين الشرقي والغربي؛ فالزج بهم في معارك غيرهم يزيد معاناة المسلمين ومآسيهم ويحملهم أوزار غيرهم وإشكالياتهم، فالحذر الحذر من ظاهرة الارتزاق والقتال في سبيل الداعم، وفي سبيل تبييض الصورة، وفي سبيل الحصول على وكالة من الكافر الغربي أو الشرقي، إلى غير ذلك من سبل الشيطان الرجيم.
هنا بقية مقالات مجلة بلاغ العدد ٣٤ شعبان ١٤٤٣ هـ