عقائد النصيرية / 28 – عشر من مجازر بشار خارج حلب سنة 2013 – الركن الدعوي- مجلة بلاغ العدد الخامس والثلاثون رمضان ١٤٤٣ هـ
مجلة بلاغ العدد ٣٥ - رمضان ١٤٤٣ هـ
الشيخ: محمد سمير
الحمد لله، والصلاة السلام على رسول الله، وآله وصحبه ومن والاه.. وبعد؛
فإن الحديث عن المجازر وإن كان ثقيلا على النفس غير أنه تاريخ لا بد أن يسطر ليبقى شاهدا على ما قدمت الأمة من تضحيات وما بذلت من دماء في سبيل دينها وحريتها، وشاهدا على إجرام النصيريين والرافضة والروس، وشاهدا على تمالئ أمم الكفر على دعم نظام الأسد وخذلان المسلمين في سوريا.
ولا زال حديثنا مستمرا عن مجازر النظام في عام 2013 الذي وثق فيه المرصد السوري لحقوق الإنسان مقتل 73455 شخصا، ومن أشهر مجازر هذه السنة وأكثرها وحشية عدا مجازر حلب التي تكلمنا عنها سابقا:
1 – مجزرة الكيماوي بالغوطة:
كانت في 21 / آب / 2013، وقد استخدم النظام فيها صواريخ تحمل مواد كيميائية مما أدى إلى اختناق ووفاة أكثر من 1400 شخص بغاز السارين معظمهم من الأطفال، وكانت هذه المجزرة بعد ثلاثة أيام من وصول بعثة المفتشين الدوليين، وفي هذا رسالة واضحة من نظام الأسد إلى الثائرين عليه “أن هذه البعثة وأمثالها والتصريحات الدولية المنددة ليست سوى ذر للرماد في العيون، وإلا فإني أتلقى الدعم الأكبر من الغرب، فلا تظنوا أنهم سيتخلون عني”، وفيما يلي شهادات بعض شهود العيان:
– “كنا جالسين في البيت وسمعنا صوت قصف بالصواريخ، ثم بدأ الجيران بالصراخ وطلبوا المساعدة، وعندما ركضنا إليهم وجدنا النساء وقد أصبحن على الأرض، أما الأولاد فكانوا يلفظون أنفاسهم، وبعد وصولي إلى منزلهم أصابني الدوار وبدأت بالاستفراغ، وزحفت على ركبتاي حوالي كيلو متر حتى قام أحد المواطنين بإسعافي، كان هذا بزملكا، الرائحة كانت ثقيلة جداً، لم أستطع تمييزها بالمطلق كانت تشبه رائحة الحرق قليلاً”.
وأضاف أحد الشهود واصفاً الأعراض التي حدثت له عند بدء الهجوم: “شفتاي بدأتا بالرجفان والانتفاخ، وعيناي بدأتا بالرجفان أيضاً، وانعدمت الرؤية أمامي، وكان جميع الناس مرميين على الأرض ويصرخون، وكان هنالك العشرات من الشهداء، وكان لون وجوههم أصفراً وجاحظي الأعين ومفتوحي الأفواه، عائلة كاملة من بيت جيراننا كانت تنازع الموت ولم أستطع إنقاذهم، وحاولت إنقاذ بعض النساء بعد أن كانوا يصرخون ويطلبون النجدة، وكان الأطفال يرجفون بشكل مخيف، وكانوا يتساقطون الواحد تلو الآخر” ويضيف: “بدأ الزبد يخرج من فمي، عدت إلى البيت فوراً، فوجدت عائلتي وقد أغمي عليهم، وقام أحد المواطنين بمساعدتي في نقلهم إلى النقطة الطبية بعد عدم تمكني من قيادة السيارة” [أورينت].
– أحد المسعفين في نقطة الخولاني الطبية في حمورية قال: “أثناء قيام فريقنا بالإسعاف من المنازل، كان المسعفون يضطرون لترك الشهداء في بيوتهم ويحضرون فقط الأحياء المصابين لكثرة الحالات وللتمكن من إنقاذ الناس. جميع ما صادفناه من حيوانات أثناء عمليات الإسعاف كان ميتا في الطرقات” [أورينت].
– المسعف أبو صقر قال: “في الساعة الثانية ليلاً قامت قوات النظام بقصف المنطقة بقذائف تحديداً في أول حي القصور في عين ترما خلف المقبرة، وأثناءها انتشر بسرعة كبيرة غاز ذو رائحة عفنة، مما أدى إلى أعراض منها غثيان وضيق في التنفس وأيضاً صعوبة في الرؤية حتى وصلت لعدم الرؤية بشكل تام، وبعض من الأشخاص أصيبوا بالإغماء وشلل تام بأعضاء جسمهم وألم شديد في الرأس، وقد قمنا بالإسراع لمحاولة إسعاف المصابين، وقد أسعفت ما يقارب 370 شخص إلى عدة نقاط طبية منها حمورية وعربين وسقبا وكفر بطنا ومدينة دوما” [أورينت].
– يقول محمد الحراكي: “أشد المشاهد قسوة أن ترى أطفالاً يلفظون آخر أنفاسهم اختناقاً وأنت عاجز عن مساعدتهم” مستذكراً موقفاً كان دافعاً لاستكمال مساهمته في إنقاذ الضحايا رغم مشارفته على الانهيار بعد شعوره بتعب وإعياء شديدين: “قررت الوصول إلى النقطة الطبية لإيصال عدد من المدنيين والتوقف عن العمل” لكن أثناء ذلك، وفيما كان يضع طفلاً كان يحمله على الأرض “أمسك الطفل بيدي، فشعرت أنه يستنجد بي لأقوم بأي شيء يجعله يتنفس، ولم يكن في اليد حيلة، هذا الموقف دفعني إلى البكاء، كما أعطاني أيضاً قوة غريبة لأواصل عملي” [شهادة محمد الحراكي – سوريا على طول].
– ويقول محمود الطويل: “ما يُقارب 10 آلاف شخص أصيبوا في تلك الهجمة البربرية، وفي شوارع زملكا انتشرت جثث لنساء هربن من منازلهن بثياب النوم حاملات أطفالهن، كما قضى رجال خلف مقود سياراتهم خلال محاولات إنقاذ المصابين”.
وتابع: “يومها صدر حكم بالإعدام الجماعي، بدأ الغاز ينتشر في كل البلدات، زملكا وعربين وجوبر، فلجأ كل المدنيين إلى الطوابق العلوية، وعندها بدأت قذائف النظام تنهال على الطوابق العلوية، وتلتها الرشاشات الثقيلة وراجمات الصواريخ، لم يكن في زملكا مثلا غير نقطتين طبيتين، إحداهما تعرضت للقصف أيضاً”.
وقال الطويل: “كنت أحاول إسعاف مصابة في أحد المنازل، فظهر أمامي طفل سقط من يدي أمّه التي كانت تحاول الوصول إليه، كانت متشنجة وهو ينتفض، آخر ما شاهدته كان تلك الرغوة التي بدأت بالفيضان من فمه، حاولتُ الصراخ فلم أستطع، شعرتُ أنني أصرخُ في جوفي” [شهادة محمود الطويل – العربي الجديد].
2 – مجزرة بانياس والبيضا أيار في 2013:
وهي من أشد المجازر وحشية، وقد قتل فيها عدد كبير من النساء والأطفال بأساليب تقطر نذالة وخسة وإجراما، وفيما يلي شهادة بتول حديفة إحدى سكان قرية البيضا:
“كانت في “بانياس” حينها، ولكن أقاربها كلهم في “البيضا”، فذهبت إلى بيت خالها ودخلت إلى غرفة كانت تضم أقارب لها، وعرفت من إحدى قريباتها أن قوات النظام قتلت كل أهالي القرية” وأضافت: “بعد حلول المغرب خفّت أصوات القصف والرصاص واعتقدت أن الأمر انتهى عند هذا الحد بعد أن خسرت البيضا 700 مدني من أبنائها بين شهيد ومعتقل”.
وتابعت شقيقة الشهيدين “بشير” و”رشاد” حديفة: “في اليوم التالي كان الصوت أقوى وأقرب، وكان تركيز القصف على “بانياس” وجهزت نفسها للموت، مضيفة أنها لم تجرؤ على فتح شبابيك المنزل أو تقترب من أي كوة لترى ما يحدث، وامتزجت حينها أصوات البكاء والصراخ بأصوات الدمار”.
وكانت هناك -كما تروي- رائحة غريبة وخانقة تشبه رائحة الشواء وكأن هناك شعر يحترق، فظنت أن الرائحة هي للسلاح الكيماوي الذي كانت تسمع عنه، ولكنها عرفت فيما بعد أنها رائحة أجساد محترقة لأب أو ابن وربما لطفل رضيع كطفلها، ومضت الشابة التي تعيش في تركيا ساردة تفاصيل ما عايشته تلك الأثناء بأن جاراتها في الطوابق العليا نزلن إلى منزلهم خوفاً من القصف وبدأن بقراءة القرآن، وهن في حالة من الحزن والهلع وإحدى جاراتها كانت تتصل بشقيقتها في “البيضا”، فتسمع صراخها وبكاء الأطفال وأصوات في الخارج تهتف بشعار: (الله سوريا بشار وبس).
وأضافت: “أن الكثير من النساء حولها كن يفكرن بالانتحار قبل أن يقترب منهن عناصر الجيش الأسدي أو ضباطه، ولم تكن النجاة بالنسبة لهن من ضمن الخيارات، فإما أن تموت العائلة كلها أو تأتي رصاصة بالقلب تنهي حياتهن على الفور دون ألم أو حزن أفضل من أن يتم ذبحهن بالسكاكين”.
وتابعت الشابة البانياسية قائلة بنبرة مؤثرة أن الحي المجاور لهم كان يدعى “رأس النبع”، وتم قتل كل من فيه ذبحاً أو بالرصاص، وانتهى ذلك اليوم بصعوبة، وفي اليوم الثالث كانت عشرات الشاحنات تحمل الأهالي الفارين من الموت متجهة إلى مداخل المدينة كجبلة وطرطوس، ولكن القتلة كانوا بانتظارهم هناك لإجبارهم على العودة، وفي ذلك اليوم جرت حملات نهب وسرقات لأملاك المهجرين، والكثير من البيوت تم حرقها لإخفاء جرائم القتل والسرقات فيها، وكان شبيحة النظام يقتلون كل من يرونه في الطريق دون رحمة أو شفقة.
وأضافت “بتول” أن الهلال الأحمر جاء بعد ذلك وقام بدفن جثث الضحايا في مقابر جماعية بإشراف الأمن، وتم غسل الشوارع من الدماء لإخفاء الجرائم، وروت أن خالتها التي كانت مختفية بعد مجزرة “البيضا” ظهرت لتكشف أنها كانت مختبئة في كنيسة قريبة من “البيضا”، وكيف استشهد أبناؤها وتعرفت على جثثهم المتفحمة والملتصقة بعضها ببعض من إبهام أحدهم، وشعرت آنذاك بقريبتها “سوسن” عندما خبأت ابنها بطقم الصلاة كي لا يعرفه القتلة، وكيف قطعوا رأسه بعدها أمام عينيها، وكذلك بـ”ماريا” التي قتلوا طفلها الذي لم يكن قد نطق بكلمة ماما برصاصة في رأسه، فقررت مع عائلتها حينذاك الفرار من “بانياس”، وفي الطريق كانت ترى عشرات الناجين من الموت الذين عاشوا قصصاً تشيب لها الولدان وأشعروها بأن ما عاشته لا يشكل شيئاً مقابل ما عاشوه، وبعد وصولهم إلى تركيا سمعوا بخبر استشهاد شقيقيها “بشير” و”رشاد” في المعتقل تحت التعذيب، فقررت أن تزور طبيباً نفسياً للخروج من وطأة ما عاشته وعانته. [شهادة بتول حديفة على مجزرة البيضا – زمان الوصل].
وأقدمت قوات النظام مدعومة بميليشيات طائفية وعناصر من حزب الله على اقتحام بلدة “البيضا” في “بانياس” بعد حصارها وارتكاب مجزرة شملت عمليات ذبح وتشويه وتقطيع في الفترة من 2 أيار مايو / 2013 وحتى 4 من الشهر نفسه، وفق الشبكة السورية لحقوق الإنسان التي أكدت أن قوات النظام قامت حينها بإحراق جثث الأطفال والنساء في منطقتي “البيضا” و”رأس النبع” مما أدى لمقتل 459 بينهم 93 طفلاً و71 امرأة.
3 – مجزرة جديدة الفضل في نيسان 2013:
لا يعرف عدد الشهداء الذين قضوا في تلك المجزرة التي استمرت خمسة أيام، غير أن التقديرات في حدود 500 شهيد قضى بعضهم ذبحا بالسكاكين أو حرقا، ومن ضمن الشهداء الشيخ عمر السعيدي وزوجته وابنته إمام مسجد الشهداء.
4 – مجزرة الذيابية في ريف دمشق – تشرين الأول 2013:
قامت قوات النظام مدعومة بقطعان عناصر لواء أبي الفضل العباس بحصار بلدة الذيابية في ريف دمشق ثم بدأت باقتحامها من جهاتها الأربع مع قصف مكثف، مما أدى لمقتل ما يزيد على مائة وخمسة وعشرين شخصا، ويقول شاهد عيان: كنا نطأ جثث أقربائنا وجيراننا ونحن نحاول الفرار من قصف النظام.
5 – مجزرة النبك في كانون الأول 2013:
وهي سلسلة مجازر خلال اقتحام قوات النظام وشبيحته مدينة النبك، وقد خلفت هذه المجازر قرابة 400 شهيد فيهم من النساء والأطفال 98، كثير منهم في اقتحام قوات النظام ملجأ أووا إليه تجنبا لقصف النظام، غير أن الحقد الطائفي المقيت أودى بهم جميعا.
6 – مجزرة بساتين الحصوية في حمص في كانون الأول 2013:
قتل في تلك المجزرة 106 شخص عندما هجمت قوات النظام على بساتين حمص، البعض قتل بالسلاح الأبيض وآخرون ماتوا حرقا داخل منازلهم.
7 – مجزرة حي البرج في تلكلخ في نيسان 2013:
قامت اللجان الشعبية (الشبيحة) بقتل 11 شخصا بينهم ثماني نساء.
8 – مجزرة سراقب في تموز 2013:
وقد راح ضحيتها ثلاثون شخصا عندما قصفت طائرات النظام مدينة سراقب بالبراميل.
9 – مجزرة حي الدبلان في حمص في تموز 2013:
استشهد فيها عشرون شخصا ما بين طفل وامرأة كانوا قد لجأوا إلى مدرسة الأندلس، ووقعت مجزرة أخرى في الشهر ذاته بقصف مسجد الحسامي أثناء صلاة التراويح استشهد فيها 10 أشخاص.
10 – مجزرة أريحا في تموز 2013:
أصيب فيها ستون شخصا ثلثهم استشهد، وذلك عندما قصف النظام سوقا شعبيا في أريحا.
* ولا زال النظام المجرم وطائفته النصيرية الحاقدة ترتكب الجرائم بحق المسلمين في أرجاء الشام، ولا زال المظلومون ينتظرون مزيد انتقام الله من هؤلاء الجزارين المجرمين.
والحمد لله رب العالمين.
للمزيد من مقالات مجلة بلاغ اضغط هنا
لتحميل نسختك من مجلة بلاغ اضغط هنا