عقائد النصيرية 14- جرائم حافظ الأسد || الركن الدعوي || مجلة بلاغ العدد ٢١ رجب ١٤٤٢
عقائد النصيرية 14- جرائم حافظ الأسد
الشيخ: محمد سمير
الحمد لله، والصلاة السلام على رسول الله، وآله وصحبه ومن والاه.. وبعد؛
فنتابع في هذا المقال بعون الله الحديث عن خيانات آل الأسد، وسنتناول في هذا المقال بعضا من خيانات وجرائم الهالك المقبور حافظ الأسد بن علي، والعجيب أن حافظ يفضل الانتساب لجده الخائن سليمان لا لأبيه علي!! ويكني نفسه بأبي سليمان، حتى إنه عندما كنا أطفالا في مدارس البعث كان من ضمن ما نُحَفَّظُه نشيدا يمجد البعث والأسد وفيه: (أبو سليمان قائدنا)، ولا أجد لذلك تفسيرا إلا أن يكون علي شخصا مهملا عاش حياة هامشية، فأحب حافظ الانتساب إلى شخص عريق في الخيانة.
وحافظ هذا رُبي في أحضان الخيانة، ورضع لبن الغدر، وشرب ماء النذالة، واكتسى أردية العمالة، فمن المعلوم أن للبيئة أثرا كبيرا على الشخص، ولها دور في تكوينه الخلقي، والبيئة التي ولد فيها حافظ كانت بيئة عمالة للاستعمار الفرنسي، يقول باتريك سل في كتابه “الأسد والصراع على الشرق الأوسط” صـ37: “وكانت إحدى أدوات الإغراء الفرنسية الكبرى تجنيد شباب العلويين في قوات المشرق الخاصة، وهي قوة محلية أنشئت في عام 1921 تحت إمرة ضباط فرنسيين؛ ليخدم فيها العلويون مع الشركس والأرمن وغيرهم من الأقليات، وكان عدد المجندين يصل إلى سبعة آلاف سنة 1924 وإلى ضعف ذلك العدد في منتصف الثلاثينيات، وقد انضم العلويون مثلهم في ذلك مثل الشراكسة والدروز إلى القوات الخاصة هذه؛ لأنه لم يكن هناك أي مجال أو فرصة لعمل آخر على الأغلب، ولأن الفرنسيين قد بحثوا عنهم واستدعوهم عمدا كي يستعملوهم كفرقة مطافئ لقمع الاضطرابات في أي مكان من البلاد، وشعر هؤلاء الشباب العلويون لأول مرة في حياتهم بأنهم يتمتعون بدخل صغير، كما أنهم أصبحوا منظمين ومدربين ومعرضين لأفكار جديدة، وأدت الخدمة العسكرية مع الفرنسيين إلى تأسيس بدايات تقليد عسكري علوي أصبح مركزيا في صعود الطائفة اللاحق فيما بعد، ومن نافل القول أن الفرنسيين بذلوا كل جهد لإبقاء هذه القوات بمعزل عن التجمهرات الوطنية المتفاعلة في المدن السورية”.
في هذه البيئة الوضيعة النتنة ولد حافظ الأسد عام 1930، وعندما بلغ السادسة عشرة من عمره انضم إلى حزب البعث، وتأثر كثيرا بزكي الأرسوزي وهو نصيري أيضا، ثم دخل الكلية العسكرية في حمص 1952، وتخرج فيها طيارا 1955، (المصدر السابق باختصار وتصرف).
وفي عام 1957 اعتُقل في القضاء العسكري في اللاذقية بسبب إقدامه على الزواج من أنيسة مخلوف بدون موافقة ولي أمرها، ثم أطلق سراحه بكفالة قدمها المدعو محمد سعيد أبو كف (نشرت الوثيقة زمان الوصل).
وفي عام 1963 قام حافظ الأسد مع عدد من زملائه الحثالة بانقلاب سفكوا خلاله وبعده الكثير من الدماء لتوطيد سلطانهم، يقول سل: صـ142: “وفي غضون أربعة أشهر حافلة دموية بدءا من آذار مارس 1963 استطاع الأسد وزملاؤه في اللجنة العسكرية أن يقضوا على كل مقاومة منظمة لحكمهم الذي كانوا يمارسونه من وراء الستار، ومنذ اللحظة الأولى تقريبا كان عليهم أن يحكموا بالقوة وليس بالموافقة، ربما لأنهم كانوا مجموعة عسكرية منشقة من حزب ميت بدون قاعدة شعبية، ولقد أثرت تجربة تلك الأيام المبكرة في مواقفهم طيلة عدة سنوات لاحقة، وحتى عندما نما الحزب وأصبح قويا وكبيرا فإنه لم يخلص نفسه من عادات الحذر والقمع”.
ونظرا لتميز حافظ بالإجرام وقسوة القلب فقد “أوكل رفاق الأسد له أكثر الأعمال الأمنية أهمية في النظام..، ولذلك انكب على خلق جهاز حزبي من الخلايا والفرق والشعب والفروع داخل القوات المسلحة” (المصدر السابق 150).
ولم يقتصر إجرام الأسد وحزبه البعثي على سوريا، بل شهوته للدماء والتدمير امتدت حتى وصلت العراق “وأرسلت سوريا البعثية لواء ليقاتل مع العراقيين، ويشارك في الحرق والقتل، فتكبد هذا اللواء خسائر عديدة، وكان تدخله مغامرة غير مشجعة في نهاية الأمر” (المصدر السابق صـ152).
وفي عام 1964 كان لحافظ يد في الجرائم التي ارتكبها البعثيون في حماة عقب تحريض علمائها ومشايخها وعلى رأسهم الشيخ محمد الحامد والشيخ مروان حديد، فقد كان الكفر مستعلنا والفسوق ظاهرا والأوضاع الاقتصادية غاية في السوء، يقول سل: “وفي القيادة القطرية للحزب شارك الأسد في اتخاذ القرارات القاضية بقمع الاضطرابات وإفهام حماة من هو صاحب الأمر والنهي” (المصدر السابق صـ157).
ويقول: “أدى قصف مسجد السلطان “في حماة” إلى إغضاب البلد، فأشعل موجة جديدة من الاضطرابات والمظاهرات في المدن الرئيسية، وأنزل إلى الشوارع الحرفيين مع أصحاب الدكاكين والعمال وأصحاب الصناعات اليدوية المتواضعين، كانوا يطالبون بالحريات المدنية، وإطلاق سراح السجناء السياسيين، وإنهاء حالة الطوارئ الطويلة التي فرضها البعث غداة انقلابه قبل عام” (المصدر السابق صـ157).
ويقول: “ولكنهم فوجؤوا (أي البعثيين) باتساع المعارضة لهم في المجتمع السوري التي لم تشمل الطبقات الوسطى فحسب بل امتدت إلى صفوف الطبقات العاملة السنة في المدن، ولأول مرة استطاع حكام سوريا الجدد أن يقيسوا مدى افتقارهم للشعبية” (صـ158).
ومع ذلك استمر حافظ ورفاقه المجرمون بطغيانهم وسلب أموال الناس تحت اسم التأميم، يقول سل: “وفي الأسبوع الأول من كانون الثاني سنة 1965 أجرى تأميم مائة شركة كان كثير منها مجرد ورشات تستخدم في مجموعها اثني عشر ألفا من العمال..، وعلى كل حال فسرعان ما امتدت ملكية الدولة إلى توليد الكهرباء وتوزيع النفط وحلج الأقطان، وحوالي سبعين بالمائة من تجارة التصدير والاستيراد، وشعر تجار دمشق بأنهم مهددون بالدمار، فاستجمعوا قواهم مرة أخرى ومن جديد قاموا بدعم من الوعاظ المسلمين بإغلاق دكاكينهم كإشارة تقليدية للتحدي، غير أن الحرس القومي للحزب وكتائب العمال المسلحة حديثة التشكيل كانوا لهم بالمرصاد هذه المرة، فقامت زمر من البعثيين الشباب بتكسير واجهات الدكاكين المغلقة، وصودرت عشرات المتاجر فورا” (صـ161).
وإمعانا في الإجرام وحتى يُفقد الأسد وعصابته الناس مراجعهم، وحتى يمنع كلمة الحق من الوصول إلى مسامع الناس، فقد جعل الأئمة والخطباء يُعينون عن طريق الأوقاف التابعة له، يقول سل: “ولتحييد المساجد أمسكت الدولة نفسها بحق تعيين وعزل أئمة المساجد وسيطرت على إدارة المؤسسات الدينية (الأوقاف) المصدر الأساسي للوصايا المالية الإسلامية” (صـ161).
ولا تزال قائمة جرائم حافظ الأسد طويلة جدا، ولكن نكتفي بهذا القدر في هذا المقال، ونكمل في المقال القادم إن شاء الله، وأحب أن أنوه هنا أن اعتمادي في هذا المقال على كتاب “باتريك سل” مع أنه محشو بالكذب الإفك الباطل -إنما كان لأنه كتاب معظم لدى الحزبيين البعثيين، فهو إنما ألف لتمجيد الأسد وإعلاء شأنه، ولكن كعادة أهل الباطل مزج شيئا من الحق بأكوام من الباطل ليروج كتابه وليدعي الإنصاف والحيادية، فكانت مهمتنا استخراج أشلاء الحق من ركام الباطل؛ لنصك به وجوه البعثيين والنصيرية، وكما يقال: (من فمك ندينك).
وإلى لقاء قادم إن شاء الله، والحمد لله رب العالمين.