{سَنَسۡتَدۡرِجُهُم مِّنۡ حَيۡثُ لَا يَعۡلَمُونَ} “محمد بن زايد آل نهيان” – مقالات مجلة بلاغ العدد ٥٥ – جمادى الأولى ١٤٤٥هـ

مجلة بلاغ - العدد ٥٥ - جمادى الأولى ١٤٤٥هـ

الشيخ: محمد سمير

من طباع الطغاة الاسترسال في نهج الفساد والعسف والغشم طالما أنهم لا يرون عقوبةً إلهيةً مباشرةً، أو ثورةً شعبيةً عاجلةً، أو كفاحاً مسلحاً من قبل عصبةٍ رافضةٍ لأساليبهم

فيظن الطاغية أن الله غافلاً عنه، وأن الشعب قد تم تدجينه وقضي على مكامن العزة والنخوة فيه وتحول إلى قطيعٍ يمشي خلف راعيه أينما سار به، وأن أجهزته الأمنية وقبضته الحديدية حالت دون تفكير أحدٍ في حمل السلاح لمواجهة الظلم والفساد، أو حتى الإنكار عليه بالقول ونقد فظائعه وجرائمه

لذلك يظل الطاغية سادراً في غيه لا يرتدع عن أي جريمة يمليها عليه هواه، أو يوحي إليه بها شياطين الإنس والجن، فلا يحترم ديناً، ولا يقيم وزناً لمقدسات، ولا يبالي بكرامة الشعب، ولا يعبأ بجرائر جرائمه ونتائج سياسته الرعناء وظلمه الغاشم، وفساده المستشري

وبينما هو مغترٌ بقوته، معجبٌ بنفسه، مُدِلٌّ بأزلامه وجوقة المنافقين حوله، معتزٌ بأمواله وكنوزه، مطمئنٌ إلى جيشه وأجهزته الأمنية، إذ بعذاب الله ينزل به فجأة إما مباشرة أو بأيدي خلقه من أوليائه أو أعدائه فيحيص الطاغية حيصة حمر الوحش بحثاً عن ملجأ له أو مهرب فلا يجد إلا الهلاك محيط به، ويفزع إلى منافقيه وأزلامه فلا يغنون عنه من عذاب الله شيئاً وما هي إلا أمّة([1]) حتى يحيق به العذاب فإذا هو من الهالكين لا يجد له ولياً ولا نصيراً ثم تنطلق ألسنة الذين كانوا يغدقون عليه صفات الجلال والكمال بالذم والشتم واللعن وينقلب من كان له نصيراً بالأمس إلى عدوٍ يحرص الحرص كله على التبرؤ منه والتخلي عنه.

والنموذج الذي سنتناوله في هذا المقال لا زال في طور الإمهال والاستدراج وما زال في أوج قوته، وما زال يبارز الله بالكفر والعصيان، ويتعدى على عباد الله بالظلم والعدوان ولكن سنن الله لا تحابي أحداً وما هو إلا أمدٌ قدّره الله ثم ينزل به ما نزل بالطغاة قبله فيكون عبرةً لمن أراد الاعتبار، وذكرى لأولي القلوب والأبصار {أَلَمۡ يَرَوۡاْ كَمۡ أَهۡلَكۡنَا مِن قَبۡلِهِم مِّن قَرۡنٖ مَّكَّنَّٰهُمۡ فِي ٱلۡأَرۡضِ مَا لَمۡ نُمَكِّن لَّكُمۡ وَأَرۡسَلۡنَا ٱلسَّمَآءَ عَلَيۡهِم مِّدۡرَارٗا وَجَعَلۡنَا ٱلۡأَنۡهَٰرَ تَجۡرِي مِن تَحۡتِهِمۡ فَأَهۡلَكۡنَٰهُم بِذُنُوبِهِمۡ وَأَنشَأۡنَا مِنۢ بَعۡدِهِمۡ قَرۡنًا ءَاخَرِينَ ٦} [سورة الأنعام:6]

وبعد؛ فالطاغية الذي أعنيه هو رئيس الإمارات العربية المتحدة محمد بن زايد آل نهيان عاجله الله بعقوبته

هذا الطاغية لم يترك سبيلاً من سبل الكفر والفسوق والعصيان إلا وسلكه، ولم يدع شيئاً يغضب الرب تبارك وتعالى ويرضي الشيطان إلا وفعله دون حياء من الله أو من الناس ومن ذلك:

ــ بناء ما سماه “البيت الإبراهيمي” والدعوة إليه والمقصود بهذا المبنى دمج الكفر بالإيمان والتوحيد بالشرك فهو يحتوي على مسجد للمسلمين وكنيسة للنصارى وكنيس لليهود وهيهات أن يجتمع النقيضان ولا يمكن للحق أن يؤاخي الباطل أو أن يرضى به فدين الله واحد وهو الإسلام وقد نسخت شريعة نبينا كل الشرائع السابقة التي قد دخلها التحريف والتبديل فمن تعبد بها بعد بعثة سيدنا محمد عليه الصلاة والسلام فهو كافر من أصحاب النار ولذلك فهذا البيت هو في حقيقته البيت الإبليسي الشيطاني، وقد جلب ابن زايد بعض المتزيين بزي المشايخ ليروجوا لهذا الكفر فما جنوا إلا أن أطلق الله ألسنة عباده بالثناء القبيح عليهم وصاروا أضحوكة بين الخلق

ـــ بناء معبد هندوسي مساحته 2300 متر بكلفة 16 مليون دولار في دبي في 2022م لتعبد فيه الأصنام من دون الله وقد تم إحضار تمثال بقرة هندوسية إلى هذا المعبد لينحني لها عبّادها وكان في مقدمة المنحنين لها نهيان بن مبارك آل نهيان([2]) عضو مجلس الوزراء ووزير التسامح والتعايش.

مع أن الهندوس مع البوذيين يرتكبون أشنع المجازر بحق المسلمين الروهيغيا في ميانمار قتلا وحرقا وتقطيعا، ولكن ابن زايد متسامح لجميع الأديان إلا الإسلام فقد اتخذه عدوا له ولن يضير ذلك الإسلام شيئاً

يا ناطحاً شُمَّ الجبالِ برأسهِ *** أشفقْ على الرَّأسِ لا تشفقْ على الجبلِ

وللعلم فإن إسرائيل هي من سلحت الجيش في ميانمار وطورته ليمارس جرائمه ضد المسلمين([3])

ـــ نصب تمثال لبوذا على الطريق السريع في “أبو ظبي” بارتفاع عشرة أمتار ليعيد ابن زايد الأصنام إلى الجزيرة العربية بعد أن طهرها منها رسول الله صلى الله عليه وسلم

ـــ دعم الثورات المضادة:

بعد عقود من الصبر على الظلم والفساد وكبت الحريات وقمع المعارضين انتفضت عدد من الشعوب العربية وانطلق الربيع العربي فنتج عنها إسقاط عدد من الطغاة كان منهم حسني مبارك ومعمر القذافي فسارع ابن زايد لدعم الثورات المضادة ومحاولة قمع الربيع العربي فقدم للسيسي ملايين الدولارات من أجل أن ينقلب على الرئيس المنتخب شعبياً محمد مرسي وبعد الانقلاب استمر ابن زايد وعدد من الدول الخليجية بدعم السيسي وتقديم الأموال له من أجل تثبيت حكمه العسكري القمعي([4]) وهذا ما دعا السيسي إلى القول أنه (لولا دعم الأشقاء في الإمارات والسعودية لما تمكنت مصر من الوقوف ثانية)

وبعد مقتل القذافي برز طاغية جديد يسير على خطاه وهو خليفة حفتر فدعمه ابن زايد بالأموال والمرتزقة القادمين من السودان وتشاد ودارفور أو مرتزقة شركة واغنر الروسية وآلاف أطنان الأسلحة التي تنقل عبر جسر جوي من طائرات الشحن التي تنتقل بشكل يومي من مطار “أبو ظبي” العسكري إلى مطارات الشرق الليبي من أجل القضاء على حكومة الوفاق، بل شاركت الطائرات الإمارتية بقصف مطار طرابلس الدولي عام 2014

وفي اليمن كان لابن زايد القدح المعلى في جرائم الاغتيال والخطف والتعذيب وإنشاء السجون السرية وذلك عبر المرتزقة الذين تم تجنيدهم كما جاء في تقرير لجنة الخبراء الدوليين التابع للأمم المتحدة الصادر في 28/أغسطس/2018م

وذكر التقرير أن ظروف المعتقلين في مراكز الاحتجاز غير القانونية كانت مريعة، مشيراً إلى أن حالات الاغتصاب التي قال إنه تعرض لها الكثير من المعتقلين من قبل موظفين إماراتيين كانت تحدث أيضا من قبل قوات الحزام الأمني التابع للإمارات، على مرأى من معتقلين آخرين، بمن فيهم أفراد من عائلة المعتقل والحراس.

واعتبر تقرير الخبراء الدوليين الانتهاكات الإماراتية المشينة تعرضت لها نساء في السجون السرية الإماراتية، موضحاً أن الإماراتيين كانوا يطلبون من النساء الرضوخ للاغتصاب أو الانتحار ويمارسون الجنس مع المعتقلات بالقوة وتحت تأثير الضرب والتهديد بالإعدام.

 وقال التقرير ان عدد من المعتقلات الجنوبيات اللائي كن يرفضن تسليم أنفسهن للإماراتيين يتعرضن للضرب أو الرمي بالرصاص أو القتل، إضافة إلى قيام الضباط الإماراتيين بتهديدهن بأمن عائلاتهن.

وكشف التقرير الدولي عن ممارسة الإماراتيين أنواع التعذيب بحق المعتقلين في السجون السرية الإماراتية منها التعذيب الجسدي والنفسي و الاغتصاب بأجهزة أو بعِصِي أو مباشرة عبر الأفراد، والصعق بالكهرباء في مناطق الصدر والإبطين والعضو الذكري، إضافة إلى الجلد بالعصي والأسياخ والكابلات والعقال.([5])

وفي السودان أخذ ابن زايد بدعم حميدتي وقوات الجنجويد بالأسلحة والأموال والذخائر ليرتكبوا المجارز المشينة بحق الشعب السوداني

ـــ ولم يكتف ابن زايد بدعم الثورات المضادة بل قام بدعم بشار الأسد وأسرته ونظامه بشكل مباشر 

فقد قبلت الإمارات في عام 2012م باستضافة بشرى الأسد وأولادها وهي أخت بشار وزوجة المجرم آصف شوكت الذي هلك في تفجير استهدفه في دمشق مع عدد من جزاري سورية الوالغين في دماء شعبها

وفي 2018 أعادت الإمارات فتح سفارتها في دمشق كما قامت بدعم النظام بمساعدات طبية وغذائية، وكذلك تولت الإمارات تمويل عملية إعادة بناء مبان عامة ومحطات للطاقة وشبكات مياه في دمشق، ولم يقتصر الأمر على هذا فحسب فقد سافر ثمانية ضباط إماراتيين لتقديم المشورة لقيادة قوات النظام، كما التحق خمسة طيارين سوريين بكلية خليفة بن زايد الجوية في مدينة العين غرب أبو ظبي من أجل تحسين مهاراتهم.([6])

كما دفع ابن زايد لبشار الأسد 250 مليون دولار من أصل ثلاثة مليارات دولار وافق على دعمه بها ليشن عملا عسكريا ضخما للسيطرة على إدلب وذلك بعد عجز إيران عن استمرارها في دعم نظام الأسد ورفض الروس لذلك([7])، وقد ترتب على العمل الذي شنه النظام في عام 2019 إلى الاستيلاء على قرابة ثلث المحرر وقتها إضافة إلى استشهاد المئات وجرح الآلاف ونزوح عشرات الآلاف

وفي آذار من هذا العام 2023م قام ابن زايد باستقبال بشار الأسد وزوجته في الإمارات وغرد ابن زايد على تويتر: “أرحب بالرئيس بشار الأسد في الإمارات، أجرينا مباحثات إيجابية وبناءة لدعم العلاقات الأخوية وتنميتها لمصلحة البلدين والشعبين الشقيقين، وتعزيز التعاون والتنسيق في القضايا التي تخدم الاستقرار والتنمية في سوريا والمنطقة”.

وعندما أسقط الثوار طائرة حربية روسية في ريف حلب الجنوبي عام 2015 قامت الإمارات على لسان وزير خارجيتها عبد الله بن زايد بتقديم التعزية للروس بسقوط طائرتهم التي كانت ترمي حممها على الأبرياء المستضعفين من الأطفال والنساء والرجال

ـــ ولم تكن هذه الجرائم جميعا لتروي غل ابن زايد على الإسلام، أو تخفف من شدة حقده على أهله فأضاف إليها التطبيع مع الدولة اليهودية اللقيطة إسرائيل التي أقيمت على الأرض التي اغتصبت من الشعب الفلسطيني المسلم بعد ترويعه بالمجازر وإجباره على الهجرة من أرضه

ومن أبرز بنود الاتفاق بين الإمارات وإسرائيل:

تطبيع العلاقات الدبلوماسية بشكل كامل.

تبادل السفارات والسفراء.

إطلاق رحلات جوية مباشرة بين أبو ظبي وتل أبيب.

منح المسلمين إمكانية أكبر للوصول إلى المسجد الأقصى في القدس القديمة، من خلال السماح برحلات طيران مباشرة من أبو ظبي إلى تل أبيب.

الاستثمار المباشر للإمارات في إسرائيل.

توقيع اتفاقيات ثنائية تتعلق بقطاعات السياحة والأمن والاتصالات والتكنولوجيا.

الاستثمار في قطاعات الطاقة والمياه والرعاية الصحية والثقافة والبيئة.([8])

والحق أن هذا التطبيع لم يكن سوى إخراج جزء من العلاقات السرية بين الإمارات وإسرائيل إلى العلن وإلا فالعلاقات أقدم من ذلك بكثير ومحورها هو التصدي للحركات الإسلامية والقضاء على المقاومة والمجاهدين في فلسطين

وقد لعبت أموال الإمارات قبل ذلك دوراً كبيراً في شراء بيوت المقدسيين ثم تحويلها إلى المستوطنين اليهود حتى تشكل حول المسجد الأقصى أكثر من 150 بؤرة استيطانية([9])

وليس هذا فحسب بل وصل التعاون بين ابن زايد وإسرائيل إلى الجانب العسكري والأمني ولا يحتاج الأمر إلى طول تفكير ليُعلم أن المستهدف بهذا التعاون الحركات الإسلامية على اختلاف توجهاتها بداية من الدعوية ومرورا بالعلمية والإصلاحية وانتهاء بالجهادية

ومن أبرز ما ظهر للعلن ـــ وما خفي أعظم ـــ من التعاون العسكري

ـــ التدريبات المشتركة بينهما في نيفادا في أمريكا  (تدريبات العلم الأحمر)عام 2016، وكذلك التدريبات المشتركة بينهما في 2017 في أمريكا أيضا (تدريبات إينيوهوس)، ثم التدريبات المشتركة عام 2019، ثم الاشتراك مع إسرائيل من أجل إقامة قواعد تجسس في جزيرة سقطرى اليمنية([10])

ـــ التصنيع العسكري المشترك فقد تم الاتفاق على “تصميم وتصنيع سلسلة من السفن غير المأهولة من فئة “إم-170” (M-170). وتتيح هذه السلسلة استخدام تطبيقات عسكرية تركز على الاستخبارات والمراقبة وجمع المعلومات، ولديها القدرات للقيام بدوريات الحدود البحرية، وتدابير الأمن البحري، وكشف الألغام، واكتشاف ومهاجمة الغواصات.”([11]) وقد تم تصنيع هذه السفينة وأعلن عنها في 2023م

وقال أورين جوتر الذي يقود البرنامج البحري في الشركة الإسرائيلية لوكالة فرانس برس “نحن نعرض للمرة الاولى مشروعا مشتركا يظهر قدرات ونقاط القوة” عند كل من الشركتين في تأمين السواحل ومواجهة التهديدات بالألغام.([12])

وفي كانون الثاني/يناير 2022، اعلنت شركة “البيت سيستمز” الإسرائيلية للأسلحة المتطورة أن فرعها في الإمارات حصل على عقد بقيمة 53 مليون دولار تقريبا لتزويد سلاح الجو الإماراتي بأنظمة دفاعية.([13])

واليوم ينهل ابن زايد ودويلته مع أخيه نتنياهو ودولته اللقيطة من دماء الشعب الفلسطيني المسلم ويؤيد ابن زايد أحفاد القردة والخنازير في محاولتهم القضاء على المجاهدين في غزة ولا يزيده مشاهد أشلاء الأطفال والنساء ولا مناظر إبادة الأخضر واليابس وتدمير البنى التحية إلا إصراراً على كفره وإجرامه ودعماً لإخوانه اليهود

ـــ وجرياً على سياسة ابن زايد في مناصرة أي دولة كافرة فقد رفضت الإمارات إدانة جرائم الصين التي ترتكبها بحق المسلمين الإيغور في تركستان الشرقية مما دفع الرئيس الصيني شي جين بينغ إلى شكر ابن زايد قائلا: “إن بلاده تعتبر الإمارات شريكًا استراتيجيًا تعاونيًا هامًا في الشرق الأوسط، وتدعم جهودها في حماية أمنها وسيادتها الوطنية ومصالحها التنموية، فضلًا عن دورها المتزايد في القضايا الإقليمية والدولية.”

بل إن الإمارات أعدت سجناً سرياً على أراضيها  يديره الصينيون من أجل اعتقال المسلمين الإيغور ثم تسليمهم إلى الصين ليلاقوا هناك فظائع التعذيب وألوان الاعتداء والهوان([14])

ولا شك أن هذه الجرائم وأضعافها مما لم نذكره تلاقي رفضاً من الغيورين على دينهم وأمتهم تدفعهم لإنكار السياسة الفاسدة التي ينتهجها ابن زايد وأقربائه، وبما أن صوت الحق مسموع ولو كان ضعيفاً خافتاً فقد لجأ ابن زايد إلى محاولة إسكاته نهائيا والقضاء عليه وزج كل معارض له في السجون حتى غصت بنزلائها من الناشطين والحقوقيين على اختلاف انتمائهم ففي تقرير منظمة العفو الدولية الصادر عام 2014م “ولكن ثمة تحت واجهة الألق والبريق والروعة التي يحاول حكام الإمارات العربية المتحدة أن يسوقها للعالم الخارجي واقع أكثر قبحاً بكثير يشهد حبس الناشطين الحقوقيين الذين يتحدون السلطات أو يتحدثون علناً عن تحقيق قدر أكبر من الديمقراطية ومساءلة الحكومة. وبعد الزج بهم في السجن، يُعزل هؤلاء عن العالم الخارجي طوال شهر أحياناً قبل أن يصار إلى محاكمتهم وإصدار أحكام بالسجن لمدد طويلة  ضدهم أمام محاكم لا تعدو كونها مجرد أداة للمصادقة على قرارات السلطة التنفيذية في الإمارات العربية المتحدة.

وخلال السنوات الثلاث الماضية ومع تركز أنظار العالم على الاحتجاجات الشعبية العارمة التي أطاحت بحكام سلطويين بعد أن عمروا في سدة الحكم ردحا من الزمان في مصر وتونس وهددت استقرار حكومات عربية أخرى، عكفت سلطات الإمارات العربية المتحدة بهدوء على شن حملة قمع غير مسبوقة بحق المعارضة في البلاد. ووقعت عشرات الاعتقالات وحالات الاحتجاز والاختفاء القسري والتعذيب وغير ذلك من أنواع سوء المعاملة للمحتجزين، وأجريت محاكمات على قدر عظيم من الجور

وصدرت أحكام طويلة بالسجن ضد منتقدي الحكومة مع استمرار تعرض أفراد عائلاتهم للمضايقة والاضطهاد”([15])

وفيه أيضا: “أقدمت الأجهزة الأمنية في الإمارات العربية المتحدة بشكل تعسفي على اعتقال عشرات منتقدي الحكومة السلميين ومناصري الإصلاح منذ بدء حملة القمع أوائل عام 2011 وعرضت الكثير منهم لفترات احتجاز طويلة بمعزل عن العالم الخارجي. ووقع العديد من هؤلاء ضحايا للاختفاء القسري عقب احتجازهم في مواقع سرية ورفض السلطات الإقرار بوجودهم في عهدتها أو الإفصاح عن أي معلومات بشأنهم لعائلاتهم من قبيل أسباب إلقاء القبض عليهم ومكان وظروف احتجازهم، كما حرمتهم من الاتصال بمحامي الدفاع. ويُذكر أن هذه الظروف تشكل مخالفة لقوانين الإمارات العربية المتحدة نفسها وللقانون الدولي العرفي الذي يصنف الاختفاء القسري كجريمة يُعاقب القانون عليها

كما أودع الكثير من المحتجزين في الحبس الانفرادي أو تعرضوا للتعذيب وغير ذلك من ضروب سوء المعاملة أثناء الاستجواب؛ وقام البعض منهم عقب إحالتهم للمحاكمة بالشكوى من إجبارهم تحت التعذيب أو بالإكراه على التوقيع على إفادات لم يسمح القائمون بالاستجواب لهم بقراءة محتوياتها قبل أن يُصار إلى استخدامها ضدهم في المحكمة على أنها “اعترافات” أدلوا بها.”([16])

ويتحدث التقرير نقلا عن بعض سجناء الرأي عن الأساليب الوحشية التي يتعرض لها المنتقدون للفساد والظلم ” قال بعض المتهمين أن القائمين باستجوابهم قد نزعوا أظافر أيديهم وضربوهم ضربا مبرحا وقاموا بتعليقهم في أوضاع مقلوبة لفترات طويلة من الزمن ونتفوا شعر لحاهم وصدورهم وهددوا بتعذيبهم عن طريق الصعق بالكهرباء والاغتصاب والقتل. ووصف العديد من المتهمين الأساليب الأخرى المستخدمة من قبيل الحبس الانفرادي لفترات طويلة جدا في ظل ظروف غير مريحة من الحر الشديد أو البرد القارس والحرمان من النوم من خلال تعريضهم لإنارة باهرة بشكل مستمر وتغطية رؤوسهم اثناء الاستجواب والنقل من الزنازين وإليها والشتائم والإهانات. ورداً على هذه الشكاوى، قيل إن القاضي قد أوعز بإجراء فحوص طبية للمشتكين ولكن لم يحدث شيء من هذا القبيل.([17]) “

وأساليب التعذيب هذه توكل دائما إلى جهلة مجرمين مجردين من الرحمة والإنسانية يدينون بالولاء المطلق للسلطة، ولا يحترمون عالماً لعلمه ولا مسناً لسنه ولا يرقون لضعيف أو مريض فكأنما الصخرُ قُدَّ من قلوبهم

وقد ذكر التقرير أسماء العديد من العلماء والدكاترة وأصحاب الفضل الذين قبض عليهم وعذبوا بأساليب وحشية ولم تُراع لهم حرمة فارجع إليه يمتلئ قلبك أسى على تغييب المطالبين بالإصلاح وتصدير الشبيحة والمنافقين

ولصرف الناس عن فساد السلطة يتم إشغالهم بالترف والبذخ وألوان الملاذ المحرمة منها والمباحة

وحسبك أن تعلم أن دبي وحدها تحوي ثلاثين ألف عاهرة كما ذكرت ذلك صحيفة الغارديان البريطانية

وهذا ما جعل الإسرائيليين يقصدون الإمارات في أسفارهم السياحية كما ذكرت ذلك صحيفة يديعوت أحرنوت([18]) هذا فضلا عن انتشار الخمور والمخدرات التي تلاقي رواجا هائلا مع حفلات الفسق والمجون لدرجة أن اثنين من أبناء أمراء الإمارات ماتا مؤخراً نتيجة تعاطيها وهما الأمير خالد بن سلطان القاسمي نجل حاكم الشارقة الذي توفي في لندن نتيجة جرعة زائدة عام 2019م وسبقه الأمير راشد بن محمد بن راشد آل مكتوم الذي توفي بالسبب ذاته عام 2015م

ـــ وكأي طاغية آخر لا بد من تقديم المنافقين الذين يشيدون برؤية الرئيس الملهم وقيادته الصائبة وحكمته النادرة وعزيمته القوية التي تذلل العقبات جميعاً، وتُخضع الصعاب، وتتحدى المستحيل.

وهاك بعض المؤلفات التي خطها يراع الإفك والنفاق لتمجيد محمد بن زايد وإفاضة ألقاب الثناء عليه

فمنها ” الشيخ محمد بن زايد آل نهيان إضاءات في مسيرة رجل الإنسانية” للدكتور جمال السويدي

ولا شك أن السويدي أعجب جداً بتمزيق أشلاء ودماء المسلمين في سوريا وفلسطين واليمن والتي كان لابن زايد دور كبير فيها، كما لا بد أنه سحر بروعة سجون الإمارات وما فيها من وسائل تعذيب تفتق عنها أذهان شياطين الإنس والجن وهنا نقول له: أذاقك الله من كأس الإنسانية التي يذيق منها ابن زايد المسلمين في جنبات الأرض

ومنها ” محمد بن زايد مسيرة قائد ورائد” لمحمد الجوكر

ويبدو أن لقب العائلة قد أثّر في المؤلف وكتابه فليس المراد من هذه الكتب جميعا إلا التهريج والنفاق للحصول على لعاعة من الدنيا

ومنها ” الشيخ محمد بن زايد آل نهيان سيرة إنسان ونهضة وطن” لصلاح أبو السعود

والنهضة التي نهضها ابن زايد بالإمارات في مجال الفسق والبذخ والترف والمجون ومحاربة الإسلام لم يعهد لها مثيل، ورب شخص اسمه صلاح وعمله فساد وإفساد

ومنها ” فخر العروبة صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان القائد والإنسان” للدكتور سالم الكتبي

ونشهد أن ابن زايد قائد فعلاً ولكنه قائد إلى الهلاك والفسق والفجور ونقول للمؤلف: كما جعلت ابن زايد قائدك في الدنيا باختيارك فإننا ندعو الله أن يجعل ابن زايد قائدك يوم القيامة رغماً عنك

ومنها ” محمد بن زايد رجل السلام الأول” لسلطان حميد الجسمي

والسلام الذي دعمه ابن زايد وقام به هو السلام مع أعداء الإسلام قاطبة من الوثنيين واليهود والصليبيين أما مع الحركات الإسلامية والمطالبين بشريعة الرحمن فهو لم يزل في حرب معهم، لا يترك عدوا ًلهم من جبابرة الأرض إلا دعمه وشجعه وأمدَّه بالأموال العظيمة {إِنَّ ٱلَّذِينَ كَفَرُواْ يُنفِقُونَ أَمۡوَٰلَهُمۡ لِيَصُدُّواْ عَن سَبِيلِ ٱللَّهِۚ فَسَيُنفِقُونَهَا ثُمَّ تَكُونُ عَلَيۡهِمۡ حَسۡرَةٗ ثُمَّ يُغۡلَبُونَۗ وَٱلَّذِينَ كَفَرُوٓاْ إِلَىٰ جَهَنَّمَ يُحۡشَرُونَ ٣٦} [سورة الأنفال: 36]

وقد تكلفتُ ذكر الكتب بأسماء مؤلفيها لأني أظن أن مدة إمهال الله لحكام الإمارات ــ لا سيما ابن زايد ــ قد أوشكت على النفاد وأن العاقبة التي حلت بأئمة الكفر قبله دنت منه جدا وحينها سترى تكلُّف المنافقين ليعتذروا عن نفاقهم ويتملصوا مما كانوا قالوه سابقاً أو رقمته أقلامهم الآثمة

 ونختم بحديث أبي موسى رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: “إن الله ليملي للظالم فإذا أخذه لم يفلته، ثم قرأ:{وَكَذَٰلِكَ أَخۡذُ رَبِّكَ إِذَآ أَخَذَ ٱلۡقُرَىٰ وَهِيَ ظَٰلِمَةٌۚ إِنَّ أَخۡذَهُۥٓ أَلِيمٞ شَدِيدٌ ١٠٢} [سورة هود:102] [متفق عليه]

([1]) أي: حين

([2]) وهو الذي حاول أن يغتصب الصحفية البريطانية كيتلين ماكنمارا عندما دعاها لمناقشة التحضيرات لتنظيم مهرجان “هاي” كما نشرت ذلك صحيفة صنداي تايمز

([3]) انظر: الجزيرة مقال بعنوان: “رفعت عنها السرية وثائق تكشف علاقة إسرائيل وسلاحها بالتطهير العرقي في ميانمار

([4]) في تسريب نشرته قناة “مكملين الفضائية يذكر عباس كامل أن إجمالي ما تسلمه الجيش المصري من دول خليجية تجاوز ثلاثين مليار دولار

([5]) وكالة الصحافة اليمنية مقال بعنوان “فاشية الإمارات في اليمن لمحة من أرشيف جرائم السجون السرية

([6]) الجزيرة: مقال بعنوان ” مساعدات مالية وتدريبات لاستخباراته وطياريه دعم إماراتي لنظام الأسد

([7]) انظر: الجزيرة: مقال بعنوان: تكلف 3 مليارات دولار تفاصيل خطة محمد بن زايد لتوريط تركيا في سوريا وإلهائها عن معركة طرابلس

([8]) الجزيرة: بعنوان ” التطبيع بين الإمارات وإسرائيل تعرف على أبرز نقاطه.

([9])انظر: الجزيرة: مقال بعنوان “بأموال الإمارات بيوت مقدسية في قبضة المستوطنين

([10]) انظر: ويكيبيديا، العلاقات الإسرائيلية الإماراتية، التعاون العسكري.

([11]) الجزيرة: مقال بعنوان: ” إسرائيل والإمارات.. إنتاج أمني وعسكري مشترك يؤسس لحلف استراتيجي بالشرق الأوسط”

([12]) France 24، الإمارات وإسرائيل تكشفان عن سفينة مشتركة في “أبو ظبي”

([13]) المصدر السابق نفسه.

([14]) انظر: المرصد الأورومتوسطي لحقوق الإنسان، ” الإمارات… تقارير احتجاز أفراد من الإيغور بسجن سري تثير القلق”

([15]) “لا توجد حرية هنا” إسكات المعارضة في الإمارات العربية المتحدة، منظمة العفو الدولية، رقم الوثيقة: 2014/018/25 MDE، تشرين الثاني، 2014م، (ص6 وما بعدها)

([16]) المصدر السابق ص21

([17]) المصدر السابق ص31

([18]) انظر: القدس الإخبارية “يديعوت: الإسرائيليون يذهبون لتجارة الجنس في الإمارات.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى