حكم الاستغفار والترحم على غير المسلمين

(حكم الاستغفار والترحم على غير المسلمين)
أثيرت هذه المسألة عقب وفاة المعارض السوري ميشيل كيلو.. وقبله مي إسكاف وغيرهما.
وكلما مات شخص عرف بتأييده للثورات أو بتعاطفه مع المسلمين أو عرف بالنخوة أو كان أحد المشاهير كلاعبي الكرة..
يسارع البعض إلى القول بجواز ذلك بناء على العاطفة..

وهذا خطأ فهذه مسألة متعلقة بحكم شرعي سنذكره لك أخي المسلم بإيجاز.

حكم فقهي: الاستغفار والترحم على غير المسلمين لا يجوز بالكتاب والسنة والإجماع
فلقد نهى الله عن الاستغفار للكفار فقال سبحانه:{مَا كَانَ لِلنَّبِيِّ وَالَّذِينَ آمَنُوا أَنْ يَسْتَغْفِرُوا لِلْمُشْرِكِينَ وَلَوْ كَانُوا أُولِي قُرْبَى مِنْ بَعْدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُمْ أَنَّهُمْ أَصْحَابُ الْجَحِيمِ} (113) التوبة.
وفي صحيح مسلم عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: “استأذنت ربي أن أستغفر لأمي؛ فلم يأذن لي..”
فهذه أمه التي ولدته صلى الله عليه وسلم وقد ماتت قبل البعث وإقامة الحجة.

وهذا أبو طالب قدم خدمات جليلة ودافع عن النبي صلى الله عليه وسلم بقوة ووعده النبي صلى الله عليه وسلم بالاستغفار له.. ثم نزل القرآن حاسما لهذه القضية.. ففي الصحيحين عن المسيب بن حزن قال: لما حضرت أبَا طَالِبٍ الوَفَاةُ، دَخَلَ عليه النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ وعِنْدَهُ أبو جَهْلٍ، فَقَالَ: أيْ عَمِّ، قُلْ: لا إلَهَ إلَّا اللَّهُ، كَلِمَةً أُحَاجُّ لكَ بهَا عِنْدَ اللَّهِ. فَقَالَ أبو جَهْلٍ وعَبْدُ اللَّهِ بنُ أبِي أُمَيَّةَ: يا أبَا طَالِبٍ، تَرْغَبُ عن مِلَّةِ عبدِ المُطَّلِبِ! فَلَمْ يَزَالَا يُكَلِّمَانِهِ، حتَّى قَالَ آخِرَ شَيءٍ كَلَّمَهُمْ بهِ: علَى مِلَّةِ عبدِ المُطَّلِبِ.
فَقَالَ النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ: لَأَسْتَغْفِرَنَّ لَكَ ما لَمْ أُنْهَ عنْه. فَنَزَلَتْ:
{مَا كَانَ لِلنَّبِيِّ وَالَّذِينَ آمَنُوا أَنْ يَسْتَغْفِرُوا لِلْمُشْرِكِينَ وَلَوْ كَانُوا أُولِي قُرْبَى مِنْ بَعْدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُمْ أَنَّهُمْ أَصْحَابُ الْجَحِيمِ} [التوبة: 113]

وهذا نبي الله عيسى أيضا يوضح حال من يموت على الشرك فقال يخاطب قومه كما ذكر ربنا تبارك وتعالى حكاية عنه:
(وَقَالَ الْمَسِيحُ يَا بَنِي إِسْرَائِيلَ اعْبُدُوا اللَّهَ رَبِّي وَرَبَّكُمْ ۖ إِنَّهُ مَنْ يُشْرِكْ بِاللَّهِ فَقَدْ حَرَّمَ اللَّهُ عَلَيْهِ الْجَنَّةَ وَمَأْوَاهُ النَّارُ ۖ وَمَا لِلظَّالِمِينَ مِنْ أَنْصَارٍ) [المائدة: ٧٢]

وتأكيدا لهذا المعنى يقول النبي صلى الله عليه وسلم: “وَالَّذِي نَفْسُ مُحَمَّدٍ بِيَدِهِ لاَ يَسْمَعُ بِي أَحَدٌ مِنْ هذِهِ الأُمَّةِ يَهُودِيٌّ وَلاَ نَصْرَانِيٌّ، ثُمَّ يَمُوتُ وَلَمْ يُؤْمِنْ بِالَّذِي أُرْسِلْتُ بِهِ، إِلاَّ كَانَ مِنْ أَصْحَابِ النَّارِ“.
أخرجه مسلم من حديث أبي هريرة.

وفي صحيح مسلم عن عائشة قلت:
يا رسول الله؛ عبد الله بن جدعان كان في الجاهلية يصل الرحم، ويطعم المسكين، فهل ذاك نافعه؟ قال: ” لا ينفعه، إنه لم يقل يوما: رب اغفر لي خطيئتي يوم الدين

وقد أجمع الفقهاء على أنه لا يجوز الاستغفار والترحم على غير المسلمين..
ونقل الإمام ابن تيمية الإجماع
مجموع الفتاوى 12/ 489
وقال الإمام النووي: وأما الصلاة على الكافر والدعاء له بالمغفرة فحرام بنص القرآن والإجماع [المجموع 5 / 120]

الشيخ عبد الرزاق المهدي

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى