تفريغ إصدار سرطان الثورة وقوارب النجاة للشيخ أبو العبد أشداء
سرطان الثورة وقوارب النجاة
لتحميل نسخة من النص bdf اضغط هنا للقرأة تابع ⇓
بسم الله، والحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله..
فبفضل الله تعالى حققت الثورة السورية والجهاد الشامي في عشر سنين من المواجهة الشاملة مع النصيري البعثي المجرم وحلفائه المحتلين نتائج كبرى غيرت مسيرة الشعب والمنطقة والعالم كله..
فقد سقط النظام النصيري مبكرا منذ سنين، وأعاقت الثورة السورية مشروع الخنجر الرافضي الذي أراد أن يمتد في البلدان العربية كافة فتعثر هذا المشروع في سوريا بفضل الله، ومعركتنا اليوم هي معركة مباشرة مع الروس المحتلين الذين يدعمون النظام المجرم بكل ما يملكونه.
ولقد أنقذت الثورة السورية بفضل الله تعالى نصف الشعب من حياة الإذلال والقهر تحت سياط البعثيين ومن معايشة النصيرية الذين كانوا يتطاولون بالسب والشتم على مقدسات الإسلام ويستهينون بالدين والرب والرسول، (وَإِذْ نَجَّيْنَاكُمْ مِنْ آلِ فِرْعَوْنَ يَسُومُونَكُمْ سُوءَ الْعَذَابِ يُذَبِّحُونَ أَبْنَاءَكُمْ وَيَسْتَحْيُونَ نِسَاءَكُمْ وَفِي ذَلِكُمْ بَلَاءٌ مِنْ رَبِّكُمْ عَظِيمٌ).
وإن ما قدمته الثورة السورية خلال تلك السنين العشر من ملايين الشهداء والجرحى والأسرى والمشردين والمهجرين يستوجب حفظ الأمانة واستكمال الطريق والحذر من المؤامرات والأدوات والوسائل التي تؤدي لإجهاض الثورة وبيع تضحياتها استجابة لقوله تعالى: (يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا خُذُوا حِذْرَكُمْ)..
وإن من الملاحظ اليوم أن مقدرات ومقومات الثورة هي كبيرة جدا بفضل الله تعالى، وكان المتوقع بعد تهجير المجاهدين من كافة مدن سوريا إلى الشمال قوة انطلاقة من جديد وتكامل تلك القوى في معركة تحرير شاملة، ولكن للأسف لم يزدد الوضع رغم كل تلك المقدرات والمقومات إلا سوءا.. فكان من الواجب تبيين حقيقة الواقع ووضع اليد على حقيقة الداء.
لقد حذرت في شهر محرم سَنة 1441 هجرية الموافق للشهر التاسع من سنة 2019 في كلمة “كي لا تغرق السفينة” من سقوط المناطق إن لم نتدارك الأمر، فما كان من قائد هيئة تحرير الشام إلا أن استكبر وطغى وسجن الناصحين ورفض الإصلاح، وكذب بقوله سنشكل لجنة حقيقية للرقابة ولم يشكل شيئا، ولم تمض سوى أربعة شهور بعدها حتى بدأت المناطق بالتساقط وضاعت قلاع أهل السنة في مناطق إدلب كمعرة النعمان وسراقب وعندان وحريتان وحيان والعيس ومئات القرى التي لا يتسع المقام لذكرها..، ولم يجد الكاذب تبريرا إلا المتاجرة بدماء الجنود الصادقين الذين صدوا بصدورهم العارية جحافل الكفر، وهي دماء تشهد على قيادة الهيئة بالإجرام في حقها وحق الأمة.
وبعد تلك الانهيارات قامت جهود للإصلاح، ولكن جنون العظمة الذي استولى على الجولاني دفعه لحرب الصادقين، وسجن المجاهدين، والتضييق على الكوادر، وإذلال المجتمع، وعداوة كل جهد صادق عسكري أو اجتماعي أو خدمي يهدف لصد عادية المحتلين، أو لتفعيل أبناء المناطق، أو لمواساة النازحين..
وهو مستمر في أكاذيبه وخداعه للأمة؛ مرة نيابة عن دولة العراق، مرة باسم جبهة النصرة، مرة باسم القاعدة، ومرة باسم فتح الشام، مرة باسم هيئة تحرير الشام، ومرة باسم غرفة عمليات الفتح المبين، ومرة باسم المجلس العسكري..، مرة باسم الجهاد ومرة بالثورة ومرة باسم الشعب ومرة باسم الحوكمة، وكل ذلك وغيرُه لا يهدف سوى للاستمرار في الطغيان والاستحواذ على خيرات المحرر..
لذا كان من المهم التعريف بحقيقة مشروع الجولاني وكشفُ عمليةٍ من أكبر عمليات الدجل والكذب والاحتيال التي تتستر باسم الحركات الإسلامية في العصر الحديث..؛ وذلك تبرئة للإسلام وللصادقين في الحركات الإسلامية من جرائم ذلك الشخص ومن حوله، وتنبيها لخطورة الواقع في مراحل من أهم مراحل الثورة وهي مرحلة إعادة إنتاج النظام النصيري عبر الانتخابات الرئاسية والحل السياسي والدستور المشترك..
وإني إذ أذكر حقيقته أعلم أن طريق الصدع بالحق فيه أشواك ومخاطر كثيرة، ولكن من يتوكل على الله فهو حسبه، ومن كان حسبه الله فلا ضيعة عليه، وإني متوكل على الله رب العالمين.
وسيتم إن شاء الله التعريف بحقيقة مشروعه عبر عدة نقاط:
– هل الجولاني يعمل على تحرير المدن أو الدفاع عن المحرر؟
– الفساد المالي.
– ملف الجرائم الأمنية.
– حقائق الواقع الإداري في المنطقة.
– من هو الجولاني وما قصة وضعه على قائمة الإرهاب؟
– وأخيرا ما هو الحل؟ وقوارب النجاة
أولا- هل الجولاني يعمل على تحرير المنطقة أو الدفاع عن المحرر؟
هناك جنود أبطال ضحوا بأرواحهم في سبيل الله تعالى، وهناك شهداء أكارم، وانغماسيون أسود، ومقاتلون أشاوس، ولن يضيع الله جل وعلا أجر من أحسن عملا، ولكن إذا كان الرأس فاسدا فواأسفاه!
إن من الكذب الترويج بأن من يتحدث عن فساد الرأس هو يطعن في الجنود الصادقين، فطالما تكلم العلماء والمؤرخون عن الفاسدين ولم يكن هذا الكلام طعنا في الطائفة المجاهدة المنصورة التي لا يخلو منها زمان، فليس الطعن في الحجاج ولا في المأمون ولا في ابن طولون ولا في أحمد باشا الجزار ولا في جمال باشا السفاح طعنا في خيرة المجاهدين، وليس كشف حقيقة الفاسد اليوم طعنا في الصادقين.
وسأقص نُبذة يسيرة جدا عن إضاعة هذا الرجل للثغور للدلالة على بعض تجارته بالجهاد وبتضحيات الإخوة وبدمائهم..
بعد تهجيرنا من حلب بدأنا العمل على العودة لها مرة أخرى ولكن بعمل نوعي مفاجئ، فوفقنا الله جل وعلا لاكتشاف مجرور الصرف الرئيسي الذي يمر من جمعية الزهراء المحتلة إلى جمعية الزهراء المحررة ثم إلى الجزء المحتل من منطقة الليرمون ثم إلى وسط حلب، وهو مجرور دائري كبير قطره متران ونصف، ودخلت أنا فيه عدة مرات، وسرنا تحت مناطق سيطرة العدو لأكثر من واحد ونصف كيلو متر.
وكان لهذا المجرور عدة تفريعات واتجاهات تصلح للتسلل منه إلى قلب حلب المحتلة.
قمت مع شباب أشداء بتجهيز مدخل المجرور من منطقة محصنة تحت الأرض في صالات الليرمون، وكذلك بتنظيف المجرور مما تجمع فيه من أحجار وأوساخ تعيق الحركة، ووضعنا خُطة العمل القائمة على إرسال مجموعة خلف خطوط العدو داخل مدينة حلب لتأمين نقطة الخروج في قلب حلب المحتلة، ثم إرسال مجموعات تدخل المجرور وتخرج من نقطة خلف رباط العدو ثم تكسر خط رباطه في جمعية الزهراء والخالدية ثم يكون الاجتياح السريع للمدينة وشل الحركة فيها والسيطرة على المناطق الحاكمة والمرتفعة في قلب حلب واستخدام القناصات الليلية لصيد أي تحرك للعدو داخل المدينة..
طلبت وقتها لقاء الجولاني وحصل اللقاء في شهر رمضان 1438 هـ بعد إعلان تشكيل الهيئة بخمسة شهور تقريبا، فشرحت له الخطة والطريقة وما وصلنا له، فأبدى أمامنا فرحه الكبير بهذا الأمر، وقال إن هذا هو العمل الذي يرفع الرأس، وأننا لو لم ننجح سوى في تحرير جمعية الزهراء وحلب الجديدة فقط فقد أنجزنا أمرا كبيرا وغيرنا المعادلة وفعلنا وفعلنا.
انتهى اللقاء وانتهت بانتهائه الوعود الكاذبة، وظللت سَنَتين ألح في العمل ولكن لا حياة لمن تنادي، لم يصلنا سوى أن الجولاني جلس مع فلان وجلس مع فلان وقال لهم: عندي خُطة وأنفاق لتحرير حلب، كمخدر يخدعهم به ويوهمهم أنه يعمل فعلا على الأمر ويتاجر بالأمر.
قبل حملة العدو على قلعة المضيق وكفر نبودة والتي بدأت في رمضان 1440، كثر الحديث عن رغبة العدو في اجتياح المنطقة، وقلت في نفسي: لعل الجولاني يخشى من مخاطر المجرور ولا رغبة له في العمل على حلب من خلال المجرور ولا يريد أن يخبرني بذلك، فقدمت خطة نوعية جديدة تعتمد على المفاجأة، ولم أضع فيها فكرة المجرور أصلا، ولكنها تعتمد هذه المرة على استخدام الطيران المسير بكثافة في المعركة، وهذا قبل دخول البيرقدار بسنة تقريبا، وكان يوجد في المحرر وقتها تصنيع لعدد كبير من الطيران المسير الذي ضرب حميميم وبعض أماكن العدو، وكانت الخطة تركز على أن يضرب الطيران المسير أهدافا في حلب محددة مسبقا، ويضرب أهدافا تحدد أثناء المعركة بناء على المعطيات الميدانية، ويبث الرهبة في قلوب العدو ويشل حركتهم، مع عمل طائرات مفخخة تنفجر في الجنود، ومراقبة الحركة والانتشار وسير المعركة بشكل عام، وكذلك في الخطة الهجوم ليلا واستخدام القناصات الليلية الحرارية بكثافة داخل مدينة حلب حيث إن وسط المدينة غير مجهز بحراريات تواجه مناظيرنا الليلية، وبذلك يزداد اضطراب العدو فيها، ويوجد في الخطة أيضا أمور نوعية عديدة، وعرضت هذه الخطة على المسؤول عن جبهة حلب، وقلت له: نريد ثلاثمائة طائرة مسيرة وبذلك نشل حركة العدو ونحطم دفاعاته وخططه ونجتاح المدينة إن شاء الله، وأعجبت الفكرة هذا المسؤول العسكري لجبهة حلب وذهب لمسؤول عن تصنيع تلك الطائرات، فقال المسؤول: أريد ثمانمائة ألف دولار ثمن تصنيع الثلاثمائة طائرة، فذهب للجولاني، فقال له الجولاني: هي لا تكلف تلك التكلفة، ولكن أنا سأتصرف، وكالعادة لم يتصرف وأهمل الطائرات كما أهمل المجرور من قبل وكما يهمل كل خطة!!!
ورغم إهمال الخطتين لم أستسلم واقترحت حفر نفق جديد من نقاط رباطنا في جمعية الزهراء إلى نقاط العدو، وهكذا نتجاوز مخاطر المجرور وتتحقق نفس النتيجة بالخروج خلف نقاط العدو في مدينة حلب، فأهملت القيادة الاقتراح ولم يتجاوبوا معه، فبدأت بالحفر باجتهاد شخصي وكان العمل جيدا بفضل الله، وعندما رأوا جدية العمل قالوا: نحن سنتبنى معك الأمر، ولم أعلم أن الغاية من التبني هي إيقاف العمل؛ فبعد أن قطعت مسافة كبيرة في الحفر بفضل الله جاءني أمر بالتوقف عن الحفر!! سألت لماذا؟ قالوا: لأن الحفر بطيء، ونحن عندنا فرق حفر أسرع!! فقلت لهم: سأؤمن نفقات الحفر التي لا تريدون دفعها عن طريق علاقاتي واحفروا أنتم نفقا آخر وهكذا يكون عندنا نفقان، فرفضوا وأوقفوا الحفر وأفشلوا المشروع الثالث كما أفشلوا ما قبله.
والمضحك أنني عندما كنت أسيرا في سجونهم الظالمة، جاءني شخص درويش سموه قاضيا، فذكرت له إيقاف النفق الذي أحفره على حلب، وأن هذا عمل لا يقوم به شخص حريص على الجهاد، بعد أيام جاءني هذا القاضي المزعوم، وقال لي: أنا جلست مع الجولاني وسألته، فقال: أبو العبد يفكر في تحرير حارته أما نحن فنفكر في كل سوريا، وصدق فأنا أفكر في تحرير حارتي ومدينتي حلب عاصمة سوريا البشرية والاقتصادية وأقدم مدينة في العالم، أما هو فيفكر في المتاجرة بآلام سوريا كلها ومعاناة الشعب جميعه وحسبنا الله ونعم الوكيل.
ومن ذكريات تلك المرحلة أنه عندما بدأت حملة العدو على قلعة المضيق وكفر نبودة طلبنا العمل على حلب كفتح جبهة جديدة ليست في خُطة العدو ولا حشوداته، فكان الجواب هو الرفض، والدعوى أن الحملة القائمة هي حملة روسية لا تشارك المليشيات الرافضية فيها ولا نريد استفزازهم، وقد كان هذا الكلام كذبا كالعادة، فقد صرح الجولاني نفسه بعد عدة شهور من الحملة في مؤتمر صحفي نشر في اليوم الخامس من الشهر الثامن من عام 2019، أن كل المليشيات شاركت في الحملة فقال: “النظام في هذه الحملة استخدم كل ما لديه من مليشيات وفرق جيش ولم يدع فرقة في سوريا إلا استخدمها في هذه الحملة فاستنفذ كل ما لديه من قوة”، ومع ذلك وحتى بعد تصريحه فقد ظلت جبهة حلب باردة إلى أن توقفت حملة العدو على الكبينة، وسحب العدو أرتاله جهارا نهارا من الكبينة إلى حلب، وأعلن عن فتح جبهات حلب، عندها وعندها فقط اضطر الجولاني للإعلان للتوجه لحلب!!!
ومما يدل على أن الأمر تجارة بدماء المجاهدين أن في حلب أنفاق محفورة من سَنة 2015 وحصل بها عدة تفجيرات تحت مباني العدو عدة مرات في الزهراء والجوية، وكانت هذه الأنفاق لا تحتاج سوى بعض التعديلات والتجهيزات ليعاد استخدامها في التفجير مرة ثانية عند القيام بأي عمل، وقد طلبت عدة مرات من القيادة أن أقوم بتعديل تلك الأنفاق وتجهيزها ولكن كانوا دائما يرفضون ويؤكدون أنهم سيقومون بذلك، فلما جاءت معركة حلب سنة 2020 وظهر فيها الجولاني على بعد عشرات الكيلو مترات في كهف بباطن الجبل وهو يقول: لولا أن الإخوة منعوني لانغمست معكم!! في هذه المعركة لم تكفهم الثروات الطائلة التي يملكونها، فخدعوا فصيلا من درع الفرات وأخذوا منه مائة ألف دولار للأنفاق والتفجير ومعركة حلب، وجاء وقت العمل، وكانت أنفاق التفجير غير جاهزة أصلا!!! وأدخلوا الاستشهاديين والانغماسيين للمتاجرة بدمائهم في معركة ترك الجولاني الإعداد الحقيقي لها واهتم بالصور الخادعة الكاذبة التي توهم البسطاء أنه يريد تحرير حلب! وبالطبع فشلت المعركة وفي اليوم الثاني عادت المناطق للتساقط المريع.
انهارت الجبهات بصورة لا تدخل العقل، وخرجت من السجن في آخر أيام الحملة الأخيرة وكنت شاهدا على الانسحاب من ريف حلب الغربي، وقد وصلتني معلومات من قلب قيادة الهيئة أنه جاءهم أمر بسحب الأمور العسكرية المهمة في منطقة ريف حلب الغربي قبل طلوع فجر يوم 16 من الشهر الثاني من 2020، ولم يخبروا الجنود بشيء، بل إنهم سحبوا قبل التاريخ بشهر من ريف حلب الغربي المنشآت الاقتصادية ومحطات المحروقات والمستودعات الاقتصادية، انسحبوا فجأة من عشرات المدن والقرى كجمعية الزهراء والليرمون وحريتان وحيان وعندان وبيانون وتل مصيبين وبابيص ومعارة الأرتيق وشويحنة وكفر داعل وبشقاتين والهوتة والكثير من المناطق، وهي مناطق طبيعتها محصنة فيها جبال وأودية ومغارات مما ساعد فصيل الزنكي على التحصن بها ستين يوما عند القتال الفصائلي، أما الجولاني فانسحب منها في ست ساعات.
انسحب من منطقة كان الجولاني يزعم أن توفيق الزنكي يريد أن يسلم جزءا منها إلى كفر داعل للروس.
فسبحان الله، الجولاني يتحدث عن اتفاق بين توفيق الزنكي والروس على الانسحاب إلى بسرطون، ثم بعد سنة ينسحب الجولاني إلى نفس حدود الاتفاق التي ذكرها وهي بسرطون، ولو كان الانحياز ضروريا لكان الانحياز إلى بابيص أولى عسكريا وجغرافيا وأقلَّ في نقاطِ الرباط من بسرطون، فواعجبا؟!.
ففوجئ الأهالي بانهيار المنطقة فخرج الناس والنساء والأطفال مذعورين بما عليهم من ثياب دون أن يقدر أكثرهم على نقل ممتلكاته واحتياجاته الضرورية.
وللتغطية على هذا الانسحاب كان الجولاني ينسحب من ريف حلب الغربي بلا قتال وفي نفس اليوم يزج بالجنود في مقتلة بميزناز، مع أن جبهة ميزناز كانت محصنة بقوة من قِبل العدو ولا تؤثر على جبهات ريف حلب الغربي، واستشهد في ذلك اليوم في ميزناز أكثر من أربعين مجاهدا وجُرح فيها الكثيرون، في متاجرة خسيسة بدماء الصادقين.
هذا يا إخواني جزء من التجارة بمأساة حلب، وهي تجارة تكررت في كثير من الجبهات كجبهة كفر نبودة وجبهات الساحل والغاب وريف حماة، وكذلك خذل الجولاني مجاهدي درعا والغوطة وغيرها من المناطق، فلكل منطقة قصة حزينة لا يتسع المقام إلى سردها الآن.. ولعل الله ييسر الحديث عنها لاحقا إن شاء الله.
وإن ما ذكرته هنا في جانب من جوانب الفساد العسكري هو جزء يسير من الفساد الذي ضرب بأطنابه في كل المجالات، فتدمير الصناعة العسكرية كان مقصودا، وبعد أن كانت كل كتيبة تعمل على تصنيع القذائف والصواريخ وتطويرها، حوربت جل الورشات وصودرت وبيعت أفخم الآلات التي حصلنا عليها بدماء الأبطال وتضحياتهم كحديد بأبخس الأثمان، ولم يعد في المحرر صناعة عسكرية إلا في أماكن محدودة، وللأسف هذه الأماكن المحدودة تم كشفُها لجهات دولية فتعرض أهمها للقصف الروسي المباشر خلال الأشهر الماضية.
وأما ملف خلف الخطوط فلم يكتف الجولاني بتدميره بل وضيق على من يعمل فيه وطاردهم وجعله نسيا منسيا.
أهلي في المحرر، أليست مدينة إدلب اليوم على بعد رمية حجر من جيوش العدو في سراقب؟! فهل سمعتم عن تدشيم مؤسساتها أو عمل ملاجئ لأهلها ووضع مستودعات داخلها محصنة فيها مؤن أساسية من طعام ودواء ومحروقات إعدادا واستعدادا لمعارك قادمة قد يقطع فيها طيران العدو خطوط الإمداد للمدينة كما حصل معنا في حلب قبل حصارها من قطع طريق الكاستيلو ناريا؟! طبعا لم تسمعوا إلا بمطاعم الجولاني ومنتزهاته والتجارات المتعددة التي ينهب بها أموال الشعب، أما الدفاع عن الأمة فهذا ليس في قاموس اهتماماته، فقد خسر الجولاني في أربع سنين من عمر الهيئة كل المعارك التي خاضها، وخرج من أكثر مناطق المحرر ولا أظنه يبالي كثيرا إن سقط كذلك نصف ما بقي أو أكثر بيد الروس والنصيرية..، بل إنه اليوم يضيق على الشعب في حمل السلاح، مرة باسم ترخيص السلاح، ومرة باسم تنظيم المنطقة، فأغلق محلات السلاح وأصبحت إدلب منطقة طاردة للسلاح يخرج منها ليباع في مناطق أخرى، فاستن الجولاني بسنة أمرائه الأول الدواعش الذين ضيقوا على الأهالي في تملك السلاح ثم انسحبوا وتركوهم فريسة للمليشيات الإجرامية، ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم..
ثانيا- بعض الفساد المالي:
إن جرائم الجولاني شاملة لكل الملفات وفي شتى الجوانب؛ فمثلا:
– لو فتحنا ملف المال ونهب مقدرات وخيرات البلد وتجويع الشعب والتجارة بمعاناة النازحين وسرقة إغاثاتهم، فهذا أمر يطول، ولكن يكفي لتصور جزء يسير من ذلك ما اعترف به الجولاني نفسه في أحد لقاءاته، ولم ينتبه له أكثر الناس حتى إنني سمعت به مؤخرا، عندما قال في لقاء بإعزاز سنة 2014 أنه أضاع أكثر من مليار ونصف من الدولارات بسبب استهانة واستخفاف الكثير من الإخوة في جبهة النصرة في حفظ أموال المسلمين، وأنه ضُيّعت عليهم فرص لم تأتِ على أيّ جماعة جهاديّة في العالم، انظر أخي الكريم إنه يتكلم عن ألف وخمسمائة مليون دولار ضاعت وكأنه يتكلم عن ألف دولار!! وبدل أن يقول ضاعت بسبب إهمالي وإجرامي يرمي المصائب على غيره ويجعل السبب هم الجنود المساكين الذين يضحون بأرواحهم فيتنعم هو بتضحياتهم، ويعترف أن ما توفر له لم يتوفر لأي جماعة جهادية في العالم، وهذا حق فحجم السرقة والفساد الذي قام به لا يخطر على بال إنسان، وما هذه المليار ونصف إلا جزء يسير من الفساد الذي حصل عندما استولى على آبار بترول تبني دولا وتقيم شعوبا، فقد كانت تأتي له مليارات، وانتبه أخي الكريم لما أقوله جيدا لا أقول مئات الآلاف ولا ملايين ولا مئات الملايين بل أقول مليارات فقد كانت النصرة مسيطرة على أغلب آبار البترول في سوريا بدير الزور والرقة وغيرهما، ومع ذلك فلطالما كان جنود النصرة يعيشون على الكفاف ولا تأتيهم منح إلا كل عدة شهور، وتقوم الحملات في المساجد بجمع التبرعات لمساعدتهم، فأين ذهب الجولاني بكل تلك المليارات؟!.
إن المبلغ الذي اعترف به الجولاني بتضييعه في مرة واحدة فقط مليار ونصف، أي ألف وخمسمائة مليون دولار، لو وزع على عدد سكان المحرر مليون أسرة لكان نصيب كل أسرة على الأقل ألف وخمسمائة دولار، أضاعها في وقت كان الشعب في المحرر يعيش تحت خط الفقر ويموت الناس جوعا ومرضا وبردا..، وإذا كان الذي ضاع هو مليار ونصف، فكم المبلغ الذي كنزه وخبأه من أموال المسلمين في السنين الثلاث التي وضع فيها يده على آبار البترول في سوريا؟!
أيعقل أن من هذا تاريخه في السرقة والفشل والحمق الإداري يستلم اليوم مقدرات المحرر؟!! فيتفرد عبر دعاوى التنظيم والإشراف بسرقة كثير من الدعم الذي يأتي للصحة والتعليم والإغاثة والإسكان وكل شيء، يضاف إلى ذلك ما يأخذه من أموال المعابر والضرائب والمكوس واحتكار المحروقات والتجارات والمصادرات وبيع وتأجير الأموال العامة وتجارة الآثار وتهريب البشر والبضائع إلى الدول المجاورة وغير ذلك كثير.
هل لاحظتم إخواني في المحرر أن ملابس البالة التي كانت تباع للفقراء بثمن زهيد أصبحت اليوم غالية بفضل سياسات الضرائب والسرقات القائمة في المنطقة؟
ويمكن لأي أحد في المنطقة أن يتواصل مع أقاربه في درع الفرات ويسألهم عن ثمن جرة الغاز والمحروقات والمواد الغذائية عندهم ليعلم أن الجولاني من أهم أسباب غلاء الأسعار والتضييق على الفقراء في إدلب، فعلى سبيل المثال فقط فإن سعر جرة الغاز في إدلب أغلى من سعرها في درع الفرات بدولار وأحيانا بدولارين في الجرة الواحدة، وإذا كان في إدلب مليون أسرة تستهلك الأسرة جرة واحدة شهريا في الحالات العادية، فهذا يعني من مليون إلى مليونين من الدولارات تدخل للجولاني كفرق سعر فقط بين السعر في درع الفرات وفي إدلب عدا عن الربح الأصلي في الجرر وعدا عن استهلاك المجتمع للجرر في التدفئة واستهلاك المطاعم وغير ذلك، تخيل هذه الملايين فقط من جرر الغاز وقس على ذلك باقي السلع.
ورغم سرقته خيرات المحرر فإن هذه الخيرات يتنعم بها هو وقلة قليلة من المنتفعين والمرقعين حوله، أما عامة المجاهدين الذين يتاجر بدمائهم والمرابطين حقا على الجبهات فهؤلاء من أفقر الناس في المجتمع وحالهم يرثى له، وأسوأ من حالهم حال المصابين والمعاقين الذين تاجر الجولاني بتضحياتهم ثم أهمل شؤونهم وتركهم هملا تتخطفهم الأمراض والمعاناة.
ثالثا- ملف الجرائم الأمنية:
أما في الجانب الأمني والاعتقالات التعسفية والاختفاء القسري ومصير المعتقلين، فالجرائم تشيب من هولها الولدان، ويكفي أن تعلم أن عدد الإعدامات التي نفذها الجولاني في زمن هيئة تحرير الشام أكثر من ألف حالة لم تتوفر لهم إجراءات القضاء الشرعي الصحيح ولا حقوق المعتقلين ولا مواساة لأهاليهم، بل ولا حتى اعتراف بإعدام كثير منهم ولا شهادات وفاة لهم، وتم دفن كثير منهم سرا في مقابر جماعية، هذا عدا عن استهتار الأمنيين والدوريات والحواجز بدماء المدنيين فأريقت على أيديهم دماء كثير من الأهالي لعبا واستهتارا.
أما عن التعذيب، وأعداد الذين خطفوا ودخلوا السجون ظلما، والمعاملة الإجرامية لأهالي السجناء، وقصص التعامل الإجرامي مع المسلمات السجينات، فهذا أمر لا يقدر على حصره بشر.
وأذكر أن الزنزانة التي كانت بجانبي كان فيها أربع نساء وأحيانا خمسة، وهي في الأصل لا تكاد تتسع لشخص واحد، ولا زلت أذكر في الزنزانة المجاورة لي صوت بكاء امرأة من بنش عندها تسعة أولاد بقيت قرابة الأربعين يوما تترجاهم أن تتكلم بالهاتف مع زوجها لتخبره بطريقة إعطاء الدواء والإبرة لابنتها المريضة بالسحايا لأنه لا يعرف ذلك، فرفضوا السماح لها ولو بمكالمة، وتناديهم أليست عندكم أخوات؟ أليست عندكم أمهات؟ سألت أحد المسؤولين عنها وما تهمتها، فقال: تتعامل مع التحالف، وبعد خمسين يوما أخرجوها لأنه لم يثبت عليها شيء!!، ولا حول ولا قوة إلا بالله، وهذه الطريقة مشهورة عندهم يسجنون الشخص ويعذبونه ويهينون أهله ويتهمونه بأبشع التهم كالعمالة والخارجية والفحش، ثم بعد زمن يتبين أن التهم كذب في كذب.
والتعامل مع هؤلاء السجينات في السجن الأمني يتم عبر رجال، وتطلب السجينات من السجانين الرجال بعض أمورهن الخاصة وقد لا تصلهن إلا بعد تكرار الطلب من عدة سجانين وبعد عدة أيام.
وبالنسبة للتعذيب لا زلت أذكر أن أحد السجانين عندما سألته عن كثرة أصوات التعذيب التي أسمعها يوميا، قال: يا شيخ المحققون مجرمون، وأنا بريء من أفعالهم.
بل إن الملف الأمني فيه أمور أخطر من ذلك كالقيام بأعمال أمنية باسم الدواعش، ففي فترة سجني كان يوجد سجين داعشي له أقارب من قيادات في درع الفرات، وكان الأمنيون يعرضون عليه الخروج من السجن والقيام بأعمال أمنية في منطقة درع الفرات بشرط أن يحضر زوجته لإدلب كضمان لجديته في العمل، وكان يرفض ذلك، وقالوا له: نعطيك سيارة ومال وبيت وما يلزمك من سلاح، وكان يرفض ذلك العرض؛ لأنه لا يريد وضع زوجته رهينة عندهم.
وإذا كان الجولاني صادقا فليسمح بتقصي الحقائق لثلاثة ممن تتنوع فصائلهم ومدارسهم واهتماماتهم من هؤلاء المشايخ: أبو محمد الصادق أبو واقد الشامي أبو الوليد الحنفي أبو دجانة الحموي المحيسني الطرطوسي علي بن نايف الشحود العريدي أبو عبد الله الطبيب محمد أبو النصر أبو أنس الكناكري حسام حجو، فليختر ثلاثة منهم يكونون لجنة تقصي حقائق تزور السجون الأمنية وتسمع من المعتقلين وتلتقي بأهالي المفقودين والمغيبين والمعتقلين وتطلع على أوراق الأمنيين وتعاين إن شاءت المقابر الجماعية، لتخبرنا بالأعداد الدقيقة لمن أعدمهم الجولاني ومن سجنهم ومن عذبهم ومن ماتوا تحت التعذيب، وهل قضاؤه الأمني معتبر أم فيه استنساخ لقوانين البعث المجرم، فهل ستسمح لهم أيها المجرم؟!
– أما بخصوص قمع الصحافة والإعلام وأمانة الكلمة فالقمع شديد في إدلب لكل صادق ولكل مُطالب بحق بالكلمة الطيبة الحرة، فالكلمة الحرة جريمة كبرى عنده، وعنده لا صوت يعلو فوق صوت الترقيع والنفاق، فمن نافقه صدره، ومن قال له: اتق الله، ناله سوء العذاب، وما قصة سجن أحمد رحال وبلال عبد الكريم وأبي حسام البريطاني وغيرهم كثيرون عنكم ببعيد، وقد خرجوا بلا استحياء ببيان رسمي يمنعون فيه أبا حسام البريطاني من التكلم ولو بالحق في الشؤون العامة! مستنين بسنة صناديد قريش من قبل قال تعالى: (وَإِذْ قَالُوا اللَّهُمَّ إِنْ كَانَ هَذَا هُوَ الْحَقَّ مِنْ عِنْدِكَ فَأَمْطِرْ عَلَيْنَا حِجَارَةً مِنَ السَّمَاءِ أَوِ ائْتِنَا بِعَذَابٍ أَلِيمٍ)، فهم بدل أن يقولوا: اللهم إن كان هذا هو الحق فاهدنا له، قالوا: فأمطر علينا حجارة من السماء، والجولاني بدل أن يقول: إن كانت عندك كلمة حق فأنا طالبها، يقول بلا استحياء: سأسجنك إن قلتها.
ألا تلاحظون إخواني أنه بسبب إذلال الناس والإرهاب الأمني واعتقال المتظاهرين، نشأت في إدلب ظاهرة المظاهرات النسائية المنددة بالظلم؛ ومع ذلك لم تسلم حتى النساء من تعدي المجرمين عليهن في محاولة لإسكاتهن، إنه شخص يخاف الإعلام الصادق وكلمة الحق أشد الخوف (يَسْتَخْفُونَ مِنَ النَّاسِ وَلَا يَسْتَخْفُونَ مِنَ اللَّهِ وَهُوَ مَعَهُمْ إِذْ يُبَيِّتُونَ مَا لَا يَرْضَى مِنَ الْقَوْلِ وَكَانَ اللَّهُ بِمَا يَعْمَلُونَ مُحِيطًا)؛ لذا حث الإسلام على كلمة الحق عند الجائرين لما لها من فضل عظيم وأجر كبير، ففي الحديث «أفضل الجهاد كلمة عدل عند سلطان جائر»، اللهم اجعلنا ممن يقول الحق ولا يخاف إلا وجهك يا رب العالمين.
وحولي إخوة بالحق نادَوا … أراهم بالقيود مكبَّلينا
طغاةُ الحكم بالتعذيب قاموا … على رهطٍ من الأبرار فينا
فطوراً مزَّقوا الأجسام منَّا … وطوراً بالسياط معذبينا
وطوراً يقتلون الحرَّ جهراً … لينطق ما يروق الظالمينا
فمهلا يا طغاةَ الحكم مهلاً … فطعمُ السَّوط أحلى ما لقينا
سنبذل أرواحنا في كل وقت … لرفع الحق خفاقاً مُبينا
فإن عشنا فقد عشنا لحق … ندكُّ به عروش المجرمينا
وإن متنا ففي جنَّات عدن … لنلقى إخوة في السابقينا
رابعا- حقيقة الواقع الإداري في المنطقة:
– وتمريرا لمخططاته الإجرامية فإنه عمل على اختراق المجتمع عبر ما يسميه مؤسسات وحكومة، وهي مؤسسات لا تحُل ولا تربُط، هدفه منها الإلهاء وتضييع الأوقات، وجمع بيانات كاملة عن كوادر المحرر من مقاتلين ومدرسين ومشايخ وأطباء ومهندسين وإعلاميين..، فتصبح تلك البيانات سلاحا ضدهم يفضح أمنياتهم وأنشطتهم الثورية أمام شتى أجهزة الاستخبارات المحلية والعالمية، وهي مؤسسات دخل فيها عدد كبير من الصادقين وكثير منهم يصرحون أمامي وأمام كثيرين أنهم لا يثقون في الجولاني ويشكون أصلا في ولائه للثورة والجهاد، ويعلمون أنه يتبنى زورا جهود غيره، ويحارب الإصلاح، ويرهن المنطقة لمشاريع دولية خارجية، وهم يقولون: “نحن نعلم أننا أرجل كراسي ولا يطلع بإيدنا شيء” ولكنهم يعملون من باب تقليل الفساد قدر الإمكان، وهم يعلمون أن المتحكم في أكثر الملفات هم الفاسدون المرقعون، أما الصادقون فمهمشون، وعلى حد تعبير شرعيه أبي مارية العراقي المشتهر في مجالسه الخاصة: “جماعتنا ما يصلح معهم غير كلب الطابون”، ويقصد الدمية التي تتحرك على شكل كلب ويضعها بعض الناس في السيارة فيهتز رأس الكلب بالموافقة في كل منحدر ومزلق تقع فيه السيارة.
أما ما يسميه الحوكمة وإصدار القوانين، فهي قوانين رغم أنه مكتوب فيها أنها تنشر بشكل عام على شبكات النت إلا أنك لو بحثت عنها فلن تجد شيئا منشورا بصورة عامة، ومن فضل الله حصلت على بعض هذه القوانين، وبنظرة سريعة على عدد منها تبين أنها قوانين تكاد تخلو من كلمات الله، باسم الله، الإسلام، وهي قائمة على أخذ مال الشعب وإذلاله فكثير ما تتكرر بمناسبة أو بدون مناسبة وبدون فهم للواقع عبارات الدفع والعمولة والنسبة والغرامة والأجرة وضعف الأجرة والسجن والأشغال الشاقة.
والأصل في كثير من تلك القوانين أنها نسخ أجزاء من قانون بشار البعثي الاشتراكي ثم لصقها وإصدارها باسم حكومة الإنقاذ، مع تغيير اللوجو وما شابه؛ بحيث لا يختلف في كثير من النواحي النظام في إدلب عن النظام البعثي في مناطق سيطرة بشار..
وعملية النسخ واللصق هذه يتخللها كثير من الأمور المنحرفة والغبية والمضحكة، وإليك أخي الكريم بعض الأمثلة تدلك على العبث والجهل الذي يقوم به الجولاني.
– فمثلا من القوانين المنحرفة النص على التحاكم لقانون بشار في بعض الأمور كما في قانون الجولاني لأملاك الدولة رقم 35 الذي ينص على أن التجاوزات الواقعة قبل الثورة يتم معالجتها وفق قوانين قبل الثورة أي قوانين نظام البعث، ففيه: [التجاوزات الواقعة قبل قيام الثورة يتم معالجتها وفق القوانين والأنظمة النافذة آنذاك أما التجاوزات الحديثة الواقعة خلال الثورة يتم معالجتها من خلال لجنة مشكلة على مستوى رئاسة الحكومة لدراسة واقع المخالفات ومعالجتها حسب الأصول الشرعية والقانونية ومقتضيات المصلحة العامة].
– ومن القوانين المنحرفة كذلك مراعاة الاتفاقيات الدولية والتي تنص عادة على تحكيم قوانين جاهلية عند الخلاف، فينص قانون حماية الملكية التجارية رقم 16 على أنه [مع مراعاة الاتفاقات الدولية واستنادا لقرار الهيئة التأسيسية في المناطق المحررة نصدر فيما يلي قانون العلامات الفارقة].
– ومن القوانين المنحرفة كذلك الاستنان بنظام البعث في التلاعب بأملاك الأوقاف بلا مراعاة للضوابط الشرعية في التعامل معها، فقد طبق قانون الاستملاك رقم 8 قانون بشار بعينه الذي يجيز للوزارات وللإدارات والمؤسسات العامة والجهات الإدارية ولجهات القطاع العام أن تستملك أملاك الوقف لتنفيذ مشاريعها مثل إنشاء الساحات والملاعب والأسواق والحدائق العامة، وهذا قانون مخالف للشريعة في ضوابط التعامل مع الأوقاف.
– ومن القوانين الغبية أنه يحصل أحيانا في قوانين الجولاني تعديل بعض الكلمات في قوانين بشار فتخرج قوانين غبية، ومثال ذلك أن قوانين الجولاني تفرض تراخيص على كل شيء، فعندما نسخوا قانون الاتصالات وجدوا أنه ينص على أن الشبكات الخاصة لا تحتاج ترخيصا في حالات معينة فلم يعجبهم هذا وغيروا العبارة وجعلوا كل شبكات الاتصالات الخاصة تحتاج ترخيصا، يعني من ركب انترفون ومن فتح واي فاي ومن عمل تردد قبضة عادية بين محله وبيته يحتاج ترخيصا، فينص قانون بشار على أنه [لا يحتاج إنشاء أو تشغيل شبكات الاتصالات الخصوصية إلى الحصول على ترخيص من الهيئة شريطة عدم استخدام تلك الشبكات لترددات راديوية أو أي مورد عام آخر]، أما قانون الجولاني للاتصالات رقم 14 فينص على أنه [لا يجوز إنشاء اتصالات عامة أو خاصة أو تشغيلها أو إدارتها أو تقديم خدمة الاتصالات العامة أو الخاصة إلا بعد الحصول على ترخيص بذلك]، وأظن أنه لا يوجد قانون في العالم كله بهذا الغباء بالنسبة للشبكات الخاصة سوى عند الجولاني، ولم يكتف بذلك بل نص قانونه الغبي على أن [كل من يقوم بتشغيل شبكة خاصة بعد صدور قانون الترخيص يعاقب بالسجن لمدة لا تقل عن شهرين أو بغرامة مالية لا تقل عن (2000) دولار أمريكي].
– ومن القوانين الغبية كذلك أن قانون بشار ينص على أن اللغة العربية هي لغة التدريس في الجامعات وأنه يجوز تدريس مقرر واحد في كل سنة دراسية في مرحلة الإجازة بلغة أجنبية، أما في قانون الجولاني الغبي لتنظيم الجامعات رقم 13 فنسخ قانون بشار بأن اللغة العربية هي لغة التدريس في الجامعات، ولكنه أضاف كلمة أو أكثر بعد كلمة مقرر واحد، فأفقد القانون معناه، بحيث إن القانون كان يهدف لتحديد مادة واحدة باللغة الأجنبية لتبقى اللغة العربية لغة التدريس، أما إضافة كلمة أو أكثر فهذا معناه إمكانية تدريس كل المواد باللغة الأجنبية فلم يعد للمادة معنى أصلا، أي أن نظام البعث يحافظ على اللغة العربية ونظام الجولاني لا يهتم باللغة العربية.
– ومن القوانين الغبية كذلك في قانون الإدارة المحلية رقم4، النص على أن من مهام المختار [مراقبة الأجانب والإخبار عنهم] يعني فسفوس للجولاني.
– أما القوانين المضحكة، فمنها أن قوانين الجولاني لا علاقة لها بالواقع وكأنه يعيش في زحل أو المريخ وهمه جمع المال فقط ولا يعلم أن هناك نزوحا وتهجيرا وأزمة سكن، فيمنع مثلا أي ترميم أو إصلاح للسكن الخاص إلا برخصة، وهذه الرخصة تحتاج كما في قانون ضابطة البناء رقم11 إلى [صورة مصدقة عن قيد السجل العقاري. – براءة ذمة للمقسم أو العقار المراد ترخيصه من الوحدة الإدارية – مخطط موقع واستقامة – طلب رخصة يقدم إلى رئيس المجلس موضحا فيه اسم صاحب العقار وشهرته ومحل إقامته ورقم العقار وموقعه ومنطقته العمرانية ونوع العمل المطلوب ترخيصه بالتفصيل. – مخطط هندسي مصدق من نقابة المهندسين حسب الأصول عند وجود منشآت من البيتون المسلح أو المعادن . – (وآخر شيء تحتاجه هذه الرخصة وهو أهم شيء عند الجولاني أنه) يتم ترخيص الإنشاءات البسيطة بعد تسديد الرسوم المتوجبة].
– ولو أراد نازح أن يبني سكنا مؤقتا سقفه شادر بلا صبة فينص نفس القانون على أنه [لا يمنح الترخيص بإنشاء الأبنية المؤقتة لغاية السكن ولا يجوز استعمالها لذلك].
– أما السكن في بنايات على العظم أو غير كاملة الإكساء فأيضا جريمة تخالف القانون، الذي يتوجب عليك أن [تكسى جدران الحمامات والمطابخ بالبورسلان وما شابه ذلك على ارتفاع مترين على الأقل في الحمامات ومتر ونصف على الأقل في المطابخ].
وينص قانونه المضحك على أن من أراد أن يركب فوق البناء لوح طاقة شمسية فيجب عليه إحضار مختصين لدراسة مكان اللوح حتى لا تحدث تشويها في المنظر العام.
هذه أخي الكريم نبذة يسيرة جدا عن مهزلة الحوكمة والقوانين، وهي ليست حبرا على ورق، بل هي ترويض للمجتمع الثائر ليعود في كثير من الجوانب لحظيرة تشبه حظيرة البعث الاشتراكي الذي دمر البلد خلال ستين عاما، وإنا لله وإنا إليه راجعون..
ماذا نقول لربِّي حين يسألنا … عن الشريعة لم نحمي معاليها
ومن يجيب إذا قال الحبيب لنا … أذهبتمُ سنَّتي والله محييها
إن لم نردها لدين الله عاصفةً … سيذهب العِرضُ بعد الأرض نعطيها
خامسا- من هو الجولاني وما قصة وضعه على قائمة الإرهاب؟
“أحمد حسين الشرع” هذا اسمه خرج مسربا لا في تصريح ولا في بيان رسمي، وفقط أجهزة المخابرات هي التي تعلم شجرة عائلته وأصهاره وأسماء أبنائه، وتاريخه قبل الجهاد الشامي، ونفسيته التي درسوها خلال سجنهم له في العراق.
أما في الجهاد الشامي فهو نكرة ومنذ قدومه وهو مركز فتن في بلاد الشام. وشهادتي فيه تطابق الشهادات التي أخبرني بها كثير من قادة الثورة السورية من شتى الفصائل والتوجهات ممن تَعرَّف عليه عن قرب، وكلها شهادات تواترت وتوافقت على ذمه ذما شديدا مؤكدة أن فساده من أكثر الأمور التي أضرت الساحة، وهي شهادات وإن ظهر بعضها فإن كثيرا منها لم يظهر بعد على العلن خوفا من البطش بمن يجهر بكلمة الحق.
وهنا يرد السؤال المهم، وهو إذا كان الجولاني يحقق بحماقته وتجارته بتضحيات المجاهدين والثائرين والشعب المكلوم أهدافَ العدو، فلماذا وضعه الأمريكان على قائمة الإرهاب وأعلنوا عن مكافأة قدرها عشرة ملايين دولار لمن يدلي بمعلومات تدلهم على مكانه؟
والجواب: ليس كل من وضعه الأمريكان على قائمة الإرهاب فإن هذا يعني أنهم يعادونه، بل في بعض الأحيان يضعونه على تلك القائمة لتحسين صورته أمام الأمة وإيهامها أنه يعمل لصالحها وهو في الحقيقة يعمل ضدها، تماما كما وضعوا عددا من قادة حزب الله اللبناني على قائمة الإرهاب وفي الحقيقة فإن أمريكا هي التي سمحت ودعمت التمدد الرافضي في لبنان وسوريا والعراق..
ألا تعجب أن الأمريكان قتلوا كثيرا من القادة الذين اختلفوا مع الجولاني كأبي عمر سراقب وأبي فراس السوري وأبي الخير وحمود سحارة وأبي طلحة الحديدي وأبي حفص الحلبي وغيرهم كثير، وهم خلال سبع سنوات من قصفهم لإدلب بالطائرات بدون طيار لم يستطيعوا تحديد مكان الجولاني ولو لمرة واحدة؟!!
أيعقل أن يستطيع بعض التقنيين في الساحة اختراق قبضة الجولاني وبث التسريبات الشهيرة التي قال فيها المغيرة بنش: المشايخ عندنا عملهم مرقعون فقط، ولا يستطيع الأمريكان اختراق قبضته!!
أيعقل أن يستطيع الأمريكان تحديد مكان تخفي البغدادي في إدلب، ولا يستطيعون تحديد مكان الجولاني الذي يتجول في مطاعم الفول ويعقد المؤتمرات ويزور مخيمات النازحين بعد خراب مناطقهم ويسرح ويمرح كما يشاء؟!!
طبعا هذا غير معقول، والمعقول أن الأمريكان علموا حقيقته الفاسدة وحرصه على أي حياة فهم يبتزونه بوضعه على قائمة الإرهاب ليزداد تنازلا لهم وتحقيقا لمصالحهم وحربا على الصادقين وتنفيذا لرغباتهم..
وهذا أمر واضح جدا لكل متابع، فمثلا تقول الباحثة الإسرائيلية إليزابيث التي تتواصل مع قادة الهيئة عن فكرة اغتيال الجولاني: “هذا مسار غير مرغوب فيه من طرف تركيا أو الولايات المتحدة”، وتقول في تغريدة أخرى بوضوح تعليقا على خبر وزارة الخارجية الأمريكية عن إعطاء مكافأة لمن يدلي بمعلومات عنه: “يمكن للجولاني أن يتحرك”.
إن استفادة أمريكا من الجولاني كبيرة جدا، فهو اليوم محطة من المحطات القذرة التي تنتقم بها أمريكا من مخالفيها، فسجن جوانتنامو أساء لسمعة أمريكا فلم تعد ترغب في تكرار تجربته، فهي تستخدم الأنظمة القذرة لقتل وتعذيب وسجن من تريد، لذا لا غرابة أن تكون سجون إدلب إحدى السجون التي يُرحَّل لها المساجين الذين تلقي القبض عليهم بعض الدول المشتركة في التحالف الدولي.
بل الأعجب من ذلك أن ال ب ك ك يسلم له مطلوبين لأمريكا تحت ستار تبادل الأسرى، كما حصل في الصفقة السرية التي سلم فيها قيادي لل ب ك ك وهو دارة العراقي واستلم منهم مهاجرين دواعش!! ولا أدري لماذا طلب الجولاني الدواعش ولم يطلب أسيرات أو أسرى من عامة المسلمين هناك!
ولقد تعاون الجولاني مع المنظمات الملحدة التي تعمل على تهريب النساء والأطفال ممن كانوا يزيديين عبدة شيطان ثم أسلموا؛ حيث يهربونهم من مناطق سيطرة تنظيم الدولة إلى مناطق سيطرة ملاحدة الأكراد عبر إدلب، وما قصة تسليم الطفل المسلم هوكر عنا ببعيد، بل إن إحدى الأخوات عندما وصلت إدلب رفضت الذهاب إلى مناطق سيطرة الملاحدة الأكراد خوفا على إسلامها وتزوجها شخص من منطقة الدانا ومع ذلك كان الجولاني وزبانيته يضغطون على زوجها لتخرج الأخت من إدلب رغم إصرارها على البقاء، وفي نفس الوقت يحاربون من يعملون على إخراج الأخوات المسلمات من سجن مخيم الهول ويطاردهم ويصادر الأموال التي يجمعونها لهذا الغرض، فواعجبا من شخص يزعم حرصه على أعراض المسلمات وهو يساعد في تهريبهن إلى مناطق سيطرة ملاحدة الأكراد ويمنع فك أسرهن من سجون الملاحدة.
إن الجولاني يزعم أنه يعمل على تغيير صورة إدلب ومسح تصنيف الإرهاب عنها من خلال فك الارتباط بتنظيم القاعدة، ومحاربة تنظيم حراس الدين، وتزامنت مطاردته لهم مع قصف الطيران الأمريكي لقادتهم، واستجدى الصحافة الفرنسية والإسرائيلية والأمريكية للتوسط، ودخل في هُدنة مع الروس وحمى دورياتهم، وقمع المهاجرين في إدلب، لكنه نسي شيئا مهما جدا وهو أنه أشهر شخص موضوع على قائمة الإرهاب هو نفسه الجولاني، وأنه لو كانت تلك الخطوات تفيد في حماية إدلب فعلى مذهبه هذا يتوجب اختفاؤه هو وابتعاده عن المشهد لابتعاد التصنيف الإرهابي عن إدلب وسحب ذرائع الإضرار بالمنطقة.
إن الواقع يؤكد أن المنظمات الدولية والأمريكية هي التي تدعم وجود الجولاني في هذه المرحلة، ومن الشواهد على ذلك أن البعض زعم أن كلمة “كي لا تغرق السفينة” تؤجج الإعلام الغربي على الهيئة، وهذا غير صحيح، فبحمد الله نحن نعلم الواقع، والذي ثبت أن الإعلام الغربي لم يهتم بتلك الكلمة بل وعمل على حذفها من مواقع التواصل، ورغم ما ذكرناه عن فساده فقد تضخم تعاملهم مع الجولاني وأذرعه، وزاد المدح الإعلامي الغربي له، بل وتصدر عدد من اليهود والنصارى لتحسين صورته في الغرب.
فمثلا خلص الباحثان الغربيان جيرون دريفو وباتريك هاني في بحثهما الذي نشراه باسم “كيف أضحى الجهاد العالمي محليا؟” إلى دعم خطوات الجولاني؛ لأنهما شاهدا أن الجولاني غير قادر على الدفاع عن إدلب، ولا هو جاد في إقامة الشريعة، ويعمل حثيثا على تبديد مخاوف الغرب، فيقول الباحثان بعد لقاءات الجولاني وعطون وغيرهما:
“لا يمكن للتنظيم الصمود عسكريا ضد النظام والروس”.
ويقولان: “هيئة تحرير الشام هي الجهة الوحيدة القادرة على تطوير وتنفيذ استراتيجية متماسكة لمكافحة الجهاد العالمي”.
ويقولان: “لم تعد هيئة تحرير الشام تصر على العديد من المفاهيم.. مثل الولاء والبراء.. والسيادة العليا للشريعة الإسلامية”.
وبعد لقاء مسؤولين في حكومة الإنقاذ يرى الباحثان أن حكومة الإنقاذ تعمل على: “تعليق العقوبة البدنية بسبب ظروف الحرب وتهميش المفاهيم الخلافية والتخلي الضمني عن الجهاد”.
وملخص الوضع الذي لاحظاه في إدلب هو قولهم: “تأجيل الكفاح المسلح إلى أجل غير مسمى.. والاعتماد على جهات خارجية.. والسعي للتطبيع مع الدول الغربية”.
والنتيجة النهائية التي وصلا لها هي قولهم: “لقد خدمت هيئة تحرير الشام في الواقع في سعيها لتحقيق أهدافها الخاصة المصالح الغربية بطرق مختلفة”.
أرأيت أخي الكريم كيف أن وضع الجولاني على قائمة الإرهاب ما هو إلا ابتزاز اعتاد عليه الأعداء في معاملة اللاهثين وراءهم، ومن غير المستبعد أن يتخلصوا منه بعد انتهاء حاجتهم لبقائه كما تخلصوا من قبل من كثير من الحمقى والمغفلين الذين أضروا أمتهم في سبيل تحقيق أهوائهم الشخصية.
سادسا- ما هو الحل؟ وقوارب النجاة:
باختصار فقد تكالب الأعداء من شتى القوى العالمية على الثورة السورية ولكنها رغم كل تلك الخطوب نجحت بفضل الله تعالى خلال عشر سنوات في أن تستمر وأن تحطم دولا ومؤامرات وخطط خبيثة..
لذا فإن محاولة تدمير الثورة من داخلها هي ورقة خطيرة استخدمها ويستخدمها الأعداء عبر الاختراق أو الضغط أو الإغراء في تجارب عديدة كداعش والضفادع والجولاني، فالجولاني بمراحله وأفكاره المتقلبة بين الغلو والانبطاح وممارساته التسلطية، وعشقه للخلافات الفصائلية، وقفزاته البهلوانية، وقهر الشعب وتحقيرهم وإذلالهم، والتجارة بدماء المجاهدين الأبطال وتضحياتهم، وعدم مبالاته بمصلحة الثغور، هو دمار للثورة والجهاد والمجتمع، فوجوده لا يدفع صائلا فضلا عن أن يحرر منطقة، والبديل عنه الذي حصل في المناطق التي كانت تحت سيطرته في أرياف حماة وإدلب وحلب هو بشار النصيري، ومع ذلك هو يحارب من يريد دفع الصائل، وإلى الله المشتكى.
* وإزاء ذلك فهذه نصائح وقوارب نجاة تساعد المجتمع بنخبه وقادته ومجاهديه وثائريه وعامة أفراده على معالجة بعض هذه الإشكاليات (إِنْ أُرِيدُ إِلَّا الْإِصْلَاحَ مَا اسْتَطَعْتُ وَمَا تَوْفِيقِي إِلَّا بِاللَّهِ عَلَيْهِ تَوَكَّلْتُ وَإِلَيْهِ أُنِيبُ):
أولا- أنصح الجولاني بأن ينشغل بخاصة نفسه ويدع شؤون الأمة فكفى ما قد مضى، وأنصح من يبغون الخير من شورى الهيئة وقيادتها أن يحاولوا عزله وإقالته، عسى أن يتغير الحال ويتحسن الوضع.
ثانيا: إنهاء المشاغبات التي تعرقل جهاد الثابتين؛ كالتضييق والمطاردة، والتوافق على ما فيه مصلحة العباد والبلاد فلا تخلو الساحة من عقلاء يمكنهم وضع حلول حقيقية ترضي الله جل وعلا، والقاعدة العامة في الخلافات: (إِنْ يُرِيدَا إِصْلَاحًا يُوَفِّقِ اللَّهُ بَيْنَهُمَا).
ثالثا- أن يرفض أهالي إدلب ممارسات احتكار السلاح وتسجيله، بل العمل على جعل تسليح الشعب ثقافة عامة ليكون في كل بيت بارودة خاصة ولا مانع من أن يخزن الأفراد قواذف آر بي جي ورشاشات بي كي سي وغير ذلك، وكذلك فليكن لدى كل مجاهد بارودة خاصة به في البيت غير بارودة الفصيل التي معه؛ بحيث لو سحب الفصيل بارودته تبقى عند المجاهد بارودة أخرى، فواهم من ظن أن الحرب انتهت وأنه لا حملات جديدة للعدو وأن الهدنة مستمرة سنينَ طوالا، فسلاح المجاهد فيه عزه وشرفه، قال تعالى: (وَدَّ الَّذِينَ كَفَرُوا لَوْ تَغْفُلُونَ عَنْ أَسْلِحَتِكُمْ وَأَمْتِعَتِكُمْ فَيَمِيلُونَ عَلَيْكُمْ مَيْلَةً وَاحِدَةً).
رابعا- التنبه لمخطط تسجيل بيانات كوادر المحرر ومقاتليه وعمل صور لبصمات أيديهم، فهو مخطط خطير يؤدي لحصر الثورة السورية ودراسة الأعداء لكافة جوانبها في حربها لها.
خامسا- تفعيل الروابط المناطقية والعشائرية والاجتماعية فهي البديل القوي عند انسحاب القادة الفاشلين أو المشبوهين من المناطق وتقدم العدو عليها.
سادسا- التبني المجتمعي للخلايا والمجموعات المصرة على استكمال قتال النظام النصيري والاحتلال الروسي والإيراني والعاملة على توجيه ضربات نوعية لمطاراتهم وثكناتهم ومعسكراتهم وكبار قادتهم.
سابعا: التوعية المجتمعية لمن ظل في جيش بشار ومليشياته بخطورة جرائمهم والعمل المستمر على شق الجنود من صفوفه، وإخراج الشباب من مناطق سيطرة النظام النصيري إلى المناطق المحررة قبل حلول موعد تجنيدهم.
ثامنا: الأفراد والمجموعات الذين يشعرون في إدلب بتضييق شديد يعيق قتالهم، فإلى أن يتغير الحال لا مانع من أن يخرج جزء من النوعيين منهم ليستكمل الجهاد في ثغور وأماكن أخرى كخلف خطوط الأعداء وما شابه ذلك:
وفي الأرضِ منأىً للكريمِ عن الأذَى
وفيها لمنْ خافَ القِلَى مُتَعزَّلُ
فوالله ما في الأرض ضيقٌ على امرئٍ
سرى راغباً أو راهباً وهو يعقلُ
تاسعا- إخواني المجاهدين إن الجنود في الإسلام هم جند الله تعالى، والجهاد هو في سبيل الله تعالى، وما الفصائل إلا وسيلة لتحقيق بعض أنواع الجهاد، فلا طاعة لمخلوق في معصية الخالق، وليحذر من يطارد المجاهدين من حرب الله سبحانه وتعالى، قال جل وعلا في الحديث القدسي: “من عادى لي وليا فقد آذنته بالحرب“. وليحذر الجندي من الركون للظالم فهو من أهم أسباب الهزيمة والخذلان، قال تعالى: (فَاسْتَقِمْ كَمَا أُمِرْتَ وَمَنْ تَابَ مَعَكَ وَلَا تَطْغَوْا إِنَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ وَلَا تَرْكَنُوا إِلَى الَّذِينَ ظَلَمُوا فَتَمَسَّكُمُ النَّارُ وَمَا لَكُمْ مِنْ دُونِ اللَّهِ مِنْ أَوْلِيَاءَ ثُمَّ لَا تُنْصَرُونَ)، قال السعدي في تفسيره: “إذا كان هذا الوعيد في الركون إلى الظلمة، فكيف حال الظلمة أنفسهم”.
عاشرا- رفض الخطأ، والإصرار على الإصلاح، والعمل الجاد على تصحيح الأوضاع، والنبذ المجتمعي للمتاجرين بدماء الأمة ومعاناتها، واستعمال كل الوسائل الشرعية لإيقاف الجرائم الأمنية التي تتعمد إذلال الأحرار المسلمين الأباة، وتوثيق ما حصل من تلك الجرائم، فهي جرائم لا تسقط بالتقادم، فسنة الله في الظالمين أن لهم يوما لا يستأخرون عنه ساعة ولا يستقدمون، فإدلب اليوم فيها خيرة الناس الذين هاجروا وهجروا من مناطقهم وضحوا بالغالي والنفيس، وكذلك الأهالي الذين ثبتوا في المنطقة واعتزوا بثورتهم رغم الأهوال، وشعارهم هو شعار الثورة الأول: الموت ولا المذلة، وما نركع إلا لله..
وأبشركم إخواني المهاجرين والمهجرين بقوله سبحانه وتعالى: (فَالَّذِينَ هَاجَرُوا وَأُخْرِجُوا مِنْ دِيَارِهِمْ وَأُوذُوا فِي سَبِيلِي وَقَاتَلُوا وَقُتِلُوا لَأُكَفِّرَنَّ عَنْهُمْ سَيِّئَاتِهِمْ وَلَأُدْخِلَنَّهُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ ثَوَابًا مِنْ عِنْدِ اللَّهِ وَاللَّهُ عِنْدَهُ حُسْنُ الثَّوَابِ).
هذي جراحٌ تبدَّت لا دواء لها
إلا عزائمُ كالبُلدان نبنيها
والخطب أكبر من لهوٍ نقارفه
والأمر أكبر من دعوى نناديها
* أسأل الله أن يهيئ للأمة أمر رشد فيه نصر الإسلام وعز المسلمين، والحمد لله رب العالمين.
الشيخ أبو العبد أشداء
تفريغ_سرطان_الثورة_وقوارب_النجاة