المهاجر من هجر ما نهى الله عنه – #الركن_الدعوي – مجلة بلاغ العدد ٥٢ – صفر ١٤٤٥هـ⁩⁩⁩⁩

الشيخ: رامز أبو المجد الشامي

بسم الله الرحمن الرحيم

الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على سيدنا محمد، وعلى آله وصحبه أجمعين.. وبعد:

️قال اللّه تعالى: {وَإِذْ يَمْكُرُ بِكَ الَّذِينَ كَفَرُوا لِيُثْبِتُوكَ أَوْ يَقْتُلُوكَ أَوْ يُخْرِجُوكَ وَيَمْكُرُونَ وَيَمْكُرُ اللَّهُ وَاللَّهُ خَيْرُ الْمَاكِرِينَ} [الأنفال: 30]

قال ابن عباس رضي اللّه عنهما: (ليثبتوك): “ليقيدوك”.

وقال عطاء رحمه اللّه: ”ليحبسوك”.

وقال السدي رحمه اللّه: ”الإثبات هو الحبس والوثاق”.

وهذا يشمل ما قاله هؤلاء وهؤلاء.

_ ️أنواع الهجرة:

والهجرة على خمسة أنواع كما ذكرها الإمام ابن دقيق العيد رحمه اللّه في كتابه إحكام الأحكام.

1 – الهجرة إلى الحبشة عندما آذى الكفار الصحابة رضوان اللّه عليهم أجمعين.

2 _ الهجرة من مكة إلى المدينة.

3 _ هجرة القبائل إلى النبي صلى اللّه عليه وسلم لتعلم الشرائع ، ثم يرجعون إلى أوطانهم ليعلموا غيرهم.

4 _ هجرة من أسلم من أهل مكة وجاء إلى النبي صلى اللّه عليه وسلم ثم عاد إلى مكة.

5 _ هجر ما نهى اللّه عنه.

_ وهجرة ما نهى اللّه عنه تعني هجرة الذنوب والمعاصي والإثم والعدوان والشهوات والشبهات والأخلاق الذميمة والخطايا والصغائر والكبائر وتركها ورفضها، وهجر ما يسخط اللّه ويستجلب عذابه وعقابه، وهذه هي الهجرة الواجبة علينا في كل زمان ومكان.

قال ابن القيم رحمه اللّه في كتابه طريق الهجرتين: “الهجرة هجرتان، الأولى: من بلد إلى بلد وهذه تسمى هجرة الأوطان وأحكامها معلومة، والثانية: الهجرة بالقلب إلى اللّه ورسوله صلى اللّه عليه وسلم، وهي تتضمن ” من ” و “إلى ” ، فيهاجر بقلبه من محبة غير اللّه إلى محبة اللّه، ومن عبودية غير اللّه إلى عبوديته، ومن خوف غير اللّه ورجائه والتوكل عليه إلى خوف اللّه ورجاء اللّه والتوكل على اللّه، ومن دعاء غير اللّه وسؤاله والخضوع له والذلّ والاستكانة له إلى دعاء اللّه وسؤاله والخضوع والذلّ والاستكانة للّه تعالى”.

“ثم تعرض لحال العبد المؤمن المهاجر إلى اللّه، فقال: “وله في كل وقت هجرتان، هجرة إلى اللّه بالقلب والمحبة والعبودية والتوكل والإنابة والتفويض والتسليم والخوف والرجاء والإقبال عليه وصدق الملجأ والافتقار في كل نَفَسٍ إليه”.

“وهجرة إلى رسوله صلى اللّه عليه وسلم في حركاته الظاهرة والباطنة بحيث تكون موافقة لشرعه الذي هو تفصيل محاب الله ومرضاته، ولا يقبل اللّه من أحد ديناً سواه، وكل عمل سواه فعيش النفس وحظها، لا زاد المعاد”.

_ ️فالهجرة هجرتان: هجرة الأوطان وهجرة الإثم والعدوان، وأفضلهما هجرة الإثم والعدوان.

_ والهجرة الباقية إلى قيام الساعة الواجبة على كل عبد وفي كل زمان ومكان هي: هجرة الذنوب والسيئات والعادات الجاهلية والمحرمات والأخلاق الرذيلة والشبهات والشهوات.

_ عن عبد اللّه بن عمرو بن العاص رضي اللّه عنهما، عن النبي صلى اللّه عليه وسلم، قال: “المسلم من سلم المسلمون من لسانه ويده، والمهاجر من هجر ما نهى اللّه عنه” (متفق عليه).

_ وعن عبد اللّه السعدي رضي اللّه عنه، أنّ النبي صلى اللّه عليه وسلم، قال: “لا تنقطع الهجرة مادام العدو يقاتَل”، فقال معاوية وعبد الرحمن بن عوف وعبد اللّه بن عمرو بن العاص رضي اللّه عنهم: “إنّ الهجرة خصلتان إحداهما: أن تهجر السيئات، والأخرى أن تهاجر إلى اللّه ورسوله (صلى اللّه عليه وسلم) ولا تنقطع الهجرة ما تُقبِّلت التوبة، ولا تزال التوبة مقبولة حتى تطلع الشمس من المغرب، فإذا طلعت، طُبِعَ على كل قلب بما فيه، وكُفِيَ الناس العمل” رواه أحمد.

_ وسُئِلَ النبي صلى اللّه عليه وسلم أيُّ الهجرة أفضل؟ قال “أن تهجر ما كَرِهَ ربك” رواه أحمد.

_ قال تعالى على لسان إبراهيم عليه الصلاة والسلام: {وَقَالَ إِنِّي مُهَاجِرٌ إِلَىٰ رَبِّي ۖ إِنَّهُ هُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ}، [سورة العنكبوت].

_ وفي صحيح مسلم، عن عمر بن الخطاب رضي اللّه عنه، قال: سمعت رسول اللّه ﷺ يقول: “إنما الأعمال بالنيّات وإنّ لكل امرئ ما نوى فمن كانت هجرته إلى اللّه ورسوله فهجرته إلى اللّه ورسوله، ومن كانت هجرته إلى دنيا يصيبها أو امرأة ينكحها فهجرته إلى ما هاجر إليه”.

_ وقال رسول اللّه ﷺ: “عبادةٌ في الهرج كهجرة إليّ”.

_ والواجب على كل مسلم وعلى كل جماعة وعلى كل جهة تعمل للإسلام أن يهجروا الحرام ويتركوه، وأن يلتزموا بهدي المصطفى صلى اللّه عليه وسلم ففيه النجاة والفلاح .

_ وقال رسول اللّه ﷺ: “كلّ أمتي يدخلون الجنة إلا من أبى، قالوا: ومن يأبى يا رسول اللّه؟ قال: من أطاعني دخل الجنة ومن عصاني فقد أبى”.

اللهم أكرمنا بصدق العبودية بين يديك، وأدخلنا جنّات النعيم مع النّبيين والصديقين والشهداء والصالحين وحَسُنَ أولئك رفيقاً، وصلى اللّه وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين، والحمد للّه ربّ العالمين.

لتحميل نسخة من مجلة بلاغ بصيغة BDF اضغط هنا

لمتابعة بقية مقالات مجلة بلاغ اضغط هنا 

 

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى