المجاهد المصاب – الركن الدعوي – مجلة بلاغ العدد ٤٩ – ذو القعدة ١٤٤٤ هـ

الشيخ: أبو حمزة الكردي

بسم الله الرحمن الرحيم

الحمد لله رب العالمين، وأفضل الصلاة وأتم التسليم على نبينا محمد، وعلى آله وأصحابه أجمعين، أما بعد:

الجهاد في سبيل الله من أشرف وأفضل العبادات التي يتقرب بها العبد إلى ربه تبارك وتعالى؛ لذا جعل الله عز وجل أجر المجاهد في سبيل الله مضاعفًا؛ يجمع له فوق أجر جهاده أجر عبادات كالصلاة والصيام والقيام دون انقطاع ما دام العبد في جهاده؛ إن كان صادقًا في جهاده وأعطاه حقه، فعن أبي هريرة رضي الله عنه، قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: «مَثَلُ الْمُجَاهِدِ فِي سَبِيلِ اللهِ، وَاللهُ أَعْلَمُ بِمَنْ يُجَاهِدُ فِي سَبِيلِهِ، كَمَثَلِ الصَّائِمِ الْقَائِمِ الْخَاشِعِ الرَّاكِعِ السَّاجِدِ».

وعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه، قَالَ: «قَالُوا: يَا رَسُولَ اللَّهِ، أَخْبِرْنَا بِعَمَلٍ يَعْدِلُ الْجِهَادَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ، قَالَ: لَا تُطِيقُونَهُ، مَرَّتَيْنِ أَوْ ثَلَاثًا، قَالَ: قَالُوا: أَخْبِرْنَا فَلَعَلَّنَا نُطِيقُهُ، قَالَ: مَثَلُ الْمُجَاهِدِ فِي سَبِيلِ اللَّهِ كَمَثَلِ الصَّائِمِ الْقَائِمِ، الْقَانِتِ بِآيَاتِ اللَّهِ، لَا يَفْتُرُ مِنْ صِيَامٍ وَلَا صَلَاةٍ، حَتَّى يَرْجِعَ الْمُجَاهِدُ إِلَى أَهْلِهِ».

هذا الأجر والفضل الكبير للمجاهد في سبيل الله جعل كل ما يتعلق به من زوجةٍ وولدٍ وأهلٍ ومالٍ ودابةٍ ونوم وأكل وشرب وغدو ورواح وإصابة على قدر عال من الرفعة والبركة والخير، وعلى مرتبة مرتفعة من الأجر والثواب جزاء ارتباطهم به.

فكيف بأجر المجاهد بذاته في سبيل الله عز وجل، والذي خرج بنفسه باذلًا روحه ووقته وجسمه وعلمه رخيصًا في سبيل الله، في الحرّ والقرّ، في الليل والنهار، في الصباح والمساء، في العسر واليسر، في الصغر والكبر، في المنشط والمكره، في الأفراح والأتراح، في الصحة والمرض، في العافية والإصابة؛ وما سنتحدث عنه في مقالنا اليوم هو الإصابة في سبيل الله.

فكما أن للمجاهد أجره العظيم وثوابه الجزيل، فقد جعل الله للمجاهد المصاب أجرًا أعظم وثوابًا أجزل، تزيده من الأجر في الدنيا وتكون علامة دالة عليه تميزه بين الناس في الآخرة، قال تعالى: (…ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ لَا يُصِيبُهُمْ ظَمَأٌ وَلَا نَصَبٌ وَلَا مَخْمَصَةٌ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَلَا يَطَئُونَ مَوْطِئًا يَغِيظُ الْكُفَّارَ وَلَا يَنَالُونَ مِنْ عَدُوٍّ نَيْلًا إِلَّا كُتِبَ لَهُمْ بِهِ عَمَلٌ صَالِحٌ إِنَّ اللَّهَ لَا يُضِيعُ أَجْرَ الْمُحْسِنِينَ).

وكفى المجاهد المصاب شرفًا أن النبي صلى الله عليه وسلم أصيب في جهاده، فقد أصيب صلى الله عليه وسلم يوم أحد إصابات شديدة، فكسرت رباعيته وشج وجهه الشريف ودخلت حلقات المغفر في وجنتيه صلى الله عليه وسلم.

وكيف لا يكون المجاهد المصاب ذا أجر عال وشرف رفيع.. وهو:

– يتحمل الألم والضعف والدم والجرح والنزف،

– يتحمل طول الجلوس والاستلقاء وصعوبة الحركة،

– يتحمل ألم جرح اللحم وكسر العظم وقطع العصب وفقد البصر والأذية الشديدة،

– يتحمل مرارة فقد عضو من أعضاء جسده رافقه منذ أن بدأ يستشعر الحياة تدب في أوصاله،

– يتحمل صعوبة التكيّف مع واقع جديد لم يألفه من قبل قط في أكله وشربه ونومه وتنقله وصعوده ونزوله وركوبه وعباداته وقضاء حاجاته،

– يتحمل صعوبة القيام بأموره الشخصية والمهام الموكلة إليه من رعاية أسرته وأطفاله وتأمين متطلباتهم،

– يتحمل عناء متابعة طريق الجهاد والرباط والغزو.. وكيف سيكمل طريق الجهاد..؟! وما سيعرض له في جهاده..؟! وماذا ينتظره من مصاعب في حياته ومن عواقب جديدة لم يألفها قط..؟!

* إن للإصابة في سبيل الله أجر عظيم وثواب جزيل، كما ورد عن النبي صلى الله عليه وسلم في عدة أحاديث؛ منها:

 

– إخلاص النية لتحصيل الأجر والثواب: فعن أبي هريرة رضي الله عنه، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «الله أعلم بمن يجاهد في سبيله، والله أعلم بمن يُكْلَمُ في سبيله» أخرجه البخاري.

وعنه، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «لاَ يُكْلَمُ أَحَدٌ فِي سَبِيلِ الله وَالله أَعْلَمُ بِمَنْ يُكْلَمُ فِي سَبِيلِهِ إِلاَّ جَاءَ يوم القيامة وجرحه يثعب دَماً، اللَّوْنُ لَوْنُ الدَّمِ وَالرِّيحُ رِيحُ الْمِسْكِ»، وفي هذا الحديث اشترط للهيئة الدالة على إصابة المجاهد يوم القيامة أمام الناس إخلاصه النية لله عز وجل وأن تكون في سبيله.

– جرح المجاهد علامة شاهدة له يوم القيامة أمام الناس: عن أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قَالَ: «كُلُّ كَلْمٍ يُكْلَمُهُ الْمُسْلِمُ فِي سَبِيلِ اللهِ يَكون يَوْمَ الْقِيَامَةِ كَهَيْئَتِهَا إِذْ طُعِنَتْ تَفَجَّرُ دَمًا، اللَّوْنُ لَوْنُ الدَّمِ وَالْعَرْفُ عَرْفُ الْمِسْكِ».

وعنه، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «مَا مِنْ مَكْلُومٍ يُكْلَمُ فِي الله إِلاَّ جَاءَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَكَلْمُهُ يَدْمِي اللَّوْنُ لَوْنُ الدَّمِ وَالرِّيحُ رِيحُ الْمِسْكِ».

 

– أجر الإصابة قد يعدل أجر الشهيد إن صدق: فعَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللهِ رضي الله عنهما قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: «مَنْ سَرَّهُ أَنْ يَنْظُرَ إِلَى شَهِيدٍ يَمْشِي عَلَى وَجْهِ الْأَرْضِ، فَلْيَنْظُرْ إِلَى طَلْحَةَ بْنِ عُبَيْدِ اللهِ» وقد كان طلحة رضي الله عنه دافع عن النبي صلى الله عليه وسلم دفاعًا مستميتًا، ضُربت يده وقطعت بعض أصابعه.

* وللمجاهد المصاب في سبيل الله حقوق ينبغي أن تؤدى إليه؛ منها:

 

– تذكيره بالله عز وجل: فيوم أحد ضربت يد طلحة بن عبيد الله، «فَقُطِعَتْ أَصَابِعُهُ، فَقَالَ: حَسِّ، فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صَلى الله عَليه وسَلم: لَوْ قُلْتَ بِسْمِ اللهِ، لَرَفَعَتْكَ المَلاَئِكَةُ وَالنَّاسُ يَنْظُرُونَ».

 

– الإسعاف الأولي: وهو الإجراءات الأولية الإسعافية من إيقاف النزف وتغطية الجرح وتثبيت الكسر وفعل ما يلزم ابتداء للحفاظ على حياة المجاهد فهو أغلى ما نملك، وهذا ما كان يفعله النبي صلى الله عليه وسلم مع أصحابه في أرض المعركة عند الإصابة، فقد «أُصيبت عَيْنُ قَتَادَةَ بْنِ النُّعْمَانِ يومئذ حتى وَقَعَتْ عَلَى وَجْنَتِهِ، فَرَدَّهَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَكَانَهَا، فَعَادَتْ كَأَحْسَنِ مَا كَانَتْ..».

 

– المسارعة في إخراجه من أرض المعركة: لأن المصاب في المعركة قد يصبح عبئًا على غيره من المجاهدين، فيضطرهم إلى الانشغال به عن الانشغال بالعدو، وربما ثبطهم أو أخافهم بكلامه ورؤيته وهو مصاب على حالته التي هو فيها.

– الذهاب به إلى مكان رعاية خاصة بالمصابين: ينبغي نقل المصاب إلى دار رعاية خاصة لعلاجه “دور استشفاء” تكون مكان أمان وراحة واستقرار، يأخذ فيها حقه اللازم من الراحة والعلاج لشفائه، ذكر ابن إسحاق أن رسول الله صلى الله عليه وسلم حين أصاب سعدا السهم بالخندق، قال لقومه: «اجعلوه في خيمة رفيدة حتى أعوده من قريب» وكانت رفيدة امرأة من أسلم تداوي الجرحى، وتحتسب بنفسها على خدمتهم.

– عيادتهم ومواساتهم: على القادة والأمراء والمجاهدين وعامة الناس مواساة إخوانهم المصابين، وهذا اقتداء بالنبي صلى الله عليه وسلم؛ قال عثمان بن عفان رضي الله عنه: «إِنَّا وَاللهِ قَدْ صَحِبْنَا رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي السَّفَرِ وَالْحَضَرِ، فكَانَ يَعُودُ مَرْضَانَا، وَيَتْبَعُ جَنَائِزَنَا، وَيَغْزُو مَعَنَا، وَيُوَاسِينَا بِالْقَلِيلِ وَالْكَثِيرِ»، وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم يمر على سعد بن معاذ بعد إصابته يوم الخندق، فيقول: «كيف أمسيت وكيف أصبحت؟ فيخبره».

فيذكر المصاب بالله عز وجل ويصبره لئلا يدخل عليه الشيطان فيخذله ويضيع عليه أجره بوساوسه، ومن ذلك التذكير:

أن الإصابة مهما كانت صغيرةً فهو مأجور بها، فعن عَائِشَةَ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «مَا مِنْ مُسْلِمٍ تُصِيبُهُ مُصِيبَةٌ شَوْكَةٌ فَمَا فَوْقَهَا إِلَّا كَفَّرَ اللَّهُ عَنْهُ بِهَا خَطِيئَةً»، وعن أبي هُرَيْرَة وَأبي سَعِيدٍ رضي الله عنهما، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «مَا يُصِيبُ الْمُسْلِمَ مِنْ نَصَبٍ وَلَا وَصَبٍ وَلَا هَمٍّ وَلَا حُزْنٍ وَلَا أَذًى وَلَا غَمٍّ حَتَّى الشَّوْكَةُ يُشَاكُهَا إِلَّا كَفَّرَ اللَّهُ بهَا من خطاياه».

وأنها رفعة للدرجات وزيادة في الأجر، فقد ورد عن النبيِّ صلى الله عليه وسلم قوله: «إنَّ عِظَم الجزاءِ مع عِظَم البلاء».

وأنها دليل محبة الله، «وإنَّ الله تعالى إذا أحبَّ قوماً ابْتلاهُم».

وأنها قضاء الله وقدره، قال صلى الله عليه وسلم: «وَاعْلَمْ أَنَّ مَا أَصَابَكَ لَمْ يَكُنْ لِيُخْطِئَكَ، وَمَا أَخْطَأَكَ لَمْ يَكُنْ لِيُصِيبَكَ».

وأن الرضى بها فلاح وفوز والسخط هلاك وخسران، «فَمَن رَضيَ فله الرِّضى، ومن سَخِطَ فله السَّخَطُ».

 

– تفقد أحوالهم: فعن ابن عمر رضي الله عنهما، عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: «أَلَا كُلُّكُمْ رَاعٍ، وَكُلُّكُمْ مَسْئُولٌ عَنْ رَعِيَّتِهِ، فَالْأَمِيرُ الَّذِي عَلَى النَّاسِ رَاعٍ، وَهُوَ مَسْئُولٌ عَنْ رَعِيَّتِهِ، وَالرَّجُلُ رَاعٍ عَلَى أَهْلِ بَيْتِهِ، وَهُوَ مَسْئُولٌ عَنْهُمْ، وَالْمَرْأَةُ رَاعِيَةٌ عَلَى بَيْتِ بَعْلِهَا وَوَلَدِهِ، وَهِيَ مَسْئُولَةٌ عَنْهُمْ، وَالْعَبْدُ رَاعٍ عَلَى مَالِ سَيِّدِهِ وَهُوَ مَسْئُولٌ عَنْهُ، أَلَا فَكُلُّكُمْ رَاعٍ، وَكُلُّكُمْ مَسْئُولٌ عَنْ رَعِيَّتِه»، قال العلماء: الراعي هو الحافظ المؤتمن الملتزم صلاح ما قام عليه وهو ما تحت نظره، ففيه أن كل من كان تحت نظره شيء فهو مطالب بالعدل فيه والقيام بمصالحه في دينه ودنياه ومتعلقاته.

ومن أعظم مهام القادة في مسيرة جهادهم وما كلفوا به خاصة، والمجتمع عامة، القيام على تفقد أحوال المجاهدين وخاصة المصابين، الذين فقدوا جزءًا من أجسادهم في سبيل الله تبارك وتعالى، لذا فهم بحاجة لرعاية وعناية وتفقد على نحو خاصٍّ وعالٍ من القدر والمسؤولية غير تلك التي يؤدونها إلى باقي فرق وألوية المجاهدين؛ والكفالة تكون:

بالمال: بإعطائهم ما يكفيهم ويسد حاجتهم من الطعام والشراب واللباس وما يعينهم على متطلبات الحياة.

وبالمساعدة: بتكليف من يقوم بخدمتهم ومساعدتهم في أمور تنقلهم وعلاجهم ويقضي لهم حوائجهم، حتى يصلوا إلى مرحلة الشفاء، أو القدرة على الاعتماد على أنفسهم من جديد.

* عودة المصاب للثغور:

الأصل في المجاهد أن يبقى مجاهدًا على جميع أحواله سواء كان مسافرًا أو مقيمًا في بيته أو رباطه أو مسجده أو مكان عمله مصابًا أو معافًا، وهذا ما يجب التنبيه إليه والتأكيد عليه؛ خاصة وأن العدو ما زال يتربص بنا وبأرضنا وبالمسلمين شرًا، وهذا ما فعله النبي صلى الله عليه وسلم يوم عاد من غزوة أحد، وقد كان مثقلًا بالجراح والإصابات والمسؤولية وأعداد القتلى والجرحى في صفوف المسلمين، كل ذلك لم يمنعه من الخروج في اليوم الثاني ليرد عاديتهم لأن العدو ما زال يتربص بالمسلمين، قَالَ ابْنُ إِسْحَاقَ رَحِمَهُ اللَّهُ: “إنَّ رَجُلًا مِنْ بَنِي عَبْدِ الْأَشْهَلِ قَالَ: شَهِدْتُ أُحُدًا أَنَا وَأَخٌ لِي، فَرَجَعْنَا جَرِيحَيْنِ، فَلَمَّا أَذَّنَ مُؤَذِّنُ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِالْخُرُوجِ فِي طَلَبِ الْعَدُوِّ قُلْتُ لِأَخِي وَقَالَ لِي: أَتَفُوتُنَا غَزْوَةٌ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ؟! وَالله ما لنا مِنْ دَابَّةٍ نَرْكَبُهَا وَمَا مِنَّا إِلَّا جَرِيحٌ ثَقِيلٌ.

فَخَرَجْنَا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَكُنْتُ أَيْسَرَ جُرْحًا مِنْهُ، فَكَانَ إِذَا غُلِبَ حَمَلْتُهُ عُقْبَةً وَمَشَى عُقْبَةً، حَتَّى انْتَهَيْنَا إِلَى مَا انْتَهَى إِلَيْهِ الْمُسْلِمُونَ”.

ومن رحمة الله بعباده وخاصة أصحاب الأعذار أن يسر لهم مخرجًا وفرجًا، فقد ورد عَنْ أَنَسٍ رضي الله عنه قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «جَاهِدُوا الْمُشْرِكِينَ بِأَمْوَالِكُمْ، وَأَنْفُسِكُمْ، وَأَلْسِنَتِكُمْ »، فمن منعته إصابته من الغزو فعليه بالرباط، ومن منعته إصابته من الرباط فعليه بخدمة إخوانه، ومن منعته إصابته من خدمة إخوانه فعليه بجهاد المال أو اللسان، ولن يعدم صاحب الهم والعقيدة من إيجاد نوع من أنواع الجهاد ليتعبد به ربه..

* من فوائد تفقد المجاهدين المصابين ورعايتهم والسؤال عنهم:

– إدخال الفرح والسرور عليهم وإشعارهم بعظيم بذلهم وما قدموه: قال صلى الله عليه وسلم: «وإنك لن تنفق نفقة تبتغي بها وجه الله إلا أجرت عليها، حتى ما تجعل في فيِّ امرأتك»، فكيف بالمجاهد المصاب الذي بذل لحمه ودمه وعظمه وعصبه لله عز وجل وفي سبيله..

– شحذ الهمم ورفع المعنويات وتثبيت غيرهم من المجاهدين: وهذا يكون بإشعار المجاهد المصاب ومن خلفه من أهله ورفاقه المجاهدين بأنه ذو قيمة وصاحب فضل وخير وتضحية، وأنه محل اهتمام وتقدير ومحبة، وأن ما هو فيه من إصابة أو جرح أو ألم ما هو إلا ابتلاء من الله، عليه أن يصبر ويحتسب أجره عند الله عز وجل وفي سبيله، والله لا يضيع أجر من أحسن عملًا.

إن عدم عيادة المجاهدين المصابين أثناء علاجهم أو بعد شفائهم وإهمالهم والتقصير في حقهم وعدم السؤال عنهم؛ وقد كانوا رأس حربة هذه الأمة ودرعها المتين، هو خيانة لحقهم، كما ورد عن النبي صلى الله عليه وسلم في صفات المنافقين فذكر منها: «..وإذا اؤتمن خان..».

* اللهم أدم علينا نعمة الجهاد في سبيلك، وارزقنا شرف خدمة المجاهدين والمصابين ورعايتهم وتفقد أحوالهم والاطمئنان عليهم، اللهم تقبل شهداءنا وشاف جرحانا وفك قيد أسرانا، اللهم اجعل ما أصاب جرحانا زيادة في الحسنات وتطهيرًا للذنوب ورفعة للدرجات في الدنيا والآخرة، إنك ولي ذلك والقدر عليه، والحمد لله رب العالمين. 

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى