اللهُمَّ أكرمنا بالثأر لشهداء قلعة جانجي – بَقِيَّة..

بَقِيَّة..

 في الشهر الفائت أكرمني الله بمتابعة سلسلة عن معتقل غوانتانامو، فرج الله عن جميع أسرانا ومعتقلينا، هذه السلسلة الكريمة والتي قام عليها الوفيُّ لإخوانه فايز الكندري المعتقل السابق لمدة أربع عشرة سنة في ذاك السجن!!

 

 رغم أني كنت ممن يهتمون بأخبار ذاك المعتقل الإبليسي، إلا أن سلسلة الكندري أثرت في كثيراً، وفتحت لنفسي مزيد رغبة في مذاكرة حال أولئك الأسود، فرج الله عنهم وتقبل منهم..

 واتجهت نفسي لسلسلة وليد الحاج مع أحمد منصور في برنامج “شاهد على العصر”، فعشت معه ما لا يوصف..

 

 وبينما هو يسرد أحداث مجزرة القلعة في حقِّ إخواننا، لم أكن إلا لأدعو لهم في الصلاة بالقبول والرفعة، وأدعو لنفسي أن يكرمني الله بالثأر لهم.. فإذا بجدلية مقيتة تقطع كل هذا النور.. 

 

 تتمنى تثأر لمجزرة جانجي؟!! 

 

 لنثأر أولاً لمجزرة الغوطة الكيماوية.. والحولة.. وحماة.. والبيضاء.. ووو.. قبل أن تثأر لمجزرة جانجي!!

 

 أتعرفُ أين المشكلة يا صاحبي؟ 

 

 عندما يطلبُ الإنسان الثأر لعاطفة، فإنه ينسى ثأره بزوالها أو بتبدلها. 

 

 العاطفة محرك مؤقت للإنسان يتعطل بزوالها ويضعف بضعفها.. 

 

 وانظر إلى أهل تلك المجازر التي ذكرت.. إلى شبابهم ورجالهم -نسأل الله أن يهديهم ويأجرهم في مصيبتهم- أين هم اليوم من ثأرهم؟!!

 

 هل نحصي شباب الغوطة وحمص والشرقية في الساحات والميادين التي يثأرون فيها لمجازر أهلهم وإخوانهم؟!!

 

 جايينك يا حمص.. لكن من تل أبيض!!

 جايينك يا شام.. لكن من برلين!!

 جايينك يا جبل الزاوية.. لكن من طرابلس الغرب!!

 لقد كان من هدي أئمة هذه الأمة المباركة توجيه العاطفة في سياقها الإيماني لا المجرَّد.. فمائة ألف سيفٍ رُفِعت يوم اليمامة لصالح مسيلمة أُغمدِت بمقتلهِ!! ومائة ألف معركة وجيش وحملة أتتْ على الأقصى وما زال عجائزهُ يتعلَّقونَ بأشجارهم وهي تُجتثُّ، ويموتون ومفاتيح بيوتهم التي هُجِّروا منها معلَّقةٌ في أعناقهم!!

 

 كم من آلاف لَمَّا صالحتْ مناطقهم النصيريين انقلبوا إلى صفِّهم؟!! بل وتحوَّلتْ رغبة الثأر باتجاه المجاهدين وأهل الثورة الذين صارت تهمتهم الآن “خربتم البلد”!!

 

 كم من والدِ شهيدٍ هو اليوم شبيح؟!!

 

 كم من ابن شهيدٍ هو اليوم نبِّيح؟!!

 

 كم من خائنٍ اليوم في صفوف المجرمين لا يجدُ مأوى بعد أن دمَّرَ وهدم النظام المجرم دارهُ على أهلهِ؟!! 

 

 لا تنشأ الإرادة إلا بباعثٍ وعلمٍ بما يلبِّي هذا الباعث، فإذا لم تعلم علماً صحيحاً كيف تلبِّي باعثَ الثأر الذي في داخلكَ؟ فلا بد أن تنحرفَ إرادتكُ وتُوجَّه في إرادة غيركَ، ثُمَّ تُسوِّلُ النَّفْسُ الانحرافَ فتُغيِّرُ الباعث!!!

 

 وأما من لا باعثَ عنده أصلاً، فهذا نربأ بعقولكم الكلام عنه..

 

 عاطفةٌ بلا دِينٍ كثورِ حقلٍ وُضِعتْ عليه محاريثُ صاحب الحقل، فما زال يحرثُ أرضاً ليس له حصادها!!

 

 ربنا آتنا من لدنكَ رحمةً وهيِّئ لنا من أمرنا رشداً..

 

اللهُمَّ أكرمنا بالثأر لشهداء قلعة جانجي – بَقِيَّة.. / مقال من الركن الدعوي مجلة بلاغ العدد السادس عشر، لشهر صفر ١٤٤٢

هنا بقية مقالات العدد السادس عشر من مجلة بلاغ الشهرية لشهر صفر 1442 

 

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى