السؤال
تواجه اللاجئين في أوربا أسئلة عن الجهاد في الإسلام وأنه سبب للإرهاب فكيف نرد عليهم
الجواب
الجواب: الخلاف بين البشر، والقتال بين الأخيار والأشرار، والصالحين والمجرمين، والمسلمين والمشركين، بل وبين الأشرار بعضهم البعض، والكفار بعضهم البعض، واقع تاريخي لا يمكن إنكاره، وأصل قامت عليه الحضارات المتعاقبة والدول المتتابعة والأمم والشعوب.
فلا تقوم حضارة ولا دولة إلا على قوة وجيش وسلاح، وهذا بدهي لمن تأمل مسيرة الإنسان على وجه هذه الأرض.
وها هي أوربا وأمريكا وروسيا وإسرائيل في العصر الحديث هل سيطروا على العالم إلا بقوتهم وقتالهم؟
– ومن الذي قتل ستين مليونا من البشر في الحرب العالمية الثانية؟ أليسوا هم البريطانيون والفرنسيون والإيطاليون والألمان والروس والأمريكان واليابانيون ومن معهم؟
– ومن الذي قتل الشعب الفلسطيني واحتل أرضه وهجر شعبه، أليسوا هم اليهود بدعم الغرب الكافر؟
– ومن الذي قتل مليونا من الجزائريين وملايين من المغاربة والليبيين والسوريين والمصريين، أليسوا هم المحتلون الفرنسيون والبريطانيون والإيطاليون؟
– ومن الذي قتل الملايين من الأفغان، أليسوا هم المحتلون الروس ثم الأمريكان؟
– ومن الذي قتل الفيتناميين، أليسوا هم الأمريكان؟ ومن قبلها قتلوا الملايين من الهنود الحمر في أمريكا نفسها..
– ومن الذي قتل مليون عراقيا، أليسوا هم الأمريكان؟
– ومن الذي قتل ملايين الأفارقة في رحلات خطفهم لأمريكا، أليسوا هم أصحاب البشرة البيضاء!!
— من الذي يملك اليوم الأسلحة النووية والهيدروجينية والكيماوية والبيولوجية؟
* طبعا هذا كله في العصر الحديث، أما لو عدنا للوراء وتابعنا تاريخ الحملات الصليبية والغزو المغولي ومحاكم التفتيش في الأندلس التي أبادت المسلمين في الأندلس لتصبح إسبانيا اليوم فيها أصغر معدل مسلمين في العالم بسبب تلك المذابح، والصراع الفارسي الرومي وحروب اليونانيين والفراعنة والهنود لطال الأمر كثيرا كثيرا كثيرا..
— هذه هي الدنيا دار ابتلاء واختبار وصراع بين الحق والباطل، فمن أراد أن يخدع نفسه ويغمض عينيه عن الحقائق، فهذا لن يغير من واقع الحياة شيئا…
وفي هذه الدنيا ولوجود الأشرار كان تشريع الجهاد إنقاذا للبشرية من الفساد العريض الذي سيقع لو بقي المجرمون يتصرفون كما شاؤوا لا يقف أمامهم أحد، قال تعالى: “وَلَوْلَا دَفْعُ اللَّهِ النَّاسَ بَعْضَهُمْ بِبَعْضٍ لَفَسَدَتِ الْأَرْضُ وَلَكِنَّ اللَّهَ ذُو فَضْلٍ عَلَى الْعَالَمِينَ“.
* من عرف ذلك علم أهمية الجهاد في سبيل الله تعالى والقتال لتكون كلمة الله هي العليا، رغم ما في هذا القتال من مشقة على النفوس، كما قال تعالى: “كُتِبَ عَلَيْكُمُ الْقِتَالُ وَهُوَ كُرْهٌ لَكُمْ وَعَسَى أَنْ تَكْرَهُوا شَيْئًا وَهُوَ خَيْرٌ لَكُمْ وَعَسَى أَنْ تُحِبُّوا شَيْئًا وَهُوَ شَرٌّ لَكُمْ وَاللَّهُ يَعْلَمُ وَأَنْتُمْ لَا تَعْلَمُونَ“..
فإذا نظرنا للجهاد في سبيل الله تعالى وجدناه في قمة السمو والعظمة والواقعية التي تحقق المصالح وتدرأ المفاسد بأفضل الطرق الممكنة، فالدعوة قبل القتال، وتخيير العدو عند القتال، وتنويع المعاملة بعده، كلها أساليب تدفع في تحقيق المقصود بالطريق الأقرب.
وانظر لتاريخ البشرية هل رأى البشر فاتحا أرحم من المسلمين؟، فعندما دخلت جيوش المسلمين بلاد العراق وفارس وبلاد الشام وشمال إفريقيا سارع الناس للتعرف على الإسلام فدخلوا في دين الله أفواجا بل وأصبحوا جنوده المخلصين الذين دافعوا عنه ألف سنة ضد الحملات الصليبية والغزو المغولي والاحتلال الأوربي الحديث، ولا يزالون إلى اليوم يدافعون عن الإسلام ضد اليهود الغاصبين لفلسطين والأمريكان المحتلين للعراق وأفغانستان وللروس المحتلين لسوريا، فأي عظمة تلك التي جعلت أهل البلاد التي فتحها المسلمون ينتقلون من مقاتلين ضد الإسلام إلى حاملين لواءه إلى يوم الدين..
بل إن تلك العظمة جعلت الناس يتناقلون خبر الدين العظيم فينتشر الإسلام في كثير من البلاد بالدعوة فقط كما حصل في إندونيسيا وهي أكبر بلد إسلامي في العالم ومع ذلك لم يدخلها الإسلام إلا بالدعوة فقط، وانظر اليوم إلى انتشار الإسلام في أوربا وأمريكا وتلك الجموع التي تدخل في دين الله أفواجا، هل دخلوا إلا حبا في الإسلام وإعجابا بعظمته..
فالجهاد في الإسلام جهاد يقف فيه الأبطال ليسطروا البطولات ويصمدوا صمود الجبال الرواسي ويعلموا البشرية معنى الفروسية الحقة، فإذا انتصر المسلمون كانوا نسائم رحمة ودعاة هداية، قال تعالى: “وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلَّا رَحْمَةً لِلْعَالَمِينَ“..
الشيخ أبو شعيب طلحة المسير