معاملة مالية شائعة (١٠) ضــعْ وتـعـجّـل

الدكتور إبراهيم شاشو

شاع من المعاملات بين الناس خاصة في الديون الآجلة وبيوع التقسيط؛ أن يطلب المدين من صاحب الدين المؤجل التنازل عن بعض الدين مقابل تعجيل المدين دفع الدين للدائن، فإذا كان لرجل على آخر ٣٠٠٠$ مثلاً مؤجلة أو مقسطة إلى سنة، وهو دين من ثمن سلعة اشتراها بالتقسيط، فيطلب المدين من الدائن حسم جزء من الدين كـ ٥٠٠$ مثلاً، ويدفع له الباقي ٢٥٠٠$ معجلاً.

هذه المعاملة تسمى عند الفقهاء بمسألة ضع وتعجل وتعني (التنازل عن بعض الدين مقابل تعجيل سداده)، وهي معاملة جائزة في أصح قولي أهل العلم، ولا تعد من الربا المحرم طالما كانت العلاقة بين الطرفين (المدين والدائن) وحصل التنازل والتعجيل برضا الطرفين.
ذهب إلى جواز هذه المعاملة (ضع وتعجل) الصحابيان عبد الله بن عباس وزيد بن ثابت، وهو أحد قولي الشافعي، ورواية عن الإمام أحمد، واختار القول بالجواز شيخ الإسلام ابن تيمية، وتلميذه ابن القيم، وابن عابدين من متأخري الحنفية، وبجوازها صدر قرار مجمع الفقه الإسلامي الدولي.
وقد روى ابن عباس أن النبي صلى الله عليه وسلم لما أمر بإخراج بني النضير جاءه ناس منهم فقالوا: يا نبي الله، إنك أمرت بإخراجنا ولنا على الناس ديون لم تحل، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «ضعوا وتعجّلوا». وراه الحاكم والطبراني.

وقال ابن عباس: (إنما الربا أخّر لي وأنا أزيدك، وليس عجّل لي وأنا أضع عنك).

فهذه المعاملة ليست من الربا بل هي عكس الربا، وتحقق مصلحة للطرفين؛ للدائن بتعجيل دينه وانتفاعه به، وللمدين بالتخفيف عنه وإبراء ذمته.
قال ابن القيم: (وهذا ضد الربا فإن ذلك يتضمن الزيادة في الأجل والدين، وذلك إضرار محض بالغريم).

ويشترط لصحة هذه المعاملة ألا يكون هذا الحطُّ باتفاق مسبق بين الطرفين أي عند المداينة، فلا يجوز أن يتفق الطرفان (الدائن والمدين) على أنه إن عجل المدين دفع الدين يخصم له الدائن مقداراً من الدين، إذ هذا يؤول إلى حصول بيعتين في بيعة وهو منهي عنه شرعاً. والله تعالى أعلم

الدكتور إبراهيم شاشو

@imshasho

Exit mobile version