أحكام فقهية وأجوبة شرعية عن مسائل الديون بالليرة التركية – المسألة الحادية عشر

المسألة الحادية عشر

عند اعتبار فرق العملة في الديون والودائع والقروض ..
هل يعامل المَدين المماطل معاملة المَدين الباذل؟
وكذا من أنكر الحق وجحد الأمانة، أيُعامل كمن أقر بالحق وأدى الأمانة؟

الجواب وبالله التوفيق ..

بناءً على ما قررناه في جواب المسألة الأولى (الأصل) في اعتبار فرق العملة عند انخفاض القيمة الشرائية، إنما كان اعتماد القول بالصلح على الأوسط، وتحميل الطرفين (الدائن والمَدين) مقدار الخسارة نتيجة الانخفاض.
محل ذلك حال كون المـدين معسراً لا موسراً، وباذلاً لا مماطلاً، وأميناً لا خائناً، ومقرًّا لا ناكراً، ومؤدّياً لا جاحداً.
وقد بيّنّا أن من أهم مقاصد الشريعة في المعاملات والمبادلات والمُداينات؛ تحقيق العدل ودفع الظلم ورفع الضرر.
وعندما كان فارق العملة ناتجاً عن انخفاض سعرها، وتدني القوة الشرائية لها، وهذا أمر لا حيلة لأحد الطرفين في دفعه، ولا يَدَ لأحدهما في إيقاعه، فكان العدل أن يتحمل الطرفان مقدار الضرر وحجم الخسارة.

أما إذا كان المَدين موسراً ومماطلاً، أو جحد الحق وأنكر الدَّين بغرض الإضرار بالدائن، أو رغبة بإملاله، أو جحداً لإفضاله، فهذا عين الظلم والإضرار، وفي الحديث:«مطلُ الغني ظلم»، ففي هذه الحالة يُلزم المَدين المماطل بكامل الضرر الحاصل عن فرق العملة، ويتحمل بذلك كامل الخسارة الناتجة عن انخفاض القيمة طالما أن هذه الخسارة قد حصلت بسببه، ونتجت عن مَطله وظلمه وإضراره، وذلك عقوبة له، ومعاملة له بنقيض قصده في إضراره بصاحب الحق عليه، وقد قال عليه الصلاة والسلام:«ليُّ الواجدِ يُحِلُّ عِرضَه وعقوبتَه»
فالمماطل ليس أهلاً للتخفيف، إنما يواجه بالإنكار والتعنيف، فهو كالغاصب يضمن المغصوب بكامل قيمته، وبمثل ذلك يُعامل المُقترض المماطل والوديع إذا ماطل في أداء الأمانة، أو جحَدها وخان الأمانة.

وينبغي عند التحاكم أو التقاضي أن يراعيَ الحاكم أو القاضي حال الإعسار والإيسار، وكذا البذل والمماطلة، والخيانة والأمانة، فلا يُساوى بين الباذل والمماطل، وبين الأمين والخائن، في الحكم أو القضاء، تحقيقاً للعدل أو الإنصاف.
والله تعالى أعلم.

الدكتور إبراهيم شاشو

Exit mobile version