الدكتور إبراهيم شاشو
شاع من المعاملات المالية في الديون بين الناس من التجار والعامة، أن يكون لرجل على آخر دين إلى أجل من قرض أو غيره بعملة ما كالليرة التركية أو السورية، فيتفق الدائن مع المدين قبل حلول الأجل على تثبيت قيمة الدين أو مبلغ القرض أو تحويله لعملة أخرى كالدولار مثلاً، حفاظاً على سعر الصرف وضماناً لعدم تضرر الدائن أو المقرِض من انخفاض قيمة الدين عند حلول الأجل.
هذه معاملة مالية محرمة بهذه الصورة، إذ إن الأصل في القرض أن يؤدى بمثله، فمن اقترض أو استدان مالاً بالليرة التركية يجب عليه أن يؤدي الدين بنفس العملة أي بالليرة التركية، وكذلك لو كان الدين بالدولار فعليه أن يؤدي الدين بعملة الدولار وهكذا..
وإذا اتفق الطرفان عند ابتداء الدين على أداء الدين أو القرض بعملة أخرى غير عملة الدين فهذا الاتفاق غير جائز، والمعاملة محرمة.
كذلك لا يجوز الاتفاق على تحويل الدين الثابت في ذمة المدين إلى عملة أخرى قبل حلول الأجل، لأن هذا يدخل في باب بيع الدين بالدين، وهو غير جائز لنهي النبي صلى الله عليه وسلم عن بيع الكالئ بالكالئ.
كما أن تحويل الدين من النقود بأنواعها كافة، وكذلك تحويل الدين من الذهب إلى عملة أخرى هو صورة من صور صرف ما في الذمة (اقتضاء أحد النقدين من الآخر)، ويشترط لجوازها إجراء قبض البدل في المجلس، لحديث ابن عمر رضي الله عنهما أنه قال: أتيت النبي صلى الله عليه وسلم في بيت حفصة رضي الله عنها، فقلت: يا رسول الله رويدك أسألك، إني أبيع الإبل بالبقيع، فأبيع بالدنانير وآخذ الدراهم، وأبيع بالدراهم وآخذ الدنانير، وآخذ هذه من هذه، وأعطي هذه من هذه، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: “لاَ بَأْسَ أَنْ تَأْخُذَهَا بِسَعْرِ يَوْمِهَا مَا لَمْ تَفْتَرِقَا وَبَيْنَكُمَا شيء”. رواه الخمسة وصححه الحاكم
فلو كان لرجل على آخر دين بالليرة التركية أو السورية أو الذهب، وأراد أن يتقاضاه بعملة أخرى كالدولار، أو أراد أن يحوّل الدين إلى الدولار بسعر يومه، فيجوز ذلك شرط أن يحصل الاتفاق على هذا التحويل يوم التقاضي لا قبله، وأن يتم التقابض ودفع المال في المجلس أي مجلس الاتفاق على أداء الدين بعملة أخرى، فإذا تفرق الطرفان (المدين والدائن) قبل تمام القبض فسدت المعاملة ولم تصح.
قال ابن المنذر: (وأجمعوا على أن المتصارفين إذا تفرقا قبل أن يتقابضا أن الصرف فاسد).
وعليه فالاتفاق على قلب الدين الثابت بعملة ما إلى عملة أخرى دون إجراء التقابض في مجلس التحويل أمر غير جائز ومعاملة مالية محرمة.
فإذا حصل القبض كاملاً في وقت التحويل صحّت المعاملة. والله تعالى أعلم
الدكتور إبراهيم شاشو
@imshasho