ماذا تفعلين من أجل غزة؟ – ركن المرأة – مقالات مجلة بلاغ العدد ٥٥ – جمادى الأولى ١٤٤٥هـ
الآنسة: خنساء عثمان
ماذا أفعل من أجل غزة؟
ماذا أقدم لغزة؟
ماذا أتصرف تجاه ما يحصل في غزة؟
وماذا ينبغي أن أقوم أنا وأخواتي المسلمات؟
هل نستسلم للحزن ونعيش الانهزام النفسي؟
أم يزيد إصرارنا وثباتنا وعملنا في بناء الجيل؟
الجواب: تعرفه كل مؤمنة اتخذت طريقها إلى الله وعرفت مهمتها وحددت هدفها ومشت في سيرها في طريق نصرة الإسلام، هذا الطريق المفروش بالشوك الممزوج بالدم الذي يبدأ هنا في الدنيا وينتهي إما برؤية النصر في الدنيا أو بالشهادة في سبيل الله والاكتفاء بالأجر في الآخرة قدوتها في ذلك آل ياسر رضي الله عنهم.
ذلك لأن طريق النصر طويل وأسباب الهزيمة قد تأصلت وتجذرت في جسد الأمة واقتلاعها يحتاج إلى صبر وتضحيات على كافة الأصعدة.
فإن بدأْتِ أختي في الإصلاح وصبرت على المصاعب في طريقك هذا فلا عليك بعدها بِقِلَّةِ السالكين فيه وكثرة اللائمين لك فيه فهو الطريق المستقيم الأقصر إلى رفع البلاء عن هذه الأمة مهما طال.
فنحن أبناء هذا الجيل صرنا بسبب ابتعادنا عن منهج الله القويم ضحيةً لمخططات اليهود والنصارى ابتداءً من بروتوكولات -أصول وعادات دبلوماسية- حكماء صهيون ووصولًا إلى الجندرة وسيداو.
ومن يعترض ينطرد حتى من أقرب أهله إليه.
فلا حياتنا إسلامية كما أمرنا الله ولا مدارس أبنائنا تبني جيلاً للنصر.
حتى لقمة العيش -في بلادنا التي ثارت على الطغيان ثم ابتليت بالثورات المضادة- صار تحصيلها عن طريق المنظمات المعادية للإسلام.
بل إن رواد مساجدنا غابت عنهم الهوية الإسلامية، وحلقات التحفيظ تجاهلت اللباس المأمور به شرعا، ورضيت بملابس لا تنم عن الإسلام دون أي استنكار ممن يرتادها من ذكور وإناث.
بل إن حجاب الرأس والوجه صار مسرحًا للتلاعب والتحايل لتكريس التبرج والفتنة، ناهيك عن العباءة والسترة المزعومة، والفكر السائد غربي الاتجاه والحياة بعيدة كل البعد عن حقيقة الإسلام.
في الماضي كان من يتبع الغرب ينسلخ من دينه نهائيا ثم يبقى من حافظ على دينه ذا مظهر إسلامي لا تلاعُب فيه، أما اليوم فنتيجةً للمؤامرات اختلطت الأوراق ولم يعد أحدٌ يميز بين الملتزم أو الملتزمة، وبين من هو منسلخ أو منسلخة عن الدين فالكل ـ إلا من رحم ربي ـ نسخة واحدة رائدها الموضة والدارج من تصميم بيوت الأزياء وبيوت الطبخ ومؤسسات الفكر بقيادة يهود.
أما من تمسك بأهداب الفضيلة واتباع الصحيح من المبادئ والأفكار فإن تهمة التشدد تلاحقه أينما حل وارتحل وعزله عن مجتمعه في ازدياد مُطَّرِد ونظرة الاستنكار من ذراري المسلمين تلاحقه أينما حل وارتحل.
فأي نصر ننتظره؟ وقد وقعنا في فخ الأعداء وخططهم لإضعافنا.
كنت أقرأ رواية للكاتبة عزيزة الأبراشي
كتبتها في بداية الصحوة الإسلامية في ستينات القرن الماضي حوار بين فتاتين إحداهما فتاة سارت وراء الغرب ومخططاته، والأخرى فتاة أنفت العيش في المجتمع الآسن الذي تربى على أعين الأعداء وعلمت أننا لن نستطيع التخلص من ربقة المحتل ما دمنا نلبس ما رماه لنا من زبالة أزيائه فأعجبنني هذا المقطع المعبّر.
(… قالت من تدعي تخليص الوطن من الاحتلال مع أنها تلبس القصير والفاضح من الثياب وترتكب كل الموبقات باسم تحرر المرأة: الحق أننا في هذه الأيام نعالج مشكلة من أمهات المشاكل التي تهتم بها جمعيتنا إنها مشكلة تدور حول جلاء الأجانب من أراضينا وقد كنا نقرر الآن نشر الدعوة إلى مقاطعة شراء البضائع الأجنبية كخطوة هامة في سبيل استقلال بلادنا، فصاحت إكرام الفتاة الصالحة متسائلة ؟ (مقاطعة شراء البضائع الاجنبية فقط؟ إن التجارة التي يجب أن تفسد سوقها وأن يقاطعها كل حريص على استقلال بلاده هي التقاليد الغربية المخالفة لأوامر ديننا التي تصدر إلينا مع كل فجر جديد وهي فخ منصوب لاستعبادنا والقضاء على ديننا..
وأنا أراك دائما تفضلين محاكاتهم في ملابسهم وأعمالهم الشاذة أن لم تكن هذه عبودية لهم؟ أوليس هذا التقليد يحقرنا في نظرهم ويجعلهم ينظرون إلينا نظرة القوي إلى الضعيف والسيد إلى المسوّد والمتبوع إلى التابع واتجهت إلى الباقيات وانطلقت بصوت يعبر عن إخلاص وأسف واثق كل الوثوق من أن ترك أوامر الدين والانقياد وراء الأعمال الفاسدة لمن أهم الأسباب التي تسهل السبل لاحتلال بلادنا قال تعالى: (وَمَا كَانَ رَبُّكَ لِيُهْلِكَ الْقُرَىٰ بِظُلْمٍ وَأَهْلُهَا مُصْلِحُونَ) [هود:117]…” إ.هـ الاقتباس من قصة (إصلاح).
نعم لقد سَهَّلَ جُثوم اليهود وصنائعهم على صدورنا وسهل عليهم شراء ذمم قاداتنا.
يلعبون بنا كالكرة نتيجة عصياننا لله وموالاة أعداءه كل حسب مكانته الاجتماعية وموقعه من الأمة.
ولا يُنصَر إلا من خالفهم واتخذ هدى الله منهجا..
فاختاري لنفسك..
إما الفشل والانهزام أو سلوك سبيل المصلحات الثابتات الآمرات بالمعروف بين مجتمع النساء والمحارم من الرجال.
واشتغلي ببناء جيل صلب يكون على يديه الخلاص ولا تيأسي من رحمة الله فمن يدري لعل الخلاص سيكون على يد من تربينه على الرجولة وفق منهج الله.
أولم تبدأ نهاية فرعون منذ ولد موسى؛ فلِمَ اليأس؟
ألم تكن نهاية التتار على يد قطز الشاب الذي تربى على كره التتار والرغبة في محاربتهم على الرغم من الظروف الحالكة من هجمات التتار وإفسادهم في الأرض؟ فلم الاستكانة للذل؟
فاحملي راية الإصلاح وربي جيل النصر، واعلمي أننا لن ننتصر مادامت النساء متكشفات، تُنشر صورهن على وسائل الإعلام مذيعات وصحفيات ومستنكرات جرائم العدو ومحللات للأحداث فالإسلام حرم الاختلاط والله طيب لا يقبل إلا طيبا.
ولن ننتصر ما دمنا لم نترك المعاصي.
فالزمي حدود ما أنزل الله عليكِ واعملي فسيرى الله عملك ورسوله والمؤمنون.
اعملي لتكون كلمة الله هي العليا يبارك الله في سعيك ولا يضيع لك أجرا ويحقق قصدك والله المستعان.
هذا مبدأي وطريقي والله من وراء القصد وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.
