تعليق على كلام أحمد زيدان في معرض الكتاب
تعليق على كلام أحمد زيدان في معرض الكتاب:
1- قال الدكتور أحمد:”ولماذا لا نقبل أيضا بهوية الكيان السني في إدلب مضطرين؟” قياسا على هوية سايكس بيكو..
أولا: أنا أعجب ممن تعجبوا من كلام الدكتور زيدان!!
حقيقة، الوضع بالنسبة للمتسلطين على مقدرات الساحة أسوأ حتى مما ذكره الدكتور أحمد هنا؛ فهم على استعداد ليس فقط للقبول بالحدود الحالية، بل للتنازل عن الكثير مما تبقى معنا مقابل بقائهم متسلطين على رقاب الناس؛ بل إنهم غير مستعدين للتخلي عن تسلطهم حتى ولو كان بقاؤهم سيسبب في ضياع المحرر كاملا؛ ومن لم يفهم هذا حتى الآن فعنده مشكلة…
ثانيا: المشكلة الأكبر ليست في تخلي المتسلطين على الساحة عن فكرة التحرير -وهي مشكلة كبيرة- منذ زمن طويل، لكن المشكلة الأكبر في أن هؤلاء لا يعملون على مشروع استراتيجي يحافظ على المنطقة، وليست عندهم إرادة لذلك؛ ومدينة إدلب التي يتحدث منها الدكتور زيدان -وكذلك غالبية المناطق ذات الكثافة السكانية- لا يبعد عنها النظام المجرم سوى عشرة كيلو مترات، وأحيانا تزيد قليلا، ولا تفصله عنها أي عوائق حقيقية، سواء كانت طبيعية أو اصطناعية، والجبهات فيها لا تصمد أمام معركة حقيقية سوى لوقت قصير جدا؛ والمتسلطون عليها بدلا من العمل على تقويتها وجعلها حصينة أمام أي اجتياح مشغولون بتوافه الأمور، وبتسويق أنفسهم أمام الخارج على أنهم غير متشددين، وعلى أنهم قوة ضبط..
والأعجب من حال هؤلاء المتسلطين هو حال الدكتور وبعض ممن يسمون “نخب”!! فباحث يتصور أنه أصبح عندنا دولة بسبب أنه أصبح عندنا مولات!! ودكتور يحاضر في الاستراتيجيات يتحدث عن رصانة سياسية بسبب معرض كتاب!! بينما المتسلطون عندنا مسلوبو القرار السياسي والعسكري، ولا يملكون استراتيجية للدفاع عن المحرر فيما لو رفع الأتراك الغطاء عنه، فضلا عن أن تكون لديهم استراتيجية تحرير.
وعند الدكتور أحمد، هذا الفشل الاستراتيجي، وهذا الانحراف عن عقدة الصراع، والانشغال بأمور جانبية هي إنجازات عظيمة، يجب علينا الاحتفاء بها!!
2- وقال الدكتور أحمد: “العالم كله أنت ما مشتريك ولا بقرش؛ لأنك سني؛ لأنك تُسحق”.
من الجيد أن يعترف الدكتور بهذا الكلام؛ لكن العجيب من سعي الدكتور والمتسلطين الحثيث للتسويق لأنفسهم عند هذا العالم الذي لا يشتريهم بقرش!! وليس آخرها دعوة أبطال التطبيع مع الصهاينة، وأبطال سوتشي وأستانة للحضور/الحديث في معرض الكتاب، بل إنهم استعملوا قتالاتهم لبعض الفصائل من قبل للتسويق لأنفسهم عند هذا العالم..
بل لو قلنا أن هذه الدندنة حول “الكيان السني” تندرج ضمن المغازلة والتسويق عند صاحب مشروع التقسيم، “السيد الأمريكي”، لما ظلمنا.
بالمناسبة، سمعت عن بعضهم قولهم أنهم سيواجهون التطبيع التركي مع النظام بـ”التحالف” مع الأمريكي!! فكان جوابي: يا للعجب! وكأن أمريكا كانت جاثية على ركبتيها تتوسل موافقة هذا للتحالف معها، وأنه هو ممن كان ممانعا!! إفلاس على حماقة على قلة تقوى..
3– وقال الدكتور أحمد:”أنا الذي يفيدني اليوم هو شد عصب مقاتلي ثواري”.
هذا هو الذي يفيد حقا.. لكن ما يفعله المتسلطون هو عكس هذا تماما: إضعاف العسكرة، وتقوية الأمنية، ثقة معدومة، جبهات ضعيفة، مجاهدون لا يجدون ما يكفيهم، أموال تصرف على الأمنيين وعلى ملاعب ومولات ودوارات ومعارض.. ظلم وسجون، معابر ومكوس واحتكارات وجبايات، تسلط واستئثار…
لا رؤية للتحرير ولا استراتيجية، ولا حتى رؤية ولا استراتيجية دفاع؛ إنما أفعال يمكن أن تسبب في ضياع المحرر
بالمناسبة، الدكتور زيدان، القائل الآن:”العالم كله أنت ما مشتريك بقرش؛ لأنك سني”. والذي قال في منشوره لتبرير حديثه عن “الكيان السني” أن أهل السنة: “يتعرضون لإبادة حقيقية، في ظل تواطؤ أقليات وصمت أخرى“.
هو نفسه صاحب الكلام في الاقتباس في الأعلى.. يعني الدكتور كان يتصور هو والجولاني أن الدول ستغير من استراتيجيتها بمجرد زيارة الجولاني للنصارى والدروز!!
رددت عليه وقتها بـ:
«كلام ينم عن تصور ساذج لكيفية بناء الدول لسياساتها واختياراتها الاستراتيجية، وعن تصور ساذج للواقع أيضا؛ وكأن المجتمع الدولي “الأمريكان” عجزوا من قبل عن إيجاد المستعدين لتقديم هذه الخدمات من المنتسبين لأهل السنة!!
“المجلس الوطني السوري“، كان قد اختار الكردي عبد الباسط سيدا ثاني رئيس له، والمسيحي جورج صبرا ثالث رئيس له؛ لكن أصحاب ذاكرة السمكة يظنون أنفسهم أنهم أتوا بالعجائب! وهي عجائب حقا، لكن من ناحية سذاجتها!!
كانت “الجبهة الجنوبية” مستعدة ليس لحماية الأقليات فقط، بل لحماية حدود إسرائيل لـ… ، وبالرغم من ذلك كانت نهايتها…
أن تتصور أن موقف الدول من الأقليات هو موقف أخلاقي، وأن الدافع لذلك هو الخوف على/أو حماية الأقليات وليس اختيارا استراتيجيا للأقليات وتسليطا لها على الأكثرية، فهذه سذاجة وتضليل للرأي العام…
الأمريكان يريدون حكم الأقليات حتى لو خالفهم احيانا، ولا يريدون حكم السنة حتى ولو كان السني عميلا لأبعد الحدود؛ لأنهم يرون في الأقليات مشروعا استراتيجيا، بينما المنتسب للسنة مصلحي مؤقت»
ثم ختمت ردي عليه بـ:«هرطقات يخجل الإنسان حتى من مناقشتها لولا…، ولا يقول بها إلا مفلس، عجز عن إجتراح استراتيجية حقيقية فذهب يبحث عن “قشة” ليتعلق بها، أو كما تقول الأمثال “طالب الحاجة أرعن“..»
واليوم نقول: لو كان هناك عمل على استراتيجية تحرير، أو حتى فقط استراتيجية دفاع حقيقية، لسكتنا عن كل هذا التخريف وهذه الهرطقات. ولكن، للأسف المخاطر الكبرى في اقتراب، وبالمقابل الانشغال عن ساحة الفعل الرئيسيه والانغماس في التفاهات في ازدياد..
حسين أبو عمر