المقال الثاني: ذكر من أجاز التعزير بأخذ المال
ذهب أبن فرحون من المالكية وابن تيمية وتلميذه ابن القيم إلى جواز التعزير بأخذ المال..
وأما الإمام ابن قدامة ويعض الحنابلة فقد جعلوا ذلك محصورا في مسألتين فقط:
وهما سرقة الثمر المعلق وسرقة الماشية من غير حرز.
فقال في المغني: (فصل)
وإن سرق من الثمر المعلَّق فعليه غرامة مثلَيه وبه قال إسحق بن راهويه لحديث عمر بن شعيب، عن أبيه، عن جده، أن رجلا من مزينة سأل النبي صلى الله عليه وسلم عن الثمار، فقال: ما أخذ في أكمامه فاحتمل، فثمنه ومثله معه…
قال: الشاة الحريسة منهن يا رسول الله؟ قال: ثمنها ومثله معه والنكال.
أخرجه احمد والنسائي وابن ماجه – واللفظ له.
ثم قال ابن قدامة:
وما عدا هذين لا يغرم بأكثر من قيمته أو مثله إن كان مثليا. هذا قول أصحابنا وغيرهم ، إلا أبا بكر. فإنه ذهب إلى إيجاب غرامة المسروق من غير حرز بمثليه، قياسا على الثمر المعلق وحريسة الجبل، واستدلالا بحديث حاطب.
قال ابن قدامة: ولنا أن الأصل وجوب غرامة المثلي بمثله، والمتقوم بقيمته بدليل المتلف والمغصوب ، والمنتهب والمختلس ، وسائر ما تجب غرامته ، خولف في هذين الموضعين للأثر، ففيما عداه يبقى على الأصل.
فكما ترى أن ابن قدامة حصر الغرامة في مسألتين فقط ولم يفتح الباب واسعا.. ثم إنه ومن وافقه لم يزيدوا على الضعف لورود حديث في ذلك تمسكا به كما ذكر ومنع من القياس.
فلا يجوز لأحد أن يجتهد من عنده فأنا وهو لسنا أهلا للاجتهاد بل في أحسن أحوالنا نصلح أن ننقل الفتوى لا أكثر.
والأشد من ذلك أن يجتهد فيخالف ما قرره الأئمة الأربعة وأتباعهم مجتمعين ومتفرقين!! ويفتح الباب واسعا فيحل أخذ المال تعزيرا في قضايا كثيرة كالسرقة وغيرها أضعافا مضاعفة!!
فكما تقدم بأن القول بأخذ الضعف فقط قال به قلة من العلماء، وأما القول بالأضعاف المضاعفة فلم يقل به أحد من الأئمة الأربعة وأتباعهم ولا قال به الحمادان والحكم بن عتيبة وابن أبي ليلى والثوري والأوزاعي والليث بن سعد ولا قال به أتباعهم من بعدهم..
فقط سمعنا به لأول مرة في محاكم المحرر وأخشى أن يكون مأخوذا من القوانين الوضعية كما ذكر بعض الإخوة.
وفي المقال الثالث سننقل لكم قول الإمام الشافعي وأصحابه فمذهب الشافعي هو الأكثر انتشارا في بلاد الشام.
الشيخ عبد الرزاق المهدي