ألفية الثورة – الواحة الأدبية – مجلة بلاغ العدد ٣١ – جمادى الأولى ١٤٤٣ هـ⁩⁩

الأستاذ: غياث الحلبي

تزحف عقارب الساعة ببطء حتى تشير إلى الثامنة تماما فترتج الساعة برنين المنبه وكأن العقارب قد لدغتها فهي تصرخ ألما.

تمتد يد صابر فتضغط على الزر فيسكن المنبه ويختفي الصوت، وكأن لمسة صابر رقية أذهبت ألم لدغة العقارب وأعادت السكينة إليها.

ينهض صابر متثاقلا من فراشه الذي كان يجذبه كما يجذب المغنطيس الحديد، يتجه إلى الحمام ليزيل عن نفسه آثار النوم ويتوضأ ريثما تنتهي زوجته من إعداد الطعام، طعام الغداء كما يروق له أن يدعوه اتباعا للتسمية العربية الصحيحة، وقد نبه زوجته مرارا إلى عدم تسميته فطورا كما هو شائع؛ لأن الفطور ما يأكله الصائم عند فطره.

صابر طالب جامعي ترك جامعته وهو في السنة الثالثة ليلتحق بركب الثورة، وهو محب للغة العربية، مغرم ببلاغتها، كثير القراءة في تاريخها وآدابها وعلومها، مما أكسبه ثقافة واسعة، وقد درج على تنقية كلامه من الأخطاء الشائعة وعمل على تعليم زوجته وأولاده ذلك، وسماع كلمة بذيئة من فم أحد أطفاله أهون عنده -على شدة ذلك- من سماع لحن منه وهو يقرأ، وقد عانت منه زوجته وعانى منها في بداية زواجهما حتى اعتادت على ذلك بل أحبته، غير أنها لم تقدر أن تحب قط مكتبة زوجها التي تستغرق جل وقته عندما يكون في البيت، وكانت كثيرا ما تردد مقولة زوجة الإمام الزهري عندما قالت لزوجها: والله لهذه الكتب أشد علي من ثلاث ضرائر، أو مقولة زوجة الأديب إبراهيم المازني: ليس لي ضرة سوى هذه الكتب.

ولطالما تمنت لو تتلف هذه المكتبة فتحرقها أو تفرقها، ولكنها خشيت على نفسها إن فعلت ذلك مصيرا كمصير زوجة سيبويه عندما أحرقت كتبه فطلقها، كما خشيت على زوجها مصيرا كمصير الشيخ إبراهيم العياشي الذي أصيب بالشلل عندما أحرقت زوجته كتابا له سلخ في تأليفه عشرين عاما.

انتهى صابر من الوضوء فجلس على السفرة ليتغدى مع زوجته وأولاده الصغار، ولما أنهوا طعامهم أخذت الزوجة تجهز أولادها للذهاب إلى بيت جدهم، فقد اعتاد صابر أن يوصلهم إلى هناك عندما يخرج إلى الرباط كي لا يشغل بهم باله.

وكعادة أي امرأة، تأخرت زوجته عن الموعد المحدد الذي ينبغي أن تكون فيه مستعدة، وبدأ صابر يتململ، ثم تعالى ذلك حتى صار تسخطا، فقال لها: لو أن الرجل أخبر امرأته قبل الموعد بسبعة قرون لكان لا بد لها أن تتأخر وتؤخره، وهنا رأت الزوجة أن تستعين بضرتها فهي مفيدة في مثل هذه الحالات، فقالت له: لو جلست تقرأ قليلا ريثما أنتهي، سأكون جاهزة خلال عشر دقائق، وهذا طبعا بالتوقيت النسائي، أما في حساب الزمن فهي تعني نصف ساعة لا تنقص منها دقيقة وقد تزيد.

أخذ صابر يحوقل ويحسبل، ورأى في اقتراح زوجته حلا أفضل مما هو فيه من التململ والتسخط، فدلف إلى غرفة المكتبة وأخذ يجول بطرفه بين أرففها بحثا عن كتاب ظريف يعدل شيئا من مزاجه المعكر ويسكن غضبه، فوقعت عينه على كتاب الظراف والمتماجنين لابن الجوزي، وبدأ يقرأ الكتاب من أوله: “أما بعد: فلما كانت النفس تمل من الجد لم يكن بأس بإطلاقها في مزح ترتاح به”، واستمر يقرأ حتى أتى على طرف للشعبي لم يملك معها نفسه من الضحك، وسرى ما به وأخذ يستعيد قراءته ثانية: “لقي الشعبيَ رجل وهو واقف مع امرأة يكلمها، فقال الرجل: أيكما الشعبي؟ فأومأ الشعبي إلى المرأة وقال: هذه.

وسأله رجل عن المسح على اللحية في الوضوء، فقال: خللها بأصابعك، فقال: أخاف ألا تبلها، قال: انقعها من أول الليل.

ودخل الحمام فرأى داود الأودي بلا مئزر، فغمض عينيه، فقال له داود: متى عميت يا أبا عمرو؟ فقال: منذ هتك الله سترك.

وجاء رجل إلى الشعبي، فقال: اكتريت حمارا بنصف درهم وجئتك لتحدثني، فقال له: اكتر بالنصف الآخر وارجع فما أريد أن أحدثك.

وقيل للشعبي: هل تمرض الروح؟ قال: نعم من ظل الثقلاء.

وتابع قراءته مستغرقا حتى نسي نفسه وزوجته التي تستعد، وأخذ يقلب ناظريه في أعطاف الكتاب وكأنه يمتعهما بأجمل ما في الطبيعة من جنات وأنهار، ولم يصحُ من لذته الغامرة إلا على صوت زوجته تخبره أنها أتمت استعدادها أخيرا، بل تقول له: هيا تأخرنا، ونظر صابر إلى ساعته ليجد أن عقاربها قطعت أربعين دقيقة منذ أن طلبت زوجته منه عشر دقائق.

ونظر إلى الكتاب بين يديه فوجد أنه قد جاء نصفه، وهو ليس كتابا كبيرا على أي حال.

ركب صابر دراجته النارية وأردف خلفه زوجته وأولاده وانطلق بهم إلى بيت جدهم الذي يشع دفئا وحنانا، وتغمر الأولاد الفرحة كلما ذهبوا إليه، وما إن يلجوا الباب حتى تستقبلهم جدتهم فرحة مسرورة بقدومهم، ويبادلونها المشاعر وهم ينشدون قصيدة أحمد شوقي:

لي جدة ترأف بي * أحنى علي من أبي

إن غضب الأهل عل * ي كلهم لم تغضب

مشى أبي يوما إل * ي مشية المؤدب

غضبان قد هدد * بالضرب وإن لم يضرب

فلم أجد لي منه غي * ر جدتي من مهرب

فجعلتني خلفها * أنجو بها وأختبي

وهي تقول لأبي * بلهجة المؤنب

ويح له ويح ل * هذا الولد المعذب

ألم تكن تصنع ما * يصنع إذ أنت صبي

وكانت الجدة مغرمة بهذه القصيدة، وبالفعل كانت تقول ذلك لابنها صابر كلما هم بعقوبة أحد أبنائه، حتى قال لها مرة: والله يا أمي كنت أصنع ذلك إذ أنا صبي، ولكنك ووالدي حفظكما الله كنتما تسلخان جلدي عن لحمي، وانفجر الجميع بالضحك.

أوصل صابر أولاده ثم توجه إلى المقر حيث وضع دراجته هناك وركب مع رفاقه السيارة التي نقلته إلى نقاط الرباط؛ حيث عليه أن يمضي ثلاثة أيام قبل أن يعود إلى بيته، وكان لا بد طبعا أن يصطحب صابر معه بعض الكتب ليقرأها عندما تنتهي نوبته في الخندق الأمامي ويعود إلى المغارة بانتظار نوبته الجديدة.

وقد اصطحب معه هذه المرة كتاب المستجاد من فعل الأجواد للحسن بن علي التنوخي، وقد اختاره ليشرك المرابطين معه في المتعة الأدبية، فهذا كتاب يتحدث عن أخبار الكرماء والنفس البشرية، مولعة بالقصص والأخبار، فكان يطيب لصابر ورفاقه أن يقص عليهم عيون ما قرأ، فيسعد آذانهم بتلك القصص كما سعدت عيونه بقراءتها عبر القصة.

وعلى غير العادة طُلب من صابر عبر القبضة الرجوع إلى المقر قبل انتهاء نوبته، فشعر بانقباض في صدره، وظن أن أمرا ما قد حلَّ أو أن مصيبة قد نزلت، وحاول صابر جاهدا أن يعرف ماذا جرى فلم يحصل على طائل سوى أن قيل له: مشكلة يسيرة لا تقلق، ولكنه كان قلقا أكثر من بانكيمون الأمين العام للأمم المتحدة والذي لا عمل له سوى أن يعرب عن قلقه كلما حلت داهية ببلد من بلدان العالم، وكأنه يظن أن في قلقه علاجا لكل المشاكل المستعصية على البشرية جمعاء.

وقبل العصر وصلت إلى نقاط الرباط سيارة الطعام، ولما فرغت من توزيع الطعام على المرابطين ركب صابر مع سائقها ليعود إلى المقر، وبالطبع لم تكن لديه شهية لتناول الطعام.

وفي الطريق كان السائق يمهد لصابر ليخبره الخبر، فأخذ يقول له: النصيرية كفار مجرمون وحشيتهم فاقت وحشية السباع والضباع، قصفهم العشوائي لا ينفك مستمرا، الحقد ملأ قلوبهم يا صابر.

لم يعد صابر يتحمل ولم يكن في مقدوره تحمل المزيد، فقال له: أعرف، أعرف، أخبرني ماذا جرى؟ هل أهلي بخير؟ هل أصيب أحد منهم بمكروه؟ تكلم يا أخي.

– لا، لا، الحمد لله أهلك جميعا بخير لم يصبهم شيء.

– ما الخطب إذن؟

– الدنيا حقيرة لا يبكى عليها، والمال غاد ورائح، وفي الله عوض عن كل مفقود.

– سألتك بالله، كف عن مواعظك وأخبرني ما الذي جرى؟ يا أخي أنا راض بقضاء الله، وكل شيء مكتوب ومقدر، فقط أخبرني؟ لا تحرق أعصابي.

– بيتك قصف بقذيفة مدفعية فتهدم جزء منه، ولكن الحمد لله لم يكن فيه أحد.

– الحمد لله، الحمد لله، إنا لله وإنا إليه راجعون.

ردد صابر هذه الكلمات ثم وجم يفكر، لقد كان سعيدا بلطف الله إذ إن أسرته لم تكن في الدار، وفي الوقت ذاته كان مضطربا يخشى أن تكون مكتبته قد أصيبت بمكروه، كان لا يبالي أن يكون الدمار في الغرفة الشرقية أو منافع الدار، إنما المهم أن تسلم مكتبته، وأما الحجارة فما أسهل وأسرع إعادة بنائها.

لاحظ صابر أن السائق يتوجه إلى المقر، فقال له: اتجه إلى البيت مباشرة.

– ولكن الشباب يريدون رؤيتك.

– سيكون ذلك لاحقا، توجه إلى البيت الآن رجاء.

وصل صابر إلى بيته، كان الباب مفتوحا بسبب الضغط الذي خلفه الانفجار، ولما خطا بضع خطوات داخل البيت بدا واضحا أن لصا استغل هذا الوضع وقام بسرقة جرة الغاز وبعض أدوات المطبخ.

شعر صابر بتقزز شديد، أيمكن أن يحصل هذا؟ لص يستغل القصف والدمار ليسرق من البيوت المنكوبة فيجعل نكبتها مضاعفة، ألا يملك ذرة من حس؟ أو شيئا من إنسانية؟

كيف قبل لنفسه أن تستمتع على حساب الشهداء والجرحى، ألا تبا له ما أحقره من لص وما أتفهه من سارق وما أنذله من مستغل.

تابع صابر نحو غرفة المكتبة، وهناك رأى مشهدا فظيعا.

كانت القذيفة قد اصطدمت بأحد الجدران فدمرت قسما كبيرا منه فيما تكفل الضغط الناتج بإتمام مهمة إتلاف كل شيء في الغرفة.

جثا صابر على ركبتيه يزيح ركام الأحجار باحثا عن كتبه تحت الردم كما يبحث أبطال الدفاع المدني عن الناجين تحت الأنقاض.

أخذ صابر يرفع الأحجار ويبعد الأتربة، وبين الفينة والأخرى يعثر على شلو من كتاب أو مزعة من مجلد أو بضع أوراق ممزقة.

بين يديه الآن غلاف المجلد الثاني من كتاب البيان والتبيين للجاحظ، أمسك الغلاف وقربه إلى صدره وضمه إليه كما تفعل الأم الثكلى حينما تعثر على شيء يمت إلى ابنها بصلة، فلصابر مع هذا الكتاب قصة، فقد رآه مرة معروضا في المكتبة ولم يكن يملك من ثمنه قليلا ولا كثيرا.

فتلهف إلى شرائه، وزاد من تلهفه أنه بتحقيق عبد السلام هارون شيخ المحققين وإمام العربية، سأل عن ثمنه فلما أخبر تحطم قلبه كما يحدث للعاشق الفقير عندما يخبر بمهر حبيبته الحسناء.

أمسك بالكتاب حينها وأخذ يقلب أوراقه بحسرة، يطالع فهارسه ثم يرجع إلى مقدماته ومنها يدلف إلى بعض المواضيع، ثم يدرك أنه كالمعدم الذي يرى نفسه في قصر عظيم فيه ما تشتهيه الأنفس وتلذ الأعين ثم لا يلبث أن يستيقظ من نومه فلا يجد نفسه إلا في خشبة متهالكة وفوقه لحاف نال منه الزمان كما ينال من أبناء الثمانين، وعندئذ أعاد صابر الكتاب إلى مكانه وفي قلبه غصة، ولكنه صمم على الحصول عليه، ولم يكن من حل مع ضيق ذات يده سوى أن يقطع طريقه إلى جامعته سيرا على قدميه بدل أن يركب الحافلة، واستمر على ذلك أربعة أشهر كاملة حتى تحصل على ثمن الكتاب واقتناه، وحينها شعر بفرحة عارمة ويكأنه جميل تزوج بثينة.

عاد صابر يبحث بين الركام فعثر على كتاب أدب الكاتب لابن قتيبة، وقد غطاه الغبار وأحدثت الحجارة فيه خموشا وخدوشا، وعلى أي حال فهو لا يزال صالحا للاستعمال.

ضرب يده في التراب فعثر على نصف ورقة من كتاب الفلاكة والمفلوكون لأحمد بن علي الدلجي، وفيها الآتي:

أنست بها عشرين حولا وبعتها

فقد طال وجدي بعدها وحنيني

وما كان ظني أنني سأبيعها

ولو خلدتني في السجون ديوني

ولكن لضعف وافتقار وصبية

صغار عليهم تستهل جفوني

فقلت ولم أملك سوابق عبرة

مقالة مكوي الفؤاد حزين

وقد تخرج الحاجات يا أم مالك

ودائع من رب بهن ضنين

وشعر أن هذه القصاصة تواسيه؛ فهذه الأبيات كتبها أبو علي القالي على نسخته من جمهرة ابن دريد وكان مغرما بها كلفا، ثم اضطر إلى بيعها فاشتراها منه الشريف الرضي، ولكن الفارق بين صابر وبين القالي أن الأخير قد عادت إليه نسخته بعد أن قرأ الشريف الرضي ورق له، أما صابر فهيهات أن تعود له مكتبته، وخطر بباله أن يعمل ذيلا لهذا الكتاب فيدرج فيه نفسه وأمثاله في قائمة المفلوكين.

ومن فرجة بين الأنقاض كان يبدو واضحا ديوان المتنبي غير أنه منسلخ عن غلافه، وهنا رزمة أوراق قد طارت من كتاب الأدب الكبير والأدب الصغير لابن المقفع، وهناك تقع أشلاء من رسالة الغفران للمعري ووحي القلم للرافعي ونظرات المنفلوطي وعبراته ومختاراته، أما كتاب الكامل للمبرد وطبقات الشعراء للجمحي ودواوين الشعراء الجاهليين ومقامات الحريري والهمداني فلم يعثر لهم على أثر.

وكذلك الحال بالنسبة لرسائل الجاحظ وبخلائه وكتاب الحيوان له، أما لسان العرب فقد ملأت أشلاؤه الممزقة البيت حاله كحال البداية والنهاية لابن كثير.

كان صابر يقلب ما تبقى من الكتب بين يديه وكأنها أجساد صغيرة فقدت أرواحها، وكانت عيناه لا تنفك تسكب الدموع مدرارا، ولم يكن قط كأبي فراس الحمداني:

أراك عصي الدمع شيمتك الصبر

أما للهوى نهي عليك ولا أمر

بل حاله أشبه بذي الرمة:

ما بال عينيك منها الدمع ينسكب

كأنه من كلى مفرية سرب

وقطعت على صابر أفكاره واستغراقه يد صديقه السائق، فقد أحس بها على كتفه، فتطلع إلى وجه صديقه الذي قال له: ربما لا يغني الكلام كثيرا ولكن البكاء ليس بأمثل منه، كفكف دموعك فأنت في معركة وإنك على عظم مصابك قوي جلد، فدع البكا لربات الخدور وهيا إلى الميدان لتأخذ بثأرك من أعداء الدين والعلم والإنسان.

سرت كلمات صديقه في جسده فأوقد فيه الحماسة كما يسري التيار الكهربائي في المصابيح فإذا هي تفيض نورا يتلألأ.

قلص الدمع من عيونه حتى لم يعد يشعر بقطرة منه وتصلبت أعصابه وانقدح الشرر في عينيه، فنهض قائلا: ليكن أيها المجرمون، موعدنا ساحات القتال والنزال، وموعدنا كذلك “ألفية الثورة” قصيدة من ألف بيت تسير بها الركبان إن شاء الله وتخلدها الأجيال، ألف بيت تنقل جرائم النصيرية وتروي بطولات المجاهدين، فيها أبيات ينشدها طلائع الجيل في دور علمهم، وأبيات في أحكام الجهاد يتدارسها المجاهدون في خنادقهم، وأبيات تلهب الحماسة تتسرب إلى أهلنا في المناطق المحتلة فَتُحيي فيهم ما أماته النصيرية من معاني العزة والكرامة إن شاء الله، فتتفجر رؤوس طالما عشعش الجهل فيها وفرخ، وتُصرع أجسام طالما عادت العلم والعلماء وسامتهم سوء العذاب.

انتهت.

هنا بقية مقالات مجلة بلاغ العدد ٣١ جمادى الأولى ١٤٤٣ هـ

لتحميل نسخة من المجلة اضغط هنا  

لقراءة المجلة تابع

مجلة بلاغ - عدد 31 - جمادى الأولى 1443

 

 

 

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى