ظهر الحق منذ زمن، فأقر قوم واتبعوه، وعاند قوم وتنكبوا له.

كنت حذرت من حملة قوية على ريف حماة الشمالي قبل أن تبدأ بمدة، وكتبت إلى قيادة الهيئة عبر أحد أتباعها أن لا بد من فعل كذا وكذا، ومن المطالبات فتح أكثر من جبهة وأهمها جبهة جبال الساحل وجبهة حلب، وذلك لتشتيت الطيران وقوات العدو المتركزة على محاور الجبهة المستهدفة.

فأجاب بأن ليس عندهم إمكانات فتح أكثر من جبهة، وأنهم لا يريدون أن تدخل إيران ميليشياتها المعركة، وهذا جهل مركب بالواقع، فإمكانات المحرر تكفي لفتح كل المحاور على كل الجبهات، لكن هذا يحتاج إلى قيادة حكيمة مقبولة من أهل الشام، تستنهضهم فيثقون بها وينهضون، ولا تخشى قوتهم وتنظيمهم ونهضتهم العامة، كما أن الميليشيات الإيرانية كانت رأس حربة في المعارك شمال حماة وإن لم تفتح جبهتي حلب حنوباً وشمالاً، وهذا معروف وتاريخ ثابت لا ينسى.

لم اسكت لهذا الرد، فإنه عذر أكذب وأجهل وأقبح من ذنب، وأنا على علم بالواقع، وأن أهل الشام ينتظرون من يقول لهم هلموا إلى ساحات الجهاد، وليس من يمنعهم عنها وقد فعل أكثر من مرة وبالدليل وفي أكثر من معركة وجبهة، ولقد هب الأبواق لتفسيق وتخوين غرفة عمليات وحرض المؤمنين عندما تقدمت على جبهة الساحل عند الحدود التركية (12 نقطة) تذكرون، ومُنعت الكثير من المجموعات المستقلة من المشاركة في صد تقدم العدو على مناطقهم، والذرائع متعددة مشهورة.

أغلظ الجاهل علي بالقول واتهمني بالجهل وعدم معرفة ما يعرفونه!!!، فلم اسكت وافرغت وسعي في النصح والتوبيخ هذه المرة، وذلك في غرفة فيها شهود استطيع تسميتهم ولا أظن أنهم يزورون الشهادة.

سقطت المناطق تباعاً، وتغنى الكثيرون بتضحيات المجاهدين في القرية تلو القرية، والمفارقة المكررة أن المعركة تنحصر فقط في الجبهة بل المحور بل القرية التي يختارها العدو!!!، وكأنها محرقة في لعبة وفق قواعد متفق عليها لا يخالفها إلا النظام النصيري والمحتل المجرم.

كنت أعلم يقيناً أن معرة النعمان وسراقب ستسقطان كما سقطت خان شيخون وفق المعادلة التي لم يتغير فيها شيء إلا تناقص عدد المجاهدين الصادقين المؤهلين بسبب القتل في المعارك والتضييق الممنهج، وعندما اقترب جيش النظام من بلدتي تداعى بعض الشباب لتشكيل مجموعة للدفاع عنها، وفرت كلماتي وقتها وإنني أعلم أن أي جهد مفرد على أي جبهة سيكون هلاكاً بلا فائدة تحت نيران الطائرات والراجمات المكثفة، وعناصر وضباط النظام يشربون المتة بهدوء على جبهات ومحاور قريبة وبعيدة….. هدأت هادئة الشباب المتحمسين ورأيتهم يحملون متاعهم خارج البلدة نازحين، وما حدث عبارة عن تبادل قصف بين العدو والفصائل وانسحاب عسكري.

واستمر مسلسل إحراق المجاهدين في القرية التي يختارها العدو!!!، وكل من يحاول أن يفتح جبهة إشغال أو استغلال فرصة واقتحام متهم محارب!!!.

واليوم لم تتغير العقلية ولا الطريقة، هناك احتكار لكل مفاصل الثورة، وتضييق واتهام وملاحقة لمن يحفظ التاريخ بتفاصيله وينتقد الفاعلين الخاطئين، ووفق هذه المعادلة سيكون هناك انضغاطات قادمة وسيحدث انفجار ثوري جديد.

{إِنْ أُرِيدُ إِلَّا الْإِصْلَاحَ مَا اسْتَطَعْتُ وَمَا تَوْفِيقِي إِلَّا بِاللَّهِ عَلَيْهِ تَوَكَّلْتُ وَإِلَيْهِ أُنِيبُ} [هود:88]

أبو يحيى الشامي

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى