جاء رمضان فطوبى للغرباء – ركن المرأة – مجلة بلاغ العدد ٣٥ – رمضان ١٤٤٣ هـ⁩⁩⁩⁩

الأستاذة: خنساء عثمان

بسم الله الرحمن الرحيم

إِيهِ يا نسمات الأنس المبشرة بقدوم ضيف مبارك،

أسعدينا بنفحاتك.. ودعينا نعش في واحتك لحظاتِ أُنس بالله…

فلقد أضنانا السير في هذا الهجير من الفتن والجواذب الأرضية…!

امنحينا أجنحة نطير بها في سبحات الله… عَلنا ننال غاية أمانينا من حب الله والقرب منه والأنس به والقبول منه لجهدنا الضعيف…

نعم..

كانت هذه سحابة من المشاعر ظللت سمائي مع قرب قدوم هذا الشهر المبارك.

وهذه المشاعر هي التي أردت أن تكون بداية حديث ذي شجون عن الضيف القادم حبيب القلوب… وحلبة السباق إلى جنة عرضها السموات والأرض.

أختي المؤمنة: حديثنا اليوم عن رمضان يجب أن يكون لصيقا بالواقع الحرج الذي نعيش فيه اليوم،

هذا الواقع الذي أظهر لنا أكثر من أي وقت سابق حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم: «بَدَأَ الْإِسْلَامُ غَرِيبًا، وَسَيَعُودُ كَمَا بَدَأَ غَرِيبًا، فَطُوبَى لِلْغُرَبَاءِ».

 فكيف أجعل من هذا الشهر بداية طيبة تقربني من مقام (طوبى للغرباء)؟؟؟

 

تعالي أختاه:

لنجعل رمضان حافزاً لنا للمسير في هذا الطريق الموصل إلى الله.

فـ رمضان:

شهر القرآن..

وشهر الصبر..

وشهر التقوى..

وشهر الإعانة الربانية لهذا الإنسان الضعيف أمام شهواته.. (بتصفيد الشياطين).

ولكل من هذه الصفات أهمية أية أهمية… لدفع هذه الأمواج المتلاطمة من المعاصي التي ضربت أطنابها في الأرض وَرَدِّها عن نفسي وأسرتي.

فالقرآن يعلمني

والصبر يرافقني

والتقوى تمدني

والإعانة الربانية تحفظني

في مسيري بطريق تكويني أُسرة أمشي وإياها على طريق يوصلنا إلى جنة عرضها السموات والأرض.

ألم يعلمنا رمضان أن من أراد دخول الجنة من باب الريان فسيجوع ويعطش امتثالا لأمر الله؟

هل هناك أروع من هذه المدرسة؟ فنعيم الآخرة لا يدرك بنعيم هذه الدنيا.

ألم يعلمنا رمضان أن مراقبة الله عز وجل هي التي تجعلنا نحافظ على صيامنا حتى في غياب الرقيب البشري؟

هذه الصفات الرمضانية تكفينا للعروج في مدارج السالكين؛ فالعمل والسعي هو الذي يكثر الطاعات ويبارك فيها.

* ولكن كيف؟؟!! سؤال لا يزال يتردد في النفس المؤمنة التي تعيش في زمن أصبح فيه:

– المعروف منكرا والمنكر معروفا والأمين مخونا والخائن مؤتمنا.

– والعفيفة المحتشمة متشددة منغلقة، والمتبرجة منفتحة مقبولة، والصالحة معقولة بل ربما محبوبة، أما المٌصْلِحَة فغير مقبولة يتهرب منها الناس.

– والمتفرغة لرعاية البيت (امرأة خسرت شبابها وأضاعت عمرها) والولاجة الخراجة (سيدة مجتمع راقية) و… و… و… إلخ.

ناهيك عن خلط الأوراق بين الحق والباطل، وصعوبة إعادة ترتيبها، مع انتشار القص واللصق بلا تدقيق في وسائل التواصل…

هذا الكم الهائل كيف الخلاص منه؟

لا عليك أختي؛ فكل هذا الكلام غمامة صيف تزول أمام إيمانك الراسخ، ويقينك الثابت، وإصرارك على دخول الجنة ونيل رضا الله.

البداية ستكون من رمضان إن شاء الله:

١ …كَوِّني لنفسك وأسرتك مجتمعا ولو صغر، من أناس يحبون ما تحبين من رضا الله ويكرهون ما تكرهين من غضب الله، في طريقة عيشهم وأكلهم وملابسهم وتحصيلهم للعلوم. فهذا يسهل مهمتك ويعينك بإذن الله، لصعوبة عيش الإنسان بمفرده بطريقة معينة إن لم يكن نصيب من الأخوة في الله.

٢ … اغرسي حب الله والثبات على دينه في قلوب أسرتك، ثم ابني الأساس الراسخ من اليقين في قلوب أبنائك كي لا يهتزوا أمام الرياح العاتية من الفتن.

٣ … استخدمي كل ذكائك وأساليبك لزرع حب الإسلام والعمل في سبيل الله في قلب أسرتك وأبنائك.

٤ … ثم ازرعي الصبر واليقين والرضا بأمر الله وقدره في قلبك وقلب من معك أثناء سيركم في هذا الطريق؛ لأن السلعة غالية ولا بد من التضحية بكل أنواعها وأشكالها وألوانها.

واستعيني بالله فطريق الجنة مع صعوبته ذو رونق خاص وحياة جميلة وسعيدة وحلوة ومريحة للروح والنفس، وملاذ آمن في جنب الله… وجنة في الدنيا معنوية موجودة في الصدر قبل جنة الآخرة.

 

فشدي.. شدي.. يدك في يدي أختي لنسرع اللحاق بركب:

الغرباء

القابضين على الجمر

النُّزاع من القبائل

ولنجعل رمضان شهر: الإكثار من القرآن، والإكثار من ذكر الله، وصلة الأرحام خاصة المقطوعة، وقيام الليل، وصيام النهار؛ فعن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «من صام رمضان إيمانًا واحتسابًا غفر له ما تقدم من ذنبه، ومن قام ليلة القدر إيمانًا واحتسابًا غفر له ما تقدم من ذنبه» (رواه البخاري ومسلم) وعن أبي هريرة رضي الله عنه، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «أتاكم رمضان شهر مبارك فرض الله عز وجل عليكم صيامه، تفتح فيه أبواب السماء وتغلق فيه أبواب الجحيم وتغل فيه مردة الشياطين، لله فيه ليلة خير من ألف شهر من حرم خيرها فقد حرم» (رواه النسائي).

وفي هذا بلاغ لمن ابتغى الخير والنور.

والله من وراء القصد.

والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

للمزيد من مقالات مجلة بلاغ اضغط هنا

لتحميل نسختك من مجلة بلاغ اضغط هنا

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى