الاستعداد بالطاعة للطاعة ||الركن الدعوي || مجلة بلاغ العدد الثاني والعشرون شعبان ١٤٤٢ هجرية

الشيخ: همام أبو عبد الله

كلما دخل شهر شعبان تذاكر الصالحون صيام النبي صلى الله عليه وسلم فيه فتذكروا قرب رمضان وأحصوا الأيام انتظارا لقدوم هلاله المبارك، شهر الرحمات والبركات والخيرات.

وإن من تأمل في شريعة الإسلام وجد أن من هديها المبارك الاستعداد لعظيم الطاعات بالطاعات، والتقدم بين يدي جليل المنازل بجميل العمل؛ تهيئة للقلب وتعويدا للبدن وحرصا على اغتنام الفرص.

فالصلوات الخمس يسبقها الأذان ويتقدمها الوضوء وتشرع قبلها رواتب ونوافل عديدة، والدعاء بين الأذان والإقامة مظنة الاستجابة، وانتظار الصلاة بعد الصلاة هو الرباط، وكل ذلك يمهد لحسن الوقوف بين يدي الله جل وعلا في الركعات المفروضة.

وكذا الحج أعظم مناسكه تؤدى في أيام معدودات ولكن موسمه أشهر معلومات، فيقْدُم الحاج إلى مكة ويجتهد في العبادة ويستعد بمنى يوم التروية عسى أن يفوز بالقبول يوم عرفة.

والجهاد هو كما قال أبو الدرداء: “إنما تقاتلون بأعمالكم” وبوب البخاري لقول أبي الدرداء بقوله: باب عمل صالح قبل القتال.

وهكذا الصوم يتهيأ له المرء بالسحور، ولشهر رمضان بشهر شعبان الذي كان يكثر فيه النبي صلى الله عليه وسلم الصوم، حتى إن بعض العلماء شبه صوم شعبان بالسنن الرواتب التي تسبق الصلوات المفروضة، والصوم جانب من جوانب تزكية النفس استعدادا لهذا الشهر الكريم، ولا مانع من تعداد جوانب التزكية جمعا للخير من أطرافه، ففي الحديث الذي رواه ابن ماجه وحسنه الألباني: (الخير عادة)، وفي الحديث الآخر: (سددوا وقاربوا، وأبشروا، واستعينوا بالغدوة والروحة وشيء من الدلجة) أخرجه البخاري في صحيحه، ومعنى استعينوا بالغدوة والروحة وشيء من الدلجة أي استعينوا على مداومة العبادة بإيقاعها في الأوقات التي تنشط فيها النفوس كأول النهار وبعد الظهر وآخر الليل، وهذا مثل يقاس عليه غيره من الأوقات والأماكن والأحوال التي تنشط فيها النفس لمزيد من العبادة.

فإذا كان شهر شعبان شهر كثرة صيام فهذا يعني أنه شهر تكثر فيه العبادات المرتبطة بالصيام مثل: السحور قُبيل الفجر، والدعاء عند الإفطار، وتفطير الصائم، والبعد عن اللغو والرفث والصخب، وترك قول الزور والعمل به، ومن كان هذا حاله في شعبان فخليق به أن يكون هذا حاله كذلك في رمضان فيفوز فوزا كبيرا.

أخا الإسلام: حصن قلعة قلبك لتنكسر جيوش العدو على أعتابها، واقطع مداخل الشياطين إلى نفسك، واجلد بسياط العزم الأهواء التي بين جنبيك، عسى أن تكون غدا من الموفقين المقبولين الفائزين المعتوقين من النار.

والحمد لله رب العالمين.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى