شيرين أبو عاقلة وغض البصر – ركن المرأة – مجلة بلاغ العدد السابع والثلاثون ذو القعدة ١٤٤٣ هـ
الأستاذة: خنساء عثمان
كل حادث يحدث في وقتنا الحاضر يكشف عن بعد كثير من المسلمين عن المنابع الأصلية لدينهم وعقيدتهم وتصوراتهم، ويكشف أيضا عن فشل التعليم الحالي قصدا وعن سابق تصميم في غرس التصور الصحيح للعلاقة بين المسلم ودينه.
جاء حدث اغتيال المراسلة الفلسطينية النصرانية فكشف عن عوار تصورات باطلة لسواد عظيم ممن ينتمي للإسلام، وكشف أيضا عن جهلهم لأبسط ما هو معلوم من الدين بالضرورة؛ حيث جعلوا الجنة مأوى لكل من اشتغل بما يسمى بالقضية الفلسطينية حتى لو كان كافرا يشرك مع الله آلهة أخرى ويكفر بما جاء به خاتم النبيين صلى الله عليه وسلم.
ولقد تصدى لتصحيح هذه المفاهيم ثلة من العلماء الأفاضل جزاهم الله عن الإسلام والمسلمين خيرا فظهر الحق جليا يوضح الفرق بين أهل الجنة وأهل النار.
ولكن بقيت لنا وقفة تأمل لحقيقة ولأمر بدا كأنه ضاع واختفى في خضم تلك الفتنة هذه… الحقيقة تكمن في السؤال الآتي:
كيف يرضى رجل مسلم أن ينشر صورة امرأة سافرة متزينة مهما كان دينها، ومهما كان الهدف من نشر صورتها وإظهاره إن كان توثيقا للهدف أو غير ذلك، فضلا عن أن ينظر هو إليها؟
هل وصل الأمر إلى أن يصبح نشر صور المرأة السافرة مسلمة كانت أم كافرة أمرا بسيطا وكأنه مباح أو أنه نافلة من الأحكام؟
كلا ليس كذلك؛ إن الذي أعطى كل شيء خلقه ثم هدى وجعل رسالته الخاتمة متكاملة ومتناسقة مع الفطرة التي فطر الناس عليها… الله عز وجل، هو الذي فرض الحجاب على المرأة وفرض غض البصر على الرجل؛ وهذه حقيقة كونية وشرعية يجب ألا يتغافل عنها.
فالمرأة هي شطر من الجنس البشري الذي خلقه الله وأبدع في خلقه وجعله ذكرا وأنثى؛ لكل منهما مهمة في الحياة هي عبادته التي خُلق من أجلها، ولكل منهما صفات أبدعها الرحمن توافق مهمته.
فالرجل موكل بالعمل خارج البيت كفاحا وسعيا في مناكب الأرض وحفظا للبيضة وقياما على الأسرة وتحملا للمشاق في سبيل ذلك، فضلا عن الجهاد لإقامة حكم الله في الأرض؛ وكل صفاته الجسمية والنفسية التي وضعها الله فيه من حزم وخشونة وقوة بدنية، وغلبة عقل على العاطفة، تخدم هذه المهمة، وجعلت له قيود وأحكام من الشرع تناسب هذه الصفات فيه.
والمرأة كذلك خلقها الله لمهمة عظيمة وهي حفظ الأسرة داخل البيت، ورعاية الجنس البشري في أضعف مراحله (طفولته) حفظا وعطفا واحتواء، وجعل صفاتها الجسمية من ضعف في البنية مقارنة بالرجل، ورقة في المشاعر وزيادة في العاطفة على العقل، وتقلبات وظيفية من حيض أو نفاس وغيره. هذه الصفات تخدم مهمتها التي أوكلت إليها وتناسقت عليها.
ومن رحمة الله وهو الرحيم الحكيم بديع السموات والأرض أن عوضها عن ضعف جسمها مقارنة بالرجل سلاحا قويا أروع قوة وأكثر جمالا؛ إن استخدمته في مكانه الصحيح وهو البيت وللزوج فقط، ألا وهو قوة انجذاب الرجل إليها والافتتان بها، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «ما رأيت من ناقصات عقل ودين أذهب للب الرجل الحازم من إحداكن» متفق عليه.
فهي بهذه الصفات إن اتقت الله قادرة على جمع زوجها وأبنائها ومن حولها لجنة عرضها السموات والأرض…
لكنه سلاح مدمر مخرب قاتل للعفة والطهارة إن خرج من نطاقه وانتشر خارج البيت وتسنى للجميع النظر إليه، قال صلى الله عليه وسلم «ما تركت بعدي فتنة هي أضر على الرجال من النساء» متفق عليه.
فالمرأة هي فتنة للرجل، وقد جبله الله عز وجل وركبه تركيبا فطريا على غريزة تميل إلى المرأة شاء أم أبى، وإذا نظر إليها فإن دواعي النفس والشهوة تتحرك نحوها، لذلك أمره الله بغض البصر.
فخروج المرأة من بيتها ومزاحمتها للرجال في مهامهم التي خلقوا من أجلها لا تحرر أرضا ولا تخدم قضية، ثم إن الرضى بإشهار صور المرأة ولو على سبيل الانتقاد معصية تغضب الله، وتعرض الأمة للعذاب، وتدمر معاني التربية التي تلقاها المسلم في نشأته.
فإلى الله المشتكى من “مراسلة” نصرانية بكامل زينتها دخلت صورتها بيوت المسلمين عن طريق وسائل الإعلام التي تدار عن طريق أعداء الأمة، وظلت تنشر فتنتها بحجة النصرة والتغطية الإعلامية “للقضية الفلسطينية” كما يزعمون.
وهل ضاعت القدس وفلسطين وباقي بلاد الشام والعراق وباقي بلاد المسلمين إلا بسبب الذنوب والفتن والجهر بالمعاصي.
فالحذر الحذر فالخطر كبير؛ فإن أعداء الإسلام من يهود ونصارى وروافض وعلمانيين وغيرهم يتربصون بنا ويتكؤون على حجم معصيتنا، وإنه لا يصلح آخر هذه الأمة إلا بما صلح به أولها، ولا مكان في المجتمع السليم لمظاهر السفور والتبرج؛ بل إن من صفات الفرد المسلم غض البصر، قال صلى الله عليه وسلم لعلي رضي الله عنه: «يا علي لا تتبع النظرة النظرة، فإن لك الأولى وليست لك الآخرة» رواه الترمذي.
قال الله عز وجل: ((قُلْ لِلْمُؤْمِنِينَ يَغُضُّوا مِنْ أَبْصَارِهِمْ وَيَحْفَظُوا فُرُوجَهُمْ ذَلِكَ أَزْكَى لَهُمْ إِنَّ اللهَ خَبِيرٌ بِمَا يَصْنَعُونَ)).
لمتابعة بقية مقالات مجلة بلاغ العدد السابع والثلاثون ذو القعدة ١٤٤٣ هـ اضغط هنا
لتحميل نسخة من مجلة بلاغ العدد السابع والثلاثون ذو القعدة ١٤٤٣ هـ اضغط هنا