إدلب والحمى المستباح – كلمة التحرير – مجلة بلاغ العدد الثالث والثلاثون رجب ١٤٤٣ هـ
مجلة بلاغ العدد الثالث والثلاثون رجب ١٤٤٣ هجرية – شباط ٢٠٢٢ ميلادي
كلمة التحرير
استيقظ أهالي المخيمات في ريف إدلب بمنطقة أطمة قبل أيام على أصوات طيران أمريكي واشتباكات وإنزال جوي ونداءات عبر مكبرات الصوت، أدت لخوف وهلع في المنطقة، واستمر ذلك الإنزال عدة ساعات غادرت بعدها الطائرات المهاجمة موقع الحدث مخلفة وراءها أعدادا من القتلى الأطفال والنساء والرجال.
ثم أعلن الأمريكان أنهم نفذوا عملية في المنطقة أدت لمقتل زعيم تنظيم الدولة عبد الله قرداش المشهور باسم أبي إبراهيم الهاشمي، مما أعاد للأذهان عملية الإنزال الجوي الأمريكي في ريف إدلب قبل أكثر من سنتين والتي أدت لمقتل زعيم تنظيم الدولة السابق إبراهيم عواد المشهور باسم أبي بكر البغدادي.
* وأمام هذا الحدث تتضح الأمور التالية:
1 – استباحة الأمريكان لمنطقة إدلب دون اعتبار لما ينتج عن تلك الاستباحة من قتل للأطفال والنساء والرجال وتدمير للممتلكات، سياسة أمريكية مستمرة منذ عدة سنوات، قام فيها هؤلاء الصليبيون بقتل مئات الأهالي في مسجد الجينة وفي معسكر الشيخ سليمان وفي استهدافاتهم الكثيرة لتجمعات وأفراد في المنطقة مع تعدد توجهاتها سواء كانوا مع جبهة النصرة أو جماعة التبليغ والدعوة أو أنصار التوحيد أو حراس الدين أو مستقلين أو مدنيين أو تنظيم الدولة، ومما جرأ الأمريكان على ذلك ضعف أو انعدام المقاومة لتلك العمليات واكتفاء بعض المعنيين بالمنطقة ببيانات الشجب والاستنكار إن استنكروا.
2 – من الواضح أن عملية الإنزال الأمريكي كانت مبنية على عمل خلايا عميلة لهم على الأرض تجمع المعلومات، وتتتبع الأهداف، وتدرس المنطقة، وتنقل الواقع والمعطيات الميدانية؛ فاستباحة عملاء التحالف للمنطقة وشعورهم بالأمان فيها وتوفر الغطاء الذي يسيرون به فيها، أمر جد خطير.
3 – تواجد زعيم تنظيم الدولة السابق البغدادي وزعيمهم اللاحق الهاشمي في إدلب، وتفضيلهم الإقامة بها على الإقامة بالعراق أو بادية حمص أو أماكن سيطرة النصيرية أو ال ب ك ك أو درع الفرات أو تركيا..، له دلالة على أن حمى المنطقة مستباح منهم كذلك.
4 – تواطؤ الحكومة التركية مع تلك الضربات الصليبية وما ينتج عنها من ضحايا، فعل يتماشى مع السياسة البرغماتية التي تنتهجها في المنطقة، خاصة وأنهم كثيرا ما يستهترون بدماء أهالي المنطقة، وقتلوا بدم بارد مئات الأطفال والنساء واللاجئين الذين حاولوا الهروب من جحيم القصف الروسي إلى تركيا، فكانت الجندرما التركية تتصيدهم على الحدود قتلا وتعذيبا، في حوادث متكررة عبر السنين، لم يتبعها بتركيا في يوم من الأيام فتح تحقيق حولها أو محاسبة المسؤولين عنها.
5 – التواجد المؤثر لخلايا التحالف الصليبي بإدلب وكذلك خلايا الدواعش على هذا المستوى الخطير، يؤكد ما هو معروف من أن الجهاز الأمني القمعي المنتشر في إدلب إنما هو جهاز تسلطي فاشل منشغل بقمع الشعب، وملاحقة التجار، والتضييق على المجاهدين المعارضين لأستانا وسجنهم وتعذيبهم، ومراقبة الإعلاميين والناشطين، والتهريب، والسمسرة، والرشاوى..، فهو في حقيقة أمره بلاء يستبيح حمى المنطقة مع من يستبيحها من المعتدين.
6 – فإذا أضيف للأمريكان والدواعش والجندرما التركية وأمنيي الجولاني استباحة الروس والرافضة والنصيرية للمنطقة، وعدم وجود ردع حقيقي على مجازرهم التي يرتكبونها من حين لآخر فيها، تبينت حقيقة الواقع المؤلم الذي يعيشه أهالي إدلب، واقع سيلان دمائهم أنهارا على يد شتى أنواع المعتدين، مما يستوجب إعادة النظر في هذا الواقع واتخاذ الوسائل الكفيلة بتعظيم حرمة دماء أهلنا في تلك المنطقة العزيزة.
هنا بقية مقالات مجلة بلاغ العدد ٣٣ رجب ١٤٤٣ هـ