وصار الآخرون يتساءلون.. لماذا أيها “البعضُ” تُحبِّونَ بعضكم زيادة؟!!

#من_ذاكرتي.. 

“.. ومضت الأيام وبدأتْ صُحبات المسجد بالتشكُّلِ، وبالفعل حصل معي ما حصل مع رجال المسجد الأول!! صار المحافظون على صلاة الفجر مِنِّا أشدَّ صحبةً وأقوى علاقةً وأحرصَ نُصحاً!! رغم أنَّ البقية كانوا من أهل المسجد أيضاً، لكن.. بقية عن بقية تختلف..

ومضت الأيام وما زادت قناعتي إلا ثباتاً، حتى إذا صارُ الفجرُ جهاداً في سبيل الله رأيتُ وعايشتُ ما لا تصِفهُ الحروفُ، ولا تُنصِفه الشهادات!!

رأيتُ أناساً ارتقوا بإيمانهم حتى وكأنهم من عالَمٍ آخر!! كُنَّا ننصحُ الناس بصلاة الفجر ونحثُّهم عليها ونظنُّ أنفسنا خيرَهم!! فلمَّا قابلتُ أولئك صارت النصائح أمراً آخر، والحثُّ أعظمَ وأكبرَ، والنَّفْسُ أصغرَ وأحقرَ..

عند اللقاء والفراق لا يحضركُ إلا حديث النبيِّ صلى الله عليه وسلم «تحابَّا في الله، فاجتمعا على ذلك وافترقا عليه». تفارقه وأنت تنظرُ إلى لقائكَ معه في ظلِّ عرشِ الرحمن!!

ثمَّ أكرمنا الله وفتحَ علينا ولنا قلوب العباد، ولا زلتُ أذكرُ تماماً كلام البعضِ (وهم كثير) وتساؤلهم: لماذا تُحبِّونَ بعضكم زيادة؟!!

فلمَّا مضتْ الأيام وعركتنا سويَّاً، وتشاركنا مع هذا “البعضِ” المباركِ الجوعَ والألمَ، والدَّمَ والهدمَ، وفقدَ الأحبَّةِ ورحيلهم، صار “البعضُ” يعرفُ جوابَ سؤاله، لأنه قد صار جزءاً من الجواب..

وصار الآخرون يتساءلون.. لماذا أيها “البعضُ” تُحبِّونَ بعضكم زيادة؟!!

ذلك فضل الله يؤتيه من يشاء..

يلامسُ كتفهُ كتفكَ في الصلاة، أو في الخندقِ، أو في حاجتكَ، أو حاجة إخوانكَ..

يجوعُ يومَ تجوعُ، ويخافُ يومَ تخافُ، ويأمنُ يومَ تأمنُ..

يفرحُ بفرحكَ، ويحزنُ لألمِكَ، ويبكي لحُزنِكَ..

ولا ينسى الفضلِ لأهلهِ إلا عديمهُ.. وعديمهُ ما كان ليعيشَ بينهم..

فلأهلِ الفضلِ أُهدي جزءاً من تَفضُّلهم..

لَا تَحْزَنْ إِنَّ اللَّهَ مَعَنَا.. قالها لصاحبه الذي قال بعد أن شربَ النبيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ “فشربَ حتى ارتَويْتُ”!!

هذه الصحبة الصادقة الصالحة لا تنشأ إلا في ميادين البذلِ والتضحية، ولا تنتهي حتى تنتصبَ السُّرُرُ المتقابلة..”

بقية

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى