في ربوع رمضان – الركن الدعوي – مجلة بلاغ العدد ٤٧ – رمضان ١٤٤٤هـ⁩⁩⁩

الشيخ: رامز أبو المجد الشامي

بسم الله الرحمن الرحيم

الحمد لله رب العالمين، وأفضل الصلاة وأتم التسليم على سيدنا محمد، وعلى آله وصحبه أجمعين.. وبعد:

* لا يختلف اثنان أنَّه كلما زادت قيمة الزائر والضيف زاد استعداد المضيف وتهيأ لاستقباله، وفي هذه الأيام يستعد المسلمون لاستقبال ضيف مبارك جمع في حناياه الخير والبركة والرحمة والمغفرة والنفحات والمكرمات والعتق من النار.

* شهرٌ اجتمعت فيه أمهات العبادات وبعض أركان الإسلام كالصلاة والصيام والجهاد والعمرة وقراءة القرآن والقيام والدعاء والصدقة.

 

* شهرٌ فُتّحت فيه أبواب الجنات، تحتاج فقط لأقدام تلجها وتدخلها، وغُلّقت فيه أبواب النيران، وصُفّدت فيه الشياطين.

* شهرٌ من فضائله أن جعل الله جل وعلا لأهله بابا من أبواب الجنة يقال له: باب الريّان، لا يدخل منه إلا أهله، فإذا دخلوا أُغلق.

* شهرٌ خيرٌ كله لا شرّ فيه.

* قال الله تبارك وتعالى: (يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ كَمَا كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ) [البقرة: 183].

* وقال الله تبارك وتعالى: (شَهْرُ رَمَضَانَ الَّذِي أُنْزِلَ فِيهِ الْقُرْآنُ هُدًى لِلنَّاسِ وَبَيِّنَاتٍ مِنَ الْهُدَى وَالْفُرْقَانِ فَمَنْ شَهِدَ مِنْكُمُ الشَّهْرَ فَلْيَصُمْهُ…) [البقرة: 185].

* وفي الصحيح عن ابن عمر رضي الله عنهما، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «بُنيَ الإسلام على خمس؛ شهادة أن لا إله إلا الله، وأنّ محمداً رسول الله، وإقام الصلاة، وإيتاء الزكاة، والحج، وصوم رمضان».

* وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «قال الله: “كلُّ عَمَل ابن آدَم له إلا الصيام، فإنه لي وأنا أجْزِي به”، والصيام جُنَّة، وإذا كان يوم صوم أحدِكُم فلا يَرْفُثْ ولا يَصْخَبْ، فإن سَابَّهُ أحَدٌ أو قَاتَلَهُ فليَقل: إنِّي امرؤ صائم، والذي نفس محمد بيده لَخُلُوفُ فَمِ الصَّائِم أطيب عند الله من رِيحِ المِسْكِ، للصائم فرحتان يَفْرَحُهُمَا: إذا أفطر فَرِح، وإذا لَقِي ربَّه فَرِح بِصَوْمه». وهذا لفظ رواية البخاري. وفي رواية له: «يَتْرُك طَعَامه، وشَرَابه، وشَهوته، من أجلي، الصيام لي وأنا أَجْزِي به، والحسنة بعشر أمثالها». وفي رواية لمسلم: «كلُّ عَمَل ابن آدم يُضَاعَف، الحَسَنة عَشر أمْثَالها إلى سَبْعِمِائَة ضِعْف، قال الله عز وجل: “إلا الصَّوم فإنه لي وأنا أجْزِي به؛ يَدَع شَهَوته وطَعَامه من أجلي”، للصائم فرحتان: فَرْحَة عند فِطْره، وفَرْحَة عند لقِاء ربِّه، ولَخُلُوف فيه أطْيَب عند الله من رِيحِ المِسْكِ».

* وفي هذا الحديث فوائد جمّة وفضائل عظمى، ففيه تشريف الصيام بنسبته لله تعالى، وفيه مضاعفة أجر الصائمين لحدٍّ لا يعلمه إلا الله تبارك وتعالى، وفيه توجيه لآدابٍ على الصائمين أن يتمثلوا لها وخاصة إذا خوصموا أو سبهم وشتمهم أحد، وفيه إثبات الفرح للصائمين، وفيه أن رائحة فم الصائم عند ربنا أطيب من ريح المسك، وفي هذا الحديث دليلٌ على إخلاص الأمة المسلمة لربها، فالله تعالى لا يقبل إلا ما كان خالصاً، «إلا الصَّوم فإنه لي» فهذا دليل الإخلاص.

* فضل تفطير الصائمين: قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «مَنْ فَطَّرَ صَائِمًا كَانَ لَهُ مِثْلُ أَجْرِهِ غَيْرَ أَنَّهُ لاَ يَنْقُصُ مِنْ أَجْرِ الصَّائِمِ شَيْئًا».

* فضل الصيام والقيام: ومما لا خلاف فيه أنه كلما عظُمت مكانة العبادة في شريعتنا عَظُمَ ثوابها وأجرها وكذلك عَظُمَ وزر العصيان، وإن من فضائل شهر رمضان أنه شهرٌ اجتمعت فيه أسباب المغفرة..

* عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «من صام رمضان إيمانا واحتسابا غُفِرَ له ما تقدم من ذنبه».

 

* وعنه رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «من قام رمضان إيمانا واحتسابا غُفِرَ له ما تقدم من ذنبه».

* وعنه رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «من قام ليلة القدر إيماناً واحتسابا غُفِرَ له ما تقدم من ذنبه».

* دلّت هذه الأحاديث على اجتماع أسباب المغفرة، أي أنّه من صام وقام إيماناً بأنّ الله فرض الصوم واحتساباً للأجر عند الله غُفِرَ له ما تقدم من ذنبه.

* فرمضان اختصه ربنا من بين الشهور وفضله عليها، وأنزل فيه أفضل الكتب القرآن الكريم، وجعل فيه ليلة خيرا من ألف شهر، وفي كلّ ليلة منه لله عتقاء من النار.

* شهر القتال والجهاد والفتوحات: من المعلوم أنّ شهر رمضان شهر الفتوحات والمعارك التي أعزّ الله فيها الإسلامَ وأهله وأذلّ الكفر وأهله؛ ففيه كانت غزوة بدر الكبرى، وفيه قامت غزوة فتح مكة وغزوة القادسية وفتح عمورية وعين جالوت ومعركة شقحب وغيرها الكثير.

* والمحروم من حُرم، نعم إنّ المحروم فيه من حُرمَ هذا الخير العظيم فلا صام مع الصائمين ولا قام مع القائمين ولا قرأ كتاب ربه ولا تصدق أو اقترب من مولاه.

 

* قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «رَغِمَ أَنْفُ رَجُلٍ دَخَلَ عَلَيْهِ رَمَضَانُ ثُمَّ انْسَلَخَ قَبْلَ أَنْ يُغْفَرَ لَهُ».

 

* قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «من لم يدع قول الزور والعمل به فليس لله حاجة في أن يدع طعامه وشرابه».

* ومن آداب الطعام في رمضان:

– تعجيل الفطور.

– تأخير السحور.

* عن سهل بن سعدٍ الساعدي رضي الله عنه، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «لا يَزَالُ النَّاسُ بخَيْرٍ ما عَجَّلُوا الفِطْرَ».

* تحذير – ليس رمضان شهر النوم والأكل والكسل:

فئة من المسلمين جعلت من شهر رمضان شهرا للأكل والنوم واللهو والشاشة ثم الكسل، الكسل عن السير إلى الله.

فلا ينبغي لمن اشتاق لله، ومشى في رياض سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم، وسمع أخبار سلفه، أن يقعد ولا يسير في ركابهم، فيا باغي الخير أقبل ويا باغي الشر أقصر، وكن في ركاب أهل الخير.

* اللهم أعنّا على الصيام والقيام وغضّ البصر وحفظ اللسان واجعلنا من عتقائك من النار وأدخلنا الجنّة من باب الريّان، ونسأل الله بأسمائه وصفاته أن يعيننا على صدق العبودية بين يديه، وأن يكرمنا بالقَبول يوم نلقاه، إنه جواد كريم، وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.

والحمد لله ربّ العالمين.

لمتابعة بقية مقالات مجلة بلاغ اضفط هنا
لتحميل نسخة من مجلة بلاغ العدد 47 اضغط هنا

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى