عقائد النصيرية / 24 – عشر من مجازر بشار سنة 2011

مجلة بلاغ العدد ٣١ - جمادى الأولى ١٤٤٣ هـ⁩⁩

الشيخ: محمد سمير

الحمد لله، والصلاة السلام على رسول الله، وآله وصحبه ومن والاه.. وبعد؛

فإن الحديث عن مجازر نظام الأسد النصيري في الثورة أشبه بمحاولة عدِّ النجوم؛ فمجازر النظام لا تحصى كثرة، وهل خلا يوم من أيام الثورة عن أبرياء ارتقت أرواحهم إلى بارئهم جراء إجرام النظام وقصفه العشوائي وتعمده الرجال والنساء والأطفال بالقنص؟

هل مر يوم دون أن تفجع أم وتترمل زوجة ويتوله أب ويتيتم طفل وتفقد أسرة معيلها وكاسبها.

هل خلا يوم من انسكاب الدماء الطاهرة فوق الثرى وتناثر الأشلاء في الأجواء بعد هويِّ براميل الحقد والإجرام.

إن مجلدا بل مكتبة كاملة لا يمكن أن تحيط بجميع مجازر النظام أثناء الثورة، وإذا أمكن أن تحصي قطرات البحار وحبات الرمال وأوراق الأشجار أمكن أن تحصي مجازر النظام، غير أن ما لا يدرك كله لا يترك جزء منه ولو كان يسيرا جدا.

بدأت مجازر النظام مع بداية انطلاق المظاهرات، فهذا النظام وحشي دموي رفض جميع أشكال الحوار والتفاهم، وأبى أن يقدم شيئا من الإصلاحات أو أن يتنازل عن جزء من الظلم والفساد، ولجأ مباشرة إلى آلة القتل فأعملها في أجساد المسلمين، ولذلك كثرت الانشقاقات في صفوفه فقد أبى الأحرار والشرفاء أن يسفكوا دماء أهليهم وإخوانهم.

1 – مجزرة الجامع العمري: وكانت أولى مجازره في درعا، وهي مجزرة اقتحام الجامع العمري الذي اعتصم فيه أربعمائة شاب بعد سقوط عدد من الشهداء أثناء المظاهرات في درعا، وقد بدأ الاعتصام يوم السبت 19 / 3 / 2011، وفي اليوم ذاته قدم رستم غزالة والتقى ببعض وجهاء درعا، فقدموا له مطالب باسم أهالي درعا، فرد عليهم بطريقة استفزازية، وعبر عن غضبه لتقديم مطالب له.

وبعد يومين جاء فاروق الشرع وطمأن الوجهاء بأن الوضع هادئ، وعاد كثير من المعتصمين إلى بيوتهم واستمر آخرون بالاعتصام، وليلة الأربعاء اتصل المجرم عاطف نجيب بالشيخ الصياصنة، ولما فتح الشيخ الخط سمع ضحكة ثم أغلق الخط، فعمل ذلك مرتين، فعلم الشيخ أن السلطة تبيت شرا، فطلب من المعتصمين مغادرة المسجد، وأخبرهم أنه يتوقع هجوما غادرا عليهم، ولكن الشباب أصروا على البقاء في المسجد وكان فيهم جرحى.

وفي الساعة الواحدة بعد منتصف الليل قطعت الكهرباء عن مدينة درعا، وقدمت آلاف العناصر الأمنية والعسكرية، وبدأت عملية اقتحام المسجد، وظلت مستمرة إلى الخامسة فجرا، وفاضت أرواح عدد من الشهداء المعتصمين.

وبعد انتهاء عملية الاقتحام وإخلاء المسجد تم إحضار أسلحة ونقود وذخائر ووضعت في المسجد وصورها النظام وأعلن عن تطهير مسجد العمري من تنظيم إرهابي كان يحتل المسجد.

وفي ظهر يوم الأربعاء تم تشييع اثني عشر شهيدا ممن قتلوا في المسجد وفي المظاهرات بين درعا البلد ودرعا المحطة قبل اقتحام المسجد.

2 – مجزرة أهل القرى: وفي اليوم ذاته كانت المجزرة الثانية وعرفت بمجزرة أهل القرى، فقد قرر أهالي قرى درعا الخروج بمسيرة لفك الحصار عن درعا، فانطلق الآلاف من الحراك وعلما والحريك وخربة غزالة وعتمان ومزيريب وغيرها، واستمر التقدم حتى وصل المتظاهرون إلى وسط مدينة درعا في الساعة الخامسة مساء، ودخل المتظاهرون الساحة المجاورة لبيت المحافظ والمقرات الحكومية والتي سموها بساحة التحرير، وكان المتظاهرون يهتفون: سلمية سلمية، حرية حرية، والشعب يريد إسقاط أمن الدولة، وكانت عناصر الأمن والجيش منتشرة بكثافة فوق المباني الحكومية، وكانت عناصر القوات الخاصة تحيي المتظاهرين وتشير إليهم بالتقدم نحو ساحة التحرير، فهتف المتظاهرون: “الشعب والجيش إيد واحدة” ولم يخطر على بالهم أن هؤلاء الأوغاد يريدون استدراجهم إلى كمين نصبوه لهم.

فلما وصل المتظاهرون إلى مقابل الأمن السياسي ونادي الضباط والبريد واتحاد الفلاحين، وقد اعتلى القناصون الأسطح، انهمر الرصاص كالمطر، وساد الهرج والمرج وتفرقت المظاهرة، ودخل المتظاهرون الأحياء السكنية، وقصد بعضهم حارة المسيحيين، وأخفى أحد النصارى عددا من الشباب في منزله، واستمر القناصة في تصيد كل من يحاول الخروج من البيوت أو خلف الأشجار، وكان بعض الشباب يقوم بسحب القتلى والجرحى وينقلونهم إلى قراهم خشية أخذهم إلى المسلخ الذي يسمى بالمستشفى الوطني، وجاوز عدد الشهداء المائة [موقع قناة الجزيرة، وشهادة الشيخ الصياصنة باختصار وتصرف].

 

3 – مجزرة أطفال الحرية: وإذا اتجهنا نحو الشمال نحو مدينة حماة فإننا سنكون على موعد مع مجزرة أطفال الحرية في 3 / 6 / 2011 فقد احتشد عشرات الآلاف في ساحة العاصي حتى لم يبق فيها موطن لقدم، وانتشر المئات على الأسطحة وشرفات المنازل، وكان المتظاهرون حاملين بأيديهم أغصان الزيتون والورود تأكيدا على السلمية؛ ففوجؤوا بوجود مضادات عيار 14.5، ولم يظن أحد أن تفتح مضادات الطيران نيرانها على الأجساد البريئة العزلاء، ولكن إجرام النظام لا يعرف محرما ولا يقف عند حد، فقد أخذت تلك المدافع تنفث نيرانها على المتظاهرين فاستشهد سبعمائة وجرح ألفان، وكان المسؤول عن المجزرة العميد محمد مفلح وواثق كنجو، وكوفئ محمد مفلح على جريمته هذه بأن رقي إلى لواء بقرار استثنائي [شهادة أحد المشاركين في تلك الجمعة، وقد حضر المجزرة كاملة وستصدر شهادته قريبا ضمن سلسلة صفحات من الثورة السورية إن شاء الله، كما ذكرت تفاصيل هذه المجزرة العديد من وسائل الإعلام العربية والعالمية، وتوجد عدد من المقاطع المصورة لأحداثها وشهدائها على اليوتيوب].

 

4 – مجزرة هلال رمضان: وبعد أقل من شهر كانت مجزرة حماة الثانية غرة شهر رمضان، بعد أن وصلت أعداد المتظاهرين إلى أكثر من نصف مليون شخص كلهم يطالب بإسقاط النظام ورحيله، وبدؤوا اعتصاما مفتوحا في ساحة العاصي حتى رحيل النظام، فكان أن اقتحم النظام المدينة بمئات الآليات وآلاف الجنود وعناصر الأمن والمخابرات والشبيحة، وسلطوا مختلف أنواع أسلحتهم على جموع المتظاهرين والمعتصمين بعد قطع المدينة عن العالم الخارجي وحصارها حصارا تاما، وقطع الماء والكهرباء عنها، كما أن النظام كان قد طرد معظم الصحفيين لمنع نقل حقيقة ما يجري وبيان وحشية النظام وإجرامه، وكانت “الدبابات تهاجم من أربعة اتجاهات، إنهم يطلقون نيران أسلحتهم الآلية الثقيلة بشكل عشوائي ويجتاحون طرق مؤقتة أقامها السكان”.

“واعتلى القناصة الأسطح العالية وسلطوا رصاصهم على رؤوس المتظاهرين وصدورهم، وكانت قذائف الدبابات تسقط بمعدل أربع قذائف في الدقيقة داخل وحول شمال حماة”.

وقد سقط مئات الشهداء في هذا الاقتحام وجرح بضعة آلاف [شهادة عدد من شهود العيان وما بين أقواس صغيرة نقلا عن رويترز].

5 – مجزرة جمعة النصر لشامنا ويمننا: وبالانتقال من حماة إلى ريفها نصطدم بمجزرة كفر زيتا في جمعة النصر لشامنا ويمننا، فقد خرج أهالي كفر زيتا في تلك الجمعة في تاريخ 30 / 9 / 2011 بجموع حاشدة بعد صلاة الجمعة في مظاهرة رافضة للنظام الطائفي وإجرامه وبطشه، فاستقبلتها قوات النظام والأمن بالرصاص الحي الغادر ليسقط ما يربو على مائة بين شهيد وجريح.

6 – مجزرة الساعة بحمص: لم تكن حمص أمثل حالا من شقيقتها حماة؛ ففي 18 نيسان 2011 بدأ الآلاف من أهالي حمص نساء وأطفالا شيبا وشبابا بالتوافد إلى ساحة الساعة الجديدة في مركز المدينة تلبية لدعوة أطلقها المتظاهرون ظهر ذلك اليوم أثناء تشييعهم 8 أشخاص قضوا برصاص قوات النظام في باب السباع..، ومع غروب شمس ذلك اليوم امتلأت الساحة بالمتظاهرين..، وبعد منتصف الليل أبلغ الشيخ والخطيب محمود الدالاتي المعتصمين أنه تلقى اتصالا من القصر الجمهوري يطالبه بفض الاعتصام ويحذره من نتائج الاستمرار به.. ومع ساعات الفجر الأولى اقتحمت وحدات من الأفرع الأمنية التابعة للنظام مدعومة بمجموعات من الشبيحة ساحة الاعتصام وبدأت بإطلاق النار بشكل كثيف وعشوائي نحو من تبقى من المعتصمين موقعة عددا غير معلوم من القتلى والجرحى والمفقودين [نداء بوست، شهادات على أحداث اعتصام الساعة في حمص عام 2011 باختصار، وفي المقال شهادات لشهود عيان قيمة، فراجعها إن شئت].

7 – مجزرة وادي بدمايا: نال ريف إدلب نصيبه من مجازر الأسد كاملا غير منقوص؛ فقد ارتكب النظام مجزرة في 20 / 12 / 2011 عرفت بمجزرة وادي بدمايا ويقع قرب كفر عويد في جبل الزاوية “يحكي ناجون أن العديد من الشباب الناشط في المظاهرات السلمية من كفر عويد وغيرها من القرى المجاورة وعددهم 115 فروا باتجاه وادي بدمايا خشية اعتقالهم من قبل قوات الجيش التي اقتحمت القرية والقرى المجاورة، وتفيد الشهادات بأنه عندما علم الجيش بذلك فرض حصارا على الوادي من جميع الجهات، ثم بادر بإطلاق النار من مختلف الأسلحة الخفيفة والثقيلة وبشكل عشوائي، دون أن يعرض على المحاصرين الاستسلام، واستمرت قوات الجيش بإطلاق النار من الساعة الثامنة صباحا وحتى غروب الشمس..، وأوضح حسين غريبة وهو أحد الناجين من المجزرة أن نحو 15 من المحاصرين رفعوا الرايات البيضاء وسلموا أنفسهم للجيش، فكان مصيرهم القتل والتمثيل بجثثهم..، ولفت إلى أن الجيش عمد بعد الإطلاق الكثيف للنيران إلى إلقاء قنابل غاز سامة فقد الوعي على إثرها ولم يعد إلى وعيه إلا وأهل القرية يجلون الجثث وكانوا يظنونه قد فارق الحياة” [موقع الجزيرة، كفر عويد شاهدة على المجازر بسوريا].

 

8 – مجزرة كنصفرة: وكانت قبل مجزرة وادي بدمايا بيوم واحد “بدأت المجزرة في 19 / 12 / 2011 قرب بلدة كنصفرة عندما أطلق الجنود الموالون لبشار الأسد النار على جنود معارضين حاولوا ترك صفوف الجيش النظامي والالتحاق بالثوار، قتل في هذه المجزرة الأولى 72 جنديا معارضا [ويكبيديا، مجزرة كنصفرة وكفر عويد].

9 – مجزرة دير الزور: وفي أقصى الشرق من سوريا كانت آلة القتل الأسدية تعمل دائبة لتنشر الموت والدمار والدماء في دير الزور؛ فقد تعرضت تلك المدينة الباسلة لسلسلة من المجازر الدامية “في يوم الخميس 28 / تموز / 2011 بدأت قوات الأمن عمليات واسعة في مدينة دير الزور؛ إذ اقتحم حي الحويقة وأطلق النار فيه على الأهالي متسببا بسقوط قتلى وعشرات الجرحى، ثم بدأ بقصفه مستخدما الدبابات، وتبع هذه الأحداث انشقاق ضخم في صفوف الجيش طال كتيبة كاملة منه هي الكتيبة السابعة في لواء 137 مدرعات، واشتبكت الكتيبة المنشقة مع قوات الأمن العسكري..، وقد أفادت لجان التنسيق المحلية في سوريا بأن يوم 30 / تموز شهد بدء عمليات عسكرية جديد في دير الزور؛ إذ تعرضت للقصف المدفعي بالدبابات..، وفي يوم الأحد بدأ الجيش السوري قصفا عنيفا.. أوقع ما لا يقل عن 19 قتيلا و50 جريحا..، وبحلول يوم الأربعاء 3 آب بلغ عدد الآليات التي تحاصر دير الزور 200 دبابة..، وقد كان 9 أغسطس بدوره يوما داميا حيث سقط 17 قتيلا و50 جريحا [ويكبيديا، اشتباكات دير الزور].

10 – مجزرة اللاذقية: ولم يخل النظام الساحل من جرائمه ومجازره؛ فقد أنشب مخالبه في اللاذقية وأسال الدماء فيها غزيرة فقد “اقتحم الجيش السوري في صباح الأحد 14 / آب / 2011 مدينة اللاذقية بعد قطع الاتصالات عن معظم مناطقها ترافقه حسب المرصد السوري لحقوق الإنسان قوات من الأمن السوري وفرق الشبيحة بل وحتى قوات من البحرية السورية استخدمت لأول مرة في مواجهة الاحتجاجات المندلعة في البلاد..، اقتحمت الحي 20 دبابة وآلية مع مساندة من زوارق البحرية التي كانت تقصفه في الوقت ذاته صباح الأحد، وتلا ذلك إطلاق نار عشوائي وسماع انفجارات..، وكانت حصيلة هذه الأحداث 26 قتيلا على الأقل..، وقد سقط في اليوم التالي 15 / آب / 30 قتيلا على الأقل في حي الرمل الجنوبي بمدينة اللاذقية نتيجة القصف المستمر بالدبابات والآليات العسكرية” [ويكبيديا، حصار اللاذقية].

وبعد؛ فهذه نبذة عن عشر مجازر وحشية دامية موزعة على ربوع سوريا، وكلها حدثت في عام 2011، وهي ليست إلا جزءا يسيرا من المجازر الطائفية التي ارتكبها النظام النصيري وأذنابه من أصناف الزنادقة والمرتدين.

ولنكتف بهذا القدر في هذا المقال، وإلى مقال قادم إن شاء الله.

والحمد لله رب العالمين.

هنا بقية مقالات مجلة بلاغ العدد ٣١ جمادى الأولى ١٤٤٣ هـ

لتحميل نسخة من المجلة اضغط هنا  

لقراءة المجلة تابع

مجلة بلاغ - عدد 31 - جمادى الأولى 1443
 عقائد النصيرية / 24 - عشر من مجازر بشار سنة 2011 الشيخ: محمد سمير

عقائد النصيرية / 24 – عشر من مجازر بشار سنة 2011
الشيخ: محمد سمير

 

 عقائد النصيرية / 24 - عشر من مجازر بشار سنة 2011 الشيخ: محمد سمير

 عقائد النصيرية / 24 - عشر من مجازر بشار سنة 2011 الشيخ: محمد سمير

عقائد النصيرية / 24 – عشر من مجازر بشار سنة 2011
الشيخ: محمد سمير

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى