(ذلك ما كنت منه تحيد)

(ذلك ما كنت منه تحيد)

 

قال جل وعلا: (وجاءت سكرة الموت بالحق ذلك ما كنت منه تحيد) قال ابن كثير في بعض معاني الآية: “الَّذِي كُنْتَ مِنْهُ تَحِيدُ بِمَعْنَى تَبْتَعِدُ وَتَنْأَى وَتَفِرُّ قَدْ حَلَّ بِكَ وَنَزَلَ بِسَاحَتِكَ”. 

تذكرت هذه الآية الكريمة وأنا أرى انسحاب النقاط التركية في مورك وما حولها من أماكن سيطرة العدو النصيري بعد أن كان قوم ينفون ذلك ويؤكدون بقاءها ويعلقون عليها آمال في عودة النازحين لبيوتهم!! 

وليس المقام مقام عتاب، ولكنه مقام تذكير بحقائق الواقع وطبيعة المعركة. 

فلا يعنينا هنا كثيرا إن كان أردوغان يحب الخير لنا أو لا، إنما الذي يعنينا معرفة حقيقة الواقع المحيط به والذي يتماشى معه سواء تماشى برغبته أو مكرها فهذا لا يغير من الواقع شيئا. 

تماما كما كنا نتهم الدور التركي أيام حلب بالتقصير الشديد وإفشال الجهود الحقيقية للثبات، وكان غيرنا تنتفخ أوداجه دفاعا عن تركيا، ثم اليوم يخرج أوغلو ليقول: نعم قصرنا لأن المتحكمين في الجيش كانوا تابعين للانقلاب! 

والحقيقة أن من يعاين الواقع لا يهتم كثيرا إن كان الانقلابيون هم السبب أم غيرهم ، فالواقع هو الواقع ، ومهمتنا تغيير الواقع لا البحث عن وجود أعذار لمن تسبب في مصائبنا أو عدم وجود أعذار. 

وهذا يشبه تماما ما تكرر من إعطاء إحداثيات المقرات للأتراك قديما والسماح لهم حديثا بزيارة ورش التصنيع، ثم قصفها الروس بعد أيام، فنحن هنا لا يعنينا كثيرا إن كان الأتراك ساعدوا الروس في ذلك أو كان الروس هم من اخترقوا الأتراك، إنما الذي يعنينا أن فعل ذلك حماقة لا تصدر من حريص على الساحة. 

قد يخرج بعد سنين من يقول كان أردوغان يتمنى بقاء نقطة مورك ولكن الضغط الفرنسي واليوناني هو الذي منعه، وهذا لا يعنينا كثيرا، إنما الذي يعنينا أنها انسحبت وأنه لا يستبعد أن تنسحب نقاط جبل الزاوية وغيرها وتتبخر فجأة أرتال الأتراك وتعود لتركيا. 

يا قوم: التوبة التوبة، والتوكل على الله وحده، وأخذ الأسباب الشرعية، والحذر من كيد الكافرين والمنافقين، فهذا لا سواه هو سبيل عزكم وكرامتكم ونصركم ومغفرة ذنوبكم ورضا ربكم. 

والحمد لله رب العالمين.

الشيخ: أبو شعيب طلحة المسير

Exit mobile version