حقيقة الدروز / 2 – موقف الدروز من أهل السنة “عقيدة وتاريخا” – الركن_الدعوي – مجلة بلاغ العدد ٤٧ – رمضان ١٤٤٤هـ
الشيخ: محمد سمير
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وآله وصحبه ومن والاه.. وبعد؛
فمن المعروف أن العقائد هي المحرك الرئيس للأمم والباحث الأهم على الأفعال؛ لذلك تجب دراسة عقائد الفرق لمعرفة موقفها من أهل السنة؛ إذ إنه من السذاجة أن نخدع بالأقوال والشعارات، لا سيما مع الفرق الباطنية التي جعلت النفاق دينا لها.
وسنتناول في هذا المقال عقيدة الدروز في مخالفيهم، وكيف ينظرون إليهم، وما هي تعاليم كتبهم في معاملتهم.
إن كتب الدروز تأمرهم بكل نقيصة في معاملة مخالفيهم من القتل والذبح والسبي وانتهاك المقدسات والحرمات، ففي رسالة بدء التوحيد لحمزة بن علي: “معاشر الموحدين لمولانا جل ذكره قد حان ظهور الحقائق وهتك الشرك [قد مر سابقا تفسيرهم للشرك وهو التشريك بين علي بن أبي طالب والحاكم بأمر الله] والبوائق ونسخ الشرائع والطرائق، فاستعدوا لقتل علوج الضلال وقود الزنج في الأغلال وسبي النساء والأطفال وذبح رجالهم بالكمال بسيف مولانا العلي المتعال” [رسالة بدر التوحيد ص 68].
وفي رسالة التحذير والتنبيه: “فأبشروا أيها الموحدون بملك ذراريهم وأموالهم وأرضهم وخراب ديارهم وسبي حريمهم وأولادهم وإخلاط دم رجالهم بدم كلابهم، ويوسمون بسمة العبيد، وتملك ضعفاؤكم منهم كل جبار عنيد” [رسالة التحذير والتنبيه ص244].
وفي كتاب تعليم الدين الدرزي:
“س: وعند مواجهتنا للناس من غير ملتنا، ماذا نفعل؟
ج: بالتنحنح لأن النحنحة على المؤمنين بركة وعلى غير المؤمنين لعنة، فللإسلام أربعون لعنة والمتاولة خمسون والنصارى ثلاثون واليهود عشرون وعلى غيرهم قدر الإرادة” [تعليم الدين الدرزي ص41].
وإذا كان هذا معتقدهم فلا عجب أن ترى في كتبهم الحب لسفكة دماء المسلمين القرامطة الذين فعلوا الموبقات وانتهكوا الحرمات ودنسوا المقدسات لا سيما أبو طاهر القرمطي الذي اقتحم المسجد الحرام وقتل الحجاج ورماهم في بئر زمزم.
يقول حمزة بن علي: “وكان أبو طاهر وأبو سعيد وغيرهم من دعاة القرامطة دعاة لمولانا البار سبحانه يعبدونه ويوحدونه ويسجدون لهيبته وينزهونه عن جميع بريته، فلقبهم المولى جلت قدرته بالسادة، وعملوا في الكشف ما لم يعمله أحد من الدعاة، وقتلوا من المشركين [يقصد المسلمين بمن فيهم حجاج بيت الله الحرام] ما لم يقدر عليه أحد من الدعاة”.
ويقول محرضا على العدوان وسفك الدماء: “وقد آن وقت الكشف وأزف أوان السيف والخسف وقتل المنافقين وهلاكهم بالعنف، ولا بد من رجوع أهل الإحساء وهجر وديار الفرس إلى ما كانوا عليه من توحيد مولانا جل ذكره وعبادته.. وأقهر بسيوف مولانا جل ذكره كل جبار عنيد حتى لا يبقى بالحرمين مشرك بمولانا جل ذكره ولا كافر به ولا منافق عليه، ويكون الدين واحدا بلا ضد ولا معاند، وذلك بقدرة مولانا الحاكم الأحد الفرد الصمد” [المصدر السابق ص117، 118].
– ولقائل أن يقول: هذه عقائد مشايخهم وكبارهم، أما العوام فلا علاقة لهم بها إذ سبق بيان أن الدروز ينقسمون إلى عقّال وجهال، وأن الجهال لا يسمح لهم بالاطلاع على الكتب السرية في المذهب وإنما يعلمون قشورا لا أهمية لها وبالتالي فمن الظلم أن يحاكم الدروز جميعا إلى هذه العقائد الدموية.
والجواب: أن الجهال إنما هم تبع للعقال يأتمرون بأمرهم ويسيرون بإشارتهم، هذا من جهة، ومن جهة أخرى فالتاريخ شاهد بعظم ضرر الدروز على المسلمين ومكرهم بهم وخيانتهم لهم، وهذه نبذة يسيرة جدا من جرائمهم:
1 – جرائم الحاكم بأمر الله معبود الدروز، وهاكها ملخصة من السيوطي: “لم يل مصر بعد فرعون شر منه، رام أن يدعي الإلهية كما ادعاها فرعون، فأمر الرعية إذا ذكره الخطيب على المنبر أن يقوموا على أقدامهم صفوفا إعظاما لذكره واحتراما لاسمه فكان يفعل ذلك في سائر مملكته حتى في الحرمين الشريفين، وكان أهل مصر على الخصوص إذا قاموا خروا سجدا حتى إنه يسجد بسجودهم في الأسواق الرعاع وغيرهم، وكان جبارا عنيدا وشيطانا مريدا، كثير التلون في أقواله وأفعاله، هدم كنائس مصر ثم أعادها وخرب قمامة ثم أعادها، ولم يعهد في ملة الإسلام بناء كنيسة في بلد الإسلام قبله..، ومن قبائح الحاكم أنه ابتنى المدارس وجعل فيها الفقهاء والمشايخ ثم قتلهم وخربها..، وكان يعمل الحسبة بنفسه يدور في الأسواق على حمار له، وكان لا يركب إلا حمارا، فمن وجده غش في معيشته أمر عبدا أسود معه يقال له مسعود أن يفعل به الفاحشة العظمى، وكان منع النساء من الخروج من منازلهن ومنعهن من دخول الحمامات وقتل خلقا من النساء على مخالفته في ذلك، وهدم بعض الحمامات عليهن، ومنع من طبخ الملوخيا، وله رعونات كثيرة لا تنضبط، فأبغضه الخلق وكتبوا له الأوراق بالشتم له ولأسلافه في صورة قصص، حتى عملوا صورة امرأة من ورق بخفها وإزارها وفي يدها قصة فيها من الشتم شيء كثير، فلما رآها ظنها امرأة فذهب من ناحيتها وأخذ القصة من يدها، فلما رأى ما في يدها غضب وأمر بقتلها، فلما تحققها من ورق ازداد غضبا إلى غضبه وأمر العبيد من السود أن يحرقوا مصر وينهبوا ما فيها من الأموال والحريم، ففعلوا وقاتلهم أهل مصر ثلاثة أيام، والنار تعمل في الدور والحريم، واجتمع الناس في الجوامع ورفعوا المصاحف وجأروا إلى الله واستغاثوا به، وما انجلى الحال حتى احترق من مصر نحو ثلثها، ونهب نحو نصفها، وسبي حريم كثير، وفعل بهن الفواحش، واشترى الرجال مَن سبي لهم من النساء والحريم من أيدي العبيد” [حسن المحاضرة في أخبار مصر والقاهرة، ص203، ترقيم الشاملة].
2 – ومن جرائمهم ما ذكره المقريزي في حوادث سنة 699 فقال: “وفي عشرين شوال توجه الأمير أقوش الأفرم من دمشق لغزو الدرزية أهل جبال كسروان، فإن ضررهم اشتد ونال العسكر عند انهزامها من غازان إلى مصر منهم شدائد، ولقيه نائب صفد بعسكره، ونائب حماة، ونائب حمص، ونائب طرابلس، بعساكرهم، فاستعدوا لقتالهم وامتنعوا بجبلهم وهو صعب المرتقى، وصاروا في نحو اثني عشر ألف رام، فزحفت العساكر السلطانية عليهم فلم تطقهم وجرح كثير منهم فافترقت العساكر عليهم من عدة جهات وقاتلوهم ستة أيام قتالا شديدا إلى الغاية، فلم يثبت أهل الجبال وانهزموا، وصعد العسكر الجبل بعدما قتل منهم وأسر خلقا كثيرا ووضع السيف فيهم، فألقوا السلاح ونادوا الأمان فكفوا عن قتالهم، واستدعوا مشايخهم، وألزموهم بإحضار جميع ما أخذ من العسكر وقت الهزيمة فأحضروا من السلاح والقماش شيئا كثيرا، وحلفوا إنهم لم يخفوا شيئا، فقرر عليهم الأمير أقوش الأفرم مبلغ مائة ألف درهم جبوها، وأخذ عدة من مشايخهم وأكابرهم وعاد إلى دمشق” [السلوك لمعرفة دول الملوك، 1 / 313 ترقيم الشاملة].
3 – ومن جرائمهم خيانة الدولة العثمانية التي ولَّت بعضهم وجعلته نائبا عنها في حكم قسم كبير من بلاد الشام، يقول الدكتور الصلابي بعد أن ذكر بعض عقائد الدروز: “هذه نبذة مهمة عن معتقدات الدروز حتى تتعلم الأجيال مَن أعداؤهم وكيف يتحينون الفرص للقضاء على الإسلام وأهله فهذا فخر الدين بن المعنى الثاني أظهر تقربه من الخليفة العثماني وأعلن طاعته له حتى تمكن من جبال لبنان والسواحل وفلسطين وأجزاء من سورية، ولما قوي أمره فاوض الطليان فدعموه بالمال وبنى القلاع والحصون وكون لنفسه جيشا زاد على الأربعين ألفا، ثم أعلن الخروج على الدولة العثمانية، غير أنه هزم وفر إلى إيطاليا، وكان قد تلقى الدعم من إمارة فلورنسا الإيطالية ومن البابا ورهبان جزيرة مالكة “فرسان القديس يوحنا”، وقد عاد فخر الدين إلى لبنان بعد أن أصدر السلطان فرمانا بالعفو عنه، واندفع لتغريب البلاد، ثم أعلن التمرد من جديد مستغلا الحرب العثمانية الصفوية الشيعية، ولكنه فشل وأسر وسيق إلى إستانبول” [الدولة العثمانية، عوامل النهوض وأسباب السقوط ص301].
ويقول: “كان أمير الدروز بشير الشهابي المتوفى 1266 يقف بجنوده بجنب جيش محمد علي عند احتلاله للشام مما سهل على جيش محمد علي هزيمة الجيش العثماني في حمص وعبر جبال طوروس وأوغلت جيوشه في قلب الترك، وكان هناك مراسلات بين نابليون والدروز عند حصار الفرنسيين عكا” [المصدر السابق ص 530].
ولعل قائلا أن يقول: إن الدروز وإن كان هذا ماضيهم البعيد غير أنهم تصدوا للاحتلال الفرنسي لسوريا في ماضيهم القريب، وبرز منهم ثوار تربع أحدهم على عرش قيادة الثورة السورية وهو سلطان باشا الأطرش، وله مواقف جيدة في التصدي للفرنسيين وقتالهم، ولكن يجب أن نعلم أمرين:
الأول: أن ثورة سلطان باشا الأطرش لم تكن إلا بسبب اعتداء الفرنسيين على جواره وخفرهم ذمته، فقد التجأ إليه لبناني اسمه أدهم خنجر واستجار به، غير أن الفرنسيين جاؤوا فقبضوا عليه في غياب سلطان، فلما قدم سلطان غلى في رأسه الدم وجمع بعض بني عمه من الطرشان “وكان بعض منهم مع الحكومة” وهجم على المخفر وبدأ الصدام وخرجت الحملات.. وتحولت حركة الجبل إلى ثورة رسمية أعلن عنها ونصب سلطان الأطرش قائدا عاما لها، وانضوى الثوار تحت لوائها، وإن كانت هذه القيادة اسمية [ذكريات الطنطاوي 1 / 289].
والثاني: أن زعماء الدروز أعلنوا براءتهم من سلطان الأطرش وثورته، وهذه مقتطفات من نص الكتاب الذي صدر عن محكمتهم المذهبية ووقع عليه زعماؤهم: “حضرة إخواننا المحترمين، المشايخ الأجاويد، ومعتبرين قرى جبلنا العامر، روحاني وجثماني، هداهم الله إلى الطريق المستقيم والمنهاج القويم، نبدي أنه طرق مسامع حضرتكم أن سلطان باشا ومعه جماعة مخالفين للدولتين الفخمتين ومرادهم خراب البلاد وتشتيت العباد؛ حيث العمل القايم به سلطان باشا هو طلب تخليص السجين أدهم الشقي بحجة أنه ضيفه.. حيث إن أدهم الشقي تخفى عن وجه العدالة لأنه محكوم عليه بدماء نحو العشرة فضلا عن اعتدائه على حرمة شخص فخامة الجنرال غورو صديق الجبل ومحب الدروز المخلص، فاعلموا أيها الجماعة المحبون للصالح العمومي أن كل من يساعد سلطان وجماعته يكون تحت الجرم العظيم والخطر الجسيم؛ لأننا نحن الدروز معروفون بالبعد عن كل رذيلة..، وقد أفضت تلك الشقاوة شلت أيديهم الأثيمة إلى أن اعترضوا مصفحتين للدولة المنتدبة وقتلوا أربعة جنود من جنودها بعد ما سلف لها علينا من الأفضال العظيمة والصداقة الحميمة، وهذا الأمر فيه غضب الله الثقيل وغضب جبريل القالب المرتفعات.. فالمفر المفر من الاشتراك معهم حتى لا تكون النقمة شاملة، بل لنا الأمل الوحيد بتعطفكم أن لا تطابقوا على هذه الأعمال المغايرة والأفعال المخالفة، فالله ورضا الدولتين المنتدبة والوطنية أيدهما الله، فنقول: حرام حرام حرام وغضب الجبار وتعجيل الدمار على كل من يخالف رأي العموم؛ لأن الطائفة كلها كارهة هذا الفعل العظيم” وقد وقع عليه حسن الجربوع وأحمد الهجري ومحمود أبو فخر وعلي الحناوي [جبل الدروز لحنا أبي راشد، نقلا عن بلاد الشام في مطلع القرن العشرين لوجيه كوثراني ص 391].
ومن رسالة كتبها متعب الأطرش: “فاعلموا أنه لا يمكن أن يكون من جبل الدروز مقر أرض خارجا عن الانتداب الفرنسي..، واعلموا أن فخامة الجنرال غورو أمرني أن أبلغكم تحياته وحبه لكم وأنه مقدر جبل الدروز حق قدره وأنه سيجعله أحسن بقعة في سوريا وأن له عناية مخصوصة فيكم” [المصدر السابق ص 395].
ونختم هذا المقال بتقرير قدمته الاستخبارات الفرنسية تصف فيه منهج الدروز وأسلوبهم في التعامل وهو أسلوب يقوم على النفعية المحضة، يقول التقرير: “إن الدروز مرنون بحق فهم يتبعون حرفيا نصيحة مؤسس دينهم: اتبعوا كل أمة أقوى من أمتكم، وحافظوا عليَّ داخل قلوبكم، لذلك فعندما يحتلون بطوائف أقوى من طائفتهم كالمسلمين أو المسيحيين فإنهم يتظاهرون بالتسليم ببعض معتقداتهم فمثلا يرددون بكل طيبة خاطر الشهادتين لا إله إلا الله محمد رسول الله” [عقيدة الدروز عرض ونقد، لمحمد الخطيب ص 185، ترقيم الشاملة].
* وبالجملة فمن قنع بمظاهر الباطنية وركن إلى قولهم ولم يعتبر بالتاريخ وأحداثه فهو خليق أن يقع في مصائب وكوارث تودي به وتجعله يعض أصابع الندم ولات حين مندم.
– وإلى لقاء قادم نستكمل به ما بدأناه.
والحمد لله رب العالمين.
لمتابعة بقية مقالات مجلة بلاغ اضفط هنا
لتحميل نسخة من مجلة بلاغ العدد 47 اضغط هنا